«التوافق» كان هذا هو الشعار الذى رفعه راشد الغنوشى الزعيم التاريخى لحركة النهضة الإسلامية التونسية مساء أول من أمس (الأحد)، ووصفها بأنها الحل لكل المشكلات التى تجتاح البلاد حاليا. وقال الغنوشى فى مؤتمر جماهيرى احتفالى بمناسبة الذكرى ال31 لتأسيس الحركة: «سياسة الوفاق والإجماع الوطنى هى التى يجب أن نتمسك بها حتى ننجّح تلك الفترة الانتقالية التى أعقبت سقوط النظام السابق». وتابع الزعيم، الذى كان منفيا وعاد إثر هروب بن على، قائلا «إن أهداف الثورة لا يمكن أن تتحقق إلا عن طريق هذا التوافق، ويجب أن تكون المصلحة الوطنية فوق كل مصلحة حزبية، ويجب أن يتعالى الجميع عن الحسابات الحزبية الضيقة، فالبلاد تمر بفترة انتقالية حرجة». وفى خطابه هاجم الغنوشى التيارات السلفية وسط تصفيق المئات من مؤيديه بقوله «هناك من يدفع التونسيين بعضهم ضد بعض ليفرق بينهم، وهناك من يكفر الناس، هؤلاء لا ينتمون إلى الثورة ولا يخدمون أهدافها.. فلا قيمة لوطن لا يحترم فيه الدين، ولا تناقض بين الإسلام والحداثة». ولكن الغنوشى عاد فى خطابه الذى كان مرتديا فيه الجلباب التونسى التقليدى ليدغدغ ويداعب التيارات الدينية المتشددة بقوله «نظامان هزما فى مواجهة الدين والعقيدة (نظام بن على ونظام بورقيبة)، وثورتنا برهنت أن الدين والعقائد أصلب من أن ينال منهما أحد مهما طغى، ولن نسمح بطغيان جديد فى هذا البلد مهما كانت المسميات». ثم أتم تصريحاته بإصراره على أن جهازى الشرطة والقضاء فى تونس بحاجة إلى تطهير، ولعله هناك كان يقصد حالة الانفلات الأمنى التى تعانى منها البلاد، وفشل حكومة النهضة فى التعامل معها، مما اضطرها إلى تفعيل قانون الطوارئ الذى أثبت فشله أيضا. حيث وجهت المعارضة اتهامات مباشرة إلى «النهضة» بأنها إما متساهلة ومتواطئة مع عنف التيارات السلفية، وإما أنها لا تعرف وسيلة ضبط الأمن، وفى الحالتين فهى فاشلة، وما عزز من ذلك أحداث الشغب التى تلت مباراة فريقى مستقبل قابس وقوافل قفصة فى دورى الدرجة الأولى، بعد اقتحام الجماهير ملعب المباراة وفشل قوات الأمن فى السيطرة عليهم واضطرارها إلى استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع والهراوات، مما أوقع عددا كبيرا من الإصابات، وهو ما أثبت حسب تصريحات شكرى بالعيد الناطق الرسمى باسم حركة الوطنيين الديمقراطيين أن الحكومة عاجزة ومتواطئة متسائلا: «كيف لحكومة أن تكون عاجزة عن تنظيم مباراة كرة قدم أن تدير بلد بأكمله؟!».