كتب - عاشور أبو سالم وكريم ربيع حالة من الغليان، سيطرت على الأوساط السياسية والثورية والعاملين بمنظمات المجتمع المدني، بمدينة السادات بمحافظة المنوفية، عقب إعلان توقف عمليات الإزالة، التي تشنها مديرية أمن المنوفية، بالتعاون مع جهاز مدينة السادات على 71 ألف فدان، تتبع جهاز تنمية السادات على طريق "مصر – الإسكندرية الصحراوي"، وتبعد عن مدينة السادات ما يقرب من 40 كيلو مترًا، بعد أن وضعت مجموعة من البدو أيديها على الأراضي. ثلاثة آراء مختلفة في هذا الشأن، اثنان يتفقان إلى حد ما، و الاخر ينفى ما يقوله الآخران، فالرواية الأولى التي تناقلتها الأوساط بمدينة السادات، التي أكدها عددٌ من العاملين بجهاز تنمية السادات، أن ضابطًا بجهة سيادية بمدينة الشيخ زويد، يمتلك ما يزيد عن 20 فدانًا بالمنطقة المقرر إزلة التعديات بها اتصل برئاسة الوزراء، وحصل على قرار من المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، بإلغاء قرار إزالة التعديات على الأراضي بأكملها. عقب تردد هذه الرواية بين الأهالي، أصدرت حركات ثورية بمدينة السادات، بيانات تندد فيه بتوقف ازالة التعديات، بل وصل الأمر إلى مطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالتدخل السريع لإعادة القوات إلى مكانها، واستكمال حملات الإزالة. الرواية الثانية، التي أكدها الدكتور أحمد شرين فوزي، محافظ المنوفية، تتفق بعض الشيء مع رواية الأهالي، حيث يقول فوزي إنَّ جميع المعدات التابعة لوزارة الإسكان متواجدة في أماكنها، وأن التوقف في عملية إزالة التعديات على الأراضي "توقف أمني"، مضيفًا أن تعليمات من الوزارة إلى قوات الشرطة صدرت بالراحة يومين ثم عودتهم مرة أخرى، مؤكدًا أن وزارة الإسكان هي المسؤولة عن عملية إزالة التعديات لأن الأرض ملك الوزارة، وليست ملك المحافظة. فوزي أكد أنَّ اللواء ممتاز فتحي، مدير الأمن، حصل على تعليمات بالتوقف لمدة يومين، لافتًا إلى أن مدير الأمن هو من يدير الوضع، مؤكدًا أنه كمحافظ للإقليم عليه أن يحمي أملاك الدولة، غير أن القرار من وزارة الإسكان، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان في مدينة السادات تروج لإشاعة إلغاء عمليات الإزالة، مؤكدًا أنها فقط متوقفة. المحافظ ذكر، ل"التحرير": "اللي عاوزين يخربوا البلد هما الإخوان، وهما اللي طلعوا إشاعة ضابط بجهة سيادية، قوات الشرطة أزالت 12 ألف فدان، ولازم هنستمر ومفيش حد وقف الحملة دي فقط راحة لمدة يومين". الرواية الثالثة تؤكد وجود القوات، هو ما أكده مدير الأمن، حيث قال إنَّ قوات الشرطة بالمديرية وشرطة المجتمعات العمرانية موجودة بالفعل، وأن القوات لم تتحرك من أماكنها، مؤكدًا أن القوات بالتعاون مع جهاز تنمية مدينة السادات ومجلس المدينة والمحافظة انتهت من إزالة التعديات على 12 ألف فدان خلال اليومين الماضيين. ونفى فهمي، في تصريحات ل"التحرير"، ما تردَّد عن رحيل القوات وعدم وجودها، مؤكدًا أن الحملة تسير بصورة مستمرة، وأنه لا يمكن أن تتوقف إلا بعد إتمام أعمالها، منوهًا إلى أن ما يثار عن إنهاء عملية الإزالة غير موجود، ولا توجد أي راحات، وأن الإزالات مستمرة في أعمالها. فهمي أضاف: "أنا مسؤول عن كل كلمة بقولها، مفيش تراجع أو توقف في عملية إزالة التعديات على أملاك الدولة، إحنا اتحركنا وقواتنا مازالت موجودة ونعمل على تامين عملية الإزالة، ونحن جهة تنفيذ وليس لنا بأي قرارات أخرى، وما أوكد عليه أن كل القوات موجودة". العاملون في جهاز مدينة السادات، التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، هدَّدوا بالتظاهر وإغلاق أبواب الجهاز، بسبب انسحاب قوات الآمن والتراجع عن تنفيذ حملة لاسترداد الأارضي، المقدرة بقيمة نحو 140 مليار جنيه، ممن يسمونهم "حيتان ومافيا الأراضي"، الأمر الذي أثار الكثير من علامات الاستفهام، حول الأسباب الحقيقية لانسحاب الأمن وعدم استكمال الحملة. مصادر بجهاز المدينة، روت ل "التحرير"، حقيقة ما حدث في اليوم الأول للحملة، التي كان من المفترض تنفيذها، مؤكدين أن أحد ضباط الشرطة، يدعى "ع. ج"، يعمل في قسم مدينة شرطة الشيخ زايد، أحد أبرز المعتدين على أراضي المدينة، هدَّدا موظفي الجهاز بالابتعاد حتى لا يصيب أحدًا بأذى، قائلاً: "امشي يابني إنت وهو من هنا هايجيلكم أمر دلوقتي بالانسحاب، وبالفعل تم انسحاب قوات الأمن بعد دقائق من حديثه معنا". وأضافت المصادر: "بمجرد دخولنا منطقة خلف شريط ماستر السياحي، على طريق مطار البريجات، تم أخذ قرار الانسحاب، ما يؤكد تورط الكبار في التعدي على هذه المنطقة". المصادر أكدت أن هذا الانسحاب، جعل المعتدين على الأراضي التي استردها الجهاز، يعودون مجددًا ل" احتلال" نفس الأراضي، كما أن موظفي الإزالات بالجهاز تعرضوا لمواقف محرجة وشتائم من أصحاب المحال الجارية "المخالفين" ورفضهم ازالة مخالفاتهم، ما أجبر أحد موظفي جهاز المدينة إلى حمل لافتة مكتوب عليها "علي الطلاق مفيش فايدة"، بجانب صورة الزعيم الراحل سعد زغلول، وراح يمر على مكاتب موظفي الجهاز حاملاً إياهًا. من جانبه قال المهندس كمال فهمي، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، في تصريحات ل"التحرير"، إنه لا يعرف لماذا لم تستكمل قوات أمن المنوفية حملة الإزالة، على الرغم من التنسيق المسبق بأن تستمر الحملة لمدة أربعة أيام. وتابع: "تحملت الهيئة القيمة الايجارية لنحو 25 لودر، والكثير من الحفارات والمعدات التي كان من المفترض استخدامها في الحملة، بلا فائدة، وأنا أبلغت وزير الإسكان، الدكتور مصطفى مدبولي، بما حدث أثناء زيارته للكويت برفقة رئيس الوزراء، ولكنه أرجأ الموضوع حتى يعود، ومن المفترض أن يكون هناك جلسة اليوم مع الوزير بعد عودته، للوقوف على القرار الذي سيتم اتخاذه". حملة "مين بيحب مصر"، سبق أن قالت إنَّ مبادرة "تعدي ميتر" رصدت أن مساحة الأراضي المعتدى عليها بلغت 67 ألف كيلو متر، تساوي مساحة خمس دول عربية تقريبًا، وقيمة الأراضي 140 مليار جنيه، مشيرةً إلى أنَّ 33 شركة خاصة تورطت في الاستيلاء على بعض المساحات من أراضي الدولة و120 شركة باعت أراضي بالطرق الصحراوية دون الرجوع للدولة.