كتب : إيهاب التركي وقفت الممثلة الأمريكية السمراء، لافرين كوكس، على السجادة الحمراء فى حفل نقابة الممثلين الأمريكية قبل أسابيع تتحدث بسعادة عن دورها الأهم، شخصية صوفيا فى مسلسل Orange Is the New Black البرتقالى هو الأسود الجديد ، وتتحدث أيضًا عن تصميم فستانها الجديد كعادة نجمات هوليوود، وداخل قاعة الحفل صعدت على المسرح تتلقى جائزة التمثيل مع فريق المسلسل من الفتيات اللائى قمن بدور السجينات فى المسلسل. كوكس جسّدت فى المسلسل دور سجينة كانت رجلًا وتحولت إلى امرأة، لا تبتعد الشخصية التى قدمتها كوكس كثيرًا عن حياتها الحقيقية، لقد كانت قبل سنوات رجلا وتحولت إلى امرأة، وهى أول متحولة تُرشح لجائزة إيمى التليفزيونية فى دورتها الأخيرة، وأول متحولة تظهر على غلاف مجلة تايم قبل شهور، ويبدو أن هوليوود التى ظلت لسنوات منبرا حقوقيا للدفاع عن حقوق المثليين بدأت فتح ملفات قضية جديدة شديدة الحساسية، حيث شهدت الدراما الأمريكية أكثر من عمل يتناول شخصية المتحول جنسيا أو ما يطلق عليه بالإنجليزية Transgender ، هذا الشخص الذى يعيش بهوية جنسية مضطربة، رجل يتحول إلى امرأة أو العكس، يفوز هذا العام مسلسل آخر عن رب أسرة يحاول إخبار عائلته عن تحوله إلى امرأة بجائزة الجولدن جلوب لأفضل مسلسل عن فئة الكوميديا أو الموسيقى، المسلسل هو Transperant شفاف الذى أنتجته شبكة أمازون . حكاية أول رجل تحول إلى امرأة أول فيلم هوليوودى مشهور عن عملية تحول ذكر إلى أنثى يعود إلى عام 1970 وعنوانه The Christine Jorgensen Story قصة كريستين جورجنسن ، وهو مأخوذ عن قصة حقيقية عن رجل دنماركى يدعى جورج، تحول إلى امرأة تدعى كريستين بعد عملية جراحية أجراها عام 1950، كانت دعاية الفيلم على الأفيش تقول حكاية أول رجل تحول إلى امرأة ، وجسد دور الرجل والمرأة فى الفيلم الممثل جون هانسن. تناولت هوليوود بعد هذا الفيلم قضية التحول الجنسى دون تركيز كبير على طبيعته، وإنما كإشارة إليه أو بصورة غير رئيسية، فى فيلم المخرج سيدنى لوميت الشهير Dog Day Afternoon ظهر يوم حار يقوم آل باتشينو بعملية سرقة بنك من أجل دفع مصاريف عملية تحول جنسى لصديقته، فى فيلم المخرج بيدرو المودوفار كانت عملية تحويل ذكر إلى أنثى وسيلة انتقام مركبة ومعقدة قام بها جراح التجميل، أنطونيو بانديراس، للشاب الذى اغتصب ابنته وتسبب فى انتحارها، فى فيلم آخر هو Transamerica تقوم فيليستى هوفمان وهى امرأة على وشك التحول إلى رجل برحلة بصحبة ابنها الشاب الذى عثر عليها بعد سنوات عاش فيها مع والده وفقدت أثره. دراما من الواقع الأمريكى الدراما التليفزيونية كانت أكثر اقتحامًا لهذه القضية الشائكة، مسلسل Transparent شفاف الذى أنتجته شبكة أمازون هذا العام يتناول قصة أسرة تتعرض لاختبار صعب حينما يقرر الأب مورتون فيفرمان، وهو أستاذ جامعى معتزل الإعلان عن هويته التى طالما أخفاها سنوات وهى ميله إلى التحول لامرأة، صعوبة هذا