سيجارة من سيجارة وكُباية شاى متبوعة بفنجان قهوة، ولحظات سرحان تعقبها إنتفاضة تركيز، فابتسامة حزينة ونظرة إلى الشاشة أمامى والكلمة تتصدرها "الأمل". وتتواثب عفاريت الأفكار صاخبة فى غابات الدماغ فوق أشجار الذكريات، ثومة بتقول.. "الأمل لولاه عليا كنت فى حبك ضحية"، دى سكة الأمل فى الحب والعلاقات. لأ مش دى. وتبقى الحياة مابقى الأمل واليأس خيانة، يعنى عيش حياتك بالأمل وبلاش تيأس من رحمة الله وطالما عايشين يبقى لازم يكون رجاءنا فى الحياة وأملنا فى إنصلاح الحال فى البلد موجود؟! ولا دى برضه، لأنه فيما يتعلق بالسياسة مافيش أمل، ومافيش جديد والكلام بقى مكرر بشكل يثير الحساسية ويسبب وجع السنان من كتر ما بتجز عليها من فرط زهقك. الأمل نوع فريد من المخدرات يذهب بأوجاعك ويخليك تعيش مع آلامك وماحدش يقدر يحاكمك بتهمة تعاطى الأمل، وبعدين؟ سبحان الله لما تحس وانت عايز تكتب عن الأمل، إن أصلاً مافيش أى أمل إنك تلاقى توجه جديد وتناول مختلف، ولكى تكتمل عناصر سخرية القدر، أكتشف أنى من اللى شاء نصيبهم إنهم يكرروا كلمة "أمل" كذا مرة كل يوم لأن شريكة الحياة إسمها أمل. ومع ذلك مش لاقى ما يمكن أن يقال تجسيداً لمعانى الأمل، وآدى سيجارة ومعاها فنجان قهوة كمان وفى لحظة فارقة من عمر زمن الكتابة دى، ألاقى إبنى أبو 16 سنة واقف فوق دماغى مبحلقاً فى الشاشة ذات الكلمة الوحيدة، إيه يا بابا، ما بتكتبش ليه؟ مش عارف يا إتش أقول إيه عن الأمل؟! رد وهو يخرج من الحجرة ساحباً فى يده الباب: إكتب عن أملنا إننا نشوف الزمالك واخد الدورى وبيكسب الأهلى قبل مانموت! وزى ما تكون كل لمبات العالم نورت فى دماغى فوراً، يا نهار أسود، وهل هناك تجسيد عملى وحى للمعنى الحقيقى لكلمة "أمل" أكثر من إنك تكون زملكاوى بقالك زمن من ساعة ما وعيت ع الدنيا وما شفتش الزمالك بيكسب الأهلى ولا بياخد الدورى (زى هشام إبنى ده كده)، وكمان كل مايقرب شوية تحصل مصيبة والدورى يتلغى أو يتأجل، ومع كل ذلك صابر ومحتسب وبتشجع وبتتحمق وتعيط ولسه محافظ على زملكاويتك، على أساس إن لسه عندك أمل تشوف لحظات الإنتصار والفوز دى وتعيش فرحتها وتفتخر بفرقتك وتغيظ أقرانك، بالذمة فيه تجسيد للإيمان بالأمل أكتر من الحالة دى واللى زيها؟ لا أعتقد. ورجعت بالكرسى للخلف فيما يدى تحت رأسى لتمنعها من السقوط فى بئر السطحية ولئلا تندلق منها الأفكار، طب والأجيال الباقية اللى كُتب عليها أن تكون من مناصرى الزمالك. إيه ظروفها؟ إحنا ممكن نكون شفنا أربع خمس مرات فوز بالدورى من الحداشر مرة بتوعنا، وبرضه شفنا بطولات أفريقية وأفروأسيوية وكئوس مصر، يعنى ممكن يكون عندنا بعض الإتزان الإنفعالى والرضا النفسى فى الجزئية دى قدام أصحابنا ونفضل نقاوح ونرد ونزعق وممكن نشتم كمان، حتى يتطرق الكلام للمقارنة بين بطولات كل نادى وكم ألقابه وكئوسه، هنا تلقائياً نرفع راية سنظل أوفياء ويبقى الأمل مابقيت الحياة، ولابد عن يوم معلوم تترد فيه المظالم، أبيض على كل مظلوم واسود على كل ظالم.