يوشك الحديث عن "الفريق الرئاسي" للرئيس عبد الفتاح السيسي أن يختفي تمامًا، ويصبح في طي النسيان، والآن بعد مضي أكثر من خمسة أشهر على تعيين مستشارين اثنين للرئيس، لم يعد بالإمكان التكهن بمن يستعين بهم السيسي لإنجاز مهام يرى بعض المحللين السياسيين أنها تحتاج إلى مستشارين بالفعل، بينما يرى آخرون أن المهمة أنجزت، مهمة اختيار المستشارين والعمل معهم، في إطار مؤسسي، بعد تشكيل 4 مجالس تخصصية صدر قرار جمهوري بإنشائها منذ فبراير الماضي. مصدر حكومي مقرب من دائرة الرئاسة يجزم بأن مؤسسة الرئاسة لا تستعين بمستشارين في بعض المجالات، في مقدمتها الزراعة والري والصحة والتموين وبعض الملفات الخدمية الأخرى، لكنه رجح في الوقت نفسه أن تكون الرئاسة على اتصال بمستشارين في مجالات الطاقة، خاصة في ملفي الكهرباء والوقود، لكنهم لا يعملون بشكل رسمي ضمن فريق مؤسسة الرئاسة. وأضاف المصدر أنه لا مانع أبدًا من عدم الاستعانة بهؤلاء المستشارين طالما أن مؤسسات الدولة تعرف دورها، وأن الأجهزة الحكومية تعمل بكفاءة، وأن المجلس الاستشاري الذي يضم جميع المجالات يؤدي دوره بشكل جيد. كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أصدر قرارًا جمهوريًا في 5 نوفمبر من العام الماضي، بتعيين السفيرة فايزة أبو النجا، مستشارة للرئيس لشئون الأمن القومي، واللواء أحمد جمال الدين، مستشارًا للرئيس للشئون الأمنية ومكافحة الإرهاب، وتكهن وزراء وخبراء وسياسيون وقتها أن تستمر مؤسسة الرئاسة في إجراء تعيينات جديدة لشخصيات عامة كمستشارين للرئيس، وبرزت أسماء سياسيين بأعينهم كمرشحين للعمل مستشارين للشئون السياسية والأحزاب ومجلس النواب، لكن الحديث عن هذه التكهنات تراجع بمرور الوقت. كان الترقب السمة الغالبة لتعقب أداء أبو النجا وجمال الدين كمستشارين للرئيس، واعتبر الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن جمال الدين بدأ عمله الصعب بتحديد هوية العناصر الإخوانية في الجهاز الأمني وفق تنسيق بينه وبين وزير الداخلية آنذاك اللواء محمد إبراهيم، ومع الوقت أيضا، بدأ الحديث عن دور المستشارين يتراجع تدريجيًا أمام مع تراجع اللواء جمال الدين عن الإدلاء بتصريحات، وبدا أنه يعمل بعيدًا عن الأضواء. أما السفيرة فايزة أبو النجا، التي أمضت نحو 40 عامًا في العمل الدبلوماسي وكانت وزيرة للتعاون الدولي منذ عام 2001، فقد تعاملت مع الموقف بطريقة مختلفة، حيث تحركت مع الرئيس في معظم أسفاره للخارج، كما شاركت في معظم الفعاليات الكبرى التي شهدتها مصر على مدى الأشهر الماضية، وكان آخرها المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ. وفي زيارة السيسي لإثيوبيا، تابعت أبو النجا كلمة الرئيس المصري أمام البرلمان الإثيوبي من الشرفة العلوية للبرلمان الإثيوبي، وفي المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، رحبت بنفسها بمعظم الوفود العربية والدولية التي جاءت للمشاركة في فعاليات المؤتمر. كما يظهر من تصريحات أبو النجا، تتعامل تلك الدبلوماسية المخضرمة مع ملف الأمن القومي بمفهوم دبلوماسي، ومعظم المقربين منها أجمعوا على أنها تدير الملف بمنطق المصالح القائمة على الاحترام المتبادل والسعي نحو تحقيق أقصى استفادة ممكنة للطرفين، حين يتعلق الأمر بالتفاوض. لكن السؤال المحير فيما يخص مستشارين الرئيس، هو أين ذهب أعضاء المجلس الاستشاري للسيسي، الذي ضم كبار علماء وخبراء مصر؟ في 6 سبتمبر من العام الماضي، أصدر الرئيس قرارًا جمهوريًا نصت المادة الأولى منه على أن "ينشأ مجلس استشاري من كبار علماء مصر وخبرائها في الداخل والخارج، يتبع رئيس الجمهورية ويسمى المجلس الاستشاري لعلماء وخبراء مصر". ووفقا لصورة القرار، فقد ضم المجلس 10 مجالات هي التعليم العالي و"المشروعات الكبرى" ومجال الطاقة والزراعة والجيولوجيا وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد والطب والصحة العامة والصحة النفسية والتعليم ما قبل الجامعي، وضم المجلس أسماء شخصيات عامة لامعة في مجالات تخصصاتها أمثال العالم أحمد زويل والدكتور أحمد عكاشة والعالم فاروق الباز والمهندس هاني عازر والدكتور مجدي يعقوب. كما نص القرار الجمهوري أيضًا على أن يعمل المستشارون فيه بصفة تطوعية، أي بلا أجر، مع عدم تحديد مقر ثابت أو دائم للمجلس، وعقد المجلس فيما بعد ورشة عمل موسعة انتهت إلى توصيات وأوراق عمل تم رفعها لرئاسة الجمهورية، تم وضع تصورات لخطط تنموية على أساسها. وفي 8 فبراير من العام الجاري، أصدر الرئيس قرارًا جمهوريًا برقم 60 بتشكيل 4 مجالس تخصصية في مجالات تنمية المجتمع والتعليم والبحث العلمي والمجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية والتخصصي للسياسة الخارجية والأمن القومي، ويكون لكل مجلس شخصية اعتبارية مستقلة. وطبقًا للدكتور هاني الكاتب، عضو المجلس الاستشاري لعلماء مصر، ومستشار الرئيس للشئون الزراعية، فالمجلس يرسل تقاريره أولًا بأول لمكتب الرئيس، فيما يخص الملفات المهمة التي لا تحتمل التأجيل، أما الأمور الأخرى فيتم التنسيق فيها مع وزير الزراعة. وأكد الكاتب أن مهمة المستشارين العلميين للرئيس هي وضع تصورات عن القضايا الحيوية الكبرى التي تمس مستقبل مصر، مثل التغيرات المناخية والزراعة النظيفة وتوفير الطاقة وتطوير الزراعة، أما القضايا السياسية فتخص مستشارين آخرين بلجان أخرى، لذا لن تجد أحدنا يتكلم في أمور سياسية أو يكثر من الأحاديث لوسائل الإعلام.