التعريف المعاصر لكلمة «ثورة» هو تغيير النظام لتحقيق نظام سياسى نزيه وشفاف وعادل، إذن السؤال: ميدان التحرير كان فيه إيه؟ ثورة ولا حاجة تانية؟! الإجابة، أولا، صرّح الدكتور جلال السعيد، محافظ القاهرة، لبرنامج «القاهرة 360»، بأن العاصمة تنتج 40% من حجم القمامة التى تُنتج على مستوى الجمهورية، ورغم ذلك فهى أنظف محافظات مصر! هل من الممكن أن تعرّف لنا مفهوم النظافة يا دكتور؟ فعلا، المحافظ بعد أن وافق على تشييد «خازوق» وسط ميدان التحرير، لا نستبعد عنه مثل هذه التصريحات! ثانيا: قال المهندس رزق على، رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام بالقاهرة لبرنامج «الحياة اليوم»، إنه يسير فى الشوارع منذ توليه مهمة الهيئة، ونادرا ما يرى راكبا واقفا داخل الأوتوبيس! عن أى دولة تتكلم يا باشمهندس؟ ثالثا: وزير التربية والتعليم يتحدَّث عن الانضباط داخل المدارس واحترام المدرس، وينجح فعلا فى عمل لائحة ضد التحرش فى المدارس، بينما الصحف تتكلَّم عن ضبط ناظرة ومدرِّس ابتدائى بمدرسة خاصة بالتجمع الخامس، بعد أن عاقبا تلاميذ بالوقوف تحت أشعة الشمس فى حرارة تزيد على 30 درجة! أما فى الإسكندرية فكشفت طالبة ثانوى لبرنامج «هنا العاصمة» عن قيام أحد المدرسين باستدراج طالبات داخل شقته! على الهامش، المنصب السابق لوزير التربية والتعليم هو رئيس هيئة محو الأمية، وطبعا بعد أن وصلت نسبة الأمية إلى 45% تمت مكافأته وتعيينه وزيرا للتربية والتعليم! لسنا بصدد اصطياد أخطاء من أجل السخرية و«التقطيع»، لكن هذه التصريحات المستفزة لها دلالة واضحة بعد أن تقررت كثيرا! بعد ثورتين، وما زال المسؤولون لا يحترمون الشعب بل ويسخرون منه «يتعاملون معنا على أساس أننا قطيع من البُله والعميان»! باختصار، النظام لم يتغيَّر، كل ما تغيَّر مجرد أسماء وأوجه! المصيبة أن ما يحدث مؤخرا يدل أيضا على عدم رغبة الحكومة فى تطبيق فكرة الثورة! المفروض أن من مكتسبات الثورتين شىء يسمى «الشفافية»! السلطة التنفيذية والحكومة يجب أن تعلَّما الشعب أسس ووسائل اختيار المسؤولين قبل تولى مناصب مهمة، (طبعا محافظ القاهرة ورئيس هيئة النقل العام ووزير التربية والتعليم من الوظائف المهمة فى الدولة)، لا نريد أن نشخصن المقال فى مسؤولين بعينهم، لأن الخطأ الأكبر يقع على مَن اختاروهم وولّوهم! بما أن مِن شيم الرجال الاعتراف بالخطأ، وأن العناد والتكبر من الغباء والجهل، أودّ أن أعتذر للفلول بسبب إيمانى وحماسى لفكر الثورة! كان عندى حاجة كده اسمها «أمل»! أمل فى أن نكون من الدول المحترمة من خلال احترام شعبها وإشراكه حقيقة فى الحكم وفى اتخاذ القرار! هل من الممكن أن تعمل الحكومة بعض الاستفتاءات واستبيانات عن المسؤول قبل وبعد تسلم مسؤوليته «ولا هى محبة»؟ هل يوجد عيب فى معرفة الأهداف المطلوب تحقيقها من كل مسؤول يوم توليه مسؤوليته «ولا الحاجات دى حرام»؟ هل من الصعب على رئيس الحكومة والمسؤولين أن يشرحوا لنا معايير اختيار المسؤولين «ولا هى كوسة»؟! كان عندى أمل، بس خلاص عقلت! ميدان التحرير لم يكن فيه ثورة، كان فيه «فيل وبزلومة كمان»، قبل أن يشيَّد فيه «الخازوق»!