الأسابيع الماضية شهدت جدلا كبيرا حول مداهمة السلطات الأمنية عددا من المنظمات الحقوقية. عدد منها يستعد حاليا لتقديم مشروع قانون يهدف إلى حرية المجتمع المدنى، والعمل الأهلى، ويمنع الحكومة من التدخل فى شؤون التنظيمات والأحزاب السياسية. وفى هذا الشأن تجتمع أكثر من 40 منظمة حقوقية فى مقر المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، لطرح تعديلات على قانون الجمعيات الأهلية رقم «84 لسنة 2002». مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهى الدين حسن، قال ل«التحرير» إن الحملة التى شنتها الدولة على منظمات حقوق الإنسان، كان الهدف منها خنق وتحجيم عمل منظمات المجتمع المدنى من جانب الحكومة، خصوصا منظمات حقوق الإنسان، وهو أمر واضح منذ عصر «المخلوع». وأوضح بهى أن مشروع القانون المقترح من وزارة التضامن هو نفسه المشروع الذى قدم من جانب حكومة «المخلوع»، وهو ما يؤكد أن نظام المخلوع مستمر، ولم يسقط بعد. تصريحات وزيرة التعاون الدولى، فايزة أبو النجا، التى أكدت فيها أن مشكلة الحكومة مع منظمات المجتمع المدنى تتعلق بمشكلة التمويل فقط، هكذا قال حسن، واصفا مثل هذه التصريحات ب«غير الدقيقة». حيث إن أبو النجا نفسها تعلم جيدا أن مراكز البحوث قائمة على التمويل الأجنبى، كما الحكومة أيضا، التى تتلقى التمويل، من أجل الصرف على مشروعات كثيرة للدولة. ويضيف بهى أن الحكومة لا تستطيع القول مباشرة إنها ضد الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان، لذلك تستخدم «قضية التمويل» لتشويه الصورة، لافتا إلى أن ذلك السيناريو كررته الحكومة الإسرائيلية منذ أشهر، حين لاحقت منظمات المجتمع المدنى، التى تدافع عن حق الفلسطينيين. بهى قال إن المشروع الذى سوف تقدمه منظمات المجتمع المدنى سبق وقدمته فى عهد نظام «المخلوع»، وحكومة عصام شرف، والجنزورى، ولم يلتفت إليه، فالنظام لا يريد غير مزيد من خنق المنظمات والجمعيات الأهلية. ويضيف أن مشروع القانون المقترح وقع عليه نحو «40 منظمة» حقوقية وتنموية، ويهدف إلى تحرير العمل الأهلى والحقوقى من قيود الحكومة، ويهدف إلى منع الحكومة من التدخل يوميا فى منظمات المجتمع المدنى، وغلقها فى أى وقت، مثلما كانت تفعل، ومثلما كانت تريد أن تفعل. مدير مركز هشام مبارك، المحامى والناشط الحقوقى أحمد راغب، قال إن المشكلة التى يجب العمل عليها ليست فى قانون الجمعيات الأهلية، وإنما تتمثل فى نظام العدالة فى مصر، وفلسفة القوانين الاستبدادية، والتشريعات التى تمنع الحق فى التنظيم بجميع أشكال الروابط المختلفة، والنقابات، والحركات، وبالتالى الجمعيات الأهلية، التى تعتبر شكلا من الأشكال التنظيمية. ويضيف راغب أن فلسفة القوانين فى مصر، هى فلسفة أمنية بالدرجة الأولى، دائما هناك توجس وخيفة تصحبها قيود لها علاقة بالرقابة والصلاحيات التى تجعل التنظيمات طرفا معاديا بالدولة، بسبب تسلط الدولة فى الحكم، مشددا على مراجعة الفلسفة التشريعية فى مصر. راغب أوضح أيضا ضرورة مراجعة السياسة من خلال البرلمان القادم، مؤكدا تدشين التنظيمات الاجتماعية حملة على أعضاء مجلس الشعب والأحزاب السياسية على تعديل تشريعات القوانين. مؤسسات حقوقية قالت تعليقا على المشروع المطروح إن رموز ووزراء الحزب الوطنى المنحل والتابعين لنظام المخلوع، يقودون المجلس العسكرى لمزيد من المواجهة مع الشعب والقوى المدنية، آخر حلقاتها كانت فى إعادة طرح مشروع الجمعيات الأهلية من قِبل وزيرة التعاون الدولى فايزة أبو النجا، ووزير التضامن الاجتماعى السابق على المصيلحى، والتى قالت عنهما المنظمات إنهما من رموز النظام السابق، كما وصفت المنظمات مشروع القانون المطروح بأنه أكثر استبدادا من القانون الحالى ويكرّس لسيطرة جهاز الأمن الوطنى على العمل الأهلى فى مصر بشكل أكثر قسوة.