أول تعليق من رئيس البرلمان على استقالة الحكومة    جامعة كفر الشيخ تتسلم شهادة رخصة مركز تدريب معتمد من المجلس الأعلي للجامعات    محافظ المنوفية: مواصلة جهود التغيير والبناء الشامل في شتى القطاعات الخدمية    وزيرة التخطيط: نقدر القلق من الديون ونجري دراسات جدوى    حزب المصريين: الحكومة السابقة واجهت تحديات خطيرة داخليا وخارجيا    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع مستجدات مشروع كوبري المزلقان على الطريق الزراعي بالواسطى    إسرائيل: إلقاء قنبلة حارقة على سفارتنا في رومانيا    الصين تؤكد دعم جميع الجهود السلمية لحل الأزمة الأوكرانية    عقبة واحدة تمنع الزمالك من استعادة " الفيراري "    شاهد.. مجدي أفشة: أنا أفضل لاعب في مصر.. والقاضية ظلمتني    رئيس بعثة الحج: الحالة الصحية للحجاج المصريين جيدة.. ولم تظهر أية أمراض وبائية    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    الليلة.. «المغارة المسحورة» في ختام عروض مسرح الطفل بالإسكندرية    الأربعاء المقبل.. انطلاق مهرجان الأفلام اليابانية بالقاهرة    مي عمر عن علاقتها بمحمد سامي: «مبخافش من الحسد ومبركزش في كلام الناس»    قبل عقد قرانهما.. من هو عريس جميلة عوض؟    محمد الباز ل"إكسترا نيوز": بعض الوزارات الخدمية والاقتصادية تحتاج تغيير    رئيس الوزراء يتفقد المعرض الطبي الأفريقي الثالث    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    بعد الفوز على الاتحاد السكندري.. أبوقير للأسمدة يجدد الثقة في محمد عطية    نائب: ضيوف مصر يمثلون عبئا على الموازنة العامة    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    نقيب البيطريين: حصلنا على وعد بضم أعضاء النقابة إلى تعيينات ال120 ألف فرصة عمل    من الترويج للمثلية الجنسية إلى إشراف «التعليم».. القصة الكاملة لأزمة مدرسة «ران» الألمانية    6 قرارات للمجلس الأعلى للجامعات لشئون الدراسات العليا والبحوث    سلطنة عُمان ترحب بالمبادرة الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة    نتنياهو: يمكن بدء تنفيذ خطة التهدئة فى غزة قبل الاتفاق على الشروط بشكل كامل    أحمد ماهر: "بكيت بشدة في مشهد إيذاء أبو لهب للنبي"    أسامة قابيل يوضح حكم تفويض شخص آخر فى ذبح الأضحية؟    مرصد الأزهر: الحفاظ على عقول الأفراد من الانحراف أحد أهم مقاصد الشريعة    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    صيادلة الإسكندرية: توزيع 4.8 ألف علبة دواء مجانا في 5 قوافل طبية (صور)    أمانة الشباب ب"حماة الوطن" تنظم ندوة بعنوان "موقفنا ثابت للقضية الفلسطينية"    الرباط الصليبي يبعد مدافع أتالانتا من قائمة إيطاليا في يورو 2024    رئيس أتليتكو مدريد يكشف حقيقة مفاوضات صلاح.. ومونديال الأندية الجديد ومستقبل فيليكس    الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكراني نحو 1.7 ألف جندي خلال يوم    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة / الإسماعيلية    برلماني يطالب الحكومة بدعم الاستثمار الزراعي والصناعي    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    طريقة التسجيل في مبادرة الأمراض المزمنة.. الكشف والعلاج بالمجان    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    ما عدد تكبيرات عيد الأضحى؟.. 3 أقوال عند الفقهاء اعرفها    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لأول مرة.. قصص المصريين مع «الموت والنجاة» في رحلات الهجرة غير الشرعية
نشر في التحرير يوم 20 - 08 - 2014


أعد الملف: أحمد سعيد حسانين وهالة عيد
مهاجرون: «السماسرة» أمرونا بالسباحة لأقرب شاطئ.. دون مراعاة الأحوال الجوية
«الموت أو النجاة»، لا يوجد اختيار ثالث أمام الشباب المصرى الراغب فى الهجرة إلى الخارج بشكل غير شرعى، من أجل الحصول على لقمة العيش، تاركين خلف ظهورهم آلامهم وأوجاعهم وأُسرهم وذويهم وأطفالهم، هاربين من الفقر المدقع الذى يحيط بهم، لا يخشون مصيرهم المجهول، ولا يخافون الموت.
