سامح مكرم عبيد هذا النقد لن يدخل فى ماهية النظام الانتخابى الأمثل، فردى أم قائمة وبأى نسبة، فهذا الموضوع قتل نقاشا دون فائدة، وإنما سيحلل أمرين، الأول القانون الذى سيحدد ملامح البرلمان القادم، والثانى دور النائب وتحالفاته بعد حلف اليمين. أما القانون فبه أخطاء جسيمة، أخطاء فى الصياغة لن أتوقف عندها كثيرا، وإن كانت مهمة، حيث تدل على الاستعجال وعدم التأنى عند إصدار القانون، ومنها مثلا أن القانون 38 لسنة 1972 الملغى ليس بشأن مجلس النواب، وإنما بشأن مجلس الشعب، ومنها أخطاء فى استخدام واو الجمع، فى حين الأصح هو استخدام كلمة «أو»، فمثلا جملة «ستة مرشحين من العمال والفلاحين»، تعنى وجوب ترشح الفئتين، غير أن المقصود هو ترشيح أى من الفئتين وأخطاء أخرى كثيرة فى المواد: 2، 4، 5، 12، 16، 21، 25، 32، 36، 45. أما من حيث المضمون وهو الأهم فأرى ما يلى: (مادة 4): تم تخصيص 120 مقعدا مقسمة على 4 دوائر انتخابية (15*2 + 45*2 ) دون تحديد نطاقها ومكونها الجغرافى أو الديموجرافى، وهذا أمر غريب، أما الأغرب فهو أن إجراءات الانتخابات ستبدأ بعد أسابيع دون أن يعلم المرشح أو حزبه نطاق الدائرة. (مادة 6): وجوب استمرار الصفة الانتخابية وإلا سقطت العضوية، فالمرأة تظل امرأة والحزبى يجب أن يستمر فى حزبه، أما المستقل فلا يجوز أن يصبح حزبيا، وهلم جرا، وهى سقطة من واضعى القانون، لأنهم مصابون بعقدة أحمد عز/ كمال الشاذلى، أى من هرولة المستقلين بعد انتخابهم إلى الحزب الوطنى قبل ثورة 25 يناير، ولكن هذه المرحلة لن تعود إن كنا نريد التقدم، أما المرحلة القادمة فهى مرحلة تكوين أحزاب جديدة واندماج أحزاب وتكوين تكتلات أو ائتلافات، ففى مراحل التحول الديمقراطى يجب السماح -بل تشجيعه- للنائب وغيره بتغيير انتمائه السياسى عند تغيير قناعته الفكرية، كما أن هذا المنع يعزز من تحكم أو استبداد رئيس الحزب فى نوابه بالبرلمان، تارة بالتهديد بالفصل، وتارة أخرى بالفصل من الحزب، وبالتالى الحرمان من عضوية البرلمان، فهذا يضر بالعمل السياسى الحالى والمستقبلى، ولذا يجب السماح للمستقل بالانضمام إلى حزب، وإلى الحزبى بتغيير انتمائه الحزبى، أما عقوبة الحزبى فتكون بالفصل من الحزب، وبالتالى حرمانه من دعم الحزب اللوجستى أو المادى خلال مدة نيابته، ولكن حيث إن غالبية أحزابنا لا تملك تلك الأدوات فإنها لا تقدر على العقاب أو حتى الثواب. أما المفارقة الثانية فهى أن سقوط العضوية لا يكون إلا بقرار من 378 من 567 نائبا من مجلس النواب، أى أننا عدنا إلى أن المجلس سيد قراره، وعدنا إلى انتقاء من سيتم فصله، فإذا كان على هوى الأغلبية يبقى وإذا كان رذيلا عليهم فليرحل، والأصح أن يكون القرار لمحكمة النقض، تماما كما هو مطبق فى موضوع الفصل فى صحة عضوية النائب، والمفارقة الأخيرة فهى أن المرأة دون غيرها من النواب لا تفصل إلا فى حالة تغيير انتمائها الحزبى أو المستقل، أى إن أسلمت النائبة مثلا، فلا تفصل، وإن أسلم النائب فيفصل، وهذا البند وحده كفيل بالطعن على المجلس بعدم الدستورية، لأنه يخل بالمساواة وتكافؤ الفرص. (مادة 8): عدم جواز ازدواج جنسية نائب البرلمان دون غيره، وأتعجب من عدم تطبيق معيار ازدواج الولاء الناتج عن ازدواج الجنسية على أعضاء السلطات الأخرى فى الدولة للوزراء والمحافظين ورؤساء المدن، وغيرهم من الجهاز الإدارى للدولة، كما لا يطبق على أعضاء السلطة القضائية، مع العلم بأن هذا المعيار للولاء للوطن معيار معيب، وعلى الأخص أن الدستور يؤكد حق المصرى فى الهجرة والتجنس بجنسية أخرى، ويؤكد كذلك تساوى كل المواطنين فى الحقوق والواجبات وعدم التفرقة بينهم لأى سبب من الأسباب. (مادة 9): يجب أن يتم تحديد اختصاصات الممثل القانونى للقائمة، حيث لا تطلق يده فى تغيير أو شطب مرشح من القائمة الأصلية أو الاحتياطية على هواه أو هوى رئيس الحزب. اقرأ الجزء الثانى من المقال الإثنين القادم.