رئيس جامعة أسيوط يستعرض تقريراً حول الأداء البحثي خلال 2023    مجاهد نصار: عمال مصر سيظلوا جنود الوطن المخلصين في معركة البناء والتنمية    لا تهاون مع المخالفين.. تنفيذ 12 قرار إزالة في كفر الشيخ| صور    صندوق النقد: مصر تُنفذ خطة قوية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي    حماس: إسماعيل هنية يثمن دور مصر في مباحثات وقف إطلاق النار ب غزة    وزيرة البيئة تنعي رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ    مسؤول أممي إعادة إعمار غزة يستغرق وقتًا طويلًا حتى 2040    "كاف" يخطر الاتحاد المغربي بوصول خطاب تأهل نهضة بركان لنهائي الكونفدرالية    أتلتيكو يجد ضالته فى صفوف ريال مدريد    تفاصيل إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق في العجوزة    قرارات عاجلة بشأن امتحانات الترم الثاني المقرر انطلاقها 8 مايو بالمدارس    "مشنقة داخل الغرفة".. ربة منزل تنهي حياتها في 15 مايو    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    حصيلة 48 ساعة.. ضبط قضايا إتجار غير مشروع بالنقد الأجنبى بقيمة 35 مليون جنيه    شاهد.. سميرة سعيد تطرح كليب "كداب"    رسائل تهنئة شم النسيم 2024.. متي موعد عيد الربيع؟    معرض أبو ظبي للكتاب.. طالب الرافعي: يجب أن يمد مركز أبو ظبي جسور جديدة للمبدعين العرب    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    تفاصيل موقف غريب جمع بين محمد رشدي وبليغ حمدي في بيروت وما علاقته ب «العندليب»؟    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء: الخميس 25 يوليو انطلاق المرحلة الثانية لمسابقة النوابغ الدولية للقرآن    أردوغان يعلق على التظاهرات الطلابية بالجامعات الأمريكية لدعم غزة    أول رد من الكرملين على اتهام أمريكي باستخدام «أسلحة كيميائية» في أوكرانيا    الداخلية تضبط 12 ألف قضية تسول في شهر    ميقاتي يحذر من تحول لبنان لبلد عبور من سوريا إلى أوروبا    تمديد استقبال تحويلات مبادرة "سيارات المصريين بالخارج".. المهندس خالد سعد يكشف التفاصيل    عاجل.. هيئة الرقابة المالية تقرر مد مدة تقديم القوائم المالية حتى نهاية مايو المقبل    مصر تستضيف بوركينا فاسو 7 يونيو وتواجه غينيا 10 يونيو بتصفيات كأس العالم    محافظ شمال سيناء: رفح الجديدة صممت لاستيعاب 75 ألف نسمة «من الجيل الرابع» (تفاصيل)    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة    منحة السفارة اليابانية MEXT لعام 2025 لطلاب الجامعات.. تعرف على التفاصيل    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    صحة الإسكندرية: فحص 1540 مريضًا في قافلة "حياة كريمة" ببرج العرب    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    الإمارات: مهرجان الشارقة القرائي للطفل يطلق مدينة للروبوتات    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 48 شخصا    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    كولر يعالج أخطاء الأهلي قبل مواجهة الجونة في الدوري    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    إعلامي: الخطيب طلب من «بيبو» تغليظ عقوبة أفشة لإعادة الانضباط في الأهلي    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«البيشمركة».. شوكة في ظهر «داعش» وصداع برأس أردوغان
نشر في التحرير يوم 06 - 11 - 2014


سلافة قنديل ومحمد جعفر
بعدما قيل عن أن مقاتلى البيشمركة الجدد والشباب باتوا لا يجيدون القتال إلا عبر شاشات الحاسب الآلى وألعاب الفيديو، عاد المقاتلون الأكراد مرة أخرى إلى ساحة المعركة، لمواجهة الخطر الجديد الذى يتمثل فى التنظيم الإرهابى، المعروف باسم «داعش»، والذى أعاد من جديد حلم الدولة القومية الكردية فى قلوبهم، التى يجتمع فيها شمل الأكراد الموزعين فى العراق وسوريا وتركيا وإيران.
