إعلان الفائزين بالمؤتمر السنوي الرابع للدراسات العليا ب «هندسة القناة»    إيبارشية بني سويف تعلن ترتيبات الصلوات وحضور قداس عيد القيامه المجيد    وزير الأوقاف: إنشاء وتطوير 11930 مسجدًا في عهد الرئيس السيسي    برلماني: مدينة السيسي ستكون نبراس التنمية والإعمار في سيناء    رئيس الطائفة الإنجيلية يصلي الجمعة العظيمة بالقاهرة الجديدة    الطن ب 37 ألف جنيه .. زلزال يضرب أسعار الحديد والأسمنت| تفاصيل    شون وصوامع البحيرة تستقبل أكثر من 82 ألف طن من محصول القمح    إزالة 29 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالشرقية    بريطانيا تفرض عقوبات على مجموعتين وأفراد بإسرائيل    نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين: استشهاد 140 زميل و33 عائلة دمرت منازلهم    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    الدفاع الأمريكية: أفراد من الجيش الروسي دخلوا قاعدة جوية في النيجر    الأهلي يختتم مرانه اليوم استعدادا لمواجهة الجونة    مصرع شخص وإصابة 6 آخرين في حادث انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي بالمنيا    أخبار الفن.. أحمد رزق يخضع لعملية جراحية عاجلة.. السرب يقترب من 4 ملايين جنيه فى يومين    بالأسماء.. تعرف على الكتب الأكثر إقبالا بجناح مركز أبو ظبى للغة العربية    إيرادات السينما أمس.. السرب يتفوق على شقو    التضامن تكرم كارولين عزمي بعد تألقها في «حق عرب»    خطبة الجمعة اليوم.. الدكتور محمد إبراهيم حامد يؤكد: الأنبياء والصالحين تخلقوا بالأمانة لعظم شرفها ومكانتها.. وهذه مظاهرها في المجتمع المسلم    المفتي: مشاركتنا لشركاء الوطن في أعيادهم على سبيل السلام والمحبة وحسن الجوار    دليل السلامة الغذائية.. كيف تحدد جودة الفسيخ والرنجة؟    إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه مواقع إسرائيلية    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    بعد تصدرها التريند.. التصريحات الكاملة ل نهى عابدين ببرنامج مساء دي إم سي    مشيرة خطاب تشيد بقرار النائب العام بإنشاء مكتب لحماية المسنين    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية المُوحدة خلال أبريل الماضي    انخفاض أسعار الذهب الآن في سوق الصاغة والمحال    «التعليم» تحدد مواصفات امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2024.. تفاصيل    المنتدى الاقتصادي يُروج لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    تعاون «مصري- يوناني» النسخة الجديدة مبادرة «إحياء الجذور – نوستوس»    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    الأهلي يهنئ الاتحاد بكأس السلة ويؤكد: "علاقتنا أكبر من أي بطولة"    محافظ المنوفية: 47 مليون جنيه جملة الاستثمارات بمركز بركة السبع    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    الإسكان تطرح أراضى للتخصيص الفوري بالصعيد، تفاصيل    في الذكري السنوية.. قصة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة    وحدات سكنية وهمية.. ضبط سيدة استولت على أموال المواطنين ببني سويف    ب«تفعيل الطوارئ».. «الصحة» بالقليوبية: عيادات متنقلة بمحيط الكنائس خلال احتفالات عيد القيامة    دعاء الهداية للصلاة والثبات.. ردده الآن تهزم شيطانك ولن تتركها أبداً    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    متسابقون من 13 دولة.. وزير الرياضة يطلق شارة بدء ماراثون دهب الرياضي للجري    أستاذ أمراض القلب: الاكتشاف المبكر لضعف عضلة القلب يسهل العلاج    وزير الصحة: تقديم 10.6 آلاف جلسة دعم نفسي ل927 مصابا فلسطينيا منذ بداية أحداث غزة    علام يكشف الخطوة المقبلة في أزمة الشحات والشيبي.. موقف شرط فيتوريا الجزائي وهل يترشح للانتخابات مجددا؟    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    رئيس البرلمان العربي: الصحافة لعبت دورا مهما في كشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    "مضوني وسرقوا العربية".. تفاصيل اختطاف شاب في القاهرة    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    برشلونة يستهدف التعاقد مع الجوهرة الإفريقية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 3 مايو 2024.. مصادر دخل جديدة ل«الأسد» و«العقرب» ينتظر استرداد أمواله    صحف إيطاليا تبرز قتل ذئاب روما على يد ليفركوزن    وزير التنمية المحلية يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد القيامة المجيد    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    عبد المنصف: "نجاح خالد بيبو جزء منه بسبب مباراة ال6-1"    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستشار وزير النقل الأسبق: حان الوقت لتبني منهجية إدارية دون محسوبيات
نشر في التحرير يوم 04 - 05 - 2015


حوار - صديق العيسوي:
هو إحدى الكفاءات الشابة المتخصصة فى قطاع النقل، جمع بين التأهيل العلمى والخبرة العملية، عمل مستشارا لعدة وزراء نقل سابقين متعاقبين، وأشرف على خطط ومشروعات تطوير الموانى، وخاض معارك شرسة لإعادة تعديل العقود الاحتكارية للموانى المصرية لاسترداد حقوق الدولة، مما عرضه لسهام الفساد وأعوانه.
