كتب- أحمد سعيد حسانين: تحتفي الجماعة الصحفية باليوم العالمى لحرية الصحفى اليوم «الأحد»، المزمع الاحتفال به فى الثالث من مايو كل عام، حيث اختير هذا اليوم لإحياء ذكرى اعتماد إعلان «ويندهوك» التاريخى، خلال اجتماع للصحفيين الإفريقيين نظّمته «اليونسكو»، وعُقد فى ناميبيا فى 3 مايو 1991، وينص الإعلان على أنه لا يمكن تحقيق حرية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرّة ومستقلّة وقائمة على التعدّدية، وهذا شرط مسبق لضمان أمن الصحفيين فى أثناء تأدية مهامهم، ولكفالة التحقيق فى الجرائم ضد حرية الصحافة تحقيقًا سريعًا ودقيقًا. وبات يوم 3 مايو من كل عام موعد الاحتفال بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وتقييم حرية الصحافة حول العالم، والدفاع عن وسائل الإعلام ضد ما يهدّد استقلالها، والتعبير عن الإجلال للصحفيين الذين فقدوا حياتهم فى أثناء ممارسة عملهم. ومن المقرر أن تحيى منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» والعالم، اليوم العالمى لحرية الصحافة 2015، تحت شعار «دعوا الصحافة تزدهر»، وسيُقام الاحتفال هذا العام فى عاصمة لاتفيا «ريغا»، كما سيتم منح جائزة اليونسكو «غيرمو كانو» العالمية لحرية الصحافة لعام 2015، للناشط الحقوقى والصحفى السورى السجين مازن درويش، ويتزامن اليوم العالمى لحرية الصحافة هذا العام مع الذكرى 70 لتأسيس «اليونسكو»، وهو يمثّل فرصة ل«اليونسكو» وشركائها فى إعادة تأكيد رؤيتها الفريدة بشأن حرية التعبير بوصفها أداة أساسية لإرساء السلام، وبشأن الأهمية التى تتسم بها حرية التعبير فى مجال الصحافة فى أيامنا هذه. نقباء: تراجُع الحرية يخدم الإرهاب.. ويجب فتح ملف الصحفيين المحبوسين وفى تعليق لنقيب الصحفيين، يحيى قلاش، ل«التحرير»، قال «الدولة ما زالت ترى أن هناك تعارضًا بين مقتضيات حماية الأمن الوطنى ومقتضيات الحرية التى تتجلَّى فى حرية الرأى والتعبير»، لافتًا إلى أنه ربما يكون العام الأخير الأقل من سابقيه فى عدد الشهداء والمصابين الذين خضَّبوا ثوب الحرية، لكن ما زالت آثار هذا المناخ هى التى تسود المشهد حاليًّا، منوهًا بأن قطاعًا كبيرًا من المصورين الصحفيين يواجهون الموت فى مظاهرات العنف، مضيفًا أن «السائد أننا فى حالة حرب، والسائد أيضًا أننا فى بلد يقاوم الإرهاب منذ بداية الحدود حتى كل شبر بالداخل، والصحافة تدفع ثمن هذا المناخ، فحرية الرأى والتعبير نالها كثير من الأذى، والكاميرا لا تزال دليل اتهام للتضييق، وهذا الأمر طرحته على وزير الداخلية فى لقائنا الأخير، واتفقنا على أن يكون هناك لقاء يجمع أحد مساعدى وزارة الداخلية وواحدًا من رابطة المحررين والمصورين، لعرض شكواهم»، مضيفًا أن التغوُّل على حرية الصحافة فى صالح الإرهاب وليس أى أحد آخر. قلاش أضاف «هناك نحو ثمانية صحفيين نقابيين محبوسون على ذمة قضايا مختلفة، وهناك عدة قوائم مختلفة عن الصحفيين غير النقابيين، إحداها وضعها الإخوان وتضم 120 شخصًا، وأخرى وضعتها نقابات مستقلة، وتضم 60 فردًا، لذلك قررت