مَن هم الأكراد؟
«كردستان الكبرى»، هو الحلم التاريخى الذى يداعب دوما قلوب الأكراد، الذين كانوا يعيشون فيها قبل تقسيمات دول «العراق وسوريا وتركيا وإيران»، التى قسمتهم بين تلك الدول.
ويعيش الأكراد فى الشمال الشرقى من العراق وشمال غرب إيران وشمال شرق سوريا وجنوب شرق تركيا، ويصل إجمالى عددهم من 30 إلى 38 مليون نسمة.
ومن أبرز الشخصيات التاريخية التى تعود إلى أصول تاريخية عرقية كردية، قاسم أمين، وكما هو معلوم الشخصية التاريخية الكبرى صلاح الدين الأيوبى.
ويبلغ عدد الأكراد فى تركيا نحو 18 مليون نسمة بنسبة 25% من عدد الأكراد، وهم النسبة الأكبر من الأكراد فى العالم، وهو ما يفسر سبب ذعر الحكومة التركية ورجب طيب أردوغان الكبير من الأكراد وحزب العمال الكردستانى.
أما أكراد العراق فيبلغ عددهم نحو 6.5 مليون نسمة بنسبة 23% من إجمالى عددهم، ولكن أكراد العراق هم أكثر الفئات التى حصلت على حقوقها، بعد رحيل صدام حسين، بعدما حصلت على حكم فيدرالى فى إقليم كردستان العراق، وباتت تتمتع بحقها فى تصدير النفط الخاص فيها، كما أنها وسعت نفوذها فى ما بعد بالسيطرة على مدينة «كركوك» النفطية البارزة، والعاصمة التاريخية ل«كردستان الكبرى»، والتى كانت خارج نطاق الإقليم.
ويعيش فى إيران نحو 6 ملايين نسمة، لكنهم بعيدون عن الحياة السياسية بصورة كبيرة ويجرى تهميشهم، بسبب نظام دولة الملالى التى تسيطر على البلد وتمنح كل الحقوق للشيعة.
وظهر على السطح حاليا أكراد سوريا، والذين يبلغ عددهم نحو 2.5 مليون نسمة، والذين شاركوا ببسالة فى المعارك ضد النظام السورى والجماعات الجهادية، ولا يزالون يتصدون أمام محاولات «داعش» للسيطرة على مدينة «كوبانى- عين العرب» الحدودية الاستراتيجية، بفضل وحدات «حماية الشعب» الكردية السورية، والتى يعتقد وجود صلات قوية بينها وبين حزب العمال الكردستانى فى تركيا.
«البيشمركة» .. «الفدائيون» بالعربية
هم مقاتلون أكراد فى شمال العراق يتصدون حاليا لتنظيم «داعش» الإرهابى الذى يسيطر على أجزاء واسعة من سوريا والعراق، ويحاولون منع سقوط مزيد من الأراضى العراقية فى يد التنظيم الإرهابى، الذى فرض سيطرته على محافظة الموصل العراقية فى شهر يونيو الماضى. «بيشمركة» كلمة مقدسة لدى الشعب الكردى، فهى تعنى مواجهة الموت، إذ إن المصطلح فى اللغة الكردية ينقسم إلى جزأين، الأول: «بيش» وتعنى «أمام»، والثانى «مرك» وتعنى «الموت»، أى أن عنصر البيشمركة يعمل مضحيا بحياته من أجل حرية وحقوق شعبه العادلة. يوصف هؤلاء المقاتلون الأكراد بالشجاعة والإقدام، إذ إنهم انتفضوا فى عديد من المرات، وواجهوا الموت والإبادات.
المحلل والباحث الفرنسى فى معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية فى باريس، كريم باكزاد، فى لقاء له مع صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية وصفهم بأنهم «جنود أسطوريون انتفضوا فى عديد من المرات وواجهوا إبادات».
