بدأت رحلتها عام 2004 لتتمكن بعد عشر سنوات من رحيلها عن الأرض من تنفيذ مهمتها وهي الهبوط على سطح مذنب يوم 12 نوفمبر 2014، محققة بذلك إنجازًا طال انتظاره، إنها المركبة «روزيتا»، التي تحمل ضمن جوانبها المسبار الرائد، والذي يُعد أول ما تمكن من الهبوط على سطح مذنب نفذت الطاقة منه لتدخل في سبات عميق وطويل مخيب للآمال. والتحكم بالمسبار كان من خلال المركز الأوروبي للعمليات الفضائية بألمانيا، وكانت مهمته الرئيسية إرسال بيانات ومعلومات من على سطح المذنب لمركز العمليات، وقد أسموه تيمنًا بالمسلة «فيلة»، التي تحمل نقوشًا، ساهمت فى حل لغز اللغة المصرية القديمة، فتسببت فى فتح علمي لن يقل عنه الإنجازات التي كان من المنتظر أن يُحققها المسبار. فالعديد من الدول ساهمت فى تمويل الرحلة، لكن معهد الأبحاث الفضائية بالنمسا هو من طوّر مرساة المسبار وجهازين استشعار، كما قام المعهد الفضائي ببلجيكا بصنع جهاز استشعار آخر، وساهمت كندا في بناء ثلاث محطات أرضية تهدف للتواصل مع السفينة روزيتا، أما فنلندا فطورت عددًا كبيرًا من الأجهزة الداخلية المسئولة نظام إدارة المسبار وحفظ الذاكرة عليه، وكان لفرنسا دور في العمل على الهندسة العامة وتركيب بطارية الجهاز وأجهزة التواصل به. «ايطاليا، إيرلندا، هنغاريا، هولندا، بولندا، أسبانيا، سويسرا، وبريطانيا»، أسهموا فى بناء الهيكل الخارجي والأنظمة الداخلية للمسبار، مُقدمين في ذلك العون للشركات الألمانية الرئيسية المسئولة عن إطلاق المسبار إلى الفضاء. وبمجرد هبوط المسبار على المذنب تفاءل العلماء وظنوا أن مهمته ستستمر لأكثر من أربع شهور على أقل تقدير، وكان الهدف العلمي الرئيسي وراء ارسال «فيلة» للفضاء هو دراسة التركيب العنصري والجزيئي والمعدني الذي تتكون منه المذنبات، والتوصل للخصائص الفيزيائية لتلك الأسطح وما هو تحتها، وتطبيق دراسة واسعة النطاق على البيئة والبلازما المغناطيسية المحيطة بالنواة. وقبل هبوط المسبار على المذنب تم إجراء سلسلة من الفحوصات من مركز التحكم بالأرض، منها فحص محركات الغاز البارد الذي تبين،وقتها، فشله فى القيام بمهمته، ولكن العلماء تمكّنوا من حل المشكلة، ليهبط المسبار بعدها بسبع ساعات على سطح المذنب، بعد اصطدامه لمرتين بالسطح. واستمر المسبار في تأدية عمله بشكل ممتاز على مدى أيام، قبل أن يبدأ يوم 14 نوفمبر في إرسال إشارة تُنبئ بأنه على وشك أن يستنفذ بطاريته، ليهدأ تمامًا يوم 15 نوفمبر ويُفقد التواصل مع «فيلة». ويُبين «ستيفن أولاميك» مدير المشروع، في تصريح لصحف غربية، إن المسبار تمكن من إرسال كل بياناته وتقاريره الذي تمكن من جمعها قبل أن ينطفأ، مُضيفًا «لقد عمل هذا الجهاز في ظل ظروف صعبة وقام بأداء مهمته على أتم وجه، نحن فخورين بالإنجاز العلمي الذي تمكن فيلا من تحقيقه». ورغم فقدانه كل الوسائل «مسبار فيلا» تمكن من العمل مجددًا، إلا أنه من المتوقع بحلول شهر أغسطس 2015 ونتيجة لحركة المذنب في مداره قد يزداد تشبع الألواح الشمسية المثبتة عليه بقدر كاف يجعله يعود للحياة مرة أخرى. وتمكن فيلا في ساعته الأخيرة من إرسال بضع التغريدات الأخيرة على حسابه الرسمي بموقع تويتر مثل: «أنا أشعر بالتعب قليلاً، هل حصلتم على كل المعلومات؟» و «حياتي على المذنب بدأت للتو، سأخبركم المزيد عن منزلي الجديد مذنب «67 بي» قريبًا». ويُعد الهدف الرئيسي من السفينة «روزيتا» والمسبار «فيلا» دراسة النيازك ومما تُصنع، لاعتقادهم بأن هذه النيازك هي آخر بقايا المولد الأول للمجموعة الشمسية، وعلى الرغم من استقرار «فيلة» الآن على سطح المذنب، فتستمر السفينة «روزيتا» في رحلتها حول المذنب في رحلة اقترابه من الشمس للبحث عن المزيد من الأدلة حتى عودة فيلا للعمل، وخطط العلماء لمهمة روزيتا في ملاحقة المذنب بأن تنتهي في ديسمبر 2015. بالطبع قد تكون هذه نهاية مهمة مسبار فيلا القصيرة على سطح المذنب، ولكن على الرغم من ذلك تمكن مركز التحكم من الحصول على قدر هائل من المعلومات والبيانات، والتي من شأنها زيادة فهمنا للمجرة والنيازك، وتحقيق خطوة جديدة في اكتشاف المجهول.