رئيس النواب يهنئ "مدبولي" لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة    عاجل.. قرارات بشأن عمل المطاحن والمخابز في عيد الأضحى (مستند)    وزير البترول الأسبق: حالة عدم رضا من المواطن تجاه الحكومة السابقة.. وأؤيد رفع الدعم عن هذه السلع (فيديو)    الجابر: دعم الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة وتقديم مزايا تنافسية لتشجيع التصنيع المحلي    رومانيا.. هجوم بزجاجات حارقة على السفارة الإسرائيلية    حوار| رئيس المؤسسة الكورية الإفريقية: سنكون أقرب إلى إفريقيا بعد قمة سيول.. ولن نفوت الفرصة لزيادة التعاون مع مصر    بقرار جوميز .. لاعب شاب في تدريبات الزمالك    وزير الرياضة: تتويج نائل نصار إنجاز جديد في تاريخ الفروسية    محافظ الغربية يودع حجاج الجمعيات الاهلية قبل سفرهم لبيت الله الحرام    انطلاق تدريبات جوية لقوات الناتو فوق شمال ألمانيا    وزير التجارة والصناعة يبحث مع وفد "كرافت هاينز" العالمية ضخ استثمارات بمصر    النائبة رحاب موسى: استقالة الحكومة تعكس روح المسئولية والشفافية للقيادة    تقارير: لاكازيت أحدث المنضمين إلى الدوري السعودي    يورو 2024 - منتخب تخلى عن لقبه.. ألمانيا "النضارة" ومواهب الجبال    حقيقة رحيل العشري من الاتحاد السكندري بعد فضيحة كأس مصر (خاص)    بعد تتويجه مع الأهلي بدوري أبطال أفريقيا 4 مرات.. تكريم ديانج في مالي (فيديو)    وزير البترول الأسبق عن الحكومة الجديدة: عليها النزول للشارع والتواصل مع المواطنين    إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالإسماعيلية    قوات الاحتلال تقتحم بلدة برقا شرق رام الله بالضفة الغربية    بعد عرض 3 حلقات.. مسلسل مفترق طرق يتصدر مؤشر جوجل    حزب الريادة: حكومة مدبولي قدمت العديد من الإنجازات في وقت بالغ الصعوبة    قبل عقد قرانه على جميلة عوض.. 9 معلومات عن المونتير أحمد حافظ    مهرجان ظفار الدولي للمسرح يطلق استمارة المشاركة في دورته الأولى    دور العرض ترفع أحدث أفلام بيومي فؤاد من شاشاتها قبل موسم عيد الأضحى    عضو "الفتوى الإلكترونية" ل قناة الناس: هذا وقت استجابة الدعاء يوم عرفة    الكشف على 417 شخصاً بالقافلة الطبية بمركز شباب الهيش بالإسماعيلية    رئيس «الرقابة والاعتماد» يشارك في افتتاح مؤتمر ومعرض صحة أفريقيا 2024    سلوت لا يمانع بيع صلاح    إضافة «الطب البشري» لجامعة حلوان الأهلية    قائد القوات الجوية يلتقى قائد القوات الجوية والدفاع الجوى لوزارة دفاع صربيا    وظائف متاحة للمعلمين في المدارس المصرية اليابانية.. رابط التقديم    آخرهن جميلة عوض.. جميلات الفن في قفص الزوجية والخطوبة - صور    تعديل تركيب بعض القطارات بخط «القاهرة- الإسماعيلية».. السبت    وزير الأوقاف يوصي حجاج بيت الله بكثرة الدعاء لمصر    جولة لرئيس جامعة القاهرة للاطمئنان على سير الامتحانات وأعمال الكنترولات    البابا تواضروس يستقبل السفير التركي    8 وجبات تساعد الطلاب علي التركيز في امتحانات الثانوية العامة    متى تذهب لإجراء فحوصات تشخيص مرض السكر؟.. «الصحة» تُجيب    مثلها الأعلى مجدي يعقوب.. «نورهان» الأولى على الإعدادية ببني سويف: «نفسي أدخل الطب»    موسكو تهدد واشنطن بعواقب الأضرار التي لحقت بنظام الإنذار المبكر    "التابعى.. أمير الصحافة".. على شاشة "الوثائقية" قريبًا    سُنن صلاة عيد الأضحى.. «الإفتاء» توضح    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    دعم منظومة النظافة في مركز بيلا بمكنسة أتربة إلكترونية (صور)    الجيش الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أرض-أرض تم إطلاقه من منطقة البحر الأحمر    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن زوجها الذي يكبرها ب40 سنة
نشر في التحرير يوم 21 - 11 - 2014

فى 21 نوفمبر 1941 نشرت مجلة «المصور» مقالًا لصاحبة العصمة السيدة هدى شعراوى، وكان عنوان المقال: «زوجى علِى باشا شعراوى»، وقدمت المجلة المقال بكلمة جاء فيها: «بمناسبة عيد الجهاد الوطنى، وذكر الزعماء الثلاثة سعد، وعلى شعراوى، وعبد العزيز فهمى، رأينا أن نطلب إلى السيدة الجليلة هدى هانم شعراوى أن تحدث قرّاء المصور عن زوجها الزعيم الراحل، وكيف اشترك فى الحركة الوطنية، وما كان عليه من صفات كبيرة».
