حاول وأنتَ جالس فى الظلام الإجبارى فى أثناء انقطاع الكهرباء هذه الأيام تذكر أسماء 10 أعمال درامية مصرية تتضمن كلمة «الظلام»، اللعبة من شروطها عدم فتح ال3G وتفعيل الإنترنت موبايل والاستعانة ب«جوجل» فى البحث، وهى فرصة لتنشيط منطقة الذاكرة وتضييع الوقت حتى تعود الكهرباء، فعلًا فيلم «أمير الظلام» أول عنوان تستدعيه الذاكرة، و«قاهر الظلام» الفيلم والمسلسل التليفزيونى والمسلسل الإذاعى، واضح أن الظلام ارتبط مع الدراما المصرية بالعمى، عادل إمام فى الفيلم الأول كان طيارًا فقد بصره، وأحمد زكى فى المسلسل ومحمود ياسين فى الفيلم جسدا دور الأديب طه حسين الذى فقد بصره وهو طفل، وفى فيلم آخر هو «حب فى الظلام» تسقط فاتن حمامة على السلم وتصاب بالعمى، هناك أيضًا فيلم «طيور الظلام» عن الجماعات الدينية المتطرفة والفساد السياسى، تستخدم كلمة الظلام فى عناوين الأفلام المصرية الكلاسيكية للتعبير عن عيش البطل حياة مستهترة لاهية سكيرًا وعربيدًا وغارقًا فى علاقات نسائية مع ساقطات، هذه حياة فريد شوقى الملاكم البطل الذى فقد لياقته وتركيزه فى فيلم «رجل فى الظلام»، ومحسن سرحان فى فيلم «حياة الظلام» الذى تفلسه حياة اللهو فيصاب بالجنون، أما فيلم «قلب فى الظلام» فهو ميلودراما تليق بعنوان الظلام،، فلم يحدث أن تناول فيلم عربى مشكلة الظلام كفشل تكنولوجى أو فشل فى توفير مصادر توليد الطاقة، ربما ببساطة لأننا لا نتخيل. نهاية العالم أما فى هوليوود فهناك عدد لا بأس به من الأفلام التى استخدمت كلمة «الظلام» فى عناوينها وأغلبها كان يشير إلى العالم الذى يعيش فيه البطل، «بات مان» وعالمه السرى الكئيب فى «فارس الظلام»، وعالم العملاق الخارق ثور فى «عالم مظلم»، وبعيدًا عن الدلالات الرمزية للظلام فى الدراما المصرية والأمريكية فهناك عدد من الأعمال الهوليوودية حاولت تصور الحياة بلا كهرباء أو أى وسائل لتوليد الطاقة، فى العالم المتحضر لم يعد ممكنًا تخيل الحياة بلا كهرباء. إنها أوكسجين التكنولوجيا الذى لا غنى عنه، ووجودها من عدمه يحدد مكان الدولة بين الحضارة والتخلف، الأمر لم يعد رفاهية بل جزء لا يتجزأ من التقدم البشرى، انقطاع الكهرباء واحد من الكوابيس التى تصورتها هوليوود فى أفلام ومسلسلات الأكشن والإثارة والرعب، التحكم فى الطاقة الكهربائية يمكن أن يكون سببًا فى انهيار الدولة. تتخيل الدراما نهاية العالم لأسباب عديدة، قد يكون السبب حرب نووية أو كارثة بيئية أو وباء قاتل أو فشل تكنولجى ومن الأسباب المهمة الآخرى الفشل فى إدارة الطاقة الذى يؤدى إلى انقطاع الكهرباء وبالتالى توقف كل مظاهر الحياة المعاصرة وعودة الإنسان إلى الوسائل البدائية فى الحياة، مَن يمتلك الطاقة يمتلك الحضارة وإذا استطاع الإرهاب الاستيلاء على الطاقة فإنه يستطيع ببساطة اختطاف الدولة وأسر الشعوب ووضعها تحت رحمته. فى عام 1943 كتب الروائى الفرنسى رينيه بارجافيل رواية نشرها فى أثناء الاحتلال الألمانى لفرنسا وكانت الرواية بعنوان «Ravage» (فوضى)، تتخيل الرواية انهيار فرنسا فى المستقبل بسبب الآنقطاع المفاجئ للكهرباء ويتسبب ذلك فى انتشار الفوضى وتفشى الأمراض، وتكافح مجموعة من الناجين من أجل البقاء على قيد الحياة فى ظل انتشار مجاعة وعنف وإرهاب. ساد الظلام فبدأت الفوضى يبدأ مسلسل «Revolution» (ثورة) الذى شارك فى إنتاجه جيه جيه إبرامز بمشاهد تصور الحياة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 2027 بعد 15 عامًا من انقطاع الكهرباء بصورة مفاجئة فى كل العالم، وهو الأمر الذى أدى إلى توقف عمل جميع أجهزة