فى حادثة كرم القواديس الإرهابية فى 24 أكتوبر، كانت الرواية الرسمية أن إرهابيين فجروا بسيارة انتحارية نقطة ثابتة محصنة للجيش معروفة، ثم هاجموا الموقع بكل أنواع الأسلحة، مما أدى إلى استشهاد 31 جنديا من خيرة شباب مصر. ولم يتم نشر أى صور تتعلق بواقعة الهجوم الإرهابية هذه، مما أثار الاستغراب وفتح الباب أمام بعض المواقع الإخوانية المخرفة أن تبث إشاعات، مفادها أن الجنود المصريين لقوا مصرعهم فى ليبيا فى إطار الدعم الذى تقدمه الحكومة المصرية لقوات الضابط السابق فى الجيش الليبى خليفة حفتر. بالطبع الرواية كانت واهية وعبثية، لكن قلة المعلومات التى صدرت عن الجهات الرسمية فتحت الباب واسعًا أمام كل أنواع الشائعات والروايات. وهو أيضًا ما جعل حجم الصدمة كبيرًا عندما بث تنظيم بيت المقدس الإرهابى، الذى أعلن ولاءه لداعش والخليفة الموهوم البغدادى وبدل اسمه إلى «ولاية سيناء» شريط الفيديو الذى بيّن تفاصيل الهجوم على موقع الجيش بكل ما فيه من خسة وبشاعة ودموية، تؤكد أن هذه التنظيمات قليل عليها وصف الإرهاب، ومن المستحيل أن يكون لها علاقة بأى دين أو مبادئ إنسانية. وفى أعقاب هذا الفيديو، لم تقدم الجهات الرسمية المسؤولة أى توضيحات بشأن ما تم بثه فى ذلك الشريط، وتم الاكتفاء بالرد بشريط فيديو آخر قصير يستعرض الأسلحة الحديثة المدمرة التى يمتلكها الجيش من دبابات وطائرات، ويؤكد حسن معاملة الجنود لمن يتم احتجازهم من أهالى سيناء فى إطار عمليات مكافحة الإرهاب. وكان هذا الشريط ردًّا واضحا على ما ورد فى شريط «أنصار بيت المقدس» من صور تظهر جنودا ينهالون بالضرب المبرح على اثنين من المحتجزين من أهالى المنطقة وأحدهم مصاب. لكن لم تتوافر ردود لعشرات الأسئلة الأخرى التى أوردها الآلاف من المواطنين فى تعليقاتهم على الشريط بشأن درجة الحماية الكافية التى كان يتمتع بها هذا الموقع الحصين، وحجم التدريب الذى تلقاه الجنود، ولماذا لم يتم استخدم أى أجهزة اتصال بحوزتهم لطلب المدد والمساعدة. من ماتوا هم أبناء للوطن كانوا يقومون بتنفيذ خدمتهم العسكرية الإلزامية، ومن كل أرجاء مصر، ويستحقون بالتأكيد توفير كل وسائل التأمين والحماية لهم. الأمر نفسه ينطبق على حادثة الهجوم على اللنش التابع للقوات البحرية فى دمياط فى عملية هى الأولى من نوعها فى تاريخ الإرهاب فى مصر فى العقود الماضية. المتحدث العسكرى قال إن السفينة تعرضت لهجوم بقوارب صغيرة، وتحرك الجيش على الفور لضرب المهاجمين واعتقال أكثر من 32 كانوا فى موقع الحادثة، مما أدى إلى إصابة 5 من جنود السفينة واختفاء ثمانية. وبعد مظاهرات وتجمعات لأهالى سكان عزبة البرج أكدوا فيها أن من تم القبض عليهم صيادون يمارسون عملهم اليومى، تم البدء فى الإفراج التدريجى عنهم. وفى الوقت ذاته تنشر صحف يومية لها مصداقية تقارير فى الصفحات الأولى تنقل عن مصادر أمنية قولها أنه تجرى تحقيقات بشأن قائد السفينة الحربية، وإذا ما كان له دور فى الهجوم بعد أن قرر الانضمام إلى «داعش». ولا توجد أى معلومات أو تفاصيل عن الجهود القائمة للبحث عن المفقودين. ولم تنفِ الجهات الرسمية أو تؤكد هذه التقارير، مما فتح الباب واسعًا أيضا أمام الكثير من الروايات والشائعات. فى هذه الحالات، يكون كشف الحقيقة كاملة أفضل بكثير من سياسة التكتم أو السعى إلى إصدار قوانين تغلظ عقوبة أى من يتولى نشر تفاصيل تتعلق بالأجهزة الأمنية والجيش. فالحقيقة والمحاسبة تزيدان من تماسك الشعب ودعمه قواته المسلحة فى مهامهم الصعبة جدًّا.