تبدأ أحداث مسرحية البهلوان، التى كتبها يوسف إدريس عام 1983، بسيرك يستقبل بهلوانا جديدا لاختباره، وهو زعرب الذى يثبت نجاحا فائقا فى الامتحان، ونفهم من شروط الاتفاق أنه لن يخلع قناعه طول ما هوّا فى السيرك، كما نعرف أن نظيم بك صاحب السيرك يرفض أن يراه أحد، وسوف يتلقى الأوامر منه دون أن يتعرف عليه، أما مدير السيرك فيفاجئنا بسؤال زعرب البهلوان: إزاى واحد محترم زيك يا حسن بك رئيس تحرير قد الدنيا ومشهور جدا، وإشى إذاعة وتليفزيون، وتعليقات وأحاديث.. راجل زى ده.. إيه يخليه يوطى نفسه، ويشتغل بهلوان بالليل فى السيرك بتاعنا ده؟ انتقم يوسف إدريس إذن من الصحافة والصحفيين، الذين أداروا أكبر عملية تشويه منظمة محترفة له، وحاولوا الطعن فى وطنيته، بل طعنوا وحاولوا اغتياله، بهذه المسرحية التى تكشف عن بهلوانات الوسط الصحفى، الذى أقول متأسفا ومعتذرا للقراء إنهم مستمرون بعد ثورة يناير، بل يتحدثون عن بطولاتهم قبل الثورة فى إنجاح الثورة. حسن زعرب، رئيس التحرير البهلوان، يقفز على الحبل بنجاح ساحق، يصاحبه تصفيق مغفل من بعض الجماهير فى مصر حتى الآن! إذن لما سأل مدير السيرك رئيس التحرير ليه بيوطى نفسه، ويشتغل بهلوان بالليل؟ يرد عليه: عشان أتوازن.. يكتشف حسن زعرب أن منصبه كرئيس تحرير مهدد بالضياع، حيث تبدل رئيس مجلس الإدارة من المحلاوى بك إلى الغرباوى بك، وكان حسن قد هاجم الغرباوى بعنف وبخسة لصالح المحلاوى. وبينما يعيش حسن رئيس التحرير أزمة استبعاده المؤقت من منصبه، فهو يواصل البهلوانية من أجل إرضاء السيد الجديد، والفوز بمنصبه مجددا، فى الوقت نفسه يمارس عمله كبهلوان فى السيرك على أفضل ما يكون ونسمعه يقول فى لعبة المشى على الحبل أمام الجماهير: «ماتخافش يا واد.. ده إحنا أساتذة فى المشى على الحبل، ده الواحد مننا يتولد ماشى على الحبل، ويفضل ماشى عليه لغاية ما يموت، وفى الآخرة برده بيمشى على الصراط المستقيم والجدع يا واد هو اللى مايوقعش، وانت جدع، اللى بيسوق ماشى على الحبل واللى ماشى بيسوق على الحبل.. المسؤول على الحبل والموظف متشعبط فيه، رئيس التحرير على حتة دين حبل، حبل إنما خازوق، حبل واقف إذا فضل عليه مخزوق، وإذا وقع يتخزوق أكتر.. الكراسى عندنا حبال والبيوت حبال، إذا سبت الحبل ومشيت على الأرض يقولوا عليك جبان أكيل عيش وأرزقى، وإذا انقطع بيك الحبل وانقطع عيشك يقولوا هوّا اللى غلطان، مين اللى قال له يمشى على الحبل.. أيها الحبل كم من الجرائم ترتكب باسمك (فجأة ينطلق سائرا فوق الحبل عابرا إياه فى براعة شديدة)»، لعبة الحبل تفيده كثيرا، حيث يصل إلى رئيس مجلس الإدارة الجديد الغرباوى، ليعتذر له عن تهجمه السابق: «غصب عنى يا غرباوى بك، والله غصب عنى»، فيرد عليه غرباوى: «حد بيكتب غصب عنه»، فيرد حسن رئيس التحرير البهلوان «آه توجيهات، أنا يا باشا عمرى ما كتبت إلا بتوجيه، هوّا انا مجنون أكتب من غير توجيه، أنا مؤمن إن فوق كل ذى علم عليم، والعليم أكتر يوجه العليم أقل»، لكن الغرباوى الذى يأمره بمهاجمة رئيسه السابق المحلاوى بك يعود ليطرده من الجريدة، بعدما كشفه للناس، ثم إذا بزوجته تكتشف أنه بهلوان فى سيرك، فيبرر لها ما فعله، ويعترف حسن: «عشان أتوازن طول النهار باشتغل جد جد، وشغلنا كله كدب كدب، ولازم أكذب وأنا جد.. أبقى جد جدا وأنا باكذب، استحملت فى الأول، كان فيه هدف قدامى إنى أمسك الجرنال، أبقى رئيسهم كلهم، بالكذب بالذوق بالجد بالعافية بمهاودة كل واحد على عقله، بسكك الجن الأزرق نفسه مايقدرش عليها، وصلت وبقيت رئيس تحرير، ولقيت نفسى مش قادر أواصل بقى، خلصت، كل الكذب اللى عندى خلص، وكل النفاق اللى عندى خلص، وكل الفهلوة والفبركة والضحك على الدقون خلص، قلت أبقى بهلوان علنى، وشغلونى فى السيرك، أنا كان حاجة من الاتنين، يا أفضل جد زى ما انا واتجنن، يا أفضل جد زى ما انا الصبح بس وبالليل أشتغل بهلوان»، المفاجأة التى تنتظر حسن أو زعرب البهلوان أن صاحب السيرك لم يكن سوى المحلاوى رئيسه القديم، وقد تحولت ملكية السيرك إلى الغرباوى الرئيس الجديد، الذى ينوى طرده كذلك من السيرك، فيرد عليه حسن: عشان صاحب السيرك بقى صاحب جرنال عملنا كلنا بهلوانات، فيجيبه غرباوى: والله انتو اللى علشان بهلوانات عملنا ليكم الجرنال سيرك، والسيرك جرنال! رئيس التحرير البهلوان موجود بعد 25 يناير، لأنه مثل مستر إكس لا يمكن أن يموت!