زاد الحديث فى الأيام الأخيرة عن المصالحة بين مصر وقطر، فمنذ إصدار العاهل السعودى بيانه الذى ناشد فيه مصر المساعدة فى تحقيق المصالحة العربية، ومع صدور بيان الرئاسة المصرية المتجاوب مع بيان العاهل السعودى توالى الحديث عن المصالحة المصرية القطرية. وفى هذا السياق هناك من شكك فى النيات القطرية مؤكدًا أن موقف قطر من مصر لن يتغير، وأنها سوف تواصل سياساتها العدائية تجاه مصر بطرق أخرى، فإذا كانت مضطرة إلى تغيير السياسة الإعلامية لقنوات «الجزيرة» فإنها سوف تنقل المهمة إلى قنوات أخرى بدأت تنطلق بالفعل من تركيا مثل قنوات «الشرق» و«رابعة» و«مصر الآن»، وإذا كانت قطر مضطرة إلى إبعاد عدد من قادة الجماعة من أراضيها فإنها لن تتخلى عنهم. ومنطق أصحاب هذا الرأى يستند إلى أن قطر عبارة عن دور يلعب فى سياق توافق إقليمى ودولى، وأن قطر دون هذا الدور سوف تفقد كثيرًا من مكونات المكانة التى تسعى إليها، وأن ما أجبر قطر على السير فى ركاب المصالحة التى رعاها العاهل السعودى هو الخوف القطرى من العقوبات الخليجية التى لوحت بها السعودية والإمارات، فهناك معلومات تقول بأن العاهل السعودى هدد بمحاصرة قطر عبر إغلاق المجال الجوى السعودى فى وجه الملاحة الجوية القطرية وإغلاق الطرق البرية وصولا إلى طرد قطر من منظومة مجلس التعاون الخليجى. ومعروف أن العداء القطرى هو بالأساس لمصر والسعودية لاعتبارات عديدة، منها المكانة والدور ومنها ما يتعلق بموقف الرياضوالقاهرة من الانقلاب الذى قاده والد الأمير الحالى ضد والده، وهو ما كانت ترفضه القاهرةوالرياض. فى هذا السياق هناك من ذهب إلى طرح شروط مصرية للمصالحة مع قطر ومن بين هذه الشروط اعتراف قطر بثورة الثلاثين من يونيو، وهو ما توقفت أمامه طويلا، من يطرح مثل هذا الشرط إنما يخدم قطر ويعلى من قيمتها وقدرها على حساب مصر، ماذا يفيد اعتراف قطر بثورة الثلاثين من يونيو؟ وهل الثورة وما ترتب عليها محل تشكيك أو تعانى من مشكلة اعتراف دولى؟ هل النظام الحالى فى مصر فى حاجة لدعم شرعيته دوليا حتى يطلب اعترافًا قطريا؟ وإذا افترضنا وجود مشكلة تتعلق بشرعية الثورة على الصعيد الدولى، فهل اعتراف قطر سوف يساعد فى حل هذه المشكلة؟ منذ اللحظات الأولى لميلاد ثورة الثلاثين من يونيو وما ترتب عليها من تغييرات، سواء عزل مرسى وإزاحة نظام المرشد والجماعة أو نظام المرحلة الانتقالية أو ما تلاه، لم تكن هناك مشكلة غياب الشرعية، فلم يحدث أن شككت القوى الكبرى فى العالم أو الأممالمتحدة فى شرعية ثورة الثلاثين من يونيو، لم تسحب دول سفراء لها من القاهرة تشكيكًا فى شرعية الثورة، كل ما حدث هو موقف سلبى من الاتحاد الإفريقى وانتهى، ومواقف سياسية متنوعة من عدد من الدول التى كانت تدعم حكم المرشد والجماعة مثل تركيا وكانت مصر هى المبادرة بطلب رحيل السفير التركى بعد أن سحبت سفيرها من أنقرة. السؤال هنا: هل ما بين مصر وقطر يحتاج إلى مصالحة ومن ثم طرح شروط؟ الإجابة لا، فالقضية باختصار هى اتباع قطر سياسات عدائية تجاه مصر، وكل ما هو مطلوب هو تغيير هذه السياسات، فإن فعلت قطر ذلك فلا مشكلة بيننا وبينها، وإن لم تفعل فالتوتر سوف يسود العلاقات وسوف يجرى التعامل مع قطر باعتبارها دولة معادية لمصر مثلها مثل تركيا، وعلى كل منهما تحمل ثمن العداء لمصر، ومن أراد من دول مجلس التعاون الخليجى الضغط لتغيير موقفها العدائى من مصر فله ذلك، ومن لم يفعل فهذا شأنه، ومصر ليست فى نزاع مع قطر يتطلب الوساطة من أجل المصالحة، قطر تتبع سياسات عدائية تجاه مصر، ولها أن تقرر الطريق الذى سوف تسلكه، ولمصر الحق فى الرد بما لديها من أدوات.