رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد افتتاح مبنى خدمات ومكتبة كنيسة المقطم    محافظ شمال سيناء: كل الخدمات في رفح الجديدة بالمجان    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    صعود جديد في سعر الفراخ البيضاء اليوم الخميس 25-4-2024 داخل بورصة الدواجن والمحال    بنك ناصر: إتاحة التمويلات الشخصية لموظفي البنوك وكبرى شركات القطاع الخاص بشروط ميسرة    لمدة 6 ساعات قطع مياه الشرب بمنطقة « أ » بحدائق الأهرام مساء يوم الجمعة    وزيرة البيئة: إصلاح نظام تمويل المناخ ضرورة قصوى    ميناء العريش: إنشاء رصيف تجاري بطول 242 مترا لاستيعاب جميع السفن (فيديو)    سعر الذهب في مصر اليوم الخميس مع منتصف التعاملات    محافظ الفيوم: إنجاز عدد من المشروعات الخدمية بالفترة المقبلة    الصحة الفلسطينية تحذر من اقتراب توقف مولدات الكهرباء بمستشفيات غزة    انقطاع خدمة الإنترنت الثابت فى وسط وجنوب غزة    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    1118 مستوطنًا يقتحمون المسجد الأقصى.. وآلاف آخرين يؤدون صلوات عند «البراق» (فيديو)    روسيا تلوح باستهداف الأسلحة النووية للناتو حال نشرها في بولندا    تعديل موعد مباراة الأهلي وبترو أتليتكو بكأس الكؤوس الأفريقية    كولر يدرس استبعاد ثنائي الأهلي من مواجهة مازيمبي.. تعرف على السبب    انطلاق فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية الجديدة    ضبط 4 أشخاص كونوا تشكيلًا عصابيًا تخصص في السرقات بالجيزة    لخلافات بينهما.. مسن ينهي حياة زوجته بقطعة خشبية في المنيا    موعد إعلان أرقام جلوس الثانوية الأزهرية 2024    تحقيقات تسريب الكلور داخل حمام سباحة الترسانة: «الحادث ليس الأول من نوعه»    رفع 2000 حالة إشغال متنوعة وتحرير 10 محاضر تموينية في الجيزة    حبس المتهم باستعراض القوة وإطلاق الرصاص وترويع المواطنين بالقليوبية    بنات ألفة لهند صبرى ورسائل الشيخ دراز يفوزان بجوائز لجان تحكيم مهرجان أسوان    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    بدء مطاردة الأشباح.. تفاصيل مسلسل البيت بيتي 2 الحلقة الثانية    بخصوص «تغطية الجنازات».. «سكرتير الصحفيين» يكشف نقاط الاتفاق مع «المهن التمثيلية»    شقو يكتسح شباك تذاكر أفلام السينما.. بطولة عمرو يوسف وأمينة خليل    فحص 260 مواطنًا في قافلة طبية مجانية بالإسكندرية    مصرع شخصين وإصابة 8 آخرين فى حادث سير بين تريلا وميكرباص بصحراوى البحيرة    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    انطلاق فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بمدينة مصر للألعاب    رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر والسيسي بالذكرى الثانية والأربعين لتحرير سيناء    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    أمريكا تطالب إسرائيل بتقديم تفاصيل حول تقارير المقابر الجماعية بغزة    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    سقوط عصابة تخصصت في سرقة الدراجات النارية بالقاهرة    «الصحة»: فحص 6 ملايين و389 طفلا ضمن مبادرة الكشف المبكر عن فقدان السمع    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    الأهلي يصطدم بالترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    حمزة العيلى عن تكريم الراحل أشرف عبد الغفور: ليلة في غاية الرقي    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات بميناء دمياط    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    لبيب يرافق بعثة الزمالك استعداداً للسفر إلى غانا    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    مدحت العدل يكشف مفاجأة سارة لنادي الزمالك    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سكينة فؤاد ل«التحرير»: ليالى رمضان شكَّلت خيالى كأديبة
نشر في التحرير يوم 25 - 07 - 2014

ما زلت أحرص على الاطلاع على «أخبار اليوم» كما كان يفعل زوجى.. وعشت عمرى فى صراع بين الأديبة والكاتبة الصحفية
لا بد للكاتب أن ينزل للواقع ولهذا قبلت منصب مستشار الرئيس
قضيت رمضان فى طفولتى على البحر.. وكان ذهنى عامرًا بقصص ألف ليلة وليلة حتى ظننت أنى سأرى عروس البحر
رفضت كتابة جزء ثانٍ من «ليلة القبض على فاطمة»
تصف نفسها بأنها أديبة وأدتها السياسة، حتى شهرين كانت «سكينة فؤاد» المستشار السياسى لرئيس الجمهورية المؤقت، المستشار عدلى منصور، لشؤون المرأة وهى أيضًا النائب الأول لرئيس حزب الجبهة الديمقراطية المعارض، ونائبة مجلس الشورى، وهى أيضا الروائية التى كتبت مسلسل «ليلة القبض على فاطمة»، الذى عاش فى ذاكرة أجيال من المصريين.
