كتبت- ميادة سويدان: موجة غلاء لم تشهدها السوق المصرية مُنذ نحو خمس سنوات كاملة، تصاعدت وتيرتها خلال الأيام الأربعة الماضية، التى وصلت فيها أسعار الخضراوات والفاكهة والسلع الأساسية إلى أعلى مستوياتها. أسباب عديدة ساقها المسؤولون والخبراء، ويرون أنها أدت إلى اشتعال الأزمة، من بينها اختلاف العروة الزراعية، والتغيرات المناخية، وضعف المعروض بالمجمعات الاستهلاكية، والمبيدات المغشوشة، وارتفاع أسعار الكهرباء والبنزين، وإلغاء التعامل بعملة القرش، غير أن السبب الأهم الذى يُجمع عليه المواطنون، هو غياب الرقابة الحقيقية والفعالة على الأسواق من جانب الحكومة، وتركها المواطن المغلوب على أمره، فريسة سهلة لجشع التجار. فى السطور التالية ترصد «التحرير» أهم الأسباب التى ساقها المسؤولون والتجار وخبراء الاقتصاد، والتى أدت من وجهة نظرهم إلى ارتفاع الأسعار بتلك الصورة الجنونية قبل أسابيع قليلة من حلول شهر رمضان الكريم. نهاية «العروة الزراعية» من المعتاد أن يحدث ارتفاع مؤقت خلال فترات نهايات العروات الزراعية للانتقال من موسم زراعى إلى آخر، فى ما يسمى نهاية العروة الزراعية، الأمر الذى يحدث كل 3 أشهر، وهو السبب الذى تبناه وزيرا الزراعة، الدكتور صلاح هلال، والتموين والتجارة الداخلية الدكتور خالد حنفى. نقيب عام الفلاحين، محمد العقارى، اتفق مع الوزيرين على هذا السبب، موضحًا أن هذا ما يحدث كل عام فى أثناء الانتقال من موسم الربيع إلى الصيف، والانتقال من «عروة زرعة وجه بحرى»، إلى «عروة الصعيد»، مؤكدا أن ذلك الارتفاع ينتهى مع دخول محصول الصعيد للأسواق، خصوصا الطماطم، فى فترة أقصاها أسبوعين. وعن الإجراءات الواجب اتخاذها لتجنب هذه الفترة من كل عام، وتجنب تحمل المواطن ارتفاع الأسعار، قال العقارى: «إن نقابة الفلاحين اقترحت من قبل على وزارة الزراعة أن تدخل للتوسط مع الفلاحين لتوصيل الخضراوات والفاكهة إلى المواطن دون وجود التجار الذين يستغلون هذه الفترة فيرفعون على المواطن أكثر ما يتحملونه فى تكاليف النقل وغيره»، مشيرا إلى أن الرقابة على الأسواق فى هذه الفترة هى الحل الأمثل لضبط السوق وحماية المواطن من جشع التجار. المبيدات المغشوشة نقيب الفلاحين، كشف عن أن ارتفاع سعر الطماطم هذا العام، جاء على خلفية استخدام كثير من المزارعين لمبيدات مغشوشة، بسبب قيام عدد من شركات تصنيع المبيدات بتقديم أنواع رديئة ومغشوشة، الأمر الذى تسبب فى الإضرار بمحصول الطماطم حيث قام الدود والسوس بنخرها بل والتكاثر فيها، مما أدى إلى هدر كثير من المحصول، وكذلك رفع سعر ما طُرح فى الأسواق من الأنواع الجيدة. العقارى، طالب بضرورة تشديد الرقابة على تلك المصانع ليس فقط لأنها تسببت فى ما نعانى منه حاليًّا من رفع سعر سلعة مهمة كالطماطم، ولكن أيضا للحفاظ على صحة المواطن المصرى فى أن تصله هذه السلع المضرة والمسببة لكثير من الأمراض. ضعف المجمعات الاستهلاكية عدد المجمعات الاستهلاكية التابعة للدولة والخاضعة لإدارة وزارة التموين والتجارة الداخلية يبلغ 487 مجمعا استهلاكيا، منها 61 فرعًا لشركة «الأهرام» للمجمعات الاستهلاكية، و42 فرعًا لشركة «النيل»، و54 فرعًا لشركة «الإسكندرية»، و17 فرعًا للشركة «المصرية للحوم والدواجن»، و24 فرعًا للشركة «المصرية لتسويق الأسماك»، و222 فرعًا للشركة «العامة لتجارة الجملة»، و67 فرعًا للشركة «المصرية لتجارة الجملة». أستاذ الاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، الدكتور مصطفى النشرتى، تحدث عن أسباب ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة، الذى تشهده السوق حاليا، مؤكدا أن ضعف المعروض فى المجمعات الاستهلاكية على رأس الأسباب التى أدت إلى ارتفاع الأسعار، موضحًا أنه لا بد أن يكون للدولة معروض سلعى ينافس الموجود فى السوق من حيث الجودة والأسعار، حتى لا نضع المواطن تحت رحمة التجار، مشيرًا إلى أن ما يتم عرضه حاليًّا فى المجمعات الاستهلاكية غير ملائم لمتطلبات المواطنين، وأن وزارة التموين تهتم بالسلع الجافة والزيت والسكر أما الخضراوات والفاكهة فليست من اهتماماتها، رغم أن ذلك من صميم متطلبات المواطن، مطالبا بضرورة توجه وزارة التموين والشركة القابضة للصناعات الغذائية للاهتمام بعرض الخضر والفاكهة فى فروع المجمعات الاستهلاكية بأسعار وجودة منافسين لما فى الأسواق. المتحدث الرسمى باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية، محمود دياب، أكد ل«التحرير»، أن الوزارة تقوم حاليًّا بإجراءات لضبط السوق والحد من ارتفاع الأسعار، منها خفض أسعار الخضراوات والفاكهة بنسب تتراوح ما بين 20 و25% عن الأسواق، وذلك بكل فروع المجمعات الاستهلاكية، وشركتى الجملة، ومنافذ شركات «القابضة للصناعات الغذائية»، بهدف التيسير على المواطنين، وتوفير كل احتياجاتهم من السلع بأسعار مخفضة، مشيرًا إلى أنه يتم حاليا طرح كل السلع الغذائية فى فروع المنافذ الاستهلاكية بأسعار تناسب محدودى الدخل، منها لحوم طازجة مشفية بسعر 40 جنيهًا للكيلو، ولحوم ضانى بسعر 45 جنيهًا، وفراخ مجمدة برازيلى بسعر 15 جنيهًا. دياب، أوضح أن الأسعار فى المجمعات الاستهلاكية تتضمن كيلو السكر ب4 جنيهات و75 قرشًا، وكيلو الأرز الفاخر ب4 جنيهات، ولتر الزيت الخليط ب9 جنيهات، وزيت «سولو» ب10 جنيهات، وزيت العباد ب12 جنيهًا و75 قرشًا، ولتر زيت «كريستال» ب15 جنيهًا و25 قرشًا، ولتر الألبان المعبأة ب7 جنيهات و70 قرشًا، وطبق البيض ب21 جنيهًا، والطماطم ب5 جنيهات، والكوسة بجنيه و70 قرشًا، والفاصوليا ب3 جنيهات و75 قرشًا، والخيار بجنيهين و40 قرشًا، والجزر بجنيهين و60 قرشًا، والبصل ب3 جنيهات، والبطاطس بجنيهين و75 قرشًا، والبطيخ ب4 جنيهات، والكانتلوب ب5 جنيهات. ارتفاع سعر الكهرباء ومشتقات البترول تكاليف نقل وحفظ الخضراوات والفاكهة يضاف على أسعارها ثمن الكهرباء ومشتقات البترول، وكلاهما ارتفع بصورة كبيرة خلال الفترة الأخيرة، كما تكثر الأنباء حاليا حول ارتفاعه مجددا، وحسب الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادى، فإن تصريحات وزارة الكهرباء حول رفع قيمة تعريفة فاتورة الكهرباء تسببت فى موجة الغلاء الجديدة للخضراوات والفاكهة نتيجة تطبيق الأسعار الجديدة على الثلاجات، مضيفًا أن ذلك ينطبق أيضا على تصريحات الحكومة الخاصة برفع الدعم عن المشتقات البترولية، الأمر الذى أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل. جودة، أكد أن إطلاق هذه التصريحات دون حماية للمواطن من النتائج المترتبة عليها خطأ كبير تقع فيه الحكومة، مطالبا بضرورة إحكام الرقابة على الأسواق عن طريق مفتشى التموين، وكذلك تفعيل دور الجمعيات الأهلية مع سن عقوبات مجتمعية رادعة للتجار غير الملتزمين بهامش الربح المناسب والمتسببين فى موجة ارتفاع للأسعار بشكل دورى، وعمل قائمة سوداء توقع عليها وزارة التموين بمشاركة