الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط كان على رأس أجندة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أثناء زيارته الخارجية الأولى إلى أوروبا منذ أيام، والتى زار خلالها كلًّا من إيطاليا والفاتيكان وفرنسا، وفى حديثه مع صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية، أكد الرئيس أن تهديد الإرهاب يحتاج إلى تكوين جبهة موحّدة من الغرب والعالم الإسلامى لمواجهته. كل المحبوسين فى مصر بإجراءات قضائية.. وقوانيننا مستمدة من القانون الفرنسى السيسى أوضح أنه لا يوجد حبس إدارى فى مصر، وأن كل المحبوسين فى مصر تم حبسهم بعد إجراءات قضائية، وأن مصر بلد فيها 90 مليون نسمة، ولا يمكن أن تسمح بأن يكون هناك فوضى فى الشوارع، مشددًا على أن حرية الرأى والتعبير مكفولة بشكل كامل، غير أن هناك قانونًا ينظِّم عملية التظاهر تمامًا مثلما هى الحال فى فرنسا، لافتًا إلى أن القوانين المصرية مستوحاة من القوانين الفرنسية، وكل ما يمثِّل تعديًا على الآخرين يجب أن تتم معاقبته أيًّا كان مصدره. مددت يدى إلى الإخوان بعد 30 يونيو.. لكنهم رفضوا واختاروا التمرُّد فى الشارع وأضاف الرئيس السيسى أنه يحافظ دومًا على المساواة لكل المصريين أمام القانون، موضحًا أن «الشباب هم مستقبل البلاد، ودائمًا ما أدعوهم إلى المشاركة فى الحياة السياسية التى يتعين أن تتمتع بالحرية، غير أن هذه السياسة يجب أن تمارس فى هدوء وفى إطار من احترام القانون». وفى ما يتعلَّق بالإخوان المسلمين، قال الرئيس السيسى إنه فى أعقاب أحداث 30 يونيو 2013، مدّ يده إلى الإخوان واستمرت سياسة اليد الممدودة حتى 14 أغسطس 2013 واقترحت عليهم المشاركة بصورة كاملة فى الحياة السياسية المصرية والتقدُّم بمرشحين فى كل الانتخابات الرئاسية والتشريعية، إلا أنهم رفضوا وفضَّلوا طريق التمرد فى الشارع. وبالنسبة إلى أمن سيناء، قال الرئيس السيسى إنه تحسَّن بصورة ملحوظة بفضل صلابة الجيش، وأضاف أنه كان خطأً كبيرًا من الرئيس المعزول محمد مرسى، أن يترك الجماعات الإسلامية تفرض نفسها فى سيناء، وكان هناك عدم احترام للدستور واستخفاف بالسلطة القضائية وانتهاك للحيادية الدينية للدولة وأمور أخرى. لن يتم التساهل أبدًا مع أى اعتداء على الكنائس أو أى شكل للعنف وحول ما يُقال إن السلفيين لا الإخوان هم الذين أحرقوا الكنائس القبطية، قال الرئيس السيسى إنه لا يمكن إنكار أن بعض السلفيين أحرقوا كنائس، ولكن ليس هم فقط الذين فعلوا ذلك، مؤكدًا أن الاعتداء على الإخوة الأقباط أمر غير مقبول، ولا يمكن أن يتخيَّل أحد أنهم يفعلون ذلك باسم الدين الإسلامى أو باسم أى دين آخر، مشددًا على أن الإسلام الصحيح يوصى خيرًا بالمسيحيين، وأضاف «منذ 30 يونيو والمسيحيون مصريون كاملو المواطنة وعليهم نفس الواجبات ولهم نفس الحقوق مثل المسلمين»، مضيفًا أن الدستور الجديد الذى تم اعتماده فى استفتاء يناير 2014 يضمن للأقباط حق ممارسة شعائر دينهم بكل حرية، ولن يتم التساهل أبدًا مع أى اعتداء على الكنائس أو أى شكل من أشكال العنف. الرئيس السيسى أوضح أننا نريد بناء مصرنا الجديدة فى إطار من مبادئنا العريقة من التسامح وتطلعات الشباب إلى الحداثة، وذكر أن ذلك أدَّى إلى قيام ثورتَين فى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، أما الرجعيون الذين يريدون تدمير هذه الروح الجديدة من الوفاق والحداثة فليس لهم مكان عندنا. مصر لن تتدخَّل فى ليبيا بشكل منفرد.. ومستعدون لمعاونة الأممالمتحدة إذا أرادت ذلك وبالنسبة إلى الوضع فى ليبيا، قال