بداية الظهور
ظهرت قوات البيشمركة الكردية فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حين كان هناك حراس حدود قبليون أصبحوا أكثر تنظيما بعد سقوط الدولة العثمانية إثر الحرب العالمية الأولى، بحسب المؤرخين. وتنامت قوات البيشمركة مع اتساع الحركة القومية الكردية وإعلان الثورة فى بداية الستينيات، وأصبحت جزءا من الهوية الكردية العامة، للدفاع عن الحقوق القومية والمطالبة بتوسيعها. ودخلت البيشمركة فى حروب مع القوات الحكومية العراقية فى مراحل متعددة، كما انخرطت فصائلها فى اقتتال داخلى بين الفصائل الكردية فى مراحل أخرى. وبعد تشكيل حكومة إقليم كردستان فى شمال العراق فى بداية التسعينيات، بعد الانتفاضة الواسعة التى شهدها العراق فى الجنوب والشمال إثر حرب الكويت، أصبحت قوات البيشمركة جزءا من مؤسسات حكومة الإقليم، متحولة إلى قوة نظامية.
قوة مؤثرة فى «الحرب الإيرانية العراقية»
فى سبعينيات القرن الماضى وخلال الحرب الإيرانية العراقية فى الثمانينيات منه أصبحت قوات البيشمركة قوة مؤثرة تقاتل قوات الحكومة العراقية، منتهجة أسلوب حرب العصابات. كما انشق كثير من المقاتلين الأكراد عن الجيش العراقى إبان حكم صدام حسين وانضموا إليها. حارب بعض المقاتلين الأكراد سابقا إلى جانب قوات صدام حسين فى الحرب ضد إيران، غير أن جزءا من البيشمركة تحالف مع القوات الإيرانية بغية الظفر بمناطق فى كردستان العراقية.
وبدأ صدام حسين حينئذ حملة من العقاب الجماعى عرفت باسم حملة «الأنفال» ضد سكان بلدات وقرى كردية كثيرة تضمنت تهجيرا واعتقالات وتصفيات. كما قصفت قوات صدام بلدة حلبجة عام 1988 مستخدمة السلاح الكيمياوى، وراح ضحية الهجوم نحو 5000 شخص، معظمهم نساء وأطفال بفعل قنابل غاز الخردل وغاز الأعصاب.
الصراع مع صدام حسين
خلال تسعينيات القرن الماضى وفى أعقاب حملة الأنفال والهجوم الكيماوى، ورغم الخسائر الفادحة واصلت قوات البيشمركة معركتها مع القوات العراقية بعد حرب الخليج الأولى وعمليات عاصفة الصحراء.
وبعد الانتفاضة فى أعقاب حرب الكويت وفرض منطقة الحظر الجوى تمتعت المنطقة باستقلالية أكثر من نظام الحكم فى بغداد. وظلت هذه القوة بعيدة عن الدين وفى ارتباط وطيد مع مبدأ العلمانية لوجود قوتين سياسيتين بالمنطقة، استلهمت فكرها وتوجهاتها السياسية من المبادئ اليسارية.
ويتعلق الأمر بكل من الحزب الديمقراطى الكردستانى، الذى أسسه مصطفى برزانى، والد الرئيس الحالى لكردستان، مسعود برزانى، وحزب الاتحاد الوطنى الكردستانى الذى أسسه الرئيس العراقى السابق جلال طالبانى.
واستمرت التوترات الداخلية وتحولت إلى حرب بين القوتين، إلى أن تم إبرام مصالحة بين الفصيلين الكرديين المتعارضين بموجب اتفاقية واشنطن عام 1998، وبدأت القوات الخاصة الأمريكية نشاطا استخباراتيا فى المنطقة.
وكانت تلك بداية علاقة تعاون مع الولايات المتحدة، فكلا الطرفين يعارض الحكومة العراقية بقيادة صدام حسين، وجرى التنسيق أيضا مع أطراف المعارضة العراقية الأخرى.
وواصلت القوات الأمريكية، بعد دخولها العراق وإسقاط نظام صدام، تعاونها مع البيشمركة فى مجالات تدريب المقاتلين وإجراء عمليات مشتركة فى مختلف أرجاء المنطقة.
ما بعد صدام و«داعش»
داعش (أرشيفية)
وعقب دخول العراق مرحلة ما بعد صدام حسين، تم دمج جزء من هؤلاء المقاتلين فى صفوف الجيش العراقى، وكلفت هذه القوات بحراسة الحدود الشمالية والشمالية الشرقية، بينما تم توظيف البقية ضمن صفوف الشرطة المحلية.
عندما انتخب جلال طالبانى رئيسا للعراق، وانتخب مسعود برزانى رئيسا لإقليم كردستان العراق، تنامى الأمل الكردى من أجل تقرير المصير.