النقابة وضع قائمة بها عدة معايير تعتمد على أن لا يكون الصحفى قد ألقى القبض عليه فى أعمال تحريض أو عنف، وغيرها من المعايير». أما نقيب الصحفيين السابق، ضياء رشوان، فقال ل«التحرير»، «ما يمكننا أن نؤكده فى هذا اليوم، أننا لسنا فى خير حال فى حرية الصحافة، ولا يوجد فى مصر حتى الآن قانون يمنع الاحتكار، كما أنه لا يوجد قانون واحد لحرية المعلومات حتى الآن، كما أن لدينا من الوسائل الكثيرة ما يحدّ حرية الصحفى فى أثناء ممارسة المهنة»، لافتًا إلى أن «التساؤل الذى يطرح نفسه حاليًّا: ما العمل؟»، موضحًا أن الصحافة فى مصر جزء من المجتمع، والمعنى الكامل لحرية الصحافة لن ينتهى فى وقت قريب، ولكن لكى يتحقق هذا المعنى يتطلب الأمر منا عدة أمور، أولها تعديل نصوص الدستور بما يتعلق بالحريات وترجمتها إلى نصوص تشريعية، وهو ما لم يتم بعد، حيث يواجهه بعض العقبات فى هذا الأمر، وثانيها أن لدينا علاقات عمل داخل الصحف تحول دون حرية الصحفى وليس الصحافة، لافتًا إلى أن الصحف القومية والحزبية والخاصة لديها ما يخيف ويقيد الصحفيين حتى الآن، وأشار إلى أنه «فى الدول الديمقراطية يقوم البرلمان بدوره الرقابى، وبالتالى فى ظل غياب الرقابة الدستورية على أعمال الحكومة يزيد هذا الأمر بلا شك من وجود تجاوزات من كل الجهات التنفيذية، ولنا أن نتخيَّل أنه لن تُحل كل المشكلات مع الصحفيين والتجاوزات مع السلطة التنفيذية إلا بمجرد أن تستطيع الصحافة أن تحل تجاوزاتها مع نفسها أمام المجتمع، منوهًا بأنه لا بد أن تكون هناك ثقافة داخل النخب التنفيذية ترى أن للصحافة دورًا حقيقيًّا فى المجتمع، ولو اكتمل التغيير فى كل جوانبه فستكون الصحافة جزءًا من هذا التغيير بلا شك. نقيب الصحفيين الأسبق، مكرم محمد أحمد، قال «رغم أن الحرية الموجودة فى مناخ الصحافة الحالى يمكن اعتبارها مقبولة، فإن أوضاع الصحافة عمومًا غير مطمئنة، فالبنية القانونية التى تعتمد عليها بحاجة إلى إعادة ضبط من جديد، سواء فى ما يتعلق بقانون النقابة أو المجلس الأعلى للصحافة»، مشيرًا إلى أننا لا نعلم حتى اللحظة الراهنة ما مصير التشريعات الصحفية والإعلامية، سواء من قبل اللجنة التى شكَّلها رئيس الوزراء، أو من قِبل لجنة نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة، قائلًا «أتمنى أن تصدر هذه القوانين فى أسرع وقت ممكن»، لافتًا إلى أن الوضع يزداد تعقيدًا، حسب تعبيره، منوهًا بغياب التوازن بين المؤسسات القومية، فى الوقت الذى تزداد فيه سيطرة الصحف الخاصة وتمددها، مما يثير حالة من عدم التوازن، وأضاف مكرم «نحن متأخرون فى ضبط كثير من الأمور المتعلقة بملف الصحافة»، منوهًا بأن حقوق شهداء الصحفيين يجب أن تكون مصونة، ولا بد من احترامها، كما أن ملف الصحفيين المحبوسين على ذمة قضايا مختلفة يحتاج إلى إعادة نظر من جديد. الكاتب الصحفى، محمد العزبى، قال ل«التحرير»: إن حرية الصحافة لن يتحقق منها إلا القليل، مشيرًا إلى أنه دائمًا كان هناك حصار لحرية الصحافة، وإذا لم يكن بالرقيب ورئيس التحرير، فبسطوة رأس