أزمة حقيقية يعيشها الصيادون والعاملون، في صناعة المراكب بالإسكندرية، إذ يعاني أغلبهم من ارتفاع أسعار خامات الصناعة، وقلة الأيادي الماهرة، وارتفاع الضرائب، والإيجارات، إلى جانب انخفاض حركة بيع الأسماك، كما أن حالة الصيادين المادية السيئة، جعلت الأغلبية منهم لا يقدمون على شراء مراكب جديدة، مُفضلين إجراء صيانة لمراكبهم المتهالكة. في منطقة الأنفوشي، حيث يوجد أكبر تجمع لورش صانعي المراكب بالمدينة، اشتكى العاملون من الإهمال الواقع عليهم، مؤكدين أن أحدًا لا يستمع إلى شكواهم، كما أنهم بلا نقابة تحميهم، التقت "التحرير"بعضهم لرصد معاناتهم. "مبقتش جايبة همها" يحكي حسنين محمد عليوة "80 عام": "توارثت صناعة المراكب أباً عن جد، كانت هى مورد العائلة الوحيد، ومصدر رزقنا، حيث كان الصياد يعتمد اعتماداً كلياً على قوارب الصيد"، ويتابع الرجل الذي شاخ خلال عمله بالمهنة: "كان الصيادون يأتون إلينا بتحويشة العمر، من أجل صناعة مركب جديد، ليتسلمها الواحد منهم، في سعادة بالغة، وكأنه قد امتلك البحر"، مستطرداً "الآن كل شيء تغير، فالحالة المادية للصيادين لا تجعلهم قادرين على شراء المراكب الجديدة، وأصبحوا يفضلون إجراء صيانة للمراكب القديمة، وبات أصحاب المهنة في حالة صعبة، كما أن عدداً من العمال المهرة تركوا المهنة"، مضيفاً "المهنة مبقتش جايبة همها، دا حتى مبقيناش نلاقي قوت يومنا". نوع من التجارة يقول خليل ثابت محمد "50 سنة"، إن مهنة الصيد أصبحت عبارة عن امتلاك رخصة فقط، "الآن أشتري المركب ولو كانت قديمة جداً ومتهالكة، حتى أحصل على الرخصة فقط، ثم أعيد بيعها كنوع من التجارة". أزمة وليست مهنة عامل بصناعة المراكب يدعى "رمضان درويش"، يشتكي من تجاهل الدولة للصيد والصيادين، قائلاً "الدولة أصبحت لا تهتم إلا بصناعة السفن الكبرى، ما جعلنا نعاني من قلة الموارد"، ويتذكر العامل، سنوات الرخاء بالمحافظة الساحلية "الإسكندرية كانت مشهورة بصناعة المراكب، و لكن أصبحت المعاناة تزداد يوماً بعد الآخر، دون تدخل محافظ المدينة، فأصبح دورنا مثل دور البمبوطى، الذى يقف ليشاهد السائحين تمر بجواره، دون ان تشترى منه، فأصبحت صناعة المراكب أزمة، وليست مهنة".