على مقربة من مدينة أمستردام الهولندية تقبع قطعة حية وناطقة باسم التاريخ الهولندي من خلال بلدة "شانس زانسي" التي تعود جذورها إلى القرن ال 17 كأحد الأماكن القليلة التي لا زالت تضم عددًا لا بأس به من طواحين الهواء التقليدية. تعد منطقة زان من أقدم المناطق الصناعية الموجودة في العالم، والتي شهدت أعظم فترات ازدهارها في القرنين "17 و18". كانت زان موطنًا لما يقرب من 600 من طواحين الهواء النشطة التي لم يتبق منها الآن سوى عشرة من طواحين الهواء النشطة بين الحظائر الخشبية والمنازل والمتاحف. ومن ذلك تأتي طاحونة "دي كات" كأحد طواحين الهواء التاريخية الباقية، والتي تعمل من خلال طاقة الرياح لخلق أصباغ للدهان. لدى طاحونة "دي كات" تاريخ عميق، حيث تم بناءها للمرة الأولى بين عامي 1646 و1696، ونجت من الحريق عام 1782 وتم إعادة بنائها مرة أخرى في عام 1970. وكما تحيا "دي كات" لتكون شاهدًا على العصر ورمزًا للماضي وهوية للمستقبل مازال يحيا بعض من عاصروها لإثراء ما روي عنها، ومنهم الطحان "بييت كيمبينار"، والذي عمل ما يقرب من ثلاثين عامًا مع طواحين الهواء. اعتاد كيمبينار على العمل اليومي وخلال تلك الفترة كان يشعر بعظمة المكان التاريخي الذي استمر عبر القرون، وما كان عليه إلا النظر لأعلى لاستشعار عظمة المكان. ويرى كيمبينار أنه لابد من إبداء اهتمام خاص بالطاحونة فكل جزء منها ابتداء من الأجنحة إلى الذيل، يمكن إدخال بعض التعديلات إليها لتحقيق أقصى استفادة ممكنة، مؤكدًا أن الطاحونة القديمة هي مصنع طلاء يعمل بشكل كامل عندما تكون الرياح بكامل قوتها لتحريك 3000 كيلو جرام من الجرانيت وطحن الحجر الجيري إلى مسحوق ناعم ومزجه مع الأصباغ. ويسرد "كيمبينار" اللمحات التاريخية فيتذكر أن الثورة الصناعية بدأت من المنطقة، حيث ميناء أمستردام وجهة الجميع والميناء الرئيسي في أوروبا لمدة 300 عام، وأن العديد من المراكب كانت محملة بالمواد الخام التي تريد تحويلها إلى منتج عبر الصناعة. دائما ما حظيت طواحين الهواء بشغف "كيمبينار" منذ بدأ بالعمل عام 1978، وسيظل مولعا بها مادام بقاؤه وطالما واصلت البلدة في حفاظها على هذا التذكار الرائع الشاهد على العصر الذهبي الهولندي.