في قلب واحة سيوة في الصحراء الليبية المصرية تقع مدينة "شالي" القلعة القديمة، والتي تعد من أشهر معالم سيوة التاريخية، ويعود تاريخ هذه المدينة القديمة إلى آلاف السنين قبل الميلاد، حيث تحتوي على معبد آمون الذي أنشأه المصريون القدماء. وتقع مدينة شالي بواحة سيوة الموجودة جنوب غرب مدينة مرسى مطروح على بعد 306 كم، وتعني كلمة "شالي" باللغة السيوية القديمة "المدينة". وقد وصف لنا المقريزي، سيوة كما جاء في خططه: بأنها "بلد صغير يسكنه نحو ستمائة رجل من البربر يعرفون ب"سيوة" ولغتهم تعرف بالسيوية، وتقرب من لغة زناتة، وبها حدائق نخيل وأشجار زيتون وتين وبها نحو عشرين عينًا تسبح بماء عذب ومسافتها من الإسكندرية أحد عشر يومًا ومن مصر أربعة عشر يومًا وهي قرية يصيب أهلها الحمى كثيرًا"، ولكن تضاءل عدد سكان هذه الواحة حتى أصبحوا أربعين رجلًا نتيجة لاعتداءات البدو من البربر والعرب جعلهم يتركون قريتهم المعرضة لخطر الغزو واختاروا موقعًا جديدًا وشيدوا فيه قرية جديدة محصنة فوق الجبل ليكون في ذلك حماية لهم من أعدائهم ويساعدهم علي الإحساس بالأمن والطمأنينة وليس هذا الموقع الجديد الذي اختاروه إلا مدينة سيوة الحالية. وقد شيًد الرجال الأربعون منازلهم على منحدر التل وأحاطوها بسور متين البناء ولم يجعلوا له غير باب واحد مازال قائمًا إلى الآن، باسم "الباب إن شال" بمعني "باب المدينة"، وفي الجهة الشمالية من السور يوجد الجامع القديم، وبعد مرور قرن فتحوا بابًا ثانيًا أطلقوا عليه "الباب أثراب" أي الباب الجديد. وقاموا بعد ذلك بفتح باب ثالث للمدينة من أجل النساء سمي "باب قدوحة"، وبدأوا في بناء منازلهم من "الكرشيف" وهو عبارة عن الطين الذي يؤخذ من الأرض المشبعة بالملح، وإذا جف يصبح كالأسمنت في صلابته، لذلك ارتفعت المباني في شالي إلي سبعة وثمانية طوابق. وظل السيويون في خوف دائم من هجمات البدو إلي أن وصلت جنود والي مصر آنذاك محمد علي، وفتحت سيوة 1820م لذلك سمح لهم ببناء منازل خارج شالي، وفي عام 1926 حدث أن هطلت أمطار غزيرة استمرت ثلاثة أيام متوالية نتج عنها انهيار بعض المنازل وتصدع الباقي، ولهذا لم يجد أصحابها بُدًا من هجرها خوفًا على حياتهم ومنذ هذا الحادث ترك من بقي من سكان شالي منازلهم القديمة وشيدوا منازل جديدة عند سفح الجبل، وبالرغم مما أصبحت عليه شالي الآن، فإن الزائر لها ما زال يستمتع بالنظر إليها لأنها تسيطر علي المنظر العام للمدينة وتفرض شخصيتها علي المكان كله . ونبدأ من المحل القديم "الباب إن شال" الذي يؤدي إلى دهليز ضيق به مقعد مُشيّد من الطين، كان يجلس عليه حارس البوابة وعلى مقربة منه موقد كانت تشتعل فيه النار ليلًا ونهارًا ثم نجد شارعًا ضيقًا خلف البوابة مازال باقيًا حتى الآن كما هو. وإذا ما تقدمنا مسافة بسيطة نرى أن المكان يتسع تدريجيًا ثم