«كده ميِّت.. وكده ميِّت»، جملة كرَّرها عديد من المصريين الذين هاجروا إلى الخارج، هذه الجملة تلخِّص مدى فجاعة المشهد، ومدى المأساة التى يعيشها آلاف المصريين فى بلادهم، وتشير أيضا إلى مدى الفقر الذى يحدق بهم من كل الجوانب، فلم يعد حلم الثراء السريع هو وحده الذى يشغل بالهم، بل أصبح الهروب من الوطن للاستقرار فى وطن جديد هو الحلم الأكبر لدى أغلبهم، حتى وإن كان سيُكلِّفهم حياتهم.
«التحرير» أجرت تحقيقا حول دوافع الهجرة غير الشرعية لدى عديد من المصريين، وأسبابها، وأبرز الأرقام الخاصة بها، كاشفةً أن الفقر وقلة وجود فرص العمل هما من أبرز الدوافع وراء تزايد معدلات الهجرة، إضافة إلى عدم وجود إحصاءات محددة يمكن الاستناد إليها فى أرقام هذه الظاهرة، حيث تتفاقم وتتزايد معدلاتها من وقت إلى آخر، وتنمو بصورة ملحوظة.
البعد الأخطر فى هذه القضية هو نمو وترسيخ فكرة الهجرة غير الشرعية فى أذهان عديد من الأطفال، حيث وصل عدد الأطفال المهاجرين إلى الخارج -لا سيما إيطاليا- إلى نسبة 41%، بل إن الإحصاءات الرسمية الصادرة من منظمة العمل الدولية قدَّرت حجم الهجرة السرية ما بين 10 و15% من عدد المهاجرين فى العالم، كما تعدّ محافظة أسيوط هى الأولى ضمن معدلات الهجرة غير الشرعية.
اللافت إلى النظر فى القضية أن الأعداد الهائلة للمصريين النازحين من ليبيا عبر الحدود التونسية تبيَّن أن جزءا كبيرا منهم هاجر بطريقة غير شرعية، وأقام هناك لفترات طويلة، دون أن يكون معه أى أوراق تُثبت هُويته.
«قوارب الموت» هو المصطلح الإعلامى المستخدَم فى وصف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، نتيجة لأنها الوسيلة الأقرب إلى الموت السريع، حيث يخرج الآلاف من المصريين من مختلف القرى بمساعدة سماسرة الموت، متجهين إلى إيطاليا عبر ليبيا، دون أن يعلموا أن مصيرهم مُعلَّق ما بين الحياة والموت.
فاروق: التسعيرة 50 ألف جنيه.. و«السرية التامَّة» شرط أساسى
مهاجرون: حلم يراودنا منذ الصغر.. والخوف من الفقر أشدُّ من الموت
«التحرير» اخترقت دائرة المهاجرين غير الشرعيين الذين تخلَّصوا من أوراقهم الرسمية إلى الأبد، متخلّين بإرادتهم عن بطاقة رقم قومى أو جواز السفر، حيث وجدوا أن ملاذهم الوحيد للنجاة هو الهجرة إلى الخارج لتكوين مستقبلهم وتوفير الأموال اللازمة لاحتياجاتهم، دون أن يعبأوا بمخاطر الهجرة أو الموت فى أثناء رحلتهم، وقد التقت «التحرير» بعض الشباب المصرى الذى خاض تجربة الهجرة غير الشرعية، للتعرف على تجاربهم ومعاناتهم.