إنه الدكتور أحمد سلطان، مستشار وزير النقل الأسبق لقطاع النقل البحرى، الذى يملك رؤية متكاملة لتطوير منظومة النقل فى مصر، أساسها أن النقل والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، كما يؤمن بأن مصر قادرة على الخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية الراهنة بالاستثمار فى البنية الأساسية التى تعد المحفز الأهم للتنمية الاقتصادية، وتساعد على توفير فرص العمل، مما دعا «التحرير» إلى أن تقف على آرائه التنموية من خلال هذا الحوار.
■ دعنا نبدأ بتحديد المسؤول عن تدهور وفشل قطاع النقل في مصر؟
- لا شك أن تعاقب الوزراء و«الأيادى المرتعشة» كانتا وراء تدهور قطاع النقل وعرقلة تطوره، والبدء فيه من الصفر دائما، لذلك لا بد من صياغة استراتيجية وطنية تكاملية للنقل فى مصر، كما يجب أن تكون الخدمات اللوجيستية وأنشطة القيمة المضافة فى الموانى هى المصدر الرئيسى الذى يجب أن تتبناه الدولة لإيرادات النقل البحرى، وقد أعددت دراسة تخصصية تشمل تشخيصا للوضع الحالى لمشروع تنمية قناة السويس والمعوقات والتحديات التى واجهتها طوال الفترة الماضية، مصحوبة بروشتة علاجية وخارطة طريق لتصور واقعى قابل للتطبيق بعيدا عن المبالغات والمزايدات، وأرى أن هذا المشروع إذا أُحسنت إدارته على أسس علمية واقتصادية سليمة سيكون نقطة انطلاق مصر للمستقبل، وأنا على ثقة أن قطاع النقل واللوجيستيات المصرى سيكون هو الجواد الرابح فى العبور الثانى لمصر الجديدة.