المال، مضيفًا «الصحافة مصابة بأكثر من داء، أولها عدم تفهم القيادة بالدولة لمعنى حرية الصحافة، لأن النظام يعتبرها فى أغلب الأوقات وسيلة لكشف الحسنات فقط لا السيئات، ثانيها الإعلانات التى أصبحت كارثة حقيقية فى سيطرتها على الصحف، فضلًا عن الدخل المتدنى للصحف. رئيس لجنة الحريات وعضو مجلس نقابة الصحفيين، خالد البلشى، علَّق بأن «المناخ الحالى لا يمثّل حرية للصحافة تحت أى شكل من الأشكال، فهناك عمليات قمع مباشرة وموجهة ضد الصحفيين، وآثارها واضحة من خلال الصحفيين الذين يتم الاعتداء عليهم فى أثناء التغطيات، فضلًا عن المقبوض عليهم على ذمة عدة قضايا مختلفة، إضافة إلى عدم وجود بناء تشريعى يمنح حرية الصحافة بشكل أو آخر، بل تؤدّى إلى مزيد من المصادرة على حرية الرأى والتعبير»، مضيفًا «سيف الحبس لا يزال مسلطًا على الصحفى من خلال 27 مادة، كما أن الصحفى يُحاكم بنحو من 5 إلى 6 قوانين، إلى جانب تعظيم الرقابة الذاتية على المؤسسات من أجل محاولات مؤسسات رؤساء التحرير فرض منهج واحد». وأضاف البلشى «هناك عشرة شهداء فى بلاط صاحبة الجلالة حتى الآن، وثمانية من أعضاء النقابة لا يزالون خلف القضبان، بأحكام لها علاقة بقضايا سياسية أو مشكلات تتعلق بممارسة المهنة، وكذلك هناك من الصحفيين غير النقابيين أعداد كبيرة فى الحبس، وهناك تقديرات مختلفة بشأنهم، لأن بعضهم تم القبض عليه فى أمور تتعلق بالمهنة، ولأن آخرين تم القبض عليهم فى أثناء الإمساك بكاميرا، وغيرها من الصور والأشكال». اللافت للنظر أن من أبرز الشهداء فى ملف الصحافة، من بينهم الشهيد أحمد محمود، برصاصة فى الرأس، فى 29 يناير 2011، ثم الشهيد الحسينى أبو ضيف، برصاصة فى الرأس، فى ديسمبر 2012، وميادة أشرف، وأحمد سمير عاصم، وحبيبة عبد العزيز، وصلاح الدين حسن، وأحمد عبد الجواد، وتامر عبد الرؤوف. تقارير محلية ودولية: الحكومات تعادي الصحافة «المصرى لبحوث الرأى العام- بصيرة»، أظهر أن 55% من المصريين يرون أن الإعلام فى مصر يتمتع بقدر متوسط من الحرية، بينما يرى 32% منهم أن الإعلام حر تمامًا بمصر، فى حين يرى 13% منهم أنه ليس حرًّا على الإطلاق، وذلك وفق مسح أجراه على عينة ممثلة للشعب بفئاته المختلفة، حول «التحولات فى الوطن العربى». وأوضح المركز، فى دراسة له، بعنوان «نظرة على الإعلام المصرى» بمناسبة الاحتفال باليوم العالمى لحرية الصحافة والتعبير، والذى يوافق 3 مايو من كل عام، أن تطوير الكيان المؤسسى لحماية الصحفيين تمثَّل فى إنشاء نقابة للصحفيين فى مصر، مشيرًا إلى أن الاشتراك السنوى فى السنة الأولى كان جنيهًا واحدًا، ويعد النقيب الحالى للصحفيين هو النقيب رقم 20 منذ إنشاء النقابة، مضيفًا «عدد الصحف القومية فى مصر بلغ 11 صحيفة، فى حين يبلغ عدد الصحف المستقلة 14، بالإضافة إلى 6 صحف حزبية»، وأشار إلى أن 65% من الشباب المصريين لا يقرؤون الجرائد الورقية، مقابل 28% يقرؤونها أحيانًا، و7% يقرؤونها دائمًا، ومن بين مَن يقرؤون الجرائد الورقية فإن 16% لا يصدقون ما يقرؤونه بها، فى حين أن 