نجد بقايا المصاطب التي كان يجلس عليها أهالي المدينة وعلى مقربة من هذه المصاطب يوجد المسجد العتيق وهو أقدم مسجد حاليًا بواحة سيوة، ومن المرجح أنه أنشئ مع إنشاء المدينة. وهو يتكون من مساحة مقسمة إلي ثلاث بلاطات موازية لجدار القبلة ومقسمة بواسطة ست دعامات ضخمة برميلية الشكل حاملة لسقف المسجد، وهو مغطى ببراطيم خشبية من جذوع النخيل، والمسجد له بابان أحدهما في الجهة الغربية، والآخر بالجهة الشرقية. وقد أضيفت مساحة للمسجد من الخارج لها باب يفتح على الجهة الشرقية بجوار الباب الآخر، على يمين هذه المساحة المضافة يوجد السلم الصاعد للمئذنة، وهي مئذنة ضخمة كبيرة متشابهة مع مآذن المساجد في المغرب والأندلس، طراز الصوامع، حيث تتميز بأنها مكعبة القاعدة وتتصاعد على هيئة مربعة تضيق كلما ارتفعنا لأعلى. أما جدار القبلة التي يوجد بها المنبر والمحراب، والمنبر عبارة عن ثلاث درجات من الحجر الجيري، أما المحراب فعبارة عن منحنى نصف دائري بسيط خالٍ من الزخارف والكتابات، ويوجد بكل جدار نافذتان صغيرتان للإضاءة والتهوية، وفي الجهة الشمالية الشرقية للمسجد توجد غرفتان واسعتان كل واحدة منهما مخصصة لأحد فريقي السكان المتنافسين أحدهما للشرقيين والأخري للغربيين، نظرًا لوجود خلافات ومنازعات بين الطرفين لذلك تم تقسيم المدينة وإقامة سور فاصل بينهما. أما الجزء الغربي من المدينة فيوجد به مسجد تطندي ويطلق عليه أيضا مسجد الشيخة "حسنية" نسبه إلى منشئته، وما زال المسجد يحتفظ بأهم عناصره المعمارية ماعدا دورة المياه فقد تم تحديثها، ويشبه تخطيطه المسجد العتيق، ولا تزال منازل الغربيين محتفظة بحالتها الجيدة وتتكون من طابق سفلي عبارة عن عدة حوانيت "محلات" تقسمها عدة دعامات استخدمت كمخازن لتخزين الغلال والبضائع، وخارج ذلك يوجد السلم الذي يصعد للدور العلوي المخصص للسكن ويتكون من غرفتين أو أكثر. ويختلف شكل منازل الشرقيين بالمدينة عن الغربيين,، حيث تتكون منازل الشرقيين من طابقين تزيد إلى عدة طوابق حسب عدد الأفراد يصل في بعض الأحيان إلى ثمانية طوابق وهذا أعطى للمدينة جمالًا فريدًا، أما النوع الثاني وهو منازل شالي الغربية فلا تزال بحالة جيدة نظرًا لأنها مأهولة بالسكان وتحتفظ بطابعها القديم. ومن أهم العناصر المتبقية بالمدينة أيضًا، المسجد العتيق، ويعتبر أقدم مسجد بسيوة وأنشئ مع المدينة، وهو مستطيل الشكل مقسم إلى ثلاث بلاطات موازية لجدار القبلة وله بابان شرقي وغربي وبجدار القبلة يوجد المنبر والمحراب، وبه مئذنة ضخمة كبيرة متشابهة مع مآذن المساجد في المغرب والأندلس ذات طراز الصوامع، حيث تتميز بأنها مكعبة القاعدة وتتصاعد على هيئة مربع يضيق كلما ارتفعنا إلى أعلى وتقع المئذنة بالزاوية الشمالية الشرقية للمسجد، كما يوجد كذلك مسجد آخر يطلق عليه اسم مسجد "تطندي شالي" الغربيين.