■ كيف ترى قطاع النقل في مصر؟
- يمثل قطاع النقل شرايين الاقتصاد وقاطرة التنمية بكل صورها لأى دولة أو مجتمع، إذ يلعب النقل دورا حيويا وهاما فى التقدم الاقتصادى والازدهار العمرانى، وفى ظل غياب الرؤية وضعف الإيمان بالأهمية القصوى لقطاع النقل فى مصر خلال العقود الماضية، عانى القطاع من أعباء ضاغطة ناتجة عن منظومة إدارة بيروقراطية مهترئة وغير متوازنة اقتصاديا تمثلت فى نقص الاعتمادات الرأسمالية وقصور فى تمويل أعمال الصيانة الدورية والوقائية من جهة، يقابلها أعباء تسعير غير عادل للخدمات مدفوعة بالاعتبارات الاجتماعية من الجهة المقابلة، وهو ما أدى فى جملته إلى تدهور البنية الأساسية للقطاع، وتراجع مستوى الخدمات المقدمة إلى المواطن على النقيض التام مما شهده العالم حولنا من تطور متلاحق ومتسارع فى قطاعات النقل عالميا، أدى إلى اتساع الفجوة بين قطاع النقل المصرى والعالم حوله. النظرة إلى قطاع النقل فى مصر يجب أن تتخطى مجرد نقل الركاب والبضائع إلى المشاركة الفاعلة للقطاع فى ترسيخ مفهوم التنمية المستدامة وتحقيق التوازن بين المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
■ ماذا عن قطاع النقل البحرى داخل الوزارة؟
- قطاع النقل البحرى قطاع واعد جدا، ولم يستغل الاستغلال الأمثل حتى الآن، فمصر دولة بحرية فى المقام الأول، ولعل مصر بموقعها المتميز فى ملتقى قارات العالم الذى عبر عنه الرائع جمال حمدان ب«عبقرية المكان» هى نقطة تقاطع الجغرافيا والتاريخ، جعلها دوما مركزا محوريا لعبور كل خطوط النقل البحرى العالمية، وامتدادا لذلك فإن مصر مؤهلة بفضل عبقرية المكان تلك لتكون نقطة الانطلاق للمستقبل، وتستطيع أن تكون معبرا لوجيستيا لتجارة العالم عبر قناة السويس وتواصلها بقارات العالم أجمع، وبتنمية قطاع النقل البحرى سيصبح للاقتصاد المصرى شأن آخر، واهتمت الدولة خلال العقدين الأخيرين بتطوير وتحديث البنية الأساسية للموانى المصرية، وكان من المفترض أن يتبع ذلك اهتمام مقابل بمنظومة إدارة وتشغيل القطاع وتحديثها وتطويرها وتغيير فى المفاهيم والبنية التشريعية المنظمة للقطاع، مع إعادة هيكلة الرسوم والتعريفات على أسس اقتصادية حديثة.
نحتاج إلى أن يدار القطاع بفكر اقتصادى مبنى على حسابات الربح والخسارة والمردود المباشر وغير المباشر، وليس مبنيا على فكر الجباية وتحصيل الرسوم.
■ بصفتك خبيرا فى اللوجيستيات.. لماذا تهمل الدولة هذا القطاع الهام؟
- الخدمات اللوجيستية وأنشطة القيمة المضافة هما المحور الرئيسى الذى يجب أن تتبناه الدولة لإيرادات النقل البحرى، فعلى سبيل المثال ميناء جبل على فى دبى قائم على أنشطة خدمية ولوجيستية، حيث إنه لا يكتفى برسوم تداول وعبور البضائع من خلال الميناء، لكن القيمة الحقيقية تنتج من عائدات مشروعات خدمية ولوجيستية وصناعية وسياحية وتجارية، ولو اكتفت دبى بالميناء فقط، لكان عدد السفن به لا يتعدى 1% من السفن التى تمر بهذا الميناء الآن، فرغم أن ميناء جبل على بدبى بعيد عن الخطوط الملاحية العالمية، فإنه فرض نفسه على خريطة النقل البحرى العالمية بتنوع وتميز الخدمات المتاحة، وأصبح بذلك محطة رئيسية لتوقف هذه الخطوط، ومركزا إقليميا للتبادل التجارى، نتيجة لحزمة الخدمات والتسهيلات والامتيازات التى يمنحها الميناء للسفن القادمة إليه.
■ ماذا عن تعديل أسعار الخدمات البحرية بالموانى المصرية؟
- أسعار الخدمات البحرية المقدمة للسفن والخطوط الملاحية بالموانى المصرية فعلا بحاجة إلى مراجعة، لكن يجب أن تكون يتم ذلك من خلال دراسة متكاملة، وبما يتوافق مع اعتبارات السوق واعتبارات التجارة والمنافسة الإقليمية والمنافسة العالمية.
