قدمت السجائر الالكترونية فى الأسواق باعتبارها وسيلة جديدة أمنة تعوض مدمنى السجائر عن الأثار الضارة المتواجدة بها، إلا أنها فى حقيقة الأمر تحتوى على مزيج من المواد الكيميائية السامة التى تتسبب فى سرطان الرئتين، وأفادت أحدث الدراسات العلمية أن السجائر الالكترونية من شأنها أن تمتح البكتيريات المسببة للإلتهابات، مناعة مقاومة ضد المضادات الحيوية، وهو الأمر الذى يزيد من خطورتها. وطور المهندسون السجائر الالكترونية منذ عدة سنوات، لتزويد المدخنين بمصدر تبغ خال من مادة النيكوتين، حيث تعمل تلك السجائر على تسخين السائل الذى يستنشقه المدخنين، لذا لا يصدر منها أى دخان نظرا لعدم حرقها لأى مادة. ولا يوجد أى شك أن الدخان الذى يستنشقه المدخنون من السجائر الالكترونية، يحمل مواد أقل سمية بكثير من ذلك الدخان الذى يستنشقونه من السجائر العادية، وذلك وفقا لستانتون جلانتز مدير مركز أبحاث التبغ فى جامعة كاليفورنيا بولاية سان فرانسيسكو الأمريكية، ولكن نظرا لقلة الأبحاث التى تناولت سمية أبخرة السجائر الالكترونية، تعامل العلماء بحذر شديد عند وصف ذلك النوع الجديد من السجائر بالأمن. وفى 13 مايو الماضى، أجرى ستانتون جلانز وفريقه مجموعة من الأبحاث على البيانات الصادرة على الدخان الذى يستنشقه المدخنون من السجائر الالكترونية، واكتشفوا أنه يحتوى على مستويات عالية للغاية من الجسيمات النانوية التى تتسبب فى الالتهابات، الربو، السكتة الدماغية، أمراض القلب ومرض السكرى. ولاحظ جلانز أن السجائر الالكترونية لم تعد منتجا متخصصا، بل انتشرت كالنار فى الهشيم فى الأونة الأخيرة، حيث حققت مبيعات ضخمة خلال العام الماضى قدرت بحوالى 1,7 مليار دولار وفقا لبيانات مركز إدارة الغذاء والدواء لمنتجات التبغ فى روكفيل بولاية ماريلاند، بل ومن المتوقع أن تتجاوز مبيعاتها، مبيعات السجائر العادية فى غضون 10 سنوات، حيث تبين الاحصائيات اتجاه 1 من كل 5 مدخنين إلى تجربة السجائر الالكترونية، وكذلك 10% من طلاب المدراس الثانوية فى الولاياتالمتحدة وذلك وفقا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. وفى الوقت الذى يعتبر فيه المدخنون ذلك النوع الجديد من السجائر بالأمن، لا تتوفر فى الوقت الحالى أى أدلة تثبت ذلك الأمر، حيث وجد مركز إدارة الغذاء والدواء لمنتجات التبغ بعد مراجعته لحوالى 18 دراسة عن تلك السجائر، أنها تحتوى على مذيبات تقوم بتحليل النيكوتين والمواد المنكهة، الأمر الذى يسفر عن غازات مهيجة للرئة. كما يمكن لتلك المذيبات أن تتحول إلى شئ أكثر إثارة للقلق وهو الكربونيلات، تلك المجموعة الكيميائية المعروفة بتسببها فى أمراض السرطان مثل الفورمالديهليد، والمواد المسرطنة المشتبه بها مثل الأسيتالديهيد، وبسبب عدم قدرة السجائر الالكترونية فى تفتيت النيكوتين مثل السجائر العادية، طور المهندسون جيل ثانى يسمح للمدخنين بزيادة الجهد الذى تبذله السجائر الالكترونية فى تسخين السائل الذى يستنشقه المدخنون، وبالتالى تفتيت المزيد من النيكوتين فى النفخة الواحدة. واكتشف الباحثون أن ارتفاع درجات الحرارة من الممكن أن يؤدى إلى انهيار حرارى للمذيبات، والذى ينتج عنه الكربونيلات، لذا فإذا قام مستخدمى الجيل الثانى من السجائر الالكترونية بزيادة قدرتها على التسخين أثناء احتواءها على مزيج مذاب من الجلسرين والبروبيلين جليكول، يمكن لمستويات الفورمالديهايد أن تصل إلى نفس الدرجة المتواجدة فى التبغ الخاص بالسجائر العادية. وتعتبر المركبات المتواجدة فى الدخان، المصدر الاساسى للقلق إذا تمكنت من إيجاد الطريقة للوصول إلى الرئتين، كما يؤثر حجم وعدد تلك المركبات على الأضرار الناجمة عنها، حيث من الممكن أن يستنشق المدخنون أعداد هائلة من الهباء الصغير السام للغاية، والتى ستتجه مباشرة إلى الشعب الهوائية فى الرئة، وستلعب حينها دور محورى فى تحريك الهواء إلى الجسم. وأشار الباحثون إلى متوسط قطر الجسيمات المتواجدة فى دخان السجائر الالكترونية والذى يتراوح ما بين 200 و300 نانومتر، وهو الحجم الذى يضاهى الحجم المتواجد النبع عن دخان التبغ المتواجد فى السجائر التقليدية. وتبلغ كتلة الجسيمات المتواجدة فى الدخان الخاص بالسجائر الالكترونية حوالى 3 ميللى جرام لكل متر مكعب من الهواء، أى أزيد بحوالى 100 مرة من المعدلات القصوى التى وضعتها وكالة حماية البيئة لإستنشاق الهواء المفعم بالتلوث، وبالإضافة إلى النيكوتين والمذيبات، يحتوى الدخان على منكهات كيميائية ومواد حافظة متواجدة فى السائل الخاص بالسجائر الالكترونية، وبالرغم من اعتبارها مكونات أمنة من قبل ادارة الأغذية، إلا أنها فى حقيقة الأمر لا تعتبر أمنة عندما يستنشقها المدخنون. وقالت طبيبة الرعاية الرئوية لورا كروتى فى اجتماع أمراض الصدر فى سان ديجو فى 18 مايو الماضى، أنه يمكن لدخان السجائر الالكترونية أن يصعب من مهمة قتل الجراثيم الخطيرة بواسطة المضادات الحيوية، مثل بكتيريا العنقوديات الذهبية المقاومة للميثيلين، فوفقا للاختبرات التى أجراها الباحثون على تلك البكتيريا المسببة لمرض الالتهاب الرئوى، أظهرت صوبة بالغة فى القضاء عليها بواسطة المضادات الحيوية الطبيعية، وذلك لكون الجراثيم التى تتعرض إلى النيكوتين الغنى بالدخان، تفرز طلاء بيوفيلم سمك يحميهم من المضادات الحيوية. وفى نهاية الدراسة التى حاول من خلالها الباحثون تقديم المشورة للمدخنين حول ما إذا كان ينبغى لهم التحول من السجائر التقليدية إلى نظيرتها الإلكترونية، توصل الباحثون إلى أنه من الممكن أن تكون السجائر الالكترونية أقل ضررا نوعا ما من الأخرى التقليدية، إلا انها ليست بالسجائر الحميدة كما يعتقد الكثيرون.