فاروق: نجحت في اليونان
مركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، أحد المراكز الشهيرة بالهجرة غير الشرعية، هناك التقت «التحرير» أحد الشباب ويبلغ 30 من عمره، ويُدعَى محمد فاروق، والذى سرد حكاية هجرته إلى الخارج بطريقة غير شرعية.
فاروق بدأ حديثه قائلا: «السفر كان بالنسبة إلىَّ حُلما منذ الصغر، حيث كنت أرى فيه أنه أقصى طموحاتى وأمنيتى»، متابعا: «أنه بمجرد تخرّجه فى الجامعة قرَّر البحث عن طريق للسفر إلى الخارج بأى وسيلة»، موضحا أن السفر بالطرق الشرعية للحصول على تأشيرة حينها كان أمرا صعبا للغاية، فلم يجد سوى البحث عن طريقة غير مشروعة، والتى ينتهجها أغلب الشباب، بحثا عن فرصة عمل بالخارج لتكوين مستقبلهم.
الشاب المهاجر أضاف أنه بالفعل وجد أحد سماسرة الهجرة من المشهورين بمحيط محافظته وتوجَّه إليه، ليسأله عن تفاصيل الهجرة، فطلب منه جزءا من المبلغ، فقام بدفع 5 آلاف جنيه، ووقَّع شيكا على بياض بالمبلغ الباقى، وهو 45 ألف جنيه، مستطردا: «وبعد ما يقرب من شهر بدأ السمسار فى إبلاغى بموعد السفر من ميناء الإسكندرية، لكن الموعد كان يتغيَّر فى كل مرة، حيث يستعد الشباب للسفر، لكنهم يفاجؤون بأنه تم تغيير الموعد، مع العلم بأن السمسار يطلب منهم أن يكون السفر فى سرية تامة، لدرجة أن البعض يسافر دون أن يكون لدى أهله علم بموعد السفر»، مضيفا أنه رغم صعوبة الموقف على الأسرة فإن الشباب يستجيبون لتعليمات السمسار حتى لا تضيع عليهم فرصة السفر.
فاروق أضاف أنه قام بالتوجه ليلا إلى ميناء الإسكندرية حسب الاتفاق، للالتحاق بمركب صيد، ليحمل المسافرين إلى الدولة المتفق عليها، موضحا أن المركب أحيانا يكون صغيرا ولا يتحمَّل الأعداد المسافرة، مما يعرضه للغرق، أو يضطر قائد المركب للتخلص من بعض الأعداد الزائدة بأن يطلب منهم القفز للمياه والوصول لأقرب شاطئ، وهو ما ينشب معه عديد من الخلافات بسبب أولوية الركوب، لافتا إلى أنه أحيانا يضطر الجميع للسباحة حتى أقرب شاطئ، لأن المركب بدأ يتعرض للغرق بسبب وجود نوة، لا سيما فى فترات الشتاء، لأن أحوال البحر تكون متقلِّبة، ولا يتم مراعاة الأحوال الجوية بشكل كبير من جانب السماسرة، وكل هدفهم البحث عن الأموال.
الشاب المهاجر أوضح أنه تعرض للموت فى أثناء سفره فى مركب الصيد متجها إلى اليونان، حيث نفد الأكل والطعام والشراب من المركب، وعندما اقتربت من الشاطئ، طلب قائد المركب أن يقفز جميع مَن فيه، ويستكملون طريقهم سباحة، مضيفا أنه بعد الوصول للشاطى يستقبلهم أحد السماسرة، والذى طلب منا إلقاء كل المتعلقات الشخصية حتى لا يتم التعرف على هُويتنا فى حالة القبض علينا، مشيرا إلى أنه أنهك تماما حتى وصل للشاطئ، خصوصا أنه لم يأكل منذ يومين، ثم التقى الشخص الذى ينتظرهم، والذى بدوره قام بحجز الشباب الذين تمكَّنوا من الوصول إلى الشاطئ فى مكان ما، ومنع خروجهم أو تسليمهم لأقاربهم فى نفس الدولة حتى يتم تسديد باقى المبلغ.