■ نريد أن نعرف الهدف الرئيسى من حفر قناة السويس الجديدة من وجهة نظرك؟
- الرئيس عبد الفتاح السيسى بإعلانه عن حفر قناة السويس الجديدة أراد أن يؤسس لانطلاقة مصر الحديثة بمشروع قناة السويس الجديدة يستثمر فيه هذه الأهمية الحيوية لقناة السويس فى تذكير الكل بالدور المحورى لمصر إقليميا وعالميا، وأستشعر أنه أراد بذلك أن يحقق عدة أهداف استراتيجية، الهدف الأول سياسى وطنى يتمثل فى استحضار حلم قومى مشترك يعيد اللحمة والتكاتف والتوحد للمجتمع المصرى، بعد أن مزقته الصراعات السياسية خلال السنوات الأخيرة، ولعل ما أصر عليه الرئيس فى ذكاء بالغ من قصر تمويل المشروع على المصريين هو بمثابة استنهاض للحس والوازع الوطنى لدى أبناء الشعب فى اجترار لتجربة تأميم قناة السويس فى الخمسينيات وما لها من ذكريات وطنية لدى جميع طوائف الشعب.
الهدف الثانى هو إرسال رسالة إلى العالم أجمع أن مصر تستطيع، وأن مصر حاضرة بقوة للعب دور حيوى فى مستقبل حركة التجارة العالمية والاقتصاد العالمى، كذا تنبيه العالم بأسره إلى أن مصر تستطيع بجهودها الذاتية فى أيام قليلة تدبير التمويل اللازم الذى قارب على 70 مليار جنيه (10 مليارات دولار)، بما يقارب ضعف قرض صندوق النقد الدولى الذى حاول الغرب الضغط على مصر وابتزازها سياسيا به، وهو بذلك يرسل رسالة ضمنية أن مصر غنية بطاقاتها ومواردها الذاتية الكامنة، ولن يستطيع أحد أن يلوى ذراعها للتأثير على استقلال قرارها، وأنا شخصيا عايشت هذا الموقف، حيث قام والدى ووالدتى من فرط حماسهما الوطنى، ورغبتهما فى المشاركة بشراء شهادات استثمار قناة السويس لأبنائى وباقى أحفادهما.
أما الهدف الثالث فهو هدف اقتصادى تنموى يتمثل فى النمو المستقبلى المتوقع خلال السنوات القادمة فى إيرادات قناة السويس، وهو ما يتوقع تحققه تدريجيا مع نمو حجم الحركة الفعلى بقناة السويس، بما يتواكب مع نمو حركة التجارة العالمية والتبادل التجارى العالمى.
■ المعارضون للمشروع يقولون إنه ليس له أى مردود اقتصادى؟
- البعد أو المردود الاقتصادى تحديدا هو ما كان مثار اللغط والجدل الحالى على الساحة بين مشكك مغرض فى الجدوى الاقتصادية للمشروع، وبين مؤيد ومزايد بشكل غير واقعى فى تقدير المردود الاقتصادى، وبين هذا وذاك تاه المواطن العادى، وحقيقة الأمر أن مشروع قناة السويس الجديدة يتيح ازدواجا جزئيا فى الملاحة عبر القناة، بما يؤدى إلى خفض فترة عبور قافلة الشمال لقناة السويس بنحو 6 ساعات من (20 ساعة فى المتوسط إلى 14 ساعة)، كما يضاعف طاقه القناة الاستيعابية إلى نحو 100 سفينة يوميا مقارنة بالطاقة الاستيعابية الحالية للقناة فى حدود 75 سفينة يوميا بمتوسط حجم حركة حالى نحو 50 سفينة يوميا، بما يتيح الفرصة لنمو مستقبلى تدريجى لإيرادات القناة مع نمو حركة السفن الفعلى بالقناة، بما يمكن أن يصل مستقبلاً إلى 12 مليار دولار عند وصول متوسط حجم حركة السفن الفعلى (50 سفينة يوميا حاليا) إلى الطاقة الاستيعابية بعد حفر القناة الجديدة (100 سفينة)، وهنا تجدر الإشارة أيضا إلى دور المشروع فى فتح آفاق تنموية فى منطقة قناة السويس وقطبيها التنمويين فى شرق بورسعيد شمالاً والسخنة وخليج السويس جنوبا، وتعزيز ربط سيناء بباقى الأراضى المصرية عن طريق مجموعة الأنفاق المخطط تنفيذها أسفل القناة.