الرئيس السيسى إنه لن يكون هناك عمل أحادى الجانب من مصر فى ليبيا، فنحن نتمسَّك باحترام القانون الدولى ووحدة أراضى ليبيا، ولكن إذا أرادت الأممالمتحدة التدخُّل فى ليبيا، فسنساندها بكل الوسائل، مشددًا على أن الشعب الليبى لا يستحق المآسى التى وقع فيها. وعما إذا كان يرى أن فرنسا أخطأت عندما أخذت مبادرة إسقاط القذافى باستخدام السلاح، قال الرئيس السيسى إن لدينا انطباعًا أن مرحلة ما بعد القذافى لم يتم التفكير فيها أبدًا، وفرنسا وإنجلترا وأمريكا تتحمل مسؤولية إدارة الفترة الانتقالية واستقرار البلاد بعد أن شنّت فيها الحرب، إلا أنها لم تفعل ذلك، والقوى الغربية بغيابها عن أرض صنعت فيها حالة من الفراغ، شجعت على ظهور وضع فوضوى، لافتًا إلى أن ليبيا لها 1500 كيلومتر من السواحل، فكيف تسمح الدول الأوروبية التى لها سواحل على البحر المتوسط، بأن تزدهر فى ليبيا كل أشكال تجارة المخدرات والسلاح والاتجار بالبشر، وأن تُقام هناك معاقل للجهاديين؟! السيسى أوضح أن خطر «داعش» المتطرف الذى ليست له علاقة بالإسلام الصحيح، ليس ظاهرة منفردة، فهناك الجماعات الراديكالية نفسها فى نيجيريا ومالى والصومال ومصر واليمن وباكستان، وحتى فى أوروبا هناك أشخاص راديكاليون للغاية، فالجهادية ظاهرة عالمية، مضيفًا أن غزو أمريكا وبريطانيا للعراق عام 2003 هو أحد أسباب نمو الجهادية فى العالم السنى، ولكنه ليس السبب الوحيد. الرئيس السيسى أشار إلى أن مصر مثل فرنسا عارضت دبلوماسيًّا غزو العراق، لافتًا إلى أن الأسباب الأخرى لنمو الجهادية هى الفقر والجهل فى العالم العربى والإسلامى، وأوضح أن كراهية الآخر هى دائمًا بنت الجهل، واستطرد قائلًا إن «البكاء على أخطاء الماضى لن يفيد والمهم الآن أن نتبنَّى استراتيجية مشتركة، فاستئصال سرطان الجهاد يتطلَّب تشكيل جبهة مشتركة بين القوى الغربية والدول الإسلامية». وحول ما ينتظره من فرنسا، قال الرئيس السيسى إن مصر وفرنسا لهما علاقات قديمة للغاية، وهما أصدقاء، والرئيس فرنسوا أولاند وأنا متفاهمان، وآمل أن تُقام بين بلدينا شراكة استراتيجية لا تقتصر على المسائل الأمنية، فعلى المستوى الثقافى تعتبر مصر أن الفرانكفونية إثراء لها، واقتصاديًّا، مصر مفتوحة للشركات الفرنسية. وفى ما يتعلق بمعبر رفح، قال الرئيس السيسى إنه بموجب القانون الدولى فإن إعاشة سكان قطاع غزة تقع على عاتق القوة المحتلة، وهى إسرائيل، واتفاقيات جنيف التى وقعت عليها الدولة العبرية، تجعلها ملزمة بذلك، فهى التى تسيطر على نقاط العبور الخمس الأخرى فى قطاع غزة التى يعيش فيها 5. 1 مليون فلسطينى، وقد وجّهت للتو بتخفيف الإجراءات على الفلسطينيين الراغبين فى السفر من رفح إلى مصر، معتبرًا أن توجه البرلمانات الأوروبية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية أمر مفيد، باعتباره خطوة فى الاتجاه الصحيح ورسالة طيبة، مؤكدًا أنه لن يكون هناك حل للنزاع دون إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل. السيسى قال إنه يعتقد أن الإسرائيليين مستعدون لإعادة الضفة الغربية إلى الفلسطينيين، لافتًا إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه، مؤيّد لحل إقامة دولتين، مضيفًا أن مصر تقوم بالوساطة بين الوفد الفلسطينى وبه ممثلون عن «حماس»، ودولة إسرائيل، والرئيس محمود عباس بالنسبة إلينا هو السلطة العليا لفلسطين، ونواصل القيام بهذه الوساطة، لأننا نريد أن يُقام السلام فى النهاية بين الإسرئيليين والفلسطينيين، مثلما حدث بين الإسرائيليين والمصريين منذ نهاية السبعينيات.