د.جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، هاجم بضراوة كل من انتقد تبرعه بعشرين مليون جنيه لصندوق «تحيا مصر»، بينما مستشفيات الجامعة وبالأخص الطوارئ تحتضر وهى تتسول.. دافع د.جابر عن تبرعه بأنه من الموارد الخاصة وليس من ميزانية الجامعة، بمعنى أرباحى وأنا حر فيها!! وهدد غاضبا بترك منصبه بعد انتهاء مدة تعيينه -بعد ثلاث سنوات- عقابا على عدم العرفان بوطنيته وجمايله.. وأعلن أنه تسلم رئاسة الجامعة وخزائنها خاوية، لكنه حقق 200 مليون جنيه فى عام واحد!.. والله برافو. لكن افتخارك يفتح باب الدهشة والمساءلة.. لماذا صرخت قبل انتخاب السيسى فى الفضائيات مطالبا وزارة المالية بدفع رواتب عمال مستشفى الطوارئ الجديد وحملتها مسؤولية تعطيل العمل أربع سنوات وإفساد أجهزة ب500 مليون مركونة، وإفلاس المستشفيات الجامعية بما تحصله من ضرائب 2% على تذاكر كشف الطوارئ، وأنت خزينتك عامرة بملايين تتدفق عليها شهريا.. ولماذا تبرعت وأنت تدرك أن العشرين مليونا من مواردك الذاتية تحل كل مشكلاتك الداخلية، من توفير أجور وأدوات وأجهزة، ومجموعات إدارية ورقابية متخصصة؟!.. كيف تبرعت ونحو 600 مريض طوارئ وحوادث سيارات يترددون يوميا على طوارئ قصر العينى ملقون بالشارع لعجز الخدمة؟.. وديون قصر العينى الفرنساوى وفساده المالى والإدارى فاق الحد فتوقف الموردون عن الإمداد بالخدمات.. ولماذا ما زلت تطاردنا بإعلانات التسول لمستشفيات الأورام وخزائنك ما شاء الله عامرة من مواردك الخاصة؟! مؤسسة د.مجدى يعقوب افتتحت ثانى مستشفى جراحات قلب مجانى فى إثيوبيا من فائض التبرعات، والسبب هو نظام الإدارة الجاذب لمتطوعين من أكفأ أطباء العالم لمشاركته العطاء وفرحة منح حياة جديدة لمريض يائس. كنت أتوقع الكثير من د.جابر نصار الثورجى عضو جبهة الإنقاذ، والذى هزم الإخوان فى انتخابات رئاسة الجامعة، ورد إلى خزائنها 18 مليونًا شهريا مكافآت كان يتحصل عليها مجلس الإدارة مقابل خدمات ومشروعات ربحية للجامعة، كتقديم دراسات علمية وأبحاث واستشارات.. مع أن مفهومنا القديم أن الجامعات الحكومية والتعليمية خاصة هى مشروع خدمى غير ربحى.. وإذا نالت الجامعة حظا من مشروع الصناديق الخاصة فواجبها توجيه الأرباح لإصلاح العملية التعليمية، وتأسيس منظومة متكاملة لإدارة مستشفياتها، بدءا من توفير الأجهزة والمستلزمات وصيانتها، إلى تأمين الطبيب علميا وأمنيا وتعويضه ماديا عن المجهود المجانى المبذول فى العمليات وفى الطوارئ، إلى الرقابة الصارمة على الأداء.. فإذا انحدرت الخدمة فى مستشفيات الجامعة التى تضم نخبة أساتذة الإدارة والقانون والخبراء والعلماء، المسؤولين عن تعليم مبادئ وأصول الإدارة، فعلى أبنائنا الطلبة السلام وهم يهربون من مصر إنقاذا لمستقبلهم. بكل أسف د.محلب افتتح أول مرحلة من مستشفى الطوارئ دون تغيير فى نظام الإدارة السابق الفاسد.. فإذا كان الهدف هو تجميع أكوام إنجازات فقد تحقق لنستمر غاضبين عاجزين نستمع بيأس لنفس مواويل أسباب الفشل المزمنة.. وهى سوء سلوك المواطن!! جزء من مشكلة «قصر العينى» وزوار المريض المرافقون له لتوفير أدنى احتياجات إنقاذ حياته، من السرنجات إلى الدواء والدم والطعام.. وغالبا تنتهى مهمتهم بمطاردة الطبيب النائب وتحميله مسؤولية عجز أو موت مريضهم.. مصر لن تحيا بالتبرعات يا رئيس الجامعة.. مصر ستحيا بنظام الإدارة والرقابة لكل موقع خدمى.. ومهمة رئيس الجامعة الحكومية المسؤول عن 18 مستشفى جامعيا تستقبل وتخدم وتنقذ حياة آلاف المرضى يوميا هى الأخطر حاليا، ولها الأولوية إنسانيا ووطنيا.. يا رئيس الجامعة لا تغضب من النقد، لأن الحقيقة لا تحتاج إلى أدلة أو شهود.. فالضحايا والخسائر هما الشهود.. قدم إلينا الحل الأمثل وكن قدوة لرؤساء الجامعات.. تنازل عن كبريائك أو عن منصبك، لأن مصر فى أشد الاحتياج إلى جامعات تعلم أولادها، ومستشفيات تخفف آلامنا لا تضاعفها.