تلك الجمعيات الأهلية بأسماء التجار المستغلين، وإعلانها فى وسائل الإعلام مع تطبيق عقوبات مجتمعية عليهم. التغييرات الجوية.. وتغير الفصول العوامل الجوية التى مرت بها البلاد مؤخرًا، وعلى رأسها استمرار انخفاض درجات الحرارة حتى شهر أبريل الماضى، والانتقال من فصل إلى آخر كان السبب وراء موجة الأسعار المرتفعة التى نشهدها حاليا، وفقًا إلى أستاذ الزراعة بمركز البحوث الزراعية، على محمد محمود، والذى أكد أن العوامل الجوية أثرت على كمية الفاكهة، حيث كان الجو دافئا فخرجت الزهرة مبكرًا لأن الجو الدافئ يعجل بالتزهير، ثم لحقت بها موجة من البرد الشديد، مما أثر على الثمرة التى كانت فى مرحلة الجنين، وهى أضعف مراحل الإنبات، فقضت عليها البرودة، وبالتالى أصبحت كمية الفاكهة قليلة، مع العلم بأن الشجر أعطى فى هذه الفترة التى تتميز بالحرارة جنينا آخر، ولكن ليس بنفس الكثافة المعهودة عن الشجر فى الظروف الطبيعية، وهو أيضا ليس بنفس الجودة. محمود، أوضح أن انخفاض درجات الحرارة أثر بالسلب على موسم الزراعة الصيفية المبكرة لمحاصيل الخضراوات، فالفلاح يجنى الخضار كل خمسة أيام فى الشتاء، بينما يجنيها كل يومين فى الصيف، وهذا ما يجعل العرض أكثر من الطلب فتهبط الأسعار، وجاء تأخر فصل الصيف هذا العام بغلاء أسعار الخضراوات، لأن زيادة أيام البرودة تسببت فى انخفاض الإنتاجية، مما قلل من المعروض فى الأسواق، مقارنة بزيادة الطلب، علاوة على قلة المساحة المنزرعة من محاصيل الخضراوات الصيفية نظرا إلى تخوف غالبية المزارعين من انخفاض درجات الحرارة. أزمة القرش رئيس جهاز حماية المستهلك، اللواء عاطف يعقوب، يعتقد أن موجات ارتفاع الأسعار بدأت منذ إلغاء التعامل بعملة القرش، وهو ما تسبب فى ارتفاع الأسعار بشكل عام وزيادته فى هذه الأوقات، موضحًا أن أقل عملة يتم التعامل به فى الوقت الحالى هو الجنيه، وأى زيادة يتم حسابها ب25 قرشًا، و50 قرشًا يرفعها التاجر إلى جنيه، مما يزيد من سعر السلعة بشكل كبير وملحوظ وليس بقرش أو اثنين كما كان يحدث قبل ذلك. يعقوب أضاف أن الجهاز حاليًّا يكثف الرقابة بالتعاون مع مفتشى التموين، وأن أى مواطن يرى أن البائع أو التاجر الذى يتعامل معه يستغله عليه إبلاغ الجهاز فورًا، متوعدا باتخاذ كل الإجراءات اللازمة حيال ذلك التاجر المستغل. الغرف التجارية تحذر: زيادة جديدة خلال رمضان كتبت- رنا عبد الصادق: ارتفاع أسعار السلع الغذائية، خصوصا الخضراوات والفاكهة، كان متوقعا من جانب الغرف التجارية، حيث أكد رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة بغرفة تجارة القاهرة، يحيى السنى، أن أسباب زيادة الأسعار ترجع إلى ارتفاع إيجارات الأراضى الزراعية، وارتفاع تكاليف النقل من سوق الجملة لأسواق التجزئة، لافتا إلى أن رفع الدعم عن السولار والبنزين، أدى إلى قيام أصحاب الشاحنات برفع سعر النقلة الواحدة بمعدلات تصل إلى نحو 40% زيادة عن القيمة الحقيقية. السنى، أشار إلى أن تلف بعض المحاصيل الزراعية، وقلة الإنتاج نتيجة سوء الأحوال الجوية، وانتهاء الموسم الشتوى، وبداية الموسم الصيفى، أسهم فى تراجع المعروض من السلع أمام زيادة الطلب، مشيرا إلى أن بعض التجار والبائعين استغلوا الأزمة ورفعوا الأسعار بشكل مبالغ فيه، نظرا لعدم وجود رقابة على الأسواق من الحكومة ومباحث التموين، وبالتالى لا بد من تفعيل قانون الرقابة على الأسواق وضبط الأسعار، وتوقع السنى حدوث