فاروق أضاف أنهم قاموا بإعطاء السمسار أرقام أسرهم، وأخبرهم بأنه لن يترك أبناءهم إلا بعد تسديد باقى المبلغ، وهناك مَن خرج بعد يوم، وآخرون خرجوا بعد 10 أيام حتى استطاع أهله تسديد باقى المبلغ، لافتا إلى أنهم خلال هذه الأيام كان يتم تقديم قليل من الطعام لهم، وبعد تسديد أهله لباقى المبلغ تم إطلاق سراحه، مشيرا إلى أنه بعد الوصول إلى اليونان تمكَّن من الحصول على عمل والاستقرار إلى حد ما، بينما قد يفاجأ البعض بإلقاء القبض عليه من قبل السلطات اليونانية، وهنا يضطر البعض لإخبار الحكومة بأنه لاجئ، لافتا إلى أنهم يستقبلون اللاجئين بشكل جيد، كما يعطونهم أوراقا للتحرك داخل الدولة، ويتم ذلك من خلال محامٍ، متابعا: إنه أحيانا يتم ترحيل البعض ممن يتم التأكد من هُويتهم الحقيقية.
عثمان: نجحت في الثالثة
«حلم السفر كان يرادونى باستمرار فى أثناء دراستى، وحاولت السفر مرتين وفشلت، لكننى نجحت فى المرة الثالثة»، هكذا قال محمود عثمان، أحد الشباب المهاجرين إلى إيطاليا، موضحا أنه ظل لفترة طويلة يحلم بالسفر إلى أوروبا والاستقرار والعمل فى أحد بلدانها، لافتا إلى أنه اتخذ قرار السفر منذ أن كان عمره 21 عاما بعد إنهاء دراسته بالمعهد، قائلا: «وجدت كل أقاربى ببلدى بمركز كفر الجمال بالقليوبية سافروا إلى أوروبا بطريقة غير شرعية، واستقروا بالخارج، وأصبحت حالتهم أفضل بكثير، فقررت السفر إلى الخارج»، مضيفا أنه حاول 3 مرات السفر إلى الخارج، وفشل مرتين بسبب ظروف السفر والإقامة، ونجح فى المرة الثالثة بعد معاناة طويلة.
عثمان أضاف أنه بمجرد أن اتخذ قرار السفر إلى الخارج، وكان ذلك فى أواخر عام 2005، اقترح الأمر على أسرته، فوافق والدى، وقرَّر مساعدتى فى النفقات، فقمت على الفور بالاتفاق مع أحد الوسطاء فى بلدتى، ودفعت له المقابل المادى الذى طلبه حينها، وكان يقدَّر ب18 ألف جنيه، مشيرا إلى أن الوسيط حصل على المال المتفَق عليه، وبدأت الرحلة بمقابلتى عددا من الشباب المهاجرين، وبلغ عددهم 8 أشخاص من محافظات مختلفة، حيث تقابلنا حينها فى ميدان رمسيس، وأخذنا سيارة ميكروباص، واتجهنا إلى ليبيا، قائلا: «لم نكن نشعر بالخوف حينها، وكنا نتحدث مع بعضنا البعض طوال الرحلة التى استمرَّت على مدار 3 أيام فى الطريق»، متابعا: «وصلنا إلى ليبيا، وقابلنا أحد المصريين الذى وفَّر لنا فرصة الإقامة داخل مساكن فى طرابلس، وجلسنا بها فترة معينة، حتى يتم تأمين انتقالنا إلى المرحلة الأخرى، وضمانا لعدم مراقبتنا من أى جهة من الجهات».
