ينطبق على دمياط المثل الشعبي القائل "سبع صنايع والبخت ضايع"، فالمحافظة تشتهر بالعديد من الصناعات على رأسها صناعة الأثاث والحلويات والجلود والألبان، وخاصة "الجبن الدمياطي"، وكان مصنع "ألبان دمياط" في يوم ما، الأهم والأكبر في تلك الصناعة قبل أن يتم غلقه بقرار سيادي سنة 2006 في ظروف غامضة. ومصنع ألبان دمياط هو الأكبر بين 9 مصانع كانت تابعة لشركة مصر للألبان، وتمت إقامته بمدينة دمياط في مدخل قرية "الشعراء" على مساحة 40322 متر مربع بما يُعادل 10 أفدنة بحجم عمالة يصل إلى 1200 عاملًا ، وكان المصنع يُورد منتجات الألبان للقوات المسلّحة حتى عام 2005. وصدر قرار بحل معدات المصنع في 6/11/2006، بعد أن تم بيع أرضه لصالح بنك مصر والبنك الأهلي المصري كسداد لدين عام، وتخيير العمال بين الانتقال إلى مصنع شركة إدفينا للمنتجات الغذائية بمدينة عزبة البرج أو طلب المعاش المبكر. ونشر إعلان بجريدة الأهرام لبيع أرض مصنع الألبان بدمياط لصالح بنكي مصر والأهلي، في 12/12/2014، وردًا على هذا، تقدّم "محمد الطرابيلي" المحامي ببلاغ للمستشار إيهاب الحسيني المحامي العام لنيابات دمياط يُطالب فيه بوقف بيع أرض مصنع ألبان دمياط، ورفع دعوى مستعجلة رقم 975/4 اختصم فيها كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير الاستثمار ومحافظ دمياط ورؤساء مجالس إدارات البنك الأهلي وبنك مصر بصفتهم، وطالب في دعواه بإلغاء القرار الصادر ببيع أرض مصنع الألبان وإلزام الدولة بإعادة تشغيل المصنع. ويقول الطرابيلي، إن الإعلان الذي تم نشره في الأهرام بخصوص بيع المصنع ليس صحيحًا من الناحية القانونية، حيث إن العنوان غير واضح و"مجهل" وإن ذلك كان متعمدًا لتضليل الرأي العام، مضيفًا أن الجلسة الأولى للمزاد التي عقدت بديسمبر الماضي، لم تكتمل بسبب الحملة الإعلامية الضخمة والقضية المرفوعة أمام القضاء، وليس بسبب عدم وصول المزاد للسعر المطلوب كما زعمت إدارة المزاد وقتها بحسب قوله. ويقول جمال ماريا، رئيس قطاع التجميع السابق بمصنع الألبان، "عندما بدأت الخصخصة في عام 2003 بدأت إجراءات بيع كل المصانع المملوكة للدولة، ورغم أن مصنع ألبان دمياط لم يكن من المصانع الخاسرة بل كان يُحقق أرباحًا سنوية إلا أن الشركة القابضة للصناعات الغذائية قامت برهن المصنع للبنوك سدادًا لديون مصانع أخرى تابعة للشركة. ويُضيف ماريا، أن المصنع يقع على مساحة أراضي 10,3 فدان مسجلين لصالح شركة النصر لصناعة الألبان وهي شركة حكومية برأس مال مملوك للدولة بنسبة 100%. ويوضح ماريا أن عدد العاملين بالمصنع وقت إغلاقه كان 1200 عاملًا، وتم تخييرهم ما بين الانتقال للعمل بمصنع إدفينا وما بين تسوية المعاش المبكر. ويفجّر محسن سعد، مدير العلاقات الخارجية السابق بمصنع ألبان دمياط قبل طرحه للخصصة، مفاجاءة جديدة قد تُغير مسار القضية، قائلًا، "إن بيع أرض المصنع غير قانوني حيث إن هناك 4 فدادين من أرض المصنع مملوكة لعائلة والدته "أبو جنبة"، وتم انتزاعها في الستينات لصالح منفعة عامة ولكن عقب انتهاء عقد المنفعة العامة لابد أن تعود الأرض لمالكها، مضيفًا، أن هناك عقود رسمية تؤكد ذلك وتم رفع دعاوى قانونية بها ومنظورة حاليًا أمام القضاء. ويضيف سعد، أن العاملين فوجؤوا عقب عودتهم من أجازة "العيد" في 2006 بأن المصنع تم إغلاقه بواسطة أفراد الأمن ووجود قوات للشرطة، وأن هناك أتوبيس خاص ينتظر العمال لنقلهم لمصنع إدفينا أو تسوية معاشهم، مضيفًا، لقد طالبت حينها بتسوية معاشي ولكن تم رفض الطلب وأعمل الآن بمصنع إدفينا ولم يتبق لنا من مصنع الألبان إلا بعض الذكريات، موضحًا في مرارة، يومًا ما كنا ننافس الجبن الدنماركي ، وكانت تأتينا زيارات من مصانع في أوروبا لتعلم "الصنعة" التي انفردنا بها لسنوات وتساءل في حيرة لصالح من يتم بيع هذا المصنع العملاق الذي كان في يوم من الأيام أهم مصانع الألبان في العالم.