اندلعت أعمال شغب في وسط بالتيمور، شرق الولاياتالمتحدةالأمريكية، على هامش تجمع أكثر من ألف شخص للمطالبة بالعدالة في قضية وفاة شاب أسود يدعى فريدي غراي بعد اعتقاله. أمريكا، تتزعم العالم، بعد الحرب العالمية الثانية، ويعتبرها الكثيرون حامية حمى حقوق الإنسان، إلا أن الامر عندما يتعلق بمصالحها أو يمس ثوابت معتقداتها تتحطم هذه الصورة الذهنية. الرجل الأسود هدف الشرطة الأمريكية نشبت مواجهات عنيفة بمدينة بالتيمور، التابعة لولاية ميريلاند الأمريكية، بين شرطة مكافحة الشغب وعدد من المتظاهرين أصحاب البشرة السوداء، عقب تشييع جثمان الشاب الأسود فريدي جراي، 25 عامًا، الذى توفي بعد أن اعتقلته الشرطة وعذبته أثناء التحقيق معه. وتعد هذه المواجهات واحدة من سلسلة من الاحتجاجات شهدتها أمريكا خلال الشهور الأخيرة نظرًا لاستخدام القوة المفرطة من قبل الشرطة ضد مواطنين أمريكيين من أصول أفريقية. تصعيد حدة التظاهرات والمطالبة بالمساواة بين البيض والسود في أمريكا دفعت حاكم ولاية ميريلاند لإعلان حالة الطوارئ في بالتيمور ونشر الحرس الوطني لمعالجة العنف الذي تفجر في المدينة. واتخذ حاكم الولاية قرارًا بإيقاف 6 ضباط شرطة متورطين في قضية وفاة الشاب الأسود جراى. ولجأت الشرطة، لإجراء تحقيق شامل حول الحادث وتعهدت بالكشف عن جميع المعلومات أمام سكان المدينة. ووجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كلمة للشعب الأمريكي، تعهد فيها بتقديم كافة المساعدات اللازمة لمجابهة أعمال الشغب التي اندلعت. وأطلعت وزيرة العدل، أوباما، على تطورات العنف، وأكدت بأن وزارتها مستعدة لتقديم أي مساعدة. وتواصلت الأجهزة المحلية مع أولياء أمور الشباب والأطفال من المتظاهرين للسيطرة عليهم ومنعهم من أعمال العنف التى ينفذونها. العنصرية متغلغلة داخل أمريكا يمثل الأمريكيون من أصل أفريقي 13.6% من نسبة سكان أمريكا، ويمثل السود 40% من السجناء، وبلغت نسبة السود المحكوم عليهم بالإعدام 34%. وبلغت نسبة حالات التفتيش للأفرو أمريكيين 92 %، ووصلت نسبة الاعتقالات في أوساط سائقي السيارات إلى 93% على الرغم من أن الشرطة أكدت بأن 34% من عدد المخالفات ارتكبها مواطنون أصحاب بشرة بيضاء، مقابل 22% فقط ارتكبها السود. ما سبق يوضح مدى وحجم التجاوز الأمني مع الأفارقة فى أغلب الولايات. ويبلغ معدل البطالة بين الأفروأمريكيين، ضعف ما هو عليه بالنسبة للبيض، أما متوسط الدخل الأمريكي هو 51 ألف دولار، وللعائلة السوداء 33 ألف دولار. ويسجل السود، أعلى معدلات الوفاة بسبب النوبات القلبية والسكتة الدماغية والسرطان، وانخفاض متوسط عمر الفرد بينهم عن الشخص الطبيعي، نتيجة لاستمرارهم بالعيش في الأحياء الفقيرة دون القدرة على الاقتراض أو تكوين ثروة تعزز من بقائهم بالمجتمع أو على الأقل تحميهم. التفرقة مستمرة رغم وجود رئيس أسود قامت أمريكا منذ تأسيسها باقتراف جرائم ضد الإنسانية حتى وقتنا هذا، وبالرغم من انتخاب رئيس أمريكي أسود بعد قرن من إلغاء العبودية لكن الأزمة موجودة منذ بدأ الأوروبيون في نقل الأفارقة إلى عالم جديد لتبدأ حروب "الأبيض والأسود"، حتى تأتي حقبة ساوت بينهم فيها القوانين التي أنهت التفرقة بين العنصرين، الأمر الذي أفرز في نهايته رئيسًا أسود للبيت الأبيض، لكن الشعب لم يتصالح مع ماضيه العنصري بعد، ومازالت أمريكا تعتبر السود بشرًا أقل فى المكان والمكانة. التجاوزات المبالغ فيها من قبل البيض للسود داخل المجتمع الأمريكي دفعت المفكر السياسي نعوم تشومسكي للقول "لقد باتت العنصرية جزءًا لا يتجزأ من حياة المؤسسات الأمريكية.. عنصرية تتجذر بشكل أعمق بفعل الجهل المتعمد بالحقائق المزعجة".