21 عاما هي الفترة التي تولى فيها أحمد فتحي سرور رئاسة مجلس الشعب المصري حتى صدور قرار حل البرلمان في أعقاب ثورة 25 يناير، وطوال تلك الفترة لم يخرج سرور عن النص أبدا فكان بمثابة "خادم أمين لنظام حسني مبارك". كان سرور مرضيًّا عنه من قبل عبد الناصر، فكان أحد أفراد التنظيم الطليعى، وكان مكروها من المشير عبد الحكيم عامر، ثم مرضيًّا عنه من الرئيس أنور السادات، وكذلك الرئيس مبارك، لذلك انضم سرور بعد مقتل المحجوب إلى زمرة أساتذة الجامعات المصرية الذين حصلوا على مناصب سيادية، وقيادية بالدولة في عهد مبارك. سرور مقارنة بسلفه رفعت المحجوب -الذي كان معارضا لتوجهات حكومة عاطف صدقي ورأى أنها تتبني أفكارا تنتقص من حقوق المواطنين الاجتماعية- كان أقدم رئيس برلمان في العالم، حيث ظل في منصبه طيلة ال21 عاما متصلة، وشكل ثابتًا من ثوابت مجلس الشعب، وكان واحدا من رموز "الحزب الوطني" المبشرين بأفكاره والمدافعين عن قراراته وتوجهاته وخياراته، والظهير التشريعي للنظام. المحجوب في مواجهة سياسات "الحزب الوطني" فى 23 يونيو عام 1984، تولى رفعت المحجوب رئاسة البرلمان، فى وقت أوضاع سياسية تشهد اختلاف بين جبهتين، الأولى مصر «الناصرية» فى الخمسينيات والستينيات، والثانية مصر "الساداتية" فى السبعينيات، وفى هذا المناخ جاء رفعت المحجوب على رأس برلمان أفرزت انتخاباته فى دورتى 1984 و1987 عن دخول عشرات من نواب المعارضة، وهما الدورتان اللتان أجريت فيهما الانتخابات بالقائمة النسبية، وبفضلها كان الوفد والإخوان حليفين فى انتخابات عام 1984، وتغيرت فى انتخابات عام1987 بتحالف العمل والإخوان والأحرار، وكانت المعارضة وقتئذ جذرية إلى حد ما فى توجهاتها السياسية. ورغم أن المحجوب كان عضوا بارزا في الاتحاد الأشتراكي، وكان يحظى بثقة عبد الناصر ومن بعده السادات، وأصبح في الصف الأول في رجال مبارك في بداية حكمه، إلا أنه كان يعتبر من الرموز السياسية المحسوبة على دولة عبد الناصر، فوقف سدا منيعا لطموح توجهات فريق من "الوطني"، يسانده الوفد فى إلغاء قوانين مثل الإصلاح الزراعى، وإلغاء القطاع العام، وغيرها من القوانين الاشتراكية، وفى السر أجرى المحجوب مفاوضات مع بعض رموز الدولة الناصرية لإقناعها بالانضمام للحزب الوطنى للدفاع عن توجهتهم. كانت الممارسات البرلمانية في عهد المحجوب صاخبة، كما حدث فى محاولة اعتداء نائب الوفد طلعت رسلان على وزير الداخلية اللواء زكى بدر، وهو يلقى بيانه أمام أعضاء المجلس، ومفيدة أحيانا فى قوة الاستجوابات التى كان الرجل يسمح بها، كما كان يلقى فى كلمته كل دورة تصورات مجلس الشعب بما يفرض على الحكومة أن تتبعه، ولأنه كان مع بداية حكم مبارك فكان يعى أنه يساهم فى صنع دولة، وأن له رؤية فى ذلك كالحفاظ على القطاع العام والدفاع عنه. سرور يحمي الحكومة والنظام "الممارسات البرلمانية سيئة السمعة": وجاء سرور عقب اغتيال المحجوب1990، ونجح طوال فترة رئاسته للبرلمان ومع ازدياد خبرته في حجب عدد كبير من الاستجوابات ضد حكومات مبارك المتعاقبة، على عكس المحجوب الذي مررت في عهده أجرأ الاستجوابات البرلمانية، كاستجواب علوي حافظ عن صفقات الأسلحة المشبوهة المتورط فيها حسين سالم، كما ضيق سرور على معارضيه بالمجلس، ووقف ضد مشروع «التصويت الإلكتروني للنواب»، والذي يتيح لكل نائب إعلان رأيه بدقة وليس ب"الطريقة التقريبية" التي كان يدير بها سرور المجلس عندما يجري التصويت على قرارات أو مشروعات، وظهرت مع سرور المقولة الشهيرة «أغلبية.. موافقة»، ثم ينتقل لجدول الأعمال. ونجد أن برلمان 1990 الذى تولى رئاسته سرور عقب أول انتخابات بعد اغتيال المحجوب قاطعته المعارضة، ولم يكن فيه سوى 5 من حزب التجمع الذى شذ عن المقاطعة، وفى 1995 كانت المعارضة 13 نائبا فقط، وفى هذه الدورة تحديدا شهدت مصر قوانين سيئة السمعة، أشهرها قانون حبس الصحفيين الذى دخل البرلمان فى جنح الظلام، وتمت مناقشته وإقراره مساء دون مروره على لجان المجلس المختصة، وانتفض الصحفيون ضد ما حدث، وكان سرور فى هذه القضية ليس رئيسا لمجلس الشعب يمارس دورا رقابيا، وإنما مدافع عن الحكومة وسياستها بالدرجة التى تجعله معبرا عنها وليس رقيبا عليها. وشهدت فترة رئاسة تمرير العديد من القوانين سيئة السمعة مثل: قانون 100 للنقابات المهنية، وقانون الضريبة على المصريين العاملين بالخارج الذي ألغته المحكمة الدستورية، وقانون الجمعيات الأهلية، وقانون تمديد الطوارئ، وقوانين الخصخصة، وقانون تصدير الغاز لإسرائيل، كما شهد عهده عددا كبيرا من الحوادث الجسام التى لم يحاسب فيها مرتكبها وحفظت تقارير تقصي الحقائق فيها مثل: غرق عبارة السلام، تفحم قطار الصعيد، قضية أكياس الدم هايدلينا. وأدى المبدأ البرلماني سئ السمعة الذي أقره "المجلس سيد قراره" إلى اتساع رقعه التزوير في الانتخابات لصالح نواب الحزب الوطني وخاصة في انتخابات2005 و2010، فقد فتح باب التزوير على مصرعيه وتغاضي من خلاله عن أحكام القضاء بأحقية مرشحين بعضوية البرلمان عن آخرين. كما كان سرور خير عون لكتلة الأغلبية في المجلس ومنقذهم من العديد من المآزق، وأداة النظام للتستر على أعمال الحكومة طيلة 21 عام وليس للرقابه عليها.