واستفادت قوات البيشمركة عسكريا من وضعها الحالى ضمن عراق ما بعد صدام حسين، وقامت فى وقت من الأوقات بالاستيلاء على مدينة كركوك العاصمة التاريخية التى تطالب بها كعاصمة، إلا أنها لاقت صعوبة فى مواجهة توسع تنظيم «داعش»، نظرا للترسانة العسكرية الهائلة التى بحوزة هذا التنظيم المتطرف.
يصعب على الباحثين تقدير عدد البيشمركة الحقيقى، لأنه يتغير بحسب الظروف التى تمر بها منطقتهم، وقد يصل عددهم فى بعض الحالات إلى «200 ألف شخص أو نصف مليون شخص».
وقال رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزانى، خلال استقباله نائب مستشار الأمن القومى الأمريكى والوفد المرافق له الذى ضم مساعد وزير الخارجية الأمريكى لشؤون العراق بريت ماكجورك، وسفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى العراق ستيوارت جونز، وعددا من الدبلوماسيين والمستشارين، إن قوات «البيشمركة الكردية قادرة على قتال تنظيم (داعش) إذا توفر لها الدعم اللازم من الأسلحة والمعدات والتدريبات اللازمة»، مبينا أن «توسع التنظيم وتمدده جاء بسبب السياسات الخاطئة للحكومة العراقية السابقة»، فى إشارة إلى حكومة المالكى.
وقالت مصادر إن قوة أمنية خاصة من البيشمركة اشتبكت مع مسلحى «داعش» فى منطقة أكباشى 10 كم شرق السعدية، وأسفر الاشتباك عن مقتل المدعو أبو سلام الموصلى مسؤول ما يسمى كتيبة القناصين فى حوض حمرين مع اثنين من معاونيه وتدمير عجلتين للإرهابيين.
وأضاف المصدر أن مسلحى «داعش» انسحبوا نحو حدود ناحية السعدية، بينما شنت البيشمركة حملة تمشيط واسعة لمحيط منطقة أكباشى بحثا عن جيوب وأوكار الإرهابيين.
تهديد تركيا
وتخشى تركيا من زيادة قوة البيشمركة عسكريا، كما أنها تخشى أن يصل الدعم العسكرى لقوات البيشمركة ، الذى يقدمه دول التحالف الدولى لمكافحة الإرهاب، إلى أيدى مقاتلى حزب العمال الكردستانى، الذى تعتبره منظمة إرهابية، وهو ما يعزز وضع الحزب الكردى الذى يطالب بإنشاء دولة كردستان المستقلة.
كما أن اندلاع اشتباكات وموجة غضب عارمة فى تركيا بسبب موقف الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومته وحزبه العدالة والتنمية، من الحرب ضد «داعش»، والذى أظهره بصورة موالية وبقوة للأفكار المتطرفة التى يعتنقها التنظيم، أشعر الأكراد بأنهم يمكنهم أن يأخذوا حقهم أخيرا، وأن يستقووا بإخوانهم فى سوريا والعراق، من أجل المشاركة فى الحرب على الإرهاب والقرب من حلم دولة «كردستان» التى يتجمع فيها شتات الأكراد.
وتخشى تركيا أيضا من الصلات القوية التى تربط وحدات «حماية الشعب» الكردية فى سوريا وحزب «العمال الكردستانى»، فمن المستحيل -فى رأى كثيرين فى الحكومة التركية- السماح بوصول أسلحة إليها عبر الأراضى التركية، حتى فى أنحاء أخرى من سوريا.
وقال تعليق حكومى إن «البلاد لا تفرق بين وحدات حماية الشعب وتنظيم (الدولة الإسلامية) الذى ارتكب مذابح وعمليات قتل أسفرت عن فرار 200 ألف سورى كردى إلى تركيا، ما يعنى أنه من شبه المؤكد أن يثير غضب أكراد تركيا».
ويستشعر كثيرون فى حزب العمال الكردستانى أن «تعاطف الغرب مع محنة أكراد سوريا قد يحسن صورة الحزب فى العالم ويعزز موقفه أمام أنقرة».
