كتب علينا أن نواجه فى وقت واحد هذا الإرهاب المنحط الذى لا مجال أمامنا إلا استئصاله من جذوره مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات، وأن نواجه أيضًا هذا الميراث الثقيل لأكثر من ربع قرن من الفساد، ثم للإدارة السيئة بعد ثورة يناير والحكم الفاشى فى عام الإخوان الأسود. وهكذا.. بينما كانت قواتنا المسلحة تواصل حربها لتطهير سيناء من عصابات الإرهاب المنحط، وتضمد جراح أهلنا فى سيناء الذين يدفعون الثمن الأكبر لجرائم هذه العصابات، فيتم الإعلان ببناء مدينة رفح الجديدة وتقديم كل التسهيلات لتعويض أبناء سيناء عما يتحملونه. وبينما كانت مصر تواجه مخطط التشويه والإساءة فى مجلس حقوق الإنسان فى جنيف، وترد كيد عصابة الإخوان ومَن يدعمونها. وبينما تمضى مصر فى طريقها لترتيب البيت من الداخل والإعداد لانطلاقة شاملة تحقّق أهداف الثورة وتعيد بناء مصر على أسس سليمة.. بينما تفعل مصر ذلك بإيمان عميق فى الانتصار، يمضى «إخوان الإرهاب» فى تصعيد جرائمهم وفى استدعاء غضب الملايين الذى كاد ينفجر، ويستمر نتاج الفساد والإهمال فى حصد أرواح أبنائنا فى حوادث طرق لم يعد ممكنًا التساهل معها أو تركها فى يد مَن لا يطبّقون القانون ولا يحترمون أبسط حقوق المواطن فى ضمان حياته وأمنه. فى نفس اليوم الذى كنا نشهد فيه مأساة حادثة البحيرة التى لن تكون الأخيرة فى حوادث الطرق التى أصبحنا نتصدر دول العالم فيها.. كنا نقرأ فى «التحرير» تصريحات المسؤول عن الطرق فى مصر، والذى قال فيها إن لدينا مئات الكبارى المهددة بالسقوط لولا «ستر ربنا»!! وإن الطرق عندنا لا تطبّق عليها المواصفات القياسية منذ 25 سنة!! إنها سنوات الفساد العظيم الذى أورثنا مرافق على وشك الانهيار، ومدارس بلا تعليم، ومستشفيات بلا علاج، واقتصاد يأخذ عرق الملايين ليضعه فى جيوب المحاسيب الذين يطلّون علينا الآن مرة أخرى على أمل العودة دون خجل، ودون خشية من عقاب على هذا الذى فعلوه بمصر، والذى سندفع ثمنه لأجيال قادمة!! على الجانب الآخر والأهم -وهو جانب المواجهة المصيرية مع الإرهاب- نشهد تطورًا نوعيًّا جديدًا يأخذ «إخوان الإرهاب» خطوات بعيدة فى مستنقع الخيانة والإجرام فى حق الشعب والخروج على الدين والشرع. خلال ساعات وقعت جريمة قطار منوف، ثم جريمة مترو المرج فى القاهرة. الجريمتان هما إعلان رسمى جديد من «إخوان الإرهاب» بأن يأسهم يدفعهم إلى شن الحرب ضد كل المصريين. لقد وضعوا قنابلهم تحت مقاعد الركاب، مستهدفين أكبر خسائر بينهم، ومؤكدين أنهم لم يعودوا فقط خارجين على الدين والوطن، بل أصبحوا خارج نطاق الإنسانية، ولم يعد أمامنا إلا أن نتعامل معهم على هذا الأساس.. ولكن بالقانون، لأن أحد أهدافهم الحقيرة أن يفجّروا بركان الغضب فى نفوس الملايين، وأن يستدرجوا البعض إلى دائرة الانتقام، وعلينا أن نحترس من ذلك، وأن نترك المهمة للدولة والقانون، وأن نصطف جميعًا وراء مؤسسات الدولة وهى تخوض المعركة.. نساند ونؤيِّد ونبذل كل جهد ممكن لكشف المتآمرين ومحاسبة المجرمين بالقانون. ولنتذكَّر دائمًا أن الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة.. ولهذا فليست صدفة أن نواجه -فى وقت واحد- آثار أربعين سنة من الفساد تركتنا وسط مرافق آيلة للسقوط وإهمال يقتل أبناءنا على الطرق وفى المستشفيات والمدارس، وأيضا آثار ثمانين عامًا من الفكر الضال والإرهاب الذى يتخفَّى وراء الدين الحنيف ليقتل ويدمّر ويضع القنابل وسط المواطنين الأبرياء. قدرنا أن نخوض المعركة على كل الجبهات.. وأن ننتصر بوحدتنا وبانحيازنا للوطن ولسماحة الإسلام ولحكم القانون ضد شريعة الغاب.. وأن نحقِّق القصاص العادل لشهداء يقتلهم الفساد أو يغتالهم الإرهاب أو نفرط فى دمائهم إذا فرطنا فى وحدتنا أو سمحنا لحزب الفساد أن يعود، أو لإخوان الإرهاب أن يقتلوا أحلام شعب بأكمله!! لسنا مثلهم.. ولن نكون!!