تحلّ علينا، غدًا «الأحد»، الذكرى الرابعة لثورة الخامس والعشرين من يناير، وهى فى الوقت نفسه ذكرى عيد الشرطة، وقد شهدت الفترة الماضية سجالًا حادًّا بين القوى الشبابية والسياسية والإعلامية فى البلاد حول طبيعة ما جرى فى الخامس والعشرين من يناير 2011، هل كان ثورة أم مؤامرة؟ وتتوقَّف الإجابة عن هذا السؤال على طبيعة الموقف الذى سوف يُتَّخذ تجاه ذلك اليوم، هل نحتفل به كيوم للثورة أم نتجاهله باعتباره كان يومًا لبدء تنفيذ مؤامرة بحق البلد، ومن ثَمَّ يعود اليوم، عيدًا قوميًّا للشرطة؟ كثَّف فلول الحزب الوطنى سياسيًّا وإعلاميًّا من الهجوم على 25 يناير، مروجين لمقولة إنها لم تكن ثورة، بل مؤامرة كاملة الأركان بحق البلد، وإن كل مَن شارك فى الترتيب لهذا اليوم وشارك فى الإعداد هم مجموعة من الخونة الذين باعوا الوطن لحساب جهات خارجية وتعاونوا فى النهاية مع التنظيم الدولى لجماعة الإخوان. ويرى هذا القطاع أن الشعب قام بثورة على هذه المؤامرة فى الثلاثين من يونيو، ومن ثَمَّ فإن 25 يناير هو يوم المؤامرة على الوطن، وينبغى العودة للاحتفال به كعيد قومى لجهاز الشرطة الذى خاض فى مثل هذا اليوم من عام 1952 مواجهة مع قوات الاحتلال الإنجليزى فى مدينة الإسماعيلية، وقدَّم فيها تضحيات ضخمة. فى المقابل، واصل فلول جماعة الإخوان ورفاقهم مع قطاعات محدودة من قوى شبابية راديكالية الحديث عن 25 يناير باعتبارها الثورة الحقيقية التى سطا عليها العسكر من جديد، ولا بد من العمل على استرداد الثورة عبر القيام بموجة ثورية جديدة ضد الدولة ومؤسساتها، ومن ثَمَّ لا يترك هذا التيار مناسبة إلا وتحدَّث عن استرداد الثورة. ويرى هذا التيار فى الثلاثين من يونيو انقلابًا على الثورة، ومن ثَمَّ لا بد من العمل على استرداد الثورة من جديد. تتوه الحقائق وسط صخب السجال بين هذين التيارين، فكل منهما يرى المعركة مع الطرف الآخر مباراة صفرية، أى معركة حياة وموت. هذا بينما الحقيقة موجودة فى مسافة ما بين هذين الموقفين، وهو ما يعمل النظام الحالى فى البلاد على تكريسه، فما جرى فى الخامس والعشرين من يناير ثورة بكل معنى الكلمة، ثورة على الظلم والطغيان والاستبداد والفساد والتوريث، ثورة على زواج المال بالسلطة وتحكُّم رجال الأعمال فى السياسة، ولكنها ثورة تعرَّضت للسرقة فى منتصف الطريق من قبل التنظيم الدولى للجماعة، الذى استغل سذاجة مراهقة شباب الثورة، وكانت سرقة كبرى ترتب عليها الحصول على مفاتيح السيطرة على المنطقة بالكامل وبدأت عملية العبث بهوية البلاد لتغييرها. هنا ثار الشعب المصرى ثورة عارمة وخرج بالملايين لاسترداد الثورة التى فرط فيها الشباب، ثار وانتزع ثورته واسترد بلده من جديد. وضع خارطة مستقبل أنجز معظمها وتبقى له استحقاق واحد فقط هو الانتخابات البرلمانية التى باتت على الأبواب. وقد أدَّى نجاح ثورة الثلاثين من يونيو إلى حدوث تغيير جذرى فى المنطقة برمتها، حيث تواصل سقوط مشروع الجماعة فى دول الجوار، وفى الوقت نفسه تكثّف مخطط الجماعة لنشر الفوضى فى مصر وجوارها، وهنا جاء التعاون مع شباب محبط ممن كان لهم دور فى الخامس والعشرين من يناير 2011، من أجل تنفيذ مخطط الجماعة لإثارة الفوضى فى البلاد، وهو ما تستعد له سلطات البلاد جيدًا.