زيادة فى أسعار بعض الخضراوات والفاكهة خلال الفترة المقبلة مع اشتداد حرارة الصيف. عادل السيد، تاجر خضراوات بسوق المطرية، قال إنه حال زيادة المعروض من السلع تنخفض الأسعار، والعكس صحيح، لافتا إلى أن تاجر التجزئة ليس المتحكم الوحيد فى السوق، وأن تجار الجملة والفلاحين وأصحاب الأرض الزراعية يتحكمون فى أسعار السلع بالأسواق. من جانبه، أوضح على عبد الفتاح، تاجر خضراوات، أنه يقوم بشراء الخضراوات والفاكهة من المزارع بأسعار مرتفعة، وبالتالى فهو مضطر إلى زيادة السعر فى السوق لتحقيق هامش ربح مناسب له، لافتا إلى أن كثيرا من المزارعين والفلاحين يرفعون الأسعار نتيجة قلة الإنتاج وارتفاع تكلفة الزراعة من إيجار الأراضى، ومبيدات وأسمدة. بينما أرجع أحمد محمود، تاجر تجزئة، سبب ارتفاع أسعار الخضراوات إلى تجار الجملة، موضحا أنهم يقومون برفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، وبالتالى فهم يتحكمون فى السعر النهائى بشكل كبير. رئيس الشعبة العامة للأسمدة بالاتحاد العام للغرف التجارية، محمد الخشن، قال إن هناك ارتفاعا فى أسعار الأسمدة والكيماويات الخاصة بالمحاصيل الزراعية، نتيجة دخول الموسم الصيفى، لافتا إلى أن سعر طن الأسمدة يبلغ نحو 2200 جنيه، كما بلغ سعر شيكارة سماد اليوريا 100 جنيه، وسعر شيكارة أسمدة النترات 95 جنيها، مضيفا أن ارتفاع الأسعار سببه احتكار توزيع الأسمدة المدعمة على بنك التنمية والائتمان الزراعى والجمعيات التعاونية، حيث يسهم ذلك فى ظهور السوق السوداء، والمزارع مجبر على التعامل معها لإنقاذ المحاصيل الزراعية، لافتا إلى أن سعر الشيكارة وصل إلى 200 جنيه فى السوق السوداء. الخشن، أضاف أن حصص الأسمدة الواردة لن تكفى فى العادة، وبالتالى يتم استيفاء الحصص التى يحتاج إليها المزارعون من خلال السوق الحرة، التى تزيد أسعارها على أسعار السماد الحكومى، موضحا أن الحكومة غير قادرة على استيفاء جميع المزارعين احتياجاتهم من الأسمدة، لذلك تضطر إلى استيفاء المتبقى من الكميات من السوق السوداء، مشيرا إلى أن زيادة أسعار السولار، وتكلفة تشغيل ماكينات الرى، وتجهيز الأرض الزراعية، بجانب ارتفاع تكاليف النقل، كلها عوامل أسهمت فى زيادة أسعار المحاصيل الزراعية. رئيس شعبة المستوردين بغرفة تجارة الجيزة، ممدوح زكى، قال إن ارتفاع أسعار الصرف بالسوق السوداء، بجانب زيادة أسعار الجمارك يسهمان فى زيادة أسعار بعض السلع الغذائية، خصوصا الزيت والسكر والسمن، مطالبا البنك المركزى بضرورة طرح عطاءات خلال الفترة المقبلة لتغطية احتياجات المستوردين من أجل توفير سلع رمضان بالأسواق. رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة تجارة القاهرة، عبد العزيز السيد، قال إن هناك توقعات أيضا بزيادة أسعار الدواجن بنسبة تبلغ نحو 15% خلال شهر رمضان المقبل، وذلك بسبب زيادة الإقبال على الشراء من جانب المستهلكين، موضحا أن أسعار الدواجن البيضاء المذبوحة تتراوح بين 18 و20 جنيها للكيلو، والبلدى بين 22 و23 جنيها، والفيليه بين 36 و38 جنيها، والبط 30 جنيها، والأرانب 27 جنيها، والدواجن المستوردة بالمجمعات 20 جنيها للكيلو. عضو شعبة اللحوم بغرف تجارة القاهرة، محمد شرف، أوضح أن هناك ارتفاعا فى أسعار اللحوم البلدية المطروحة بالأسواق، حيث تراوح سعر الكندوز البلدى بين 73 و85 جنيها للكيلو، والريش البتلو 75 جنيها للكيلو، والكبد والكلاوى 73 جنيها للكيلو.