العيب الوحيد فى الثورة المصرية أنها ستفتح علينا أبواب جهنم من أفلام عن ثورة يناير ورموزها، وشعارات ثورة يناير وهتافاتها ودباباتها. البداية كانت بفيلمى «الفاجومى» و«صرخة نملة»، وفى الطريق عشرات الأفلام التى تجهز للحدث نفسه. الجحيم بعينه دون أى مبالغات، سنشاهد عشرات النهايات الموحدة لأعمال فنية تتناول الثورة على طريقة حمادة هلال فى الغناء لشهداء 25 يناير اللى ماتوا فى أحداث يناير، وعشرات المشاهد المكررة عن الثائر الجدع الذى يقف فى وجه ضابط الشرطة الخسيس، وفى المقابل قائد جبان يرفض التخلى عن الكرسى على حساب شعبه. بينما اختار البعض تناول الثورة من وجهة نظر غير ثورية، ليرصد يوميات بلطجى مأجور، أو شعور عسكرى أمن مركزى فى الميدان... من الآخر سيتم تقسيم الثورة المصرية إلى عدة «باترونات» يستخدمها صنّاع السينما فى تفصيل أفلامهم عليها بلا شفقة أو رحمة بالمُشاهد الذى قد يضطره كل هذا العبث إلى أن يصرخ فى النهاية «آدى اللى خدناه من الثورة». لحد هنا مافيش مشكلة، طول عمرنا واخدين على العك، لكن ما علاقة القرود بكل هذا؟! الإجابة ستجدها عند صنّاع الفيلم الأمريكى «صحوة كوكب القرود» الذى يعد أكبر دليل على أن أفلام الثورة مش لازم تمشى بنفس الترتيب الثورى الذى وضعه صنّاع السينما المصرية، ومش ضرورى تنتهى بفرحة التنحى ولا فى الميدان -كما يظن صنّاع فيلمى «الفاجومى» و«صرخة نملة»- ومش مهم تبقى معمولة للثورة أساسا. فالفيلم لو ركزنا معاه شوية فى التفاصيل سنكتشف أنه الأنسب للتعبير عن الثورة المصرية بكل تفاصيلها التى تتشابه إلى حد كبير جدا مع التفاصيل التى نسجها المؤلف بيير بول بخيال فاق الخيال. القرد «قيصر» يقرر التمرد على الذل والهوان الذى عاشه فى ملجأ القرود، ويخطط لثورة داخل الملجأ للإطاحة برموز الفساد «المسؤولين عن المكان» لاسترداد حريته المفقودة. ويبدأ قيصر رحلته لقلب نظام الملجأ من داخل الزنزانة، بعد أن نجح فى لم شمل القرود وتوحيد صفهم. رحلة من الإمتاع مدتها نحو ساعتين نجح خلالها المخرج روبرت وايت فى إذابة الفروق بين الممثلين والقرود المصنّعة بالكمبيوتر، لتقديم حدوتة هى الأكثر عاطفية بين أجزاء الفيلم السابقة. إنها «ثورة القرود» التى أثبتت وجود سنوات ضوئية بيننا وبين بشر أدركوا أن الثورات ليست فى حاجة إلى أفلام لا تليق بها، بقدر ما تحتاج الأفلام إلى ثورات تفجر طاقات صنّاعها.