الإعلان تأتى من المفاجأة التى تصدم الجميع، فالأب أستاذ العلوم السياسية منفصل عن زوجته وله أبناء وأحفاد، اختيار المسلسل لعنوان شفاف يحمل معنى مزدوجًا، فمن ناحية الشفافية تشير إلى إقدام الشخصية الرئيسية على التعامل مع قضية هويته الجنسية بشفافية رغم سنه المتقدمة المسلسل يُقدم فى قالب درامى كوميدى، وقد حصل مؤخرًا على جائزتى جولدن جلوب، الأولى كأفضل مسلسل كوميدى، والثانية لبطل المسلسل الممثل جيفرى تايلور. المسلسل مأخوذ عن أحداث حقيقية، الشخصية الرئيسية للأب أخذتها كاتبة ومخرجة المسلسل جيل سولواى عن شخصية والدها الطبيب النفسى الذى أعلن قبل أربع سنوات نيته التحول إلى امرأة. تتشابه أحداث المسلسل أيضًا مع حكاية بروس جينر بطل رياضات القفز وألعاب المضمار الأمريكى الذى فاز للولايات المتحدة بذهبية الأوليمبياد عامين متتاليين 1975 و1976، وتزوج 3 مرات، آخرها ب كريستين هوتون ، وامتدت الزيجة 24 عامًا قبل الانفصال الذى اتضح مؤخرًا أن سببه رغبة بروس التحول إلى امرأة، شغلت القضية الرأى العام الأمريكى، فبروس هو زوج أم الممثلة والموديل الشهيرة كيم كاردشيان ووالد شقيقتيها كيندال وكيلى. فى مسلسل البرتقالى هو الأسود الجديد تجسد الممثلة المتحولة لافرين كوكس شخصية رجل يواجه زوجته وابنه الصغير برغبته فى التحول إلى امرأة، ولاحقًا يدخل السجن بعد قيامه بالسرقة من أجل الإنفاق على الأدوية الضرورية بعد عملية التحول الجراحى، شخصية صوفيا التى قدمتها لافرين تعانى فى السجن مأزق عدم توفر العلاج لها أحيانًا بسبب توفير السجن بعض النفقات، مما يعنى لها احتمال فشل كل ما فعلته، وجسد مشاهد الفلاش باك فى حياة صوفيا حينما كانت رجلًا، شقيق الممثلة لافرين كوكس التوأم. حقيقة الآنسة حنفى والست كوريا فيلم إسماعيل ياسين من إنتاج عام 1954 وربما يكون من أوائل الأفلام فى العالم الذى تناول هذه القضية الشائكة، فى هذا الوقت المبكر كانت قضية التحول الجنسى واقعًا وإن لم تكن من الموضوعات التى تخصص لها السينما فيلمًا كاملًا، واستوحاها الكاتب الساخر جليل البندارى من واقعة حقيقية نشرتها مجلة المصور عام 1947، الحكاية عن فتاة فقيرة من الشرقية اسمها الآنسة فاطمة، كانت الفتاة تعمل فى الحقل بقوة تحمّل وعافية تضاهى الرجال، وفشلت خطبتها أكثر من مرة وأعلنت لأهلها نفورها من الرجال، وكشف عليها طبيب شاب بالقرية وأعلن شكه فى أنوثتها، وعرضها على عدد من الأطباء بمستشفى قصر العينى بالقاهرة، وقرر الأطباء احتجازها بعد كثير من الفحوصات، وخضعت الفتاة لعملية تغيير جنسى وأصبحت الشاب الوسيم على الذى تزوج جارته، وأصبحت حكايته حديث مصر كلها حتى حولها جليل البندارى إلى فيلم الآنسة حنفى مع تغيير فى الحكاية ليكون بطلها رجلًا يتحول إلى امرأة وهو أحد أشهر الأدوار التى قدمها إسماعيل يس. لا نعرف الكثير عن الممثلة الكوميدية حنان الطويل الشهيرة بشخصية الست كوريا الراقصة فى فيلم عسكر فى المعسكر وميس