بدأت الحكومة اليونانية، السبت، دراسة قائمة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية المتفق عليها مع الاتحاد النقدي الأوروبي والمقرر تقديمها للجهات المقرضة، الاثنين المقبل. والجدير بالذكر أن تلك الإصلاحات لا بدّ أن تحوز رضا باقي دول منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي حتى يُتخذ القرار بشأن أهلية اليونان لتمديد خطة الإنقاذ المالي لأربعة أشهر مقبلة. وكان قرار التمديد المشروط قد اتخذ أمس الجمعة عقب اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو. ويعتبر الاتفاق الجديد تراجعًا ملحوظًا عن موقف رئيس الوزراء اليوناني أليكسس تسيبراس، الذي وصل إلى السلطة في يناير الماضي، متعهدا بوقف العمل بسياسات التقشف. قال وزير المالية الألماني، وولفغانغ شويبله، وهو من أشد المعارضين لفكرة إعفاء اليونان من الديون، إن الحكومة اليونانية التي يقودها الاشتراكيون سوف تشهد أوقاتا عصيبة" أثناء تعليقه على الاتفاق أمام المصوتين من دول الاتحاد الأوروبي والجهات المقرضة. في المقابل، قال المتحدث باسم الحكومة اليونانية غابرييل سيكلاريديس، السبت، إن "المحادثات حققت مكاسب هامة لشعب اليونان." من جانبه، وصف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الاتفاق بأنه "تسوية جيدة لكل من اليونان ومقرضيها." يقول روبرت بيستون، المحرر الاقتصادي لدى بي بي سي، إن "اليونان وألمانيا تراجعتا عن حافة الهاوية، على الأقل لا زالت اليونان عضوا في الاتحاد الأوروبي." وأضاف أنه رغم ذلك، ستشهد الأشهر القليلة المقبلة مفاوضات حافلة بالقضايا الخلافية قبل أن يتضح ما إذا كانت تلك الدولة التي مٌني اقتصادها بالركود سوف تتمكن من استعادة الاستقرار الاقتصادي." وأكد بيستون ان ما توصل إليه الجانبان يوم الجمعة يضمن عدم تجدد الأزمة مرة أخرى ويعمل على تراجع مخاوف الخروج الكبير لليونان من الاتحاد النقدي الأوروبي. وبحلول الاثنين المقبل، يتوجب على الحكومة التي يقودها حزب سيريزا أن تقدم قائمة أولية بالإصلاحات الاقتصادية المقترحة التي من المقرر أن تشكل أساسا للمفاوضات التي تمتد على مدار فترة التمديد في نهاية إبريل/ نيسان المقبل من أجل التوصل إلى تسوية مالية للبلاد. أكد وزير المالية الألماني شويبله يوم الجمعة أن اليونان لن تحصل على أية دفعات مالية قبل تنفيذ الشروط التي ينص عليها الاتفاق الحالي. في المقابل، قال وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكس: "سأعمل ليل نهار حتى يوم الاثنين المقبل من أجل الانتهاء من قائمة الإصلاحات المقترحة"، واعترف أنه حال رفض القائمة، فسوف يكون الاتفاق كأن لم يكن. وكان فاروفاكس قد أوضح في وقت سابق أن حكومته كانت رافضة لخفض معاشات التقاعد ورفع ضريبة القيمة المضافة. وأكد أنه هناك ضرورة لا فكاك منها للموافقة على الإصلاحات المقترحة من قبل الجهات المقرضة حتى يُقبل تمديد العمل ببرنامج الإنقاذ المالي مع اليونان. وحذرت صحيفة كاثيميريني اليونانية ليبرالية التوجه، السبت، من أن الشروط، التي وُضعت من أجل التمديد في اجتماع بروكسل، قاسية في حين وصفت صحيفة ديميتريس كوستسومباس اشتراكية الميل ما توصل إليه الطرفان في اجتماع الأمس ب "التسويات". واتهم حزب جريك كوميونست الائتلاف الحكومي، بقيادة حزب سيريزا، بتعمد تمديد خطة الإنقاذ دون تغيير شروط الإقراض. قال أحد القياديين بالحزب إنه "في نهاية الأمر سوف يوقع الشعب الاتفاق كما حدث مع الحكومة السابقة." ضغوط شديدة ويشكل ذلك التعليق على الموقف الحالي عبئا إضافيا على الحكومة اليونانية، إذ أن توقيع اتفاق تمديد خطة الإنقاذ المالي بشروطه الحالية يُعد مخالفة لما تعهد به الحزب قبل الوصول إلى السلطة. وفي شوارع أثينا، كانت هناك ردود أفعال متابينة تجاه الاتفاق الذي نال الموافقة المشروطة يوم أمس الجمعة. قال نيكوس، مواطن يوناني، "أعتقد أنه أمر إيجابي، إذ يمكن من خلاله أن يشعر المواطن ببعض الارتياح على الأقل في الوقت الراهن"، وأضاف أنه "علينا أن ننتظر لنرى ما سيحدث في المستقبل." في المقابل، رأى مواطن يوناني آخر يُدعى كوستا أن الاتفاق عبارة عن "استعراضات بهلوانية ثم استعراضات بهلوانية أخرى سوف تُخلد في ذاكرة العالم." وأضاف أن "هناك الكثير من الكذب الذي تردد على مسامعنا من قبل وسنسمعه ثانية في المستقبل. نفس الشيء يتكرر." من جانبه، قال وزير مالية هولندا ورئيس مجموعة وزراء مالية دول منطقة اليورو، جيرون ديسلبلوم، الجمعة الماضية إنها "خطوة هامة نحو عملية إعادة بناء الثقة بين اليونان والجهات المقرضة"، في إشارة إلى الاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي.