يبدو أن الرئيس عبد الفتاح السيسى انزعج مما أثاره الأستاذ هيكل، من مطالبته بالثورة على نظامه وعودة رجال مبارك للسيطرة من جديد، وكأنه لم تحدث ثورة 25 يناير ولا ثورة 30 يونيو. فكان كلام الرئيس فى افتتاحه مطار وميناء الغردقة، أول من أمس الأربعاء ، فى خلفيته هذا الانزعاج، حيث أكد أن الكتلة المصرية ستظل دائمًا واحدة ومتّحدة، مهما كانت الظروف والتحديات، وهناك أطراف كثيرة تتخوّف من تحرّك الشعب المصرى خلف قيادته المنتخبة، داعيًا إلى ضرورة التكاتف والوحدة من أجل مصر، قائلًا: نختلف فكريًّا ولكن لا نختلف أبدًا على بلدنا أو ننقسم مهما حدث، وماحدش هيقدر على مصر طول ما أهلها متماسكين، ومافيش حاجة اسمها نظام أو غيره فى حاجة اسمها بلد (مصر) بمؤسساتها وإعلامها وجيشها وقضائها، وأى حد يتم تغييره يأتى مَن يخلفه، ولكن يجب أن يكون المبدأ لدينا هو أن نكمل الطريق بالدولة المصرية دون أشخاص . وهنا يقع الرئيس فى فخ جعل النظام هو الدولة والدولة فى النظام، معتبرًا أن النظام اسم أو صفة سيئة عندما يتوه النظام فى الدولة والعكس، وهو المفهوم السائد عند العامة، حيث يعكس مفهوم الدولة -بالفعل- معانى متغيرة إذ يظهر فى صورة الحكومة تارة، وتارة أخرى يأتى بمعنى النظام، كما يشار به أحيانًا إلى المؤسسات العامة أو العمومية وغيرها من المعانى، فى حين أن مفهوم الدولة وفقًا للعلوم السياسية -يشير إلى كل كيان سياسى يبسط نفوذه وسيادته على رقعة جغرافية معينة- ويفترض فى سكانه أن يشعروا تجاهه بالمواطنة والانتماء، والدولة كيان سياسى لا يمكن أن تمثل أبعاده دون إثارة مفاهيم مثل السيادة والسلطة والحق والقانون والحرية، مما يبين أن إثارة مفهوم الدولة هى فى الواقع محاولة لإثارة تساؤلات متداخلة من قبيل: ممن تستمد الدولة شرعيتها وفيم تتحدّد غاياتها؟ وما طبيعة السلطة السياسية التى تمارسها الدولة؟ وهل السلطة التى تمارسها الدولة مستمدة من القانون أم من القوة والعنف؟ هذا عن الدولة.. لكن النظام شىء آخر. فتتعدد أشكال نظام الحكم فى العالم، فلكل دولة نظام، ولكل نظام أسس بين أنظمة حكم رئاسية أو برلمانية وما بين أنظمة ذات حكم استبداى مطلق وأنظمة ديمقراطية. ومن هنا كان على الرئيس عبد الفتاح السيسى أن يعلم ذلك، وكان لا بد أن تكون كلمته مجهزة ومكتوبة حتى لا يحدث أى لبس. فليس عيبًا أن يطلق على سلطة الحكم الآن نظام السيسى. وليس عيبًا أن نقول إن نظام الرئيس السيسى سيلتزم بأهداف ثورتَى 25 يناير و30 يونيو. فليس هناك عيب أن يكون هناك نظام مرجعيته الشعب والذى أتى إلى الحكم بانتخابات نزيهة. وليس عيبًا أيضًا أن تعترف أن هناك قوى تنتمى إلى نظام مبارك تسعى للعودة مرة أخرى وبسط نفوذها. وما يفعله أحمد عز هو إيه؟ وما يفعله رجل الأعمال فى صداه السيراميكى هو إيه؟ فضلًا عن السياسة الأمنية الحالية. طبعًا هناك تخوّف من العودة إلى الوراء، وكان يجب على السيسى أو نظام السيسى طمأنة المصريين على مستقبلهم.. .. وآن الأوان لضرب الفاسدين ماليًّا وسياسيًّا.