لا أعرف -ولا يعرف غيرى- سر حالة التضخيم فى الدعوة الغريبة للتظاهر يوم 28 نوفمبر. فمنذ فترة وبعد تلك الدعوة التى دعا شخص يُدعى خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية، إليها قام إعلاميون مرتبطون بأجهزة أمنية بتضخيم تلك الدعوة، بل هناك من استضاف خالد سعيد ليؤكد دعوته التافهة والغريبة وقد اختفى اختفاءً غريبًا الآن.. لماذا؟! والغريب أيضًا أن نجد من يخرج علينا من قيادات «الداخلية» ليقول إن 28 يناير لن يتكرر، قاصدًا يوم الغضب فى ثورة 25 يناير، ويبدو أن تلك القيادة التى تنكر ثورة 25 يناير، والتى ربما هى التى جاءت به إلى منصبه بعد التخلص من قيادات «الداخلية» الفاسدة، والتى ما زالت تحاكَم أمام قاضيها الطبيعى، وتعتبرها مؤامرة لم تأخذ الدرس بعدُ من ثورة المصريين فى 25 يناير ضد الاستبداد والفساد والقهر والتعذيب. لقد كان يوم 28 يناير 2011 يوم الغضب بعد 3 أيام من المظاهرات التى لم يَعِها النظام واستمر فى تعنته وبروده فى رد فعله فى التواصل مع الناس، ولم يفهم رسالة يوم 25 يناير، وما جرى فى تونس وهروب الحاكم المستبد، فكان 28 يناير «يوم غضب حقيقى» خرجت مصر كلها فيه ضد الاستبداد والفساد المتمثل فى مبارك ونظامه ورجال أعماله المحتكرين وعائلته التى كانت تريد توريث الحكم لجمال الابن! كان «يوم الغضب» ضد داخلية مبارك وابنه جمال، والتى كان يديرها حبيب العادلى لصالحهم، وكانت ضد الشعب وتمارس القهر عليه والتعذيب الممنهج فى أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز، فضلًا عن الفساد الكبير الذى كان يديره العادلى ومساعدوه. واستطاع الشعب أن يخلع مبارك، وإن لم يستطع التخلص من نظامه فعادوا من الخلف لمحاولة السيطرة من جديد. وسطا على ثورة يناير «الإخوان» وأرادوها ثورتهم وأرادوا دولة تابعة للجماعة، فتصدى الشعب لهم وأجبر المؤسسات على أن تنحاز إليه، وأقصد تحديدًا الجيش والشرطة والأحزاب. كما تصدى الشعب للإرهاب، وهو الذى قاد مقاومة إرهاب الجماعات المتطرفة التى استدعاها الإخوان فى تحالف معهم لإرهاب الشعب. وتصدى الشعب لإرهاب «الإخوان»، واعتبرها جماعة إرهابية قبل قرار الحكومة. ومن ثم كانت حالة تضخيم يوم 28 نوفمبر غريبةً، ووراءها أسئلة كثيرة، خصوصًا أن هناك من يروج لهذا اليوم بطريقة غريبة، فالشعب ليس فى حاجة إلى حالة الفزع وتضخيم يوم 28 نوفمبر، إذ هو ضد الادعاءات والالتفاف حول مطالبه. فالشعب يريد دولة مؤسسات بجد، والشعب يريد الديمقراطية والدولة الحديثة. والشعب يريد تنمية ويستطيع مواجهة الإرهاب بكل ما يملك. والشعب يريد تحقيق ما خرج لأجله فى ثورتيه «25 يناير» و«30 يونيو». الشعب يريد إدارة جديرة للبلاد فى تلك المرحلة، لديها رؤية للخروج من الأزمات والانطلاق نحو الدولة ومستقبلها الحديث. ■ ■ ■ ملاحظات: ■■ د.السيد البدوى قال فى صالون «التحرير» مع الزميل الكاتب الكبير عبد الله السنّاوى: «إذا كنا هنتكلم عن الديمقراطية فالرئيس مبارك كان عنده كل مظاهر الديمقراطية.. كان فيه تعددية حزبية وإعلام يتحدث عن كل شىء». يبدو أن السيد البدوى يحن إلى مبارك ومشاركته فى السلطة وتقديمه الولاء والطاعة وانتخابات 2010 التى أصر على أن يشارك فيها مع الإخوان لدعم الحزب الوطنى وعدم إحراجه بعد أن دعت كل القوى الوطنية للمقاطعة.