67% يصدقونها أحيانًا و17% دائمًا، وذلك وفق استطلاع الرأى الذى أجراه المركز على عينة ممثلة من الشباب من 18 إلى 35 عامًا فى فبراير 2014. ولفت إلى أن 10% فقط من الشباب يرون أن الإعلام دائمًا يناقش قضايا الشباب بصورة كافية، بينما 6% يرون أنه يحدث أحيانًا، ونصف الشباب يرون أن الإعلام لا يناقش قضاياهم أبدًا بصورة كافية، بينما 34% أعربوا عن عدم معرفتهم. بينما كشف تقرير منظمة «فريدوم هاوس» الأمريكية، عن حرية الصحافة لعام 2015، عن تراجع الحريات الصحفية فى الولاياتالمتحدة بمقدار نقطة واحدة، وذلك بسبب تعرُّض الصحفيين إلى الاعتقال وأعمال التحرُّش والمعاملة الخشنة من جانب قوات الشرطة خلال المظاهرات التى وقعت بمدينة «فيرجسون» بولاية «ميسورى»، العام الماضى. وقال التقرير السنوى الذى رصد وضع الحريات الصحفية فى نحو 199 دولة، إن «أنصار حرية الصحافة ما زالوا قلقين إزاء بعض الممارسات والسياسات التى تتبناها الحكومة الفيدرالية الأمريكية، بما فى ذلك السيطرة المتشددة نسبيًّا لإدارة الرئيس باراك أوباما على المعلومات الواردة من البيت الأبيض والوكالات الحكومية». وأضاف التقرير أنه «على الرغم من إعلان وزارة العدل الأمريكية فى ديسمبر الماضى أنها لن تسعى إلى إجبار جيمس رايزن، الصحفى فى (نيويورك تايمز)، على الكشف عن مصادره فى إحدى القضايا المنظورة أمام المحاكم منذ فترة طويلة، فإن إدارة الرئيس باراك أوباما لجأت إلى قانون مكافحة التجسس الصادر عام 1917، لرفع دعاوى قضائية ثمانى مرات ضد ما يُزعَم بأنه تسريب لمعلومات سرية، وهو ما يعتبر أكثر من أى إدارة أمريكية سابقة». ويرى تقرير «فريدوم هاوس» أن الكشف عن برنامج وكالة الأمن القومى الأمريكية للتنصت على الاتصالات الهاتفية، وانعكاسات استمرار استهداف مراقبة وسائل الإعلام عام 2014، وكذلك الخوف من المراقبة، ومن إقامة دعاوى لمن يُتّهم بسبب مزاعم بتسريب معلومات سرية جميعها، زادت من صعوبة تواصل الصحفيين مع المسؤولين بالإدارة الأمريكية والمصادر المحتملة. بينما أعربت حملة «الشارة الدولية لحماية الصحفيين»، عن قلقها من تدهور السلامة للصحفيين بعدد كبير من الدول وظهور أخطار جديدة، منها القتل والاستهداف والهجمات ضد المواقع الإلكترونية لدى المنشآت الصحفية. وكشفت إحصائيات الحملة أن 51 صحفيًّا قتلوا منذ بداية العام فى 20 دولة مقابل 41 فى نفس الفترة من العام الماضى، كما ارتفع عدد القتلى من الصحفيين فى الفترة من مايو 2014 إلى أبريل 2015 إلى 148. وصرَّح سكرتير عام الحملة، بليز ليمبان، بأن «الموقف لا يتحسن بسبب تصاعد النزاعات المسلحة فى الشرق الأوسط، للجوء الجماعات الإرهابية إلى استهداف إجرامى وعنيف للإعلام»، مشيرًا إلى أنه «من بين ال51 ضحية من الصحفيين، قُتل 21 بواسطة جماعات إسلامية متطرفة، بينما قُتل ثمانية فى الهجوم على مؤسسة (شارلى إبدو) فى باريس فى 7 يناير الماضى، كما تمكنت الجماعات الإرهابية من الهجوم على المواقع الإلكترونية للمؤسسات الصحفية، مثلما حدث فى (تى فى 5)، مما يعد تطورًا جديدًا».