على مدى أكثر من 80 عامًا، قدّمت السينما المصرية العديد من الأفلام السينمائية التي عكست الواقع بشكل كبير، ومن خلال ذلك قدّمت السينما شخصية نائب البرلمان في العديد من أغلب الأفلام بصورة سلبية، وبدأت تلك الظاهرة بالتحديد في نهاية السبعينات من القرن الماضي، وقبل ذلك كانت شخصية النائب البرلماني هي شخصية موقرة مهابة في جميع الأوقات، صاحبة الوجاهة الاجتماعية، يصعب المساس بها على الإطلاق. يعد أول فيلم مصري ظهر خلاله مجلس النواب، كان الفيلم التسجيلي والتمثيلي معا "أنشودة الفؤاد" لماريو فولبي عام 1932، وبطولة جورج أبيض، الذي قام بدور رجل ثري وعضو في مجلس النواب، واشتهر بالتصدي لزوج أخته الذي عرف بتصرفاته الشائنة. الزعيم يتربع على عرش فساد البرلمان الفنان عادل أمام، أكثر الفنانين الذين قدّموا أفلامًا عن فساد نواب مجلس الشعب بالتحديد، وتناول الزعيم شخصية النائب والمرشح ومدير الحملات الانتخابية وغيرها الكثير، فقدّم "بخيت وعديلة"، و"الواد محروس بتاع الوزير"، و"اللعب مع الكبار"، و"مرجان أحمد مرجان"، و"طيور الظلام"، و"النوم في العسل". "الجردل والكنكة"، رصد الفيلم إجراءات العملية الانتخابية منذ بدأ النية في الترشيح، حتى عمليات الدعاية والسمسرة شراء الأصوات، والنجاح في الانتخابات، وقدّم الفيلم كواليس الوصول الى عضوية مجلس الشعب، من خلال تقديم صورة واضحة عن رجل الأعمال والنفوذ الذي يسعي للحصانة البرلمانية ولا يمانع من انفاق الملايين في سبيل ذلك، وبين حسن وعديلة اللذان بحثا عن امتيازات المجلس لتوفير شقه للمعيشة، وبعد نجاح وصولهم لمجلس الشعب يكتشف البطلان أن رئيس المجلس واحدي تجار المخدرات. أما عضو مجلس الشعب في فيلم "اللعب مع الكبار" للمخرج شريف عرفة، قد قام بتهريب هيروين داخل حقيبته، معتمدًا علي حصانته البرلمانية، ورفض أن يتم تفتيشه في المطار، كذلك فيلم النوم في العسل الذي قدم البرلمان غير مبال بأحد الأمراض التي تصيب الشعب على حساب الحفاظ على صورته. يأتي فيلم "الواد محروس بتاع الوزير" من تأليف يوسف معاطي، وإخراج نادر جلال، ليجسد صورة الرجل الغلباوي، الذي لا يجيد القراءة والكتابة، لكن خدمته الظروف؛ ليصبح مدير مكتب جميل راتب الوزير الفاسد، ليجد محروس نفسه أمام فرصة ذهبية للاستفادة هو أيضًا من الفساد بالترشح للمجلس، ويتناول الفيلم بأسلوب هزلي المشاجرات، بين أعضاء المجلس أو فيما بينهم وبين الوزراء، وقد كشف الفيلم شخصيات جاءوا من قاع المجتمع ماليًا وثقافيًا وتعليميًا ليصبحوا نوابًا عن الشعب. قدّم عادل إمام من خلال فيلم "مرجان أحمد مرجان" صورة لرجل الأعمال الملياردير، متدني التعليم، الذي يستطيع أن يشتري ذمم الآخرين في كل القطاعات بالمال ويصبح في قمة السلم الاجتماعي بالرشوة، واستطاع مرجان من خلال علاقاته ونفوذه وأمواله أن يفوز بعضوية البرلمان على حساب الدكتورة الجامعية المثقفة. تناول فيلم "طيور الظلام" قضية الوزير الذي يجمع بين المنصب الوزاري، وعضوية المجلس، من خلال الوزير الفاسد محدود الذكاء جميل راتب، الذي يستعين بمحام مغمور وهو عادل إمام، ليتغلب على منافسه النائب السابق تاجر المخدرات في انتخابات مجلس الشعب، وتناول الفيلم فكرة الوزراء الذين يسعون لتثبيت مقاعدهم الوزارية من خلال وجودهم في البرلمان، كما تناول الفيلم أيضًا فكرة المقايضة بين بعض أطراف الحكومة والجماعات الدينية من أجل تبادل المكاسب. أفلام أخرى قدّمت النائب المهرب وتاجر المخدرات والمنافق والكذاب فيلم "حب للأبد" عام 1958 للمخرج يوسف شاهين، بطولة أحمد رمزي ومحمود المليجي ونادية لطفى، والذي تناول ترشح أحد الأشخاص لمجلس الشعب، وفى الوقت نفسه يتورط أخوه في مساندة سيدة متهمة بالقتل، ويسعى الشقيق الأكبر لإبعاد أخيه عن تلك القضية حتى لا يستغل أعداؤه هذا الأمر في الدعاية السلبية له ضمن انتخابات البرلمان. فيلم "الجزيرة" أحد الأفلام التي صوّرت نائب مجلس الشعب بمثابة الموظف لدى العائلات والقبائل الكبيرة في الصعيد، ومن ثم يحصل على الأموال والدعم في الانتخابات، مقابل تسهيل عمليات التجارة في السلاح والمخدرات. قدّم الفنان نور الشريف في فيلم "عمارة يعقوبيان"، دور عزام الذي تحول من ماسح أحذية، إلى مالك أكثر من نصف محلات وسط البلد، ولم يمانع عزام من دفع رشوة كبيرة من أجل الحصول على مقد مجلس الشعب، ليتضح بعد ذلك أن عزام جمع ثروته من تجارة المخدرات. أما فيلم "صرخة نمله" فقد قدّم صورة النائب البرلماني الفاسد، الذي جسد دورة الفنان حمدي أحمد، وهو النائب الذي يستغل علاقاته والمعلومات المتوفرة لديه بحكم منصبه الحساس في تحقيق أرباح مالية، عن طريق إنشاء شركة من الباطن يتم ادارتها عن طريق أحد الشباب المغمورين، والذي يقوم النائب بالتضحية به في أخر الفيلم. فيلم أرض النفاق عن رواية يوسف السباعي، قدّم صورة أخرى لمرشح مجلس الشعب متمثلة في الكذب والتدليس، حيث يقوم البطل الفنان فؤاد المهندس، بارتداء زي رجل بسيط، ليقنع الناخبين بأنه واحد من أبناء الطبقة المعدومة، كذلك فيلم "في محطة مصر"، من خلال رجل ريفي وهو الفنان لطفى لبيب، يمتلك أراض كبيرة في دائرته، و يحاول كسب ود العائلات حتى لو على حساب زواج ابنته من أحد أبناء تلك العائلات، لكن يتضح من سياق الدعاية أنه رجل كاذب، لا يعطي الناخبين أهمية حقيقية؛ بل يدّعي أنه منهم كي ينال ثقتهم. "الفرقة 12" للكاتب والسيناريست مصطفي محرم، وقدّم ذلك الفيلم نموذجّا لعائلات تجارة المخدرات وكيف نجح أحد أبناء عائلة ابو الوفا في الهروب من فخ القبض عليه بتهمة التجارة في المخدرات، بحصوله على حصانة عضوية مجلس الشعب، وقدّم فيلم "حتى لا يطير الدخان" نموذجًا لتاجر المخدرات عضوًا في مجلس الشعب.