كما أن الأكراد وموقف أردوغان منهم يبدو أنه سيكون له أصداء دولية أكبر مما هو متوقع، حيث وصفت وكالات أنباء عديدة أن موقف الحكومة التركية من الأكراد تسبب فى إحراج دولى لها، وتسبب فى فشلها فى الحصول على عضوية غير دائمة فى مجلس الأمن.
ويخشى أيضا كثيرون من استخدام عبد الله أوجلان -الأب الروحى- لحزب العمال الكردستانى الذى كانت تصفه تركيا ب«قاتل الأطفال»، وبدأت حاليا فى النظر إليه بأنه راعى السلام بين الأكراد والأتراك، نفوذه القوى وسط الأكراد فى الضغط على الحكومة التركية، من أجل تقديم تنازلات أو الإفراج عنه، وهو ما سيعيد انتصارا كبيرا للأكراد، الذين يعتبرون أوجلان بطلا قوميا.
مخضرمون وشبان فى صفوف المقاتلين
أمضى عديد من مقاتلى البيشمركة مرحلة شبابهم فى مدن إقليم كردستان الذى يشهد منذ أعوام طفرة اقتصادية ومعدل نمو يفوق 10% سنويا.
ويجيد شباب البيشمركة التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعى كموقع «فيسبوك» أو تطبيقى «واتس آب» و«فايبر»، وعلى الرغم من أنهم لم يختبروا الحرب سوى فى ألعاب الفيديو فإن عديدا منهم تعلموا الرماية ببنادق كلاشينكوف تملكها عائلاتهم.
وعند عودتهم من الجبهات فى شمال العراق إلى مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان (320 كم شمال بغداد)، يستبدل هؤلاء بزيهم العسكرى ملابس مدنية، فإنهم يحتفظون ببندقية حربية فى سياراتهم لدى خروجهم ليلا، وعند العودة إلى الجبهة يضع المقاتلون الشباب هواتفهم الذكية داخل ستراتهم الواقية من الرصاص.
ويقول الجنرال سروان بارزانى، أحد ضباط البيشمركة، «هذه هى العولمة، هذا عالم جديد وعلينا التكيف معه».
وأضاف أن «لدى الشباب الآن كل شىء، تكنولوجيا وهواتف ذكية وتطبيقات»، قبل أن يضيف ضاحكا «أمس رأيت أحدهم يحمل هاتف آيفون 6 على خط الجبهة».
وتتنشر على خطوط التماس بين القوات الكردية والإسلاميين المتطرفين، والممتدة لنحو ألف كيلومتر، أجيال مختلفة من مقاتلى البيشمركة ، بعضهم «مخضرم» يرتدى الملابس الكردية التقليدية، وآخرون من الجيل الشاب يضعون قبعات ونظارات شمسية ويحملون هواتف ذكية، وغالبا ما يسألون زائريهم «هل لديكم حساب على موقع (فيسبوك)؟»، ويرى كثيرون أن المقاتلين القدامى أكثر شراسة من الشباب.
ويقول أحد عناصر البيشمركة الشباب محمد (19 عاما) الموجود قرب منطقة جوير التى يسيطر عليها عناصر «تنظيم الدولة» منذ منتصف أغسطس الماضى، إن «القدامى أكثر قوة منا».
ويتابع «رغم أنهم كبار فى السن فإنهم مقاومون أقوياء ولديهم تكتيكات لسنا على دراية بها».
ويقر رشيد ياسين موزورى، وهو مقاتل متمرس يبلغ من العمر (63 عاما)، أمضى نحو خمسين منها فى صفوف البيشمركة ، بأنه «حتى لو دربناهم وقدمنا إليهم معلومات كثيرة، الشباب دائما فى حاجة إلى مقاتلين مخضرمين إلى جانبهم».
يضيف موزورى «الحياة مختلفة الآن، فالشباب لديهم كل شىء، بينما لم يكن لدينا شىء عندما كنا فى سنهم، كانوا يعطوننا قطعة واحدة من الخبز عليها أن تكفينا لأسبوع كامل، حاليا عندما يذهب الشباب إلى الجبهة، يجب أن تقدم إليهم وجبات كاملة». ويقول مقاتل مخضرم آخر، حتى الحرب تغيرت، ويقول خالد (74 عاما) «فى الماضى، كنا نقاتل فى الجبال، الآن المعارك تدور فى السهول والأراضى المنبسطة، وهذا أصعب فالعدو يواجهك، لا تستطيع الاختباء».
