نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية حوارا مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، أجراه "بريت ستيفنز"، والذي كان أبرز ما يميزه الصورة التعبيرية المرسومة للرئيس المصري على صدر الحوار، والتي أظهرته وهو مرتدي سترة مدنية وخلفه علم مصر على شكل خريطة القطر المصري. وتحدث الرئيس المصري في حواره عما وصفه بالتعبيرات المغلوطة حول العلاقات فيما بين أمريكا ومصر، والتي قدم خلالها إجابات قاطعة في هذا الشأن. ولكن أبرز ما ميز الحوار حول ما قاله عن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حينما قال إن "أكبر خطأ ارتكبه طوال تاريخه، هو مكوثه في السلطة لفترة طويلة". وتابع قائلا "أنا بالنسبة لي ليس لدي أي نية لأن أصبح رئيسا لمدى الحياة، ولكن أكرر أخطاء حسني مبارك في هذا الشأن". التدين والتطرف وقالت المجلة الأمريكية في المقال إن الرئيس المصري علم العالم أجمع الفرق بين التدين والتطرف، مشيرة إلى أن الرئيس المعزول محمد مرسي عينه وزيرا للدفاع؛ ظنا منه أنه طالما "مسلما تقيا لوجود زبيبة الصلاة على جبينه، فبالتالي هو مناصر للإسلام السياسي، ولكنه لقنه درسا كبيرا في الفرق ما بين التدين والتطرف". وأجاب السيسي عن سؤال إذا ما كان الإخوان المسلمين يعتبروا من المسلمين الطالحين، فقال: "الأزمة في الأيدولوجية والأفكار ليس في الإسلام". وأضاف بقوله "الدين الإسلامي الحقيقي يمنح الحرية المطلقة للشعب كله في أن يعتقد أو لا يعتقد، الإسلام لا يُملى أبدًا على قتل الآخرين، لأنهم لا يؤمنون به، ولا يمنح المسلمين حق إملاء معتقداتهم للعالم كله، ولا يقول الإسلام إن المسلمين فقط سيذهبون إلى الجنة والآخرين إلى الجحيم". واستمر بقوله "لسنا آلهة على الأرض، ولكننا ليس لدينا الحق في التصرف باسم الله، الدين الإسلامي يمنح الحرية المطلقة الحقيقية للشعب له بأن يؤمن أو لا يؤمن به، ولا تمنح أبدا رخصا بالقتل، وعلينا ألا نعتقد أبدا المسلمين وحدهم هم من سيذهبون الجنة وأن الآخرين سيذهبون إلى الجحيم". أمريكا أما عن علاقات أمريكا بمصر فقال السيسي إنه لا توجد أي نية للقاهرة لتغيير سياساتها تجاه أمريكا على الرغم من تعميق العلاقات الواضح مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتسليح الجيش المصري وإنشاء محطة طاقة نووية في مصر. وقال السيسي: "دولة بقوة مصر؛ لن تكون أبدا مؤذية ولن نكن الطرف المعادي لأمريكا، فالدولة والسلطات في مصر لا تتصرف أبدا بحماقة، فقد كنت أطالب الرئيس أوباما بالإفراج عن طائرتي إف-16 احتجزتهما أمريكا بعد الإطاحة بمرسي ولم تمنحها لنا حتى الآن، ولم يجب طلبي حتى الآن". وأشار إلى أنه "لا يمكن التقليل من قيمة العلاقات مع أمريكا ونحصرها بالتسليح فقط، نحن حريصون على أن تكن العلاقة استراتيجية إلى أبعد حد، وحتى لو أدارت أمريكا ظهرها لنا فنحن لن ندير لها ظهرنا". ولكن السيسي عقب قائلا "أمريكا لديها القوة، وينبغي أن تأتي تلك القوة مع المسؤولية، وأن تكون ملازمة لها، وأن تلتزم أمريكا بمسؤوليتها تجاه العالم، وليس من المعقول ألا تلتزم الولاياتالمتحدة بمسؤولياتها تجاه الشرق الأوسط". الاقتصاد المصري وتحدث السيسي عن الاقتصاد المصري قائلا إن الدين الداخلي تضاعف بصورة كبيرة خلال السنوات الأربع الماضية، ووصل إلى 300 مليار دولار، مشير إلى أن البلاد بحاجة ماسة إلى إحياء الاقتصاد فيها من جديد. وتابع قائلا "لا نمتلك ترف الخلاف والصراع؛ لذا ينبغي أن نعالج كل تلك الأزمات بسرعة وحزم، فالبلاد تحتاج حاليا أن تستعيد الأمن والنظام حتى تحافظ على وجودها، ولو تمكنا من الحصول على الدعم الدولي المناسب الذي ينقذ اقتصادنا فليتظاهر الناس في الشوارع ليلا ونهارا، لكن ذلك ليس الحل". وتحدثت "وول ستريت جورنال" عن فلسفة السيسي الاقتصادية قائلة إنها تقوم على التحرك بصورة سريعة من أجل تشجيع الاستثمار؛ من أجل تأمين احتياجات 90 مليون شخص، مشيرة إلى أن هذا جهد ضخم يتخطى قدرات رجل واحد. وقالت الصحيفة إن السيسي يعتبر أن مهمته الرئيسية هي إنقاذ مصر من عثراتها الاقتصادية. رسالة لليبراليين وجه السيسي في حواره رسالة إلى من وصفهم ب"الليبراليين" قائلا: "كلي حماس حقيقة أن ألبي توقعاتكم، وأنا مدرك تضرر سمعة مصر بسبب قضية صحفيي الجزيرة، ولكن رغم تلك القضية هناك المئات من الصحفيين الأجانب يعملون في مصر بكل حرية". واستمر بقوله "نحن متمسكون بالقيم الأمريكية الأصيلة مثل الديمقراطية والحرية، ولكنها تحتاج لمناخ معين كي يتم رعايتها بالصورة السليمة، ولو تمكنا من تحقيق الرخاء اللازم يمكننا الحفاء على هذه القيم؛ لتكن واقعا حقيقيا ليست مجرد كلمات". قوة عربية وقال السيسي "العالم العربي بحاجة ماسة إلى قوة عربية مشتركة، ومصر لن تشارك في القتال ضد داعش في العراق؛ لأننا نعتقد أنها مهمة العراقوالولاياتالمتحدة". واستمر بقوله "لكننا أيضا بحاجة لتلك القوة أن تحافظ على استقرار العالم العربي، ولا ينبغي أن يكون هناك أي ترتيبات خاصة بها على حساب أمن الخليج، فأمن الخليج من أمن مصر وتلك الحقيقة التي لا مفر منها". التدخل الغربي عارض السيسي في حواره ما وصفه ب"التدخل العسكري الغربي في بعض دول المنطقة، وقال إن أبرز مثال تدخل الناتو (حلف شمال الأطلسي) في ليبيا، وحظر الأممالمتحدة توريد الأسلحة للحكومة الليبية المعترف بها دوليا ما يؤثر على حربها ضد الميليشيات المتطرفة التي تتلقى الأسلحة والذخيرة من دول وقوى خارجية.