إنشراح مدرسة الإنجليزى فى فيلم الناظر ، وهى شهيرة بأداء شخصية الأنثى بصورة كوميدية خشنة وسوقية، لكن المعلومات المتداولة عنها تؤكد أنها كانت رجلًا يدعى طارق، تحول إلى امرأة، وهناك أقاويل عن وفاتها عام 2004 منتحرة وكان عمرها 38 عامًا. المخرج رأفت الميهى قدم فى فيلمه السادة الرجال عام 1987 حكاية التحول الجنسى بصورة مختلفة عن الآنسة حنفى ، هذه المرة تقرر البطلة الأنثى بنفسها التحول لعالم الرجال للهروب من القهر الذى تتعرض له من زوجها، يفاجأ الزوج محمود عبد العزيز بزوجته فوزية التى جسدتها الممثلة الراحلة معالى زايد وقد تحولت إلى فوزى بعد عودته من رحلة سفر، محاولة، فوزية، العيش كرجل فى نفس المنزل مع زوجها السابق وابنها تتحول إلى مغامرة ساخرة من هذا الصراع الأزلى بين الذكر والأنثى. إسماعيل يس أول متحول فى السينما التحول من رجل إلى امرأة أو العكس ليس غريبًا عن السينما حتى المصرية، وإن ظل دائمًا فى إطار الكوميديا وأغلبه يندرج تحت بند الخداع بالملابس والماكياج، كأنْ يرتدى عبد المنعم إبراهيم زى امرأة ليسهل لصديقيه استضافة فتاتين فى منزلهما فى فيلم سكر هانم . تجسيد الرجل لدور المرأة هنا لا يتعلق بأى قضية تتناول الأنوثة أو الذكورة، فالشخصية تبريرها الدرامى إقناع فتاتين بلقاء شابين فى شقتهما دون حرج، وبالإضافة إلى ذلك هى فرصة كوميدية لعبد المنعم إبراهيم ليقدم نموذجًا مضحكًا لامرأة قبيحة، حتى إن عبد الفتاح القصرى أو المعلم شاهين الزلط، يرى نفسه مارلين مونرو مقارنةً بها، هذا الدور قدمه فى الأصل إسماعيل يس فى مسرحية له حملت عنوان فتافيت السكر ، وبعد تحويل المسرحية إلى سيناريو سينمائى وقبل بداية التصوير قيل إن الرقابة أصدرت قرارًا برفض أى فيلم يجسد فيه إسماعيل يس دور أنثى بعد قيامه بهذا فى عدة أفلام منها ليلة الدخلة و الست نواعم و مستشفى المجانين و الآنسة حنفى ولا يوجد كثير من التفاصيل حول هذا القرار ومبرراته التى قيل إن وراءها بعض رجال الأزهر. ويبقى فيلم الآنسة حنفى الذى كتبه جليل البندارى هو الأهم من ناحية المضمون فى قائمة إسماعيل يس للأفلام التى جسد فيها دور امرأة، الفيلم رائد عالميا فى تناول قضية التحول الجنسى، حكايته عن حنفى الذى يصاب بمغص شديد ليلة دخلته ويذهب للمستشفى وتجرى له جراحة تحوله من رجل إلى امرأة، لم يدخل الفيلم فى تفاصيل طبية لحالة حنفى ولم يمهد لها، بل قدمها بصورة كاريكاتيرية. تحوُّل حنفى الذكورى العنصرى ضد المرأة إلى رجل يبدو أقرب إلى عقاب إلهى على معاملته المهينة للمرأة ككائن من الدرجة الثانية، هذا التحول الدراماتيكى فى الفيلم يحول حنفى من الذكر المتسلط الآمر الناهى فى المنزل إلى أنثى خاضعة لنفس القوانين الذكورية التى كان يطبقها حنفى بتعسف، فحنفى قبل تحوله جعل حياة زوجة أبيه وابنتها خطيبته الموعودة، إلى جحيم، حيث حرم عليهما مجرد النظر من الشباك، وبعد التحول أصبح أسير نفس القوانين التى وضعها بنفسه.