فى تعليق لهم على جمع 60 مليار جنيه وأكثر خلال 8 أيام لتمويل مشروع قناة السويس الجديدة، قال عدد من أفاضل السياسيين، إنه يجب أن نتوجه إلى المشروعات القومية، على شاكلة قناة السويس، ونعتمد فى تمويلها على فكرة «جمع الأموال».. يعلن الرئيس عن مشروع آخر، ونجمع له الأموال بنفس الطريقة، وما دامت نجحت فى المرة الأولى فستنجح فى المرة الثانية، ونحن شعب متبرع بطبعه.. طبعًا هذا كلام هراءٌ من سياسيين لا يقدِرون حتى على تكوين تحالف يخوضون به الانتخابات، وقاربوا على العام الآن يجتمعون ويتناقشون ولا يصلون إلى شىء، وكيف يصلون وهذه أفكارهم؟!.. هل هناك شعب فى العالم يتبرع لكل شىء فى البلد بهذه الطريقة التى يريدونها؟! هل الأصل فى اقتصاديات الدول هو التبرع؟!.. الآخرون يدفعون ما يقارب 40% من دخولهم ضرائب لبلادهم، لكنهم فى المقابل يحصلون على خدمات لا حصر لها، وتوفر لهم الدولة بنية تحتية يستطيعون العيش معها كبنى آدمين. التبرع لقناة السويس مسألة واضحة الدوافع، الرئيس أراد منه أن يلف الناس حوله، وقد كان، ولا تسأل، هل تفرقوا؟.. وهو مشروع قومى بالفعل، لكن أى دماغ تعرف أن هذا مشروع لما بعد 10 أو 15 سنة، وإنتاجيته أو ربحه يعتمد على توقعات لم تحدث حتى الآن مثل زيادة حجم التجارة العالمية بمقدار معين، بس «خلينا جاهزين»، أيضا المصريون تبرعوا لأن الدولة أكدت لهم «هذا مشروعكم، لن يشارككم فيه أحد»، وكان الفارق بين المشروع فى أيام مرسى وأيام السيسى واضحًا للناس.. وهكذا..، لكن الحقيقى أن البلد يحتاج إلى مشروعات سريعة الربح، وأعتقد أن الدولة يجب أن توجه دعمها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال السنوات القادمة، مما يؤدى إلى ظهور الفائدة سريعًا لدى المواطن، من حيث العمل والربح، وبالتالى شعوره بالأمان الذى يجعله متحمسًا للتبرع للمشروعات التى يقترحها السياسيون.! وهنا نسأل.. منذ متى أصبح على الرئيس التفكير وعلى الشعب الدفع؟ وهل لو جعلت المصريين يستغنون عن كل مدخراتهم ويوجهونها للمشاريع القومية سيكون هذا هو الحل لكل مشكلات البلد؟ طب السيسى قال إن أزمة الكهرباء تحتاج إلى 130 مليار جنيه لحلها، هل نقوم بجمعها خلال الشهر القادم ونحل مشكلة الكهرباء؟.. هل انتخبناه من أجل أن نتبرع له؟، وهل يا أفاضل السياسة هذه هى توجهاتكم الاقتصادية.. أن نتبرع لكل شىء.. قد يكون العادى بل والطبيعى أن نتبرع ليل نهار لمستشفى سرطان الأطفال، لكننا لن نتبرع لمترو الأنفاق حتى يصلحوا بوابات المرور فيه. فى مسألة التبرع للقناة شقٌ ثان، وهو لماذا أحجم رجال الأعمال عنها كما أحجموا عن صندوق «تحيا مصر»؟ فحسب تصريحات مديرى فروع البنوك والبنك المركزى والأرقام التى كان المواطنون يشترون بها، لم تكن لرجال الأعمال مشاركة -لو شاركوا كانوا هيقولوا ويعلنوا دا- وفى ذلك تأفف غريب، وربما رسالة واضحة للسيسى بأن دعوته لهم بالتبرع مرفوضة، وفى هذا سر ما لا نعرفه، لماذا تحجم الفئة الأكثر استفادة من كل الأنظمة بغض النظر عن ديمقراطيتها عن مساعدة النظام؟ وماذا يدور بينهم وبين الرئيس الذى أجتمع بهم أكثر مرة دون أن يصل معهم إلى شىء.. ربما هذه مواجهة لم يقم بها السيسى حتى الآن.. لكننى أنتظرها.