يضيف «فى وقتنا، كنا نقاتل الجيش العراقى بأسلحة متكافئة»، متابعا «الحال ليس كما هو الآن ضد تنظيم الدولة الذى استولى خلال هجومه فى الأشهر الأخيرة، على عدد كبير من المعدات العسكرية التى قدمتها واشنطن إلى الجيش العراقى». وإضافة إلى «المسؤولية» و«شرف الدفاع عن الأرض»، يبحث الشبان المنضمون إلى البيشمركة عن امتيازات اجتماعية ونوع من الاحترام والتقدير فى صفوف المجتمع الكردى.
ويقول أحد المقاتلين الشباب بسرور «أوقفتنى عناصر من الشرطة ذات مرة بسبب مخالفة قمت بها لدى قيادتى السيارة، وعندما اطلعوا على أوراقى العسكرية التى تظهر انتسابى إلى البيشمركة، تركونى أذهب». ورغم اختلاف نمط الحياة التى يعيشها المقاتلون الشباب عن أقرانهم المخضرمين، يرى رشيد بأنه «حتى وإن كان هؤلاء الشباب يعيشون حياة رغيدة، إلا أنهم شجعان».
ويقدم نصيحة وحيدة إلى الشبان الذين ينضمون إلى صفوف المقاتلين «دافعوا باستمرار عن أرضنا وشعبنا، لا تتوقفوا عن القتال، إلى أن تصبح أيديكم حمراء مغطاة بدماء الأعداء».
الجميلات اللاتى يحاربن «داعش»
تأسست الوحدة الخاصة المكونة من العناصر النسائية فى قوات البيشمركة فى 11 نوفمبر عام 1996، بطلب من قيادات حزب الاتحاد الوطنى الكردستانى، الذى يتزعمه الرئيس العراقى الحالى جلال طالبانى، حيث كان عدد المقاتلات فى تلك الفترة يبلغ 16 مقاتلة، ثم ما لبث أن ارتفع مع مرور الوقت إلى 500 مقاتلة أو ألف مقاتلة فى أحيان أخرى. وتخضع حاليا 500 من النساء، ضمن الوحدة الخاصة التابعة ل«الفوج الثانى» بمدينة السليمانية لتدريبات قاسية، شأنهن شأن الرجال فى البيشمركة . وتشمل تدريباتهن التقدم فى الأراضى الوعرة، والتسلل إلى مواقع العدو، والاستطلاع، ونصب الكمائن، وغيرها، كما بإمكان المقاتلات استخدام أنواع مختلفة من الأسلحة على غرار مدافع الهاون، والقاذفات الصاروخية، والبنادق الرشاشة.
قائدة فوج النساء فى قوات البيشمركة العقيد ناهدة أحمد أوضحت أنهن مستعدات للتوجه إلى أى جبهة عند الحاجة، قائلةً «إننا مستعدات للقتال فى كل مكان، وبكل الظروف»، مشيرة إلى أنهن يشاركن فى الاشتباكات بالمناطق الساخنة بين الفينة والأخرى. ولفتت قائد الفوج إلى وجود نساء متزوجات بين المقاتلات، يتحملن أعباء ثقيلة للغاية، منوهة بأنهن يفضلن انضمام العازبات إلى صفوفهن، لأنهن يعملن بأريحية أكثر مقارنة بالمتزوجات.
ولا تهمل المقاتلات، اللاتى تتراوح أعمارهن بين 18 و45 عاما، الاهتمام بأنفسهن، إذ تظهر صورهن التى تلتقطها عدسات المصورين استخدامهن لطلاء الأظافر والخواتم والأقراط وكذلك الاهتمام بتصفيف شعورهن. وفى أغسطس الماضى، انضم جزء من الجناح العسكرى لحزب الحرية الكردستانى للبشمركة على جبهات القتال مع «داعش» فى محافظة كركوك وقضاء طوزخورماتو، ومن بينهم الآلاف من المقاتلات الإيرانيات الكرديات.
