انطلقت العديد من الحركات والجماعات الدعوية لممارسة العمل السياسي، بعد ثورة 25 يناير، أبرزها جماعة الإخوان المسلمين التي استطاعت أن تحصل على أكثر من 50% من مقاعد البرلمان في أول انتخابات بعد الثورة، بجانب حزب النور السلفي الذي استطاع أن يحصد 22% من مقاعد البرلمان. وكانت نسبة حزب النور تمثل في ذلك الوقت، قدرة التيارات السلفية على ممارسة اللعبة السياسية بإحترافية وبرجماتية شديدة، في المقابل كانت التيارات الصوفية ظاهرة في المشهد السياسي من خلال التصريحات الصحفية، وأسسوا العديد من الأحزاب السياسة، التي باءت محاولاتهم بالفشل خلال الانتخابات البرلمانية ذاتها، ومع التضخيم من قبل قادة تلك التيارات في أعداد الصوفيين في مصر، بات وضعهم السياسي أشبه إلى المعدوم. الصعود السياسي للتيارات السلفية كان الصعود السياسي اللافت للتيارات السلفية في مصر خلال الجولة الاولى من الانتخابات البرلمانية الماضية، محل تساؤلات حول الخريطة الفكرية للتيارات السلفية، وأسباب صعودها المفاجئ، بعد ثورة 25 يناير. وبدأت المشاركة السياسية الفعلية للتيار السلفي، عقب الثورة، بحشد الشارع المصري للتصويت ب"نعم" على التعديلات الدستورية الأخيرة، حيث دخلت التيارات السلفية في سباق محموم ضد القوى السياسية الأخرى الموجودة في البلاد، والتي ترغب فى التصويت ب"لا". عوامل النجاح "الملوثة" أصبحت ظاهرة تشكيل الأحزاب هى العامل المشترك بين العديد من التيارات السلفية بغض النظر عن رأى قيادات تلك التيارات في السابق بحرمانية العمل السياسي. وأصبحت الدعوة السلفية "مظلة" تضم تحتها العديد من الجماعات لسلفية المنهج، مثل أنصار السنة المحمدية، والدعوة السلفية في الاسكندرية، والجمعية الشرعية، والجماعة الإسلامية، بجانب السلفية التقليدية، التي قررت عدم خوض التجربة السياسية لكنها ستظل داعمة للتيارات السلفية للمشاركة في الحياة السياسية. واستغل السلفيون، سقوط نظام مبارك، وسارعوا بإنشاء الأحزاب السياسية ساعدهم في ذلك الغياب الفعلي للقوى السياسية الليبرالية والقومية واليسارية، مما جعل التيار الديني هو القوى السياسية الأكبر في البلاد. وساهم التنظيم الجيد للتيارات السلفية، ووجود كوادر شبابية، بجانب القدرة المالية الضخمة، وحشد الشارع، في نجاح التيار السلفي في ممارسة العملية السياسية والانتخابية. واستخدمت التيارات السلفية، رجال الدعوة، والمساجد، في الدعاية الانتخابية، لحث الناخبين للتصويت لصالح التيار السلفي، بجانب استغلال العمل الاجتماعي والخدمي بشتى الطرق لاستغلال احتياجات البسطاء، وإقناعهم بالتصويت لصالح التيار السلفي. لماذا فشل الصوفيون في عالم السياسة؟ لم يكن المشهد السياسي بعد ثورة 25 يناير، يحتمل التحركات الفردية والاعتماد على كيانات تسعى لإظهار "بطولة فردية"، وذلك كان الخطأ الأكبر التي وقعت فيه "الحركات الصوفية"، وبدا من المشهد أن تحول الحركات الصوفية إلى عالم السياسية جاء على حساب تواجدهم وسط جموع المواطنين. وفشل الصوفيون، في السياسة، لاعتمادهم على جذب عدد من المثقفين دون الاعتماد الحقيقي على القواعد الشعبية المؤثرة في العملية السياسية والانتخابية. واعتمد الصوفيون، على مخاطبة المواطنين من خلال الوسائل الإلكترونية، دون أي ممارسة فعلية للعملية السياسية، بجانب عدم وجود مطالب سياسية واضحة لدى الصوفيين يستطيعون من خلالها، إشعال روح الحماس داخل أعضاءه، أو جذب فئات من المؤيدين لتلك القضية. ووضع تشابه الأحزاب الصوفية مع العديد من الأحزاب الليبرالية والقومية في الأهداف والرؤى، في أنها لم تُضف أس جديد للواقع السياسي، بجانب قلة الخبرة في العمل الانتخابي، والحشد في الشارع. وضربت الانقسامات الداخلية، الأحزاب الصوفية، التي وصلت إلى مطالبات باختيار مشايخ الطرق الصوفية، بالانتخاب المباشر، بدلًا من التوريث، بالإضافة إلى المطالبة بتغيير قانون تنظيم الصوفية رقم 118 لسنة 1976.