■ هل يختلف مشروع القناة الجديدة عن مشروع تنمية محور قناة السويس؟
مشروع قناة السويس الجديدة مشروع ملاحى لازدواج جزئى لأهم شريان نقل بحرى فى العالم، بما يضاعف طاقته الاستيعابية، ليعد بذلك المشروع الملاحى الأهم إقليميا وعالميا، لما يمكن أن يسهم به فى استيعاب النمو المستقبلى فى حركة التجارة العالمية، فى المقابل فإن مشروع تنمية محور قناة السويس هو مشروع تنموى اقتصادى يستهدف تنفيذ مشروعات استثمارية متعددة فى قطبى القناة الشمالى والجنوبى، سواء كانت مشروعات مينائية أو لوجيستية أو صناعية، بهدف تحقيق تنمية مستدامة اقتصاديا مصحوبة بخلق مجتمعات عمرانية جديدة فى كل من القطب الشمالى فى شرق بورسعيد والقطب الجنوبى فى السخنة وخليج السويس كاستنساخ لتجربة جبل على فى دبى وسنغافورة وهونج كونج التى يجب أن تتفوق قناة السويس عليها جميعا لموقعها الجغرافى المتميز.
■ من وجهة نظرك كخبير دولى فى النقل واللوجيستيات.. مَن المؤهل لتولى إدارة هذا المشروع؟
- أعتقد أن الوقت حان لتبنى منهجية الإدارة على أسس اقتصادية تتبنى معايير السوق والمنافسة العالمية بشخصيات ذات خبرات اقتصادية وإدارية دون أن يكون لها علاقات سياسية أو محسوبيات، يحضرنى هنا مثال مشرف فى شركة موانى دبى العالمية التى تدير 65 ميناء على مستوى العالم، حيث يديرها شاب يدعى محمد شرف، عمره لا يتجاوز 45 عاما، خريج جامعة هارفارد فى مجال الاقتصاد والإدارة!
■ بعيدا عن قناة السويس.. حدثنا عن مشروع المركز اللوجيستى العالمى لتداول وتخزين الغلال بميناء دمياط؟
- هذا المشروع لم يتعد كونه فكرة أولية لم تأخذ بعد القدر الكافى من الدراسات الفنية والاقتصادية الواجبة فى مثل هذه المشروعات، والغريب هو ما صاحب المشروع من تطبيل وزفة إعلامية مبالغ فيهما فى رغبة محمومة للفرقعة، ولفت الأنظار ولو على حساب مصداقية مؤسسات الدولة، وهو ما يثير الاستغراب حول هذه المنهجية شديدة السطحية فى التناول فى إدارة مقدرات الدولة.
■ «التحرير» انفردت بخبر تأجيل المشروع من قبل رئيس الجمهورية؟
- حسنا فعل الرئيس السيسى بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وإيقاف جميع ترتيبات حفل تدشين المشروع، لحين استيفاء الدراسات الفنية والاقتصادية اللازمة، ولى أن أتساءل عن المسؤول عن هذا العبث بمصداقية الدولة والنظام، وهذه السطحية الشديدة فى التناول فى إدارة مقدرات الدولة فى هذه المرحلة الفارقة من تاريخ البلاد؟ وهل تمت محاسبة هؤلاء المطبلاتية خصوصا أن كل ذلك يخصم من رصيد ومصداقية النظام بأكمله؟ ويؤسفنى أن أقول إن العلماء والمتخصصين عالميا يسخرون من فكرة هذا المشروع ويعتبرونه ضربا من ضروب العبث، ويستغربون فى استنكار تام تبنى الدولة والحكومة له.
■ وماذا عن المشروعات الاستثمارية فى قطاع النقل البحرى؟
- إن ملف الاستثمار فى النقل البحرى يجب أن يُدار وفق خطة استثمارية مدروسة تضعها الدولة ممثلة فى وزارة النقل، وفق أولوياتها التنموية للقطاع، هذا هو منطق الأمور، وتم بالفعل وضع أول خطة استراتيجية للنقل البحرى فى مصر خلال عام 2009 بواسطة بيت الخبرة العالمى ماكينزى تحت عنوان «استراتيجية الموانى المصرية»، وحددت الخطة احتياجات ومحاور النمو والاستثمار فى الموانى المصرية بشكل تكاملى ممنهج فى إطار قصير الأجل حتى عام 2020 وطويل الأجل حتى عام 2030، وللأسف فى أعقاب استقالة وزير النقل الأسبق، المهندس محمد منصور، عام 2010، تم وأد هذه الخطة فى مهدها وتم تجاهلها عن عمد أو جهل.