واشتراك المقاتلات الإيرانيات، بالإضافة إلى آلاف من الفتيات والنساء الكرديات فى مدينة كوبانى، فى القتال ضد تنظيم «داعش» قد يرى البعض أن الدافع الرئيسى وراءه هو وقف ممارسات التنظيم البشعة بحق النساء. ولكن الموقف والمشهد الدرامى كان ما نفذته المجندة فى قوات الدفاع الكردية السورية التى تدعى جيلان أوز آل، وتحمل اسما حركيا (بيريفان ساسون) –19 عاما– فى مطلع شهر أكتوبر الماضى، حين قررت أن تنهى حياتها بنفسها بآخر طلقة معها، حتى لا تقع أسيرة فى يد «داعش»، ولكن التنظيم الإرهابى لم يرحمها حتى ميتة وقطعوا رأسها ومثلوا بها ونشروها عبر مواقع التواصل.
برزانى وطالبانى عائلتان تتحكمان فى البيشمركة
بدأت النساء فى المشاركة ويصل عددهن إلى نحو ألف مقاتلة بارعة.. ورغم التدريبات القاسية لا يهملن جمالهن
وتشكل الجيش الكردى فى عشرينيات القرن الماضى، بعد تفكك الإمبراطورية العثمانية والكوجارية فى المنطقة. ولقوات البيشمركة تاريخ ملطخ بالدماء فى العراق فى الطريق نحو الحصول على استقلال ذاتى حكومى وسياسى فى إقليم كردستان شمال العراق. وحسب تقديرات نشرتها جهات استخبارية، يتراوح عدد مقاتلى البيشمركة بين 80000 و240000 مقاتل. وهذا الرقم المقدر أكبر بكثير من عدد مقاتلى «تنظيم الدولة» الذين يقاتلون لإعادة الحكم السنى إلى العراق. وتعد من كبرى المشكلات التى تواجه قوات البيشمركة ، حسب تقديرات الجهات الاستخبارية العربية، هى أن عتاد البيشمركة العسكرى قديم، سوفييتى بالأساس. وكانت الولايات المتحدة من الجهات الأولى التى أمدتهم بالأسلحة حديثة، لتعزيز قوتهم للمواجهة فى الجولات القتالية أمام مقاتلى تنظيم الدولة. وإحدى المشكلات المركزية أيضا فى جيش البيشمركة هى عملية التسييس العميقة التى اجتازتها الوحدات المختلفة فى الجيش، التى تأثرت بالتقسيم الواضح بين عائلتى الحكم فى كردستان، وهما: عائلة «برزانى» التى تسيطر على الحزب الديمقراطى الكردستانى «KDP»، وعائلة «طالبانى» التى تسيطر على حزب الاتحاد الوطنى الكردستانى «PUK». ويسيطر الحزبان على مناطق مختلفة فى كردستان: «KDP» يتمركز فى الشمال، و«PUK» ويتمركز فى الجنوب. هذا التقسيم يؤثر تأثيرا هائلا على القيادة العسكرية والاستعداد للتهديدات الخارجية، وأثر الانقسام السياسى على قوات البيشمركة.
التسليح
ويتألف أغلب الجيش الكردى الرسمى لإقليم كردستان العراقى اليوم من مقاتلى البيشمركة المزودين بأسلحة سوفييتية عتيقة: (بنادق كلاشينكوف، أسلحة سوفييتية خفيفة من نوع «آر بى كيه» بخزينة رصاص 7.62 مم*39 مم، أسلحة سوفييتية ثقيلة من نوع «دى إس إتش كيه» بخزينة رصاص12.7*108 مم). وكانت قوات البشمركة قد دخلت مؤخرا إلى مدينة كوبانى لمساعدة وحدات حماية الشعب الكردية، التى تدافع عن المدينة وتصد محاولات تنظيم «داعش» للسيطرة عليها، ودخلت البشمركة بأسلحتها الثقيلة إلى كوبانى، وسط ترحيب من أكراد سوريا. ويبلغ عدد أفراد القوة نحو 150 فردا فقط لكنها تحمل معها أسلحة وذخائر. وذلك بعد أن سمحت لهم تركيا للعبور إلى المدينة عبر أراضيها، وهى أول مرة تسمح فيها تركيا لقوات من خارج سوريا بتعزيز الأكراد الذين يدافعون عن كوبانى التى تعرف أيضا باسم «عين العرب».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.