وأشار عثمان إلى أنهم توجهوا بعد ذلك من طرابلس حتى زوارة، والتى تعدّ بمنزلة انطلاق العشرات من المهاجرين، بطريقة غير شرعية، وأقمنا فيها لمدة يومين فقط، وكان المكان مليئا بالأفارقة من كل الجنسيات، بالإضافة إلى بعض الجنسيات العربية، مضيفا أن أغلب الموجودين كانوا من المصريين، لافتا إلى أنه بعد مرور يومين تحديدا اتجهوا بسيارات ناحية الصحراء، مشيرا إلى أن الدليل الذى كان يرشدهم كان يضع ضوابطا صارمة على الكلام، وكانت الأماكن التى مكثنا بها سيئة للغاية، وعُوملنا فى بعض الأوقات بصورة سيئة، منوها بأنهم ظلوا فى السير لمدة تقارب 3 ساعات متواصلة، متابعا: «وصلنا إلى مركب (ذوديق) فى البحر، حتى نستقله ونصل إلى المركب الكبير، وبعد مرور الوقت شعرنا جميعا بدوَّار البحر، فامتنعت عن الطعام والشراب أنا وغيرى بسبب هذا الدوَّار، كما أن (شكمان) المركب اشتعل قبل وصولنا إلى المكان المحدد بدقائق، فشعرت بالخطر حينها».
عثمان أوضح أن السفن والطائرات الحربية كانت تأتى لتصويرهم وهم فى عرض البحر دون أن تقبض أو تضرب النار عليهم، لافتا إلى أنه بعد فترة من الوقت وصلوا إلى «لامبيدوزا» فى إيطاليا، والتى تعتبر أقرب نقطة إلى ليبيا، وهى أشبه بجزيرة فى البحر، مضيفا أنه من سوء حظهم أن قامت الشرطة الإيطالية بالقبض عليهم وتسليمهم إلى الصليب الأحمر، الذى أحسن معاملتهم وقدَّم إليهم الطعام والماء، قائلا: «الحمد لله، كنت من المحظوطين اللى لم ترحّلهم الشرطة الإيطالية بعد ترحيل 80% من المهاجرين معنا، وبقاء 20% فقط».
وأضاف عثمان أنه توجَّه بعد ذلك من جزيرة «لامبيدوزا» إلى «بارى» بإيطاليا بالطيران، وهى قريبة من مدينة ميلانو الإيطالية، وتقابل حينها مع عدد من الأفارقة الذين طلبوا الحصول على أموال مقابل تهريبى من «بارى» إلى العاصمة الإيطالية، وبالفعل اتفقت معهم على دفع المبلغ بمجرد وصولى ولقائى شقيقى المقيم بإيطاليا، والذى سافر أيضا بصورة غير شرعية.
صاحب تجربة الهجرة أوضح أنه عمل فى أحد المطاعم مع أحد أقاربه، ثم عمل فى المعمار، مشيرا إلى أن الأزمة الكبرى لديه كانت تتمثَّل فى تعلم اللغة الإيطالية، حيث دخلتُ مدرسة هناك لتعلّم اللغة، ولم تكن تشترط أوراقا للجنسية، ثم حصلت على الإقامة فى 2011 بعد 6 سنوات من السفر، وأصبح راتبى الشهرى يصل إلى ألف ونصف يورو شهريا.
عثمان يختم كلامه قائلا: «لم أهاجر إلى إيطاليا من أجل المال، لأننى ميسور الحال، لكننى غادرت بسبب حلم السفر»، موضحا أن توجه 95% من رجال كفر الجمال من أبناء محافظة القليوبية إلى إيطاليا دائما ليس فقط بسبب حلم السفر فقط أو الرغبة فى جنى المال، لكن من أجل الهرب من ضيق الرزق فى مصر، مضيفا أن إيطاليا كانت تعدّ محطة لدى البعض للسفر إلى فرنسا وإنجلترا، موضحا أن إيطاليا لديها شىء مميز عن الدول الأخرى وهى أنها ترى نفسها أرض الله، وبالتالى فدخول أى شخص للدولة لا تستطيع ردّه مرة أخرى.
