كتب: أحمد المحرق - تصوير: مها البديني استيقظ من نومه مرتديا ملابسه البيضاء النظيفة، وتطيب استعدادا لتأدية صلاة الجمعة، رفع المؤذن الآذان، لبس ممدوح حذاءه الجديد وتوجه إلى المسجد، وخلع نعليه ووضعهما على رف خشبي في مدخل المسجد المجاور لمنزله، وبعدما انتهت الصلاة ذهب ليبحث عن حذائه فلم يجده، كاد أن يسقط الرف الخشبي من كثرة البحث عنه وكأنه يبحث عن إبرة فى كوم قش.. بعد دقائق من البحث أدرك أنها سرقت وأرتدى "شبشب بلاستيك" كان موجودا في دورة مياه المسجد. المشهد ليس جديدا وتكرر ربما آلاف المرات معنا بشكل شخصي، أو مع الأصدقاء و الجيران، ما دعا بعض العمال في المساجد لتخصيص أنفسهم لحراسة الأحذية مقابل "هبات" من المصلين. عم صبرى، عامل النظافة بجامع السادات بمنطقة حلوان يقول: "كل يوم بنشوف العجب، والحرامي بينقى أغلى جزمة ويسرقها، والمواطن الغلبان بيروح حافي أو بنديله شبشب حمام يروح بيه". ويتابع عم صبرى: "بسبب المشاكل التي أصبحنا نواجهها من تكرار السرقات علقنا يافطة على باب المسجد تقول إن المسجد غير مسؤول عن فقدان أي متعلقات شخصية". وأفاد بأن أغلب من يتعرضون للسرقات موظفين وعابري الطريق وغرباء عن المنطقة، وأن اللص يبيع الأحذية المسروقة في "حارة الجزامين" بمنطقة حلوان. بعد إجراء مقابلات مع عمال بالمساجد في منطقة حلوان، أجمعوا على أن الأحذية المسروقة تصب في "سوق الحرامية" أو حارة الجزامين، فتوجهنا إلى هناك.. في حارة جانبية متفرعة من شارع منصور بحلوان، تجد عشرات العمال الذين يحترفون بيع وإصلاح الأحذية، معظمهم يضع أمامه صندوق خشبي صغير به عدة عبوات ذات ألوان مختلفة ماسكا فى يده حذاء مستعمل، وفي اليد الأخرى فرشاة ورنيش أحذية، خلفهم دكاكين صغيرة، جميعهم يحترف بيع الأحذية المستعملة المخصصة للرجال فقط، ما أثار حفيظتنا، ولماذا يتم بيع الأحذية الرجالي فقط؟ عن مصدر شراء الأحذية المستعملة، قال مايكل، وهو عامل يملك محلا صغيرا لعرض بضاعته، إن هناك عشرات الأشخاص يأتون يوميا بعدد كبير من الأحذية المستعملة، ويقولون إنهم اشتروها عن طريق تجارتهم في الروبابكيا، ولكننا نعلم أنها مسروقة من أمام المساجد ونحن نبيعها بسعر يبدأ من 10 جنيهات فقط. أنطنيوس، أحد البائعين بالحارة، قال إن هناك عددا من أصحاب الأحذية المسروقة يأتون إلى هنا للبحث عنها، وعندما يجدونها يشترونها مجددا، مؤكدا أن البائعين أنفسهم لا يسرقون الأحذية. ويضيف: "أغلب لصوص الأحذية أطفال شوارع أو صبية يتعاطون البرشام والمخدرات". أما عم سمير، بائع بالمنطقة، فيقول: "أنا هنا بقالي 30 سنة بشتغل في الجزم المستعملة والزبون اللي بيخش السوق زبون فقير يبحث عن أي حذاء بأرخص سعر، ونحن نوفر له أحدث الأحذية بأرخص الأسعار". لا يقتصر بيع الأحذية المسروقة على سوق حلوان فقط، وإنما تنتشر بشكل كبير في سوق الجمعة، بمنطقة السيدة عائشة، وسوق الثلاثاء بمنطقة المنيب، وأغلبها أحذية من الطراز الحديث باهظة الثمن، لا يعرف قيمتها سوى صاحب الذوق الرفيع فقط.