الكمبيوتر وكل أجهزة المواصلات التى تعتمد على الطاقة الكهربائية، وقد حاول السكان التأقلم مع الحياة بلا كهرباء، وتسبب هذا الحدث فى انهيار الحكومة وكل أنظمة الأمن وأصبحت الولايات تعيش تحت سلطة ميليشيات وجنرالات بصورة مستقلة منفصلة عن المناطق والولايات المحيطة بها، وانتقل أغلب السكان إلى المناطق الريفية حيث المساحات الواسعة المفتوحة وهجروا المدن بكل مبانيها وأدواتها التى تعتمد على الطاقة الكهربائية والإلكترونية بشكل رئيسى. تأتى كلمات الراوى فى بداية الحلقات تحكى ما حدث ويحدث خلال الحلقات: «نعيش فى عالم يعتمد على الكهرباء، نعتمد عليها فى كل شىء، وفجأة تنقطع الكهرباء، كل شىء يتوقف عن العمل، لم نكن مستعدين لذلك الأمر، الخوف والحيرة يؤديان إلى ذعر. المحظوظون تركوا المدن، الحكومة سقطت، المليشيات استولت على السلطة وتحكمت فى مخازن الطعام والسلاح، نحن لا نعرف حتى الآن ما سبب انقطاع الكهرباء، لكننا نأمل أن يأتى شخص ما ذات يوم وينير لنا الطريق». لا نعرف على وجه الدقة ماذا حدث فى كل منطقة فى العالم بعد أن اختفت الكهرباء من كل الكرة الأرضية؟ المسلسل يركز على قصة عائلة أمريكية تحاول الكفاح من أجل البقاء، تتنقل من مكان إلى آخر هربا من الميليشيات التى تسعى خلفهم للحصول على السر الذى يحاول الأب الحفاظ عليه، وهو السر الذى يُمكن من يعرفه من استعادة القدرة على توليد الكهرباء من جديد، لكن صراع الميليشيات فى الولايات يحول دون إعادة الكهرباء للعالم كما كانت، يريد كل فريق الاستئثار بها لنفسه. انقسمت الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى 6 مناطق نفوذ منفصلة أبرزها جمهورية مونرو وعاصمتها فيلاديلفيا ويحكمها الجنرال الديكتاتور سابستيان مونرو، وهى تقع فى الشمال الأمريكى وتضم مناطق من جنوبكندا منها مدينة كيبك، ويحاول مونرو بكل الطرق القبض على عالم يملك القدرة على توليد الكهرباء، وعلى جانب آخر تبرز مجموعات من المتمردين التى تقاوم وتحارب الحكومات المنفصلة بغرض توحيد الولاياتالمتحدة كما كانت قبل انقطاع الكهرباء. ناشيونال جيوجرافيك والظلام الأمريكي بعيدًا عن خيال كُتاب الدراما حاولت قناة «ناشيونال جيوجرافيك» تصور أمريكا بعد هجوم إلكترونى على شبكة الكهرباء تتسبب فى إظلام الولاياتالمتحدة، فى الدراما الوثائقية American Blackout «الإعتام الأمريكى» حاول الفيلم الذى أثار ذعر المشاهدين بالفعل بسبب دقة تنفيذه التحذير من الأمر والاستعداد له، فقدرة الإرهاب الإلكترونى على توجيه ضربات موجعة إلى الحكومات لم يعد من الخيال العلمى المستحيل، يحدث كل يوم هجوم على مواقع حكومية داخل وخارج الولاياتالمتحدة، ولكن ماذا لو تمكن قراصنة على سبيل اللهو أو الإرهاب من قطع الكهرباء؟ ماذا سيفعل المواطن لاحقا؟ يبدأ الفيلم بمقولة للدكتور ريتشارد أندريه من معهد الحرب القومى الأمريكى: «قد يؤدى هجوم إلكترونى شامل ومنظم على شبكة الطاقة الأمريكية إلى انهيار الاقتصاد وفقد حياة الكثيرين». من خلال مشاهد شديدة الواقعية تصور حالات الذعر والفوضى فى أماكن التجمعات الكبيرة مع الانقطاع المفاجئ للكهرباء، وبداية علامات الفوضى والشغب وسرقة المتاجر الكبرى، وعدم قدرة المواطنين على صرف أموال من ماكينات الصرف الآلى، ومحاصرة الآلاف داخل المصاعد فى ناطحات السحاب فى كل الولايات دون أمل فى إنقاذهم، أو حتى الأشخاص الذين لا يستطيعون الصعود إلى مقرات إقامتهم فى هذه البنايات أو الخروج منها محاصرين بلا طعام أو ماء. الفيلم استخدم لقطات حقيقية مختلفة من أحداث كوارث سابقة وتم مزجها مع الحكاية.