الكاتبة الصحفية والروائية سكينة فؤاد ولدت فى 1 سبتمبر 1945 بمدينة بورسعيد، وحصلت على ليسانس الآداب من كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1964، وتزوجت الصحفى أحمد الجندى، مدير تحرير جريدة الأخبار المصرية، الذى وافته المنية فى أبريل 2004، كما شغلت عدة مناصب منها مدير تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون، وهى صاحبة حملة المبيدات المسرطنة، وصدر لها رواية «ليلة القبض على فاطمة»، وكتاب يجمع عددا من مقالاتها حول الأمن الغذائى فى مصر، ونقد الفساد والتلوث الغذائى، و«امرأة يونيو»، و«ترويض الرجل»، و«بنات زينب»، و«دوائر الحب».
«التحرير» التقت الكاتبة الكبيرة لتحاورها عن ذكرياتها الرمضانية، ورحلتها منذ الطفولة فى بورسعيد الصامدة، ومشوارها فى القاهرة العامرة..
■ ماذا يمثل لك شهر رمضان؟
- رمضان من أهم الشهور التى شاركت فى صياغة مكملاتى الشخصية الأساسية، فأنا أعتقد أولا أن خيال الأديبة داخلى لم يصنعه شىء بقدر ما صنعته فى ليالى شهر رمضان، فأنا من جيل لم يكن فيه تليفزيون ولا ما تعيشه أجيال اليوم، التى تقفز فيه من دراما إلى دراما.. عشت رمضان على صوت البحر، وكان للياليه طعم آخر، فعلى البحر كانت هناك كبائن خشبية تشبه الخيمة، وفى الليل كنا نتجمع صبية وبنات فى سن 11 و12 و14 سنة، ونسهر وننير ليل الشاطئ بالفوانيس الملونة، ونجلس وكل منا يروى حكاية ويتسابق كل منا ليحكى أولا، ومن هنا ولدت المؤلفة التى وأدتها السياسة، من هناك ولدت موهبتى كمؤلفة، على شواطئ بحر بورسعيد فى رمضان، مع صوت الموج وهو يعانق الشاطئ، وحواديت ألف ليلة وليلة تخلب لبى، فكنت أغمض عينى ويهيأ لى أن عرائس البحر على مقربة منى، وأننى لو نزلت البحر سأراهن.
■ كيف انعكس هذا الجو على ما كتبته من قصص وروايات؟
- أول محاولاتى لكتابة القصة كانت فى كراسات المدرسة، فى ليالى شهر رمضان الكريم، وأذكر هذه الليالى، لأننا كنا نسهر حتى السحور فى تجمعات بين أولاد وبنات، والكبار يسمحون لنا باللعب وهم يجلسون ويتسامرون، لأنه لم يكن هناك تليفزيون كما يوجد الآن.
وفى أغلب قصصى يطل البحر على الأحداث، وفى قصة «ست عيوش» التى أصدرتها ضمن مجموعة «امرأة يونيو»، التى كنت سأسميها مجموعة «البرابى»، ويقصد بها مخازن الكتب القديمة فى المعابد الفرعونية، كانت هناك علاقة امرأة بالبحر، وكانت من كائنات الطبيعة تنتمى إلى البحر، وتروى تأثير تلك العلاقة.. وفى «ليلة القبض على فاطمة» كانت البطلة فتاة من بورسعيد، تلخص شخصية نساء البحر، ومزيج القوة والعاطفة والمقاومة التى أبدينها للإنجليز كشدة مقاومة الأمواج.
وفى «ست عيوش» كانت لى جدة مثل نساء الأساطير، تنظر إلى الشمس وتتحدث عنها، وتقول البحر يقول كذا أو البحر غضبان، كانت خليطا من الأساطير والبحر والواقع، و«ست عيوش» كائن يشرب الشمس، تجلس وتدهن جسدها بالشمس، وترى حركة البحر والسفن، وهى تعرض لجدة تربى حفيدتين، إحداهما ترتدى نظارة وكثيرة القراءة، والثانية تهوى النظر إلى نفسها فى المرآة والرقص، وخلال تربيتهما كانت توبخ الثانية، وتقسو عليها وتهتم بالأولى، لكن حين اقتربت من الموت أوصت الثانية التى تحب الرقص بالأخرى التى تقرأ، وكأنها كانت تستشرف زمن الشاشات، وأنه سيكون صاحب السطوة، وتوصيها قائلة: «خلى بالك منها.. ده مش هيكون زمانها ده هيكون زمانك»، وأوصت حفيدتها الأخرى قائلة: «لا تخافى.. الرسائل بيننا لن تنقطع أبدا، وكلما ذهبتى إلى الشجرة بجوار قبرى ووجدتِ ورقة، فاعلمى أنى أرسل لكِ رسالة»، وقد أردت بهذه القصة الإشارة إلى أن هذه الحفيدة المحافظة عملت فى التعليم لتكون زارعة فى الأجيال الجديدة.
وهذه الوصية كانت استشرافا لزمن من أن مثل هذه الحفيدة المحافظة ستتعرض لمخاطر بلا حدود، بينما النهمة للحياة تتسيد، وقد رأينا زمن السلطة والثروة ولو سألت الآن هل تحققت الوصية فأجد أنها نعم قد تحققت وما تناولته القصة من رؤية كانت صحيحة.
■ ليالى رمضان شكلت ملامحك كأديبة فماذا عن الكاتبة الصحفية؟
- عشت أكثر من حياة.. حياة من أجل الواجب فرضتها على الكاتبة الصحفية التى تتصدى لهموم الناس، والأديبة التى تