لا شك أن حوادث الطرق فى جميع أنحاء العالم تمثل مصدر قلق لكل الحكومات.. وكلما زادت حركة التجارة والصناعة وزادت شبكات الطرق زادت معدلات الحوادث بشكل عام. والأمر المزعج فى حوادث مصر هو الأعداد الكبيرة التى تتعرض للوفاة أو الإصابات الجسيمة فى الحادث الواحد.. ولكن الأعداد بشكل عام لا تتجاوز المعدلات العالمية حتى فى الدول المتقدمة، وهذا ما سنؤكده فى نهاية المقال. والآن سنحاول أن نجيب عن السؤال الهام: كيف تحدث حوادث الطرق؟ وقبل الإجابة نؤكد على حقيقة أن العامل الإنسانى (السائق) له النسبة الكبرى فى حوادث الطرق.. لأن الإحصائيات العالمية توضح أن 55% من حوادث الطرق بسبب خطأ مباشر من السائق وحده، وأكثر من 80% ترجع إلى السائق مع عوامل أخرى مثل العوامل البيئية (طرق- مطر- شبورة- أشجار...) وعوامل ميكانيكية خاصة بالسيارة. والآن نجيب عن السؤال: كيف تقع حوادث الطرق؟.. هناك ثلاثة أشياء تحدث فى أثناء القيادة قد يكون أحدها أو كلها مجتمعة هى سبب الحادث. أولا: الإدراك.. كأن يدرك السائق شيئا على الطريق.. مثل سيارة أخرى أو شخص يعبر الطريق أو سيارة تعبر الطريق أو تغير فى شكل الطريق. ثانيا: الانتباه.. عندما يدرك السائق شيئا عليه أن ينتبه لكى يقرر ماذا سيفعل.. والإدراك والانتباه يأتيان من الذاكرة النشطة. ثالثا: ثم يأتى العامل الثالث وهو اتخاذ القرار مثل استخدام الفرامل للتهدئة أو التوقف أو المناورة.. إلى آخر ذلك. ويأتى اتخاذ القرار من الذاكرة غير النشطة.. حيث يتم استدعاء القرار من خبرات ومهارات السائق ومن العوامل التى تؤثر فى الإدراك والانتباه واتخاذ القرار.. أن يكون السائق مشغولا بشىء آخر وقت وقوع الحادث مثل استخدام التليفون.. أو تذكر مشكلة مع الزوجة أو الأولاد.. أو الحديث مع شخص آخر.. أو سماع المذياع والتركيز معه، أو تحت تأثير مخدر أو عامل مرضى. وهناك أشياء أخرى تؤثر على مهارات السائق فى القيادة، منها.. العمر، فكلما كبر السائق قلّت قدرته، والأمراض مثل أمراض القلب والضغط والسكر التى تؤثر على تركيز السائق وتقلل من قدرته. وهناك أيضا العوامل البيئية، مثل الأمطار والعواصف.. واللافتات على الطريق والشبورة وكثرة الأشجار والمنحنيات كلها تحتاج من السائق إلى مراعاة هذه الأشياء عن طريق عدم زيادة السرعة أو التركيز مع الطريق والمركبة. وهناك القيادة تحت تأثير المخدر الذى يعتقد السائقون خطأ أن المخدر يعطيه قوة ويقظة.. والقدرة على احتمال الهموم. هذا هو العلم وتلك هى الأسباب التى يجب أن نأخذها، ولكن لو سألت أى سائق جاهل وربما أى شرطى جاهل أو ضابط جاهل سيقول لك هذا نصيبه وعمره والأعمار بيد الله.. والله برىء من هذا لأنه يحث على العلم وإتقان العمل.. والآن هل عرف ضابط المرور أو أمين الشرطة الذى يكون له دور فى منح الترخيص هذه الأشياء الهامة؟.. فكم من الجهلاء وغير المؤهلين للقيادة نُعطى لهم الترخيص بالقيادة أو نتسامح معهم لغرض عند الخطأ.. والنتيجة ضحايا مثل حادث طريق الإسكندرية الزراعى.. عندما عاند السائقان كلاهما الآخر، أحدهما وهو سائق المقطورة أو النقل قرر أن يأخذ الاتجاه العكسى، ويصر سائق الحافلة على أن لا يعطيه الفرصة على أساس أنه صاحب الحق فى الطريق قبل من يريد الدوران للاتجاه العكسى.. والدليل هو زيادة السرعة إلى درجة جنونية، فعندما وجد سائق النقل يسد عليه الطريق إذا به يأخذ الاتجاه العكسى حتى لا يصطدم بالنقل فيقطع الرصيف ويصدم سيارة بقوة كبيرة تؤدى إلى انفجار خزان الوقود بها وحدوث حريق يأتى على ضابط الشرطة وأسرته الذى لا ذنب له إلا أنه مر فى هذه اللحظة، ثم يمتد الحريق للحافلة.. أو ربما يكون سائق الحافلة لم يدرك أن سائق النقل يأخذ الاتجاه العكسى وفوجئ به. ولكى نعرف أن حوادث الطرق تؤلم كل بلاد الدنيا سنقدم حوادث عام 2013 فى إنجلترا، وهو العام الذى بدأ أول يوليو 2012 وحتى نهاية يونيو 2013، حيث قُتل 1785 شخصا بسبب حوادث الطرق خلال هذا العام، بنقص 3% عن العام السابق. أما عدد القتلى والمصابين فى سنة 2013 فقد كان 185540 شخصا بنسبة 7% أقل عن العام السابق، وكان معظم القتلى من صغار السن. وفى كينيا كان معدل الوفيات بالنسبة إلى عدد السيارات 64 من كل عشرة آلاف سيارة.. وكان معدل الوفيات 8.6 من كل مائة ألف مواطن. ويوجد فى كينيا 12000 تصادم للسيارات سنويا.. وتصل المعدلات فى بعض الأحيان فى كينيا إلى 33 حادث تصادم يوميا ينتج عنها من 8- 9 حالة وفاة يوميا. والآن لنبدأ من السائق.. لا بد من القراءة والكتابة أو إعدادية على الأقل.. ثم اختبار لا تهاون فيه.. ثم كشف طبى حقيقى.. ثم كشف مخدرات حقيقى.. ثم سحب التراخيص مددا محددة أو نهائيا فى حالة المخالفات الجسيمة. ثم الطرق.. والإشارات على الطريق والمنحنيات.. ثم عدم التهاون إن أردنا أن نقلل المعدلات. وليعلم من يعطى رخصة مجاملة أو يتهاون فى عقاب مخالف لغرض أو لآخر أن الله سيحاسبه على أخطاء هذا السائق.