وبدأت السيدة هدى شعراوى بعد هذا التقديم الفخيم، لتتحدث عن علاقتها بشعراوى باشا، منذ أن كان وصيًّا على أملاك وأوقاف أبيها الشاسعة، وكان علِى شعراوى هو كبير العائلة، وفى الوقت ذاته فهو ابن عمة هدى، ولكن الفارق الكبير فى العمر، الذى يقترب من الأربعين عامًا، جعل هدى تنظر إليه كما ينظر الأطفال إلى الكبار، وكان هو بارًّا حسب وصفها له فى المقال.
ولكن بعد أن بلغت هدى ال13عامًا، قرر علِى شعراوى أن يخطب هذه الطفلة، ووافقت العائلة، إذ كان هذا مشروعًا فى ذلك الزمان، وكان قد سبق أن تقدَّم لخطبتها أكثر من شخص، وكان هؤلاء يخطبون الآنسة هدى من شعراوى نفسه، الذى كان يرفض حتى استبقاها لنفسه، وأشادت هدى شعراوى -فى المقال- بزوجها الراحل قائلة: «وقد رأيت فى زوجى الرجل الذى يحترم زوجته، ويحترم كرامتها، ويرى فيها نصفًا مكملًا له، ومساويًا له فى الحقوق والواجبات، لا خادمة للرجل، أو أَمَة لبيته وأبنائه، فقد كان يشركنى فى أموره، ويطلعنى على شؤونه، ومع ما كان عليه رحمة الله عليه من سداد الرأى، وبعد النظر، وقوة الحجة، فقد كان لا يرى غضاضة فى أن يأخذ برأى زوجته متى تبين له أنه خير من رأيه، وأنفع لمصلحته».
وربما كان هذا الكلام الذى قالته أو أمْلته أو كتبته هدى هانم شعراوى، مبالغًا فيه بالنسبة إليها، إذ إنها صرَّحت فى مذكراتها بأنها تمرَّدت على هذا الزواج غير المتكافئ، والذى حرمها من العزف على البيانو، والتصرُّف بحرية كاملة، ومنعها من ممارسة بعض السلوكيات الصغيرة، ولكنها ذات شأن بالنسبة إلى المرأة، مثل حرية التدخين مثلًا وغيرها من تصرفات، وتقول بالنص فى مذكراتها كلامًا عكس ما كتبت فى هذه المناسبة، إذ قالت: «كنت إذا أردت زيارة صديقة أو قريبة، منعنى من الخروج، وإذا زارتنى صديقة أو قريبة استجوبنى استجوابات كثيرة وملحّة عما جرى بيننا من أحاديث، كأنما كان يخشى أن يكون قد وصل إلى علمى شىء لا يريد أن يعلمه.. وهكذا شعرت أنه يقيّد حريتى تقييدًا ظالمًا، وبدأت أشعر بالكآبة والسأم، وضاقت الحياة فى وجهى، وأصبحت أبكى كثيرًا لسبب ولغير سبب».
والمذكرات مليئة بمثل هذه الشكوى المشروعة، لطفلة فى الثالثة عشرة من عمرها، تتزوَّج من شيخ يكبرها بأربعين عامًا، وربما الذى لم يكن مقبولًا، هو أن تكتب فى كل المناسبات التى تُقام حول عيد الجهاد الوطنى، بمناسبة يوم 13 نوفمبر عام 1918 عندما ذهب الزعماء الثلاثة للمعتمد البريطانى، لطرح المطالب المصرية فى الاستقلال ورفع الحماية عن مصر، بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، إذ لم يكن هناك أى مبرر لاستمرار هذه الحماية التى كان الاحتلال البريطانى يفرضها على مصر، وكانت هذه الزيارة هى المقدمة الأولى لإشعال الثورة المصرية العظيمة فى مارس 1919.
لم يكن هذا هو التناقض الوحيد الذى وقعت فيه الزعيمة النسائية الكبيرة، بل إنها لم تناقش مسألة والدها محمد سلطان باشا، رئيس مجلس النواب أيام الثورة العرابية بأدنى حكمة، وهو الرجل الذى أجمعت كل الأدبيات السياسية بثبوت خيانته للثورة، وتلقيه رشوة كبيرة من الخديو لإفشال الثورة، والإيقاع بعرابى، ودوره فى رشوة عربان الشرقية وعلى رأسهم العائلة الطحاوية لمواجهة القوات الوطنية، والذين كتبوا فى خيانة محمد سلطان باشا كثيرون، وعلى رأسهم عباس محمود العقاد والمؤرخ عبد الرحمن الرافعى ومحمد فريد باشا، وغيرهم من الأسماء الكبيرة، والتى لها مصداقية كبيرة.
لكن السيدة هدى شعراوى، التى أزاحت اسم والدها جانبًا، لتتقلَّد اسم زوجها، آثرت أن تدخل منازلات مع التاريخ، وتتهم كل مَن شارك فى تشويه والدها بالخيانة العظمى، أو التضليل، وعلى رأس هؤلاء الزعيم أحمد عرابى نفسه، وولده عبد السميع، وزعمت فى مذكراتها أن هذا الابن ذهب إليها لتسهم فى نشر مذكرات والده، فاندهشت من هذا الطلب العجيب، والذى يجعلها تشارك فى نشر مذكرات تعمل على تشويه والدها، وكانت المفاجأة -حسب زعم هدى شعراوى- أن عبد السميع قال لها إنه يمكن أن يحذف الفقرات المتعلقة بوالدها، ولكن هدى شعراوى رفضت هذا الطلب.
وتأتى القصة الشهيرة الدرامية، والتى تتعلَّق بالفنانة والراقصة فاطمة سرّى، والتى هام بها ابنها محمد، ونشأت بينه وبينها علاقة عاطفية وجنسية، وحدث أن حملت منه فى بنت، وحاول أن يماطلها فى إثبات بنوة هذه الطفلة التى ولدت فى ما بعد، ولكن بعد محاورات ومداورات كتب محمد شعراوى إقرارًا يثبت فيه بنوّة البنت له، ويعترف بزواجه من فاطمة سرى، وتجن هدى هانم شعراوى التى وقفت طوال حياتها تكتب وتخطب عن حقوق المرأة، وهالها أن يتزوج ابنها صاحب الحسب والنسب من هذه الفنانة الراقصة، فأوصت -كما يكتب مصطفى أمين- باختراع ملف لها فى وزارة الداخلية لإنهاء حياتها بأى شكل من الأشكال، وأعلنت فاطمة سرى الحرب على الزعيمة النسائية، ولكن قبل إعلان الحرب، أرسلت لها خطابًا بالغ الخطورة تنذرها فيه بالاعتراف بليلى شعراوى، وأظن أن هذا الخطاب المكتوب بحنكة استثنائية، أغاظ هدى شعراوى، وجعل منها نمرة، نسيت كل شعارات حقوق المرأة، ولكن فاطمة تجرجر خبر العائلة إلى المحاكم، وتثبت بنوة الابنة لعائلة شعراوى، وبعد ذلك تخضع السيدة المبجلة هدى شعراوى لحكم القضاء. هذه بضعة تناقضات للسيدة الزعيمة من حفنة تناقضات كثيرة، لا تلغى دورها العظيم فى إشاعة شعارات الحرية، وإثارة قضايا المرأة بشكل ما، وهذه تناقضات تنبثق من معين تناقضات الرأسمالية المصرية، التى تناقضت مع كل شعاراتها التى لها عمر قصير فى تصدرها قيادة الحركة الوطنية المصرية، والتى ما زلنا نعانى منها حتى الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.