تابعت قطاعات كبيرة من الشعب المصري المناظرة الأولى بتاريخ البلاد، ضمن انتخابات رئاسة الجمهورية، للمرشحين الأبرز «عمرو موسى» و«عبد المنعم أبو الفتوح»، واللذين حصلا على أعلى نسبة تصويت بين المرشحين باستطلاعات الرأي. وأكد مراقبون أن الشعب المصرى هو الرابح الأساسى من المناظرة، فى حين رأى آخرون أنها قد تؤثر على حظوظ المرحشين فى التأييد بالانتخابات المقبلة. وقال الكاتب والباحث بعلم الاجتماع السياسي «عمار علي حسن» أن”الشعب المصري هو الرابح الأساسي من مناظرة أبو الفتوح وموسى، حيث وقف المرشحان ليتوددا إليه ويعرضا عليه خدماته ويغازله في تحقيق الفوز، وهى سابقة لم تحدث في تاريخ مصر، حيث كان يفرض الحكام من داخل مؤسسات السلطة ولم يكن للشعب دورا في اختياره. وأضاف أن المناظرة كشفت عن مستوى الحوار الدائر بين المرشحين وأظهرت الكثير من نقاط الضعف لهما، ما يصب لصالح اقرب منافسيهم «أحمد شفيق» و«محمد مرسي» و«حمدين صباحي». وشدد على أن المرشحين خسرا الكثير من الصورة البراقة التي كانت ترسم لهما، فكل منهما كان حريصا على أن يكيد للآخر، ويسجل نقاط ضعفه وأخطائه وزلاته التاريخية، حيث كان يستهدف كل منهما فضح مواقف أو كشف نقاط ضعف الآخر عندما يتاح له السؤال. وأضاف الباحث السياسي أن «موسى» استفاد من خبرته كدبلوماسي ومن المناصب التي تقلدها كوزير للخارجية وأمين عام الجامعة العربية في المناظرة حيث لم تكن الأولى له، فقد وقف في أزمات ومناظرات كثيرة مع خصومه بالعديد من المؤتمرات الدولية على الرغم من اتسام حديثه بالسطحية وافتقاده للرؤية والعمق. وزاد الباحث السياسي أن «موسى» لديه قدرة كبيرة على جذب انتباه البسطاء وهو بارع في ذلك، حيث كان حريصاً على إشارات يديه وجسده ونظراته للكاميرا، ولم يكن ينظر إلى أبو الفتوح، إلا ليكيد له ويكشفه، وهو نجح في هذا النقطة نتيجة تمرسه.
غير أن حسن أكد أن «أبو الفتوح» كان أكثر عمقاً في خطابه، ولم يكن به تناقض، ولكنه لا يدغدغ مشاعر البسطاء، فخطابه يمكن أن يقنع نخبة ويخذل نخبة، خاصةً الذين يعولون عليه من مؤيديه من غير الإسلاميين. وأضاف أن كلاً من المرشحين اهتم بإلقاء الخطب الإنشائية وغاب التفكير العلمي المنظم عنهما، ما يشعر المواطن أن الرئيس المقبل سيبيع خطبا مثلما كان يفعل نظام المخلوع، كما لم يستطيع كلا المرشحين توضيح برنامجه الانتخابي للرأي العام. من جانبه قال المؤرخ السياسي الدكتور «محمد الجوادي» إن المناظرة دلت على أن المرشحين يريدان مكافئة نهاية خدمة، حيث لا يوجد لديهما برنامج نهضة، كما لا يوجد لديهما أيضاً فهم للأوضاع الاقتصادية، أو وضع القوات المسلحة. وأضاف «الجوادي» أن ما ذكراه بشان الأوضاع الاقتصادية والصحية والتعليم، لم يزد عن الشعارات، حيث لم يتحدثا عن آليات التنفيذ وبعضها لم يكن منطقياً، مستبعداً إمكانية تأثير إخفاق المرشحين في المناظرة لصالح منافسيهم من مرشحي الرئاسية إلا بنسبة ضئيلة لم تغير من الواقع شيء. وقالت «رغدة السعيد» والتي تعمل محللة للغة الجسد، إن «موسى» كان محتفظاً بثقته بنفسه في الجولة الأولى من المناظرة، وظهر ذلك من لغة الجسد الطاووسية وحركاته الجسدية ونظرات عينيه، ما جعله محنكاً ومميزاً أمام الكاميرات، أما منافسه «أبو الفتوح» فكان يقف في مساحته دون تنقل. وتابعت قائلة إن المرشحين تبادلا استخدام أصبع السبابة أثناء الحديث، فعند «أبو الفتوح» كان للأمر المباشر وتحديد النقاط الخاصة به، أما «موسى» استخدمه استعلاء ثم للأمر المباشر، وظهر ذلك من نظرته المتعالية لمنافسه، حيث كان يوجه نظراته من أعلى إلى أسفل على الرغم من انه قصير القامة عن أبو الفتوح. وأشارت «رغدة السعيد» إلى استخدام أسلوب المناورة في الحديث بين الطرفين، فمعظم إجابات الاثنين كانت عامة، ولم تكن ايجابية أو مباشرة، مثل تحدثهم في المعاشات والأجور وإغفال أزمة المواصلات، موضحة أن النسبة الأكبر من المناورة كانت من نصيب عمرو موسى كونه سياسي محنك.