أكد وزير خارجية تونس الجديد الطيب البكوش، أنه رغم مشاركة حركة النهضة في الحكومة التونسية الجديدة، إلا أن حركة "نداء تونس"، التي ينتمي إليها، لا تزال تعارض جميع أفكار الحركة الإسلامية. وقال البكوش في تصريحات هاتفية ل"التحرير" إن "نداء تونس قررت ألا توقف عجلة العملية السياسية، رغم أنه كان من حقها تشكيل حكومة ليست ائتلافية". ولكنه أردف قائلا "هذا لا يعني أننا تنازلنا أو قررنا ألا نعرض سياسات النهضة، بل سنظل معارضين لأفكارهم ومشاركتهم في الحكومة حتى نعبر جميعا تلك الفترة الحساسة في تاريخ البلاد". وكانت حكومة الحبيب الصيد قد واجهت اعتراضات من حركة النهضة – أحد أجنحة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين – التي سعت لأن تكون طرفا فيها، وبعض الأحزاب الأخرى؛ ما دفع مجلس نواب الشعب "البرلمان" لتأجيل جلسة منح الثقة للحكومة حتى غد الأربعاء؛ لحين حدوث توافق على الحكومة. أما عن التقارير التي تحدثت عن أن البكوش هو من كان المقرب لرئاسة الحكومة، قال وزير الخارجية: "جميعنا نسعى لخدمة تونس، وفي أي موقع سواء في منصب حزبي أو حكومي أو وزاري أو حتى في رئاسة الوزراء أو الجمهورية، ولا يمكنني التعليق على هذا الأمر، لكن إذا ما كان هذا الأمر بسبب تمسكي بأفكاري المناهضة للإسلام السياسي فهذا مصدر فخر لا أخجل منه". وكانت تقارير عديدة قد أشارت إلى أن البكوش، الأمين العام السابق ل"نداء تونس"، كان مقربا لرئاسة الوزراء، ولكن بسبب مواقفه العدائية تجاه النهضة منذ الفترة السابقة للانتخابات وحتى أول من أمس عندما قاد وقفة احتجاجية أمام مقر الحزب ترفض إشراك النهضة في الحكومة، تم استبعاد اسمه؛ حتى لا يحدث صدام يؤجل منح الحكومة الثقة. وعن تلك الوقفة قال: "موقفي كان واضحا فأنا كنت ضد إشراك النهضة في الحكومة، لكني أيضا ملتزم بقرار رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، وسنسعى جميعا لخدمة البلاد، ولن أصمت أبدا إذا ما رأيت تجاوزات أو محاولات من النهضة لفرض أفكارها على الحكومة". ويوصف البكوش، 70 عاما، كأحد أبرز التيارات اليسارية داخل نداء تونس، والتي ترفض إشراك النهضة في الحكومة أو إقامة أي تحالف معها، وقال في تصريحات سابقة إنه قد يعتذر عن الحكومة إذا ما تم إشراك النهضة. وقال البكوش عن هذا الأمر: "من السابق لأوانه الحديث عن تلك الأمور لدينا اجتماع في وقت لاحق مع الرئيس الباجي القايد السبسي ونسعى خلاله لحل كل تلك الأزمات، التي لن توقف في رأيي مسيرة الوطن وحتى لو كانت النهضة مشاركة في الحكومة فالحكومة سياستها ستكون واضحة مبنية على أساس سياسات نداء تونس التي خضنا بها الانتخابات". يذكر أنه تم إشراك النهضة بإسناد منصب وزير للتكوين المهني والتشغيل للناطق الرسمي باسمها زياد العذاري وبإسناد كتابة الدولة للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي إلى القيادية آمال عزوز وكتابة الدولة للمالية للقيادية بثينة يغلان وكتابة الدولة للصحة للقيادي في الحركة نجم الدين الحمروني. وأثارت تشكيلة الحكومة غضب عدد من قيادات "نداء تونسي"؛ بسبب ما وصفوه ب"رضوخ الصيد لإملاءات راشد الغنوشي (زعيم حركة النهضة)، الذي فرض عليه حقيبة وزارية و3 مناصب كتاب دولة، وما وصفوه أيضا بأنه خيانة للناخبين الذين صوتوا لنداء تونس لأنها وعدتهم بعدم التحالف مع النهضة". يأتي هذا في وقت خرجت فيه تقارير عديدة تشير إلى أن القيادي في نداء تونس "سعيد العايدي"، الذي أسندت له وزارة الصحة اعتذر عن المنصب؛ بسبب إشراك الحركة الإسلامية في الحكومة، وتحدثت التقارير أن هذا قد يكون مؤشرا لمزيد من الاعتذارات قد تصل إلى وزير الخارجية أيضا. وقالت القيادية الحركة "عزيزة حتيرة"، التي ترأس أيضا الاتحاد التونسي للمرأة أحد أكبر التنظيمات النسوية في تصريحات صحفية إن إشراك النهضة أثار حركة تململ وغضب واسعة داخل الحزب. وأشارت قائلة: "جود النهضة في أول حكومة ديمقراطية تشهدها البلاد منبثقة عن انتخابات برلمانية ورئاسية شفافة ونزيهة حسم فيها الشعب معركة وطنية بين النهضة التي تتبنى مشروعا رجعيا وبين النداء الذي يقوم على مشروع إصلاحي وطني حداثي، يمثل خطرا على التجربة الديمقراطية ذاتها التي تستوجب فكرا سياسيا مدنيا لا فكرا عقائديا". وتابعت قائلة "هناك انسحابات في الأفق لعدد من الوزراء من بينهم بالخصوص وزير الخارجية الطيب البكوش الذي يرفض تواجد النهضة في تركيبة الحكومة، وتم تشكيل وفد برئاسة البكوش للقاء الرئيس التونسي لإحاطته علما بما يحدث ومحاولة حل الأزمة". ورفض البكوش في الاتصال الهاتفي مع "التحرير" تأكيد أو نفي نيته الاعتذار، لكنه أكد أنه سيلتقي بالرئيس التونسي في وقت لاحق دون أن يفصح عن طبيعة اللقاء ولا إن كان سيتخلى عن منصبه إذا ما أصر الرئيس السبسي على اعتماد تشكيلة الحكومة بشكلها الحالي.