الثلاثى صنع ثورة سينمائية تلائم الجيل بعد أن ظن البعض أنهم ظاهرة لن تستمر الفيلم مزج بين الكوميديا والتسلية والخيال والإبهار السينمائى الرقابة حذفت كلمة «إسرائيل» من حوار رأفت الهجان حبكة الأحداث ساذجة.. وجرعة الضحك أنقذت العمل الثلاثى هشام ماجد، أحمد فهمى، شيكو صنع لنفسه خطا خاصا ومميزا فى السينما منذ فيلمهم الأول «ورقة شفرة» منذ 6 سنوات، حيث قدموا توليفة من الكوميديا الساخرة التى تمزج بين البارودى والفانتازيا والإستاند آب كوميدى، وظن البعض أنهم مجرد ظاهرة لن تستمر، ولكن سرعان ما مثلت أفلامهم اللاحقة نوعا من الثورة السينمائية التى تلائم جيلا جديدا تعلو داخله النبرة النقدية لكل شىء ولأى شىء، وكان الخيال مفتاح مداعبة جيل الإنترنت وسينما الخيال العلمى الأجنبية، انتقلوا عبر آلة الزمن فى فيلم «سمير وشهير وبهير»، ليعيشوا كشباب فى حقبة السبعينيات التى أوسعوها وأفلامها سخرية، وأصابتهم لعنة تحولوا معها من فتيات إلى ذكور فى فيلم «بنات العم»، ليقدموا صياغة معاصرة لفكرة «الآنسة حنفى» التى قدمتها السينما فى أعمال شهيرة لإسماعيل يس وعبد المنعم إبراهيم وغيرهما، ودائما ما يكون الخط الفانتازى منصة لإطلاق قذائف إفيهات السخرية، وغالبا ما يكون هذا الخط مقتبسا من السينما الأمريكية بإسقاط يحمل نكهة النكتة المصرية المعاصرة. فى فيلم «الحرب العالمية الثالثة» يسير الثلاثى على نفس الخط ويقدمون كوميديا ساخرة من خلال تماثيل شخصيات تاريخية فى متحف مهجور تدب فيه الحياة بسبب تعويذة فرعونية سحرية، وكان واضحا حتى من إعلان الفيلم التشابه مع الفيلم الأمريكى «ليلة فى المتحف» (Night at the Museum) ولم ينكر صُناع الفيلم، فى أول لوحة قبل التترات كتابة تنويه بصورة تتهكم على الهجوم المتوقع على سرقة فكرة العمل مكتوب فيه أن الفيلم ليس مسروقا من فيلم «ليلة فى المتحف»، ولكنه يشبهه جدا جدا! رغم ذلك يعود الفيلم وينسب القصة إلى الثلاثى والتأليف إلى مصطفى صقر ومحمد عز. المصادفة الأكثر طرافة أن شركة «فوكس» أصدرت أول إعلان عن الجزء الثالث من الفيلم الأمريكى بعد أيام من عرض الفيلم المصرى محتويا على مشاهد تشبه مشاهد أسدى قصر النيل فى فيلم الثلاثى! وقد يدفع هذا البعض فى ديسمبر القادم موعد عرض فيلم «بن ستيلر» إلى اتهام الفيلم الأمريكى بسرقة الفكرة من الفيلم المصرى الفيلم مثل كل أعمال الثلاثى السابقة التى تهدف إلى الضحك والتسلية البحتة من دون ادعاء أى فلسفة أو رسالة مركبة للسياق الساخر. الفكرة فى مضمونها ملائمة جدا لفيلم «أطفال لطيف»، لكنهم كما يفعلون فى كل أفلامهم يخاطبون جمهور الأطفال وجمهور الشباب بالمزج بين أجواء وشخصيات محبوبة لدى الأطفال مثل شخصيات «ديزنى» وإفيهات سوقية وجنسية تجذب جمهور الشباب والمراهقين، وأحيانا يختلط الحابل بالنابل فنرى مثلا «ميكى ماوس» فى سهرة ماجنة يشرب الخمر وحوله مجموعة من الفتيات الجميلات، أو شخصية الأميرة ياسمين تعيش بنصف جسدها العلوى فقط ضمن إفيه عن عدم قدرتها على ممارسة العلاقة الحميمة لهذا السبب. بطل الفيلم أحمد فهمى، شاب فاشل يعيش مع والده تاجر الأدوات الصحية ويورطه دائما فى مشكلات، هذا ليس إلا بداية عابرة لمغامرة الفيلم الأصلية التى تبدأ بمحاولة الشاب دخول متحف مهجور لإحضار كرة قدم سقطت خطأ بداخله ليجد نفسه وسط مجموعة كبيرة من تماثيل الشمع التى تدب فيها الحياة من الخامسة عصرا حتى الخامسة صباحا. السيناريو لم يكترث لفوضى التناقض الشديد بين الشخصيات، بل حرص على هذه الفوضى التى تخلق إفيهات وقفشات وقلشات صاخبة بعيدا عن قوانين حبكة محددة مرسومة للعلاقة بينهم. تماثيل المتحف الأبرز دراميا هى: توت عنخ آمون، ومحمد على، وأحمد عرابى، ورأفت الهجان، بالإضافة إلى شخصية علاء الدين الخيالية وعفريت المصباح وهذه هى الشخصيات المحورية تضاف إليها شخصيتان لتمثالين خارج المتحف، وهما هتلر الذى يؤديه علاء مرسى ومارلين مونرو التى تجسد دورها المطربة بوسى، أما باقى الشخصيات فهى هامشية ولإضفاء زخم على هذا العالم منها أم كلثوم وألفيس بريسلى وبوب مورلى الذى قام بتجسيده بأداء ساخر يوسف عيد، وهو اختيار موفق للغاية يلائم أجواء الفيلم التى نرى فيها الإسكندر الأكبر يتحدث بسوقية أو بوب مورلى مسطولا، وعلى نفس النهج نرى توت عنخ آمون كأنه ملك بدين أحمق ضعيف أمام النساء ورث عن أمه قيادة مجتمع تماثيل المتحف بعد اختفاء تمثال والدته الملكة نفرتيتى، وتحت قيادته جميع الشخصيات التاريخية من قادة وملوك وجنود، أما الشخصية الأخرى المحورية فهى شخصية علاء الدين المسجون داخل المتحف لأنه ليس شخصية تاريخية ولا تثق به باقى التماثيل، وعلى عكس شخصيته فى الأفلام نراه يتحدث بلغة ومصطلحات ميكانيكى سيارات، ويظهر كثير من الشخصيات الأخرى التى لا دور لها فى الأحداث لكنها تلقى نكتة هنا أو إفيهًا هناك لإنتاج مزيد من الصحكات. رغم أن حبكة الأحداث ضعيفة بشكل يصل إلى حد السذاجة، ورغم أن الفيلم يفقد حيويته بعد استهلاك مفاجأة الشخصيات وصراعها فى الثلث الأول، فإن الفيلم يقدم جرعة كبيرة من الكوميديا تخفف هذا الضعف، كما أن سقف أجواء الحرب العالمية الثالثة التى أوحى بها أفيش وإعلان الفيلم هبط إلى مواجهة ركيكة بين تماثيل الشخصيات الخيرة وتماثيل الشخصيات الشريرة، بالإضافة إلى معركة صغيرة داخل المتحف أبطالها تمثالا أسدى كوبرى قصر النيل اللذين استخدمتهما صانعة التماثيل الشريرة إنعام سالوسة التى قدمها الفيلم كربة بيت عحوز تهتم بتجهيز الطعام والساندويتشات للتماثيل ولمساعديها، لكنها تقتل بكل قسوة كل من يقف فى طريقها. أبرز عناصر الفيلم بالإضافة إلى الحالة الكوميدية الناجحة التى قدمها المخرج أحمد الجندى الاهتمام بتقديم شكل بصرى جيد ومتقن للخدع والأزياء والديكور، قد لا تصل إلى المستوى العالمى، لكنها متطورة للغاية مقارنة بما تم تقديمه سابقا، وسيفتح الفيلم الطريق لسينما الفانتازيا والخيال الذى تفتقر إليه السينما المصرية رغم ثراء التراث العربى بالقصص الخيالية مثل ألف ليلة وليلة، ورغم تراث السينما بأعمال الفانتازيا مثل «طاقية الإخفاء» و«الفانوس السحرى» و«عروس النيل» و«عفريتة هانم» وغيرها. لم يجرؤ صُناع الفيلم بالطبع على ضم شخصيات سياسية من التاريخ المعاصر القريب، منعًا للمشكلات الرقابية، لكن الرقابة لم تترك الفيلم فى حاله حيث قامت بحذف كلمة إسرائيل من جملة حوار شخصية رأفت الهجان حيث يدعو فيها شخصية الأميرة ياسمين للسفر معه إلى إسرائيل وافتتاح مشروع هناك، الكلمة يمكن تخمينها مع هذا، وحذفها حساسية بلا مبرر.