بمجرد رؤيتها قادمة فى موعدنا بالتمام يوم إجازة الحى، جالسة بجوار السائق تتابع تنفيذ المهام العاجلة بجهاز اللا سلكى، عرفت لماذا يحاربونها؟ ولماذا تأخر وصولها إلى منصب رئيس حى؟ وبعد لقاء امتد ساعات، تبدلت صورتها أمامى من مسؤولة تقليدية محجبة ملتزمة، إلى جنرال فى الجيش المصرى العظيم. تتكلم بمعرفة وعزيمة، وبإنسانية.. الحزم وتطبيق القانون هو معركتها، هى ماجدة أحمد عبد الحميد قائد كتيبة سلاح الانضباط فى حى النزهة وقبلها مصر الجديدة.. وقائد الطوارئ لكل حى فى أزمة.. تجاهد ببسالة قائد عسكرى جسور فدائى، اقتحمت عش دبابير المرتشين فى مصر الجديدة ثم النزهة، بلا إمكانيات ولا أسلحة إلا إرادتها، ويقينها بأن الله نصيرها وحارسها.. تجوب تتصيد المخالفات فى بداياتها، وتتأكد من بلاغات المواطنين فى معركة شرسة ضد فساد مزمن لم يواجهه مسؤول قبلها، لأن أغلب المخالفين إما مسنودون وإما أصحاب نفوذ.. منهم رجال شرطة متقاعدون يملكون مقاهى وغرز شيشة وحشيش، ومعارض سيارات تحتل الأرصفة والطريق، والكل يغض البصر مجاملة أو خوفا من بطشهم. أصدقها من إنجازاتها فى الشارع، ومن تليفون الحى الذى ترد عليه وتدون الشكوى بنفسها، وتحلها فعلا!!.. قالت لى إن مسؤولية الحى تشمل المشاتل والشوارع والأرصفة وأمن المواطن وصحته.. وإنها تسلمت رئاسة الحى من نحو عام، وكان نموذجا للفساد الإدارى، فلا ميزانية ولا معدات.. ولا لودر واحد لإزالة المخالفات، ولا كلابش للسيارات، ولا حفار لعمليات التجديد، ولا موظفين لأن كل من يطلع معاش يخلو مكانه، لأن التعيينات ممنوعة بأمر وزارة المالية توفيرا للفلوس! لم تستسلم، استلفت كلابشات من المحافظة ونفذت قرارا جريئا للمحافظ بفرض غرامة ألف جنيه عن كل سيارة معرض تحتل الرصيف، فحصدت 185 ألف جنيه، تنفق منها على أعمال توسيع الشوارع وإزالة المخالفات والتشجير.. وأنها قطعت المرافق فعلا -النور والمياه- عن المحلات المخالفة لإجبارها على توفيق أوضاعها.. وأنها تصادر مضبوطات المخالفين فى مخازن الحى 21 يومًا مع الغرامة للتأديب ومنع التكرار، لكنهم يعودون غالبا بعد دفع الغرامة.. استعادت 181 فدانا كانت مفقودة بالإهمال وبالسرقة وزرعتها رغم انهيار معدات الزراعة والرى المركونة فى المخازن! نجحت فى فتح 25 جراجا كان يستغلها أصحاب العقارات كمخازن تدر أرباحا هائلة، بفرضها غرامة تعادل قيمة إيجار سعة المكان من السيارات.. منحت التراخيص لمحلات وصيدليات بعد أن كان المرتشون فى الحى يمنعونها لاستنزاف أصحابها. سألتها كيف تنفذين قرارات إزالة المبانى المخالفة بنفسك مع مخاطر منعك بالقوة أو الاعتداء عليكِ؟ قالت: أزلت 122 مخالفة بناء فى المهد قبل اكتمالها، وغالبا دون تأمين أو حماية من الشرطة، لأنها مشغولة بمطاردة الإرهاب!!.. وأعتمد على القوة المحدودة لشرطة المرافق التى تتغيب كثيرًا أيضًا! تبادل رئاسة حى مصر الجديدة والنزهة لواءات، وفشلوا بامتياز، لجهلهم بدهاليز ومسالك قانون الفساد.. وواحد فقط استقال هربًا من جحيمه هو اللواء سيد الليثى.. الرشاوى كانت تقدم داخل الحى لموظف اسمه «الحصالة» وهو مسؤول تحديد قيمة رشوة كل ترخيص مخالف أو قانونى، وتوزيع نصيب كل مسؤول من الرشوة! وهذا نداء منى إلى سكان الحى.. اطلبوا الأستاذة ماجدة وبلغوها بمشكلاتكم وأحلامكم، لأن خط تليفون الحى على مكتبها، وبترد بنفسها وبتحقق المستحيل! واظبوا على يوم لقاء الجماهير الأسبوعى فأنتم عيونها، ومرشدوها، انتهزوا فرصة وجودها قبل إبعادها قريبًا، لأن أمثالها لا يتم تجديد مدة خدمتهم، ولا يستعينون بهم مستشارين. تحية لهذه المرأة الفاضلة التى تطابق أحلامها أحلامنا البسيطة، وهى حياة آدمية كريمة ودولة قانون.. سيدتى لقد تشرف الحى برئاستك.. وشهادات التفوق الإدارى على مدار 35 سنة التى تزين مكتبك إنما هى تزين جبين كل مصرية عرفتك.. شكرًا لك.