قرية الحكمة الواقعة فى منطقة وادى النقرة، التابعة لمركز نصر النوبة فى حافظة أسوان تجردت، فجر أول من أمس، من كل معانى حكمتها، وعاشت ليلة سوداء تحت حصار طلقات الرصاص التى استمر إطلاقها 4 ساعات متواصلة بين عائلات العبسية والكلاحين والصمتا المقيمين فى القرية، الذين يرجع أصلهم إلى محافظة قنا، مستخدمين فى معركتهم على الأرض البنادق الآلية والأسلحة النارية، وذلك لتصفية نزاع قديم بينهم على قطعة أرض. الشرطة غابت تماما عن قرية الحكمة، بينما حضرت الجثث الاثنتا عشرة لضحايا المجزرة، التى أسفرت أيضا عن إصابة ثلاثة أشخاص آخرين، تم نقلهم إلى المستشفى العام، وانتقل فريق من النيابة إلى مكان الحادثة للتحقيق. مجزرة «الحكمة» بدأت بالإخطار الذى تلقاه اللواء حسن محمد حسن، مدير أمن أسوان، من العميد الحسن عباس، مدير المباحث الجنائية فى مديرية أمن أسوان، بوقوع اشتباكات دموية بين ثلاث عائلات أسفرت عن مصرع 12 شخصا وإصابة 3 آخرين، وعندما انتقلت القيادات الأمنية إلى موقع الحادثة، وفرضت أجهزة الأمن أطواقها حول القرية، لم تجد بعد كل هذا سوى أشلاء الجثث التى تطايرت من إثر الرصاص، فاضطرت أجهزة الأمن إلى فرض حظر تجوال تام على جميع أنحاء المنطقة المنكوبة بالموت، ودفعت من خلال هذا بتعزيزات أمنية غير مسبوقة بلغت نحو 500 من الجنود والضباط والمدرعات وسيارات الأمن المركزى يقودها العقيد جودة عبد الجبار، من الأمن العام بمديرية أمن أسوان، بينما قام عدد آخر من أفراد الأمن بتمشيط المنطقة الجبلية المتاخمة للقرية بحثا عما تبقى من المتهمين. التحريات تقول إن خلافا قد نشب بين أفراد ثلاث عائلات، هم العبسية من جهة، والكلاحين والصمتا من جهة أخرى، وهم من القبائل المنتمية إلى محافظة قنا، واستعر الخلاف بينهم على قطعة أرض ملك الدولة، بعد أن ادعى كل منهم ملكيته لها، وتطورت المشادة إلى أن استعان كل منهم بأفراد عائلته الذين احتشدوا كجراد منتشر، وأخرج كل منهم سلاحه النارى وتوجهوا إلى قطعة الأرض التى عليها الخلاف، وبدأت المعركة بين الطرفين، مستخدمين الأسلحة الآلية والفرد الخرطوش، واستمرت لأكثر من 4 ساعات من تبادل الرصاص بين الطرفين. مشرحتا مستشفى كوم أمبو ونصر النوبة استقبلت الجثث الغارقة بالدماء، والتى بدت ملامحها مشوهة من إثر الرصاص الذى اخترق أنحاء جسدهم، وكان من بين هذه 6 جثث لأشخاص لم يتعد عمر أكبرهم ال45 عاما وهو محمد محمود قناوى، ومعه محمد إبراهيم عواد، 44 سنة، وماهر إبراهيم عواد، 35 سنة، وحسن على إبراهيم، 30 سنة، وزكريا أحمد أمين 31 سنة، وإبراهيم عبد الراضى عبد الرحمن، ومبارك إبراهيم أحمد، 30 سنة. تمشيط المنطقة فجرا من خلال فرق الأمن أسفر عن العثور على كارثة أخرى، تمثلت فى 6 قتلى مجهولى الهوية عثرت على جثثهم فرق البحث مسجاة وسط الزراعات، بينما القتلى مجهولو الهوية، ولم يعثر فى أشلائهم على أى ما يثبت شخصياتهم التى تلاشت مع آخر حشرجات الموت. نيابة نصر النوبة أمرت من جانبها بتشريح جثث المتوفين لبيان سبب الوفاة، وأشرف على هذا المستشار بهاء الوكيل، المحامى العام لنيابات أسوان، الذى انتقل ومعاونوه إلى قرية الموت.