مجاهد: 15 ألفًا أوصلتني إلى إيطاليا
أحمد مجاهد، أحد المهاجرين إلى إيطاليا، حكى ل«التحرير» قصته، موضحا أن رحلته بدأت منذ أن كان طالبا فى الثانوى الصناعى، حيث بدأت الأحاديث تتردد حول أن هناك سماسرة يتقاضون مبلغا ما فى مقابل سفر الشباب إلى الخارج، لكن بطريق غير شرعى، وذلك لصعوبة حصول الشباب على تأشيرة للعمل خارج مصر، لافتا إلى أنه بدأ فى الاستفسار عن التفاصيل من خلال أصدقائه، وعرض الفكرة على والديه، لكنهما رفضا الأمر خوفا من المخاطر، مضيفا أنه حاول إقناعهما بأنه لن يجد عملا فى بلده، وأنه من حقه أن يبدأ حياته ومستقبله، مشيرا إلى أنه من أسرة فقيرة، وهو أكبر الأبناء، وكان عليه أن يتحمَّل المسؤولية.
مجاهد أكد أنه بمجرد أن حصل على شهادة الدبلوم بدأ يفكِّر جديا فى السفر خارج مصر، وأنه كان بمنزلة حلم، وأنه لم يُفكِّر فى المخاطر، واعتبر أن الموت لن يلاحقه فقط فى أثناء الهجرة، وإنما يلاحقه أيضا فى بلده، موضحا أنه ظل يسأل عن أحد سماسرة الهجرة غير الشرعية، بحيث يكون موثوقا به وقام بمساعدة أكثر من دفعة من الشباب للسفر، موضحا أن هناك سماسرة يمارسون أعمال النصب، لذا كان لا بد من توخِّى الحذر، لأن كل شاب يدفع ما يملكه، وأحيانا يحصل على الأموال عن طريق الديون.
وأضاف مجاهد أنه بالفعل وجد أحد السماسرة من المنصورة، وقام بدفع مبلغ 15 ألف جنيه وقتها، والذى وصل حاليا إلى 50 ألف جنيه، وأحيانا 70 ألفا، لافتا إلى أنه حصل على المبلغ بصعوبة، حيث جمعه من خلال أقاربه وأصدقائه، على وعد بأن يتم تسديد المبلغ عندما يصل إلى إيطاليا، مؤكدا أن كثيرين لا يرفضون منح أموال لمن يريد السفر، لأنهم دائما على يقين أنه بمجرد وصوله إلى الدولة الأوروبية سيسدّد المبلغ فى أقل من شهر، مشيرا إلى أنه بعد ذلك تم إبلاغه بموعد السفر، وبالفعل انتقل إلى ميناء دمياط، واستقلّ مركب صيد.
مجاهد أوضح أن قائد المركب طلب من الجميع القفز فى المياه بالقرب من شاطئ إيطاليا، وبالفعل قفز الجميع، وتم مساعدة مَن لا يستطيعون السباحة، ورغم ذلك غرق 3 من الشباب، وتم إبلاغ أسرهم بذلك، مشيرا إلى أن «الأمر حياة أو موت، وحسب حظ كل واحد.. يا صابت يا خابت»، وبعد الوصول إلى الشاطئ فوجئ الجميع بأنهم فى منطقة جبلية، وفشلوا فى العثور على طريق يؤدى بهم إلى داخل إيطاليا، فقبضت الشرطة على الجميع، وتم تسليمهم إلى الصليب الأحمر، موضحا أن المعاملة فى الصليب الأحمر جيدة، ويتم منح الجميع الطعام والشراب وكل ما يطلبونه، مؤكدا أنهم أبلغوا الشرطة بأنهم لاجؤون من فلسطين، وبالفعل تم عمل أوراق والسماح لهم بالبقاء، كما قال البعض إنه لاجئ عراقى، موضحا أنهم يقبلون اللاجئين ويحاولون تسهيل الأمور لهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.