■ وماذا عن أزمة محطة حاويات دمياط الجديدة «ديبكو»؟
- مشروع محطة الحاويات الجديدة بميناء دمياط الشهير باسم «ديبكو» يعتبر من أهم مشاريع النقل البحرى فى المنطقة بأسرها وليس دمياط فقط، والمشروع يمكن أن يلعب دورا محوريا فى حركة وتجارة الحاويات بالبحر المتوسط، وقد تم توقيع عقد امتياز المشروع عام 2006، وباشرت الشركة تنفيذ المشروع بجدية اعتبارا من عام 2007، خصوصا أعمال تنفيذ البنية الأساسية للمشروع، إلا أن الأزمة العالمية فى 2008 أثرت سلبًا على الشركة، وأدت إلى تعثرها فى تنفيذ المشروع، وتزامن ذلك مع تعثر مفاوضات الشركة مع الجهات الممولة لتدبير التمويل اللازم للمشروع.
■ وماذا عن مشكلة محطة الحاويات الجديدة بميناء الدخيلة «الرصيف 100»؟
- مشروع محطة الحاويات الجديدة بميناء الدخيلة الشهير ب«الرصيف 100» هو مشروع شديد الأهمية الاقتصادية والفنية، إلا أن التخبط أو التقاعس عن تنفيذه حتى الآن يعد جريمة مكتملة الأركان تستوجب المساءلة، لأن ميناءى الإسكندرية والدخيلة هما بوابة مصر التجارية، ويعبر من خلالهما نحو 70% من حجم التجارة المحلية، ويمثل مشروع الرصيف 100 الامتداد التوسعى الوحيد فى تداول الحاويات بالميناءين، لاستيعاب النمو المتزايد فى حجم تجارة الحاويات المحلية، وللأسف تم منح إحدى الشركات حق أولوية على المشروع دون سند قانونى، وهو الحق الذى أسقطته الدولة فى نهاية عام 2012، وأصبح للدولة مطلق الحق فى تنفيذ المشروع حقا ثابتا لا ينازعها فيه أحد، وإن ادعى بعض المنتفعين خلاف ذلك.
إلا أنه فى استمرار فج للتخبط والتدليس تم مؤخرا طرح المشروع فى مزايدة شكلية بشروط معيبة ومغرضة شابها الإضرار بمصالح الدولة، وقد حاولت وزارة النقل فى أعقاب ذلك استدراك الأمر وإدخال بعض التعديلات على كراسة الشروط فى ما أشبه عملية ترقيع غير متجانسة تتنافى مع المعايير الدولية الواجبة، وهو ما أسفر انتهاءً إلى وضع شديد التشابك والتعقيد سيؤول دون شك إلى الإلغاء، فضلاً عن ذلك فإن التصميم المقترح للمحطة يعانى من تخطيط معيب يصل إلى مرحلة «العبث والتخلف من الناحية الفنية»، ويتنافى مع المتطلبات الفنية الواجبة فى تصميم محطات الحاويات.
فهذا المشروع فضلاً عن أهميته الاستراتيجية كمنفذ للتجارة المحلية يستطيع من يديره التحكم فى التجارة المصرية، فإنه شديد الجدوى الاقتصادية والربحية، ومن المتوقع أن تصل أرباحه السنوية نحو 100 مليون دولار، تتزايد إلى أن تصل إلى نحو 150 مليون دولار سنويا، وفى هذا السياق أقترح أن يتم تكوين تحالف مشترك بين هيئة ميناء الإسكندرية وشركة إسكندرية لتداول الحاويات التابعة للشركة القابضة للنقل البحرى والبرى، لتنفيذ المشروع دون أى شريك آخر، كما أدعو أن تكون لوزير النقل وقفة لمراجعة وتقييم الممارسات السابقة لاستلهام الدروس المستفادة مع محاسبة كل من أسهموا فى هذا التخبط والفشل التام فى ملف الاستثمار فى النقل البحرى الذى التصق به، بما يؤثر على الإقبال على مشروعات القطاع مستقبلاً عند إعادة طرحها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.