عددٌ كبيرٌ من قرى محافظة القليوبية تمر بكارثة حقيقية، بعد أن اضطر الفلاحين إلى ري مئات الأفدنة من مصرف "تصفا العمومي" بمياه مختلطة بالصرف الصحي غير معالجة، والحيوانات النافقة والقمامة، ما يهدِّد حياة آلاف السكان بالأمراض الخطيرة وتعرُّض الزراعات للتلف والتأثير على حجم إنتاجها. "التحرير" رصدت معاناة آلاف المواطنين من أبناء محافظة القليوبية ، وبخاصةً في قريتي الزومرنية، وكفر رجب، وغيرهما من القرى، التي بات أبناؤها معرضين للإصابة بالأمراض والأوبئة، جرَّاء إلقاء الصرف الصحي الخام لعدد من القرى، نتيجة عدم توافر خدمة الصرف الصحي بها بالمصرف العمومي الذي تروي منه المحاصيل الزراعية. في البداية يقول الحاج سعد الهواري، أحد أهالي قرية الزومرنية، أن المصرف الرئيسي، الذي يروي منه أكثر من 600 فدان بحوض مرى الخيل وحوض صالحة أفلاطون وحوض الجزيرة، بات يمثل كارثةً في ظل تجاهل من المسؤولين، ما أدَّى إلى ضعف إنتاجية المحاصيل الزراعية، التي تُروى بمياه الصرف، وظهور الأمراض في الأشجار والنباتات، وانتشار أمراض الفشل الكلوي والكبد، بين أهالي بعض القرى، لافتًا إلى يأس الأهالي من تكرار الشكوى للمسؤولين دون جدوى. وأضاف أنهم مضطرون إلى ري أراضيهم بالمياه المختلطة بمياه الصرف، التي يفرغها سائقو "جرارات الكسح " في المصرف المخصص للري، بسبب ندرة مياه الري، في الترع وانعدام البدائل وانخفاض معدلات المياه الجوفية، بعد كثرة تركيب المواسير "المُعيَّن"، رغم أن استخدام مياه المجاري يصيب الزراعات بالأمراض، ما يظهر في عفونة البصل، وتلف بعض الزراعات كالقمح ووجذور أشجار الفاكهة، مطالبًا المسؤولين بالتحرك ووضع نهاية لهذه المأساة قائلاً لهم: "إنتوا مستنيين إيه". محمد عيسي، من الأهالي، أكد أن لجوء سيارات الكسح التابعة للمجلس أو الخاصة لتفريغ حمولتها في المصرف وتحوله ل"بؤرة للأمراض والأوبئة"، بعد أن امتلأ بمياه الصرف والقمامة والحيوانات النافقة، يأتي لعدم وجود خدمة الصرف الصحي بالكثير من القرى، ولأنه الأقرب، وبخاصةً أن محطة صرف كفر الشهاوي تبعد مسافة لا تقل عن ثلاثة كيلو مترات، وبالتالي تلجأ الجرارات للصرف في المصرف لقربه، ما جعل آلاف المواطنين بالقرى المجاورة له مهددين بالأمراض، بسبب التلوث، وانتشار الحشرات خاصة في موسم الصيف علاوة على أمراض الفشل الكلوي، التي اجتاحت بعض القرى وخاصة قرية كفر رجب، بسبب تلوث المياه واختلاطها بالمحاصيل التي تخرج من الأرض المروية بمياه الصرف. ويوضح أحد المزارعين أن الأهالي طالبوا مسؤولي الوحدة المحلية بكفر تصفا، ومجلس المدينة، ومديرتي الري والبيئة، بإلزام سائقي جرارات الكسح، بتفريغ حمولاتهم بالمصرف بمحطة الصرف الصحي، وتوقيع غرامة كبيرة عليهم ولكن بدون فائدة، لافتًا إلى أن سائقي الجرارات يصرون على تفريغ حمولاتهم بالمصرف المائي والمخصص لري الأراضى الزراعية ضاربين بكل القوانين والاشتراطات البيئية والصحية عرض الحائط، وفق تعبيره. وطالب الأهالي، المهندس محمد عبد الظاهر، محافظ القليوبية، والمسؤولين عن الري والصرف الصحي، بالتدخل لحل هذه الأزمة، وإيجاد بدائل والانتهاء من مشروعات الصرف الصحي بالقرى المجاورة لهذا المصرف، بأقصى سرعة حتى يتم القضاء على هذه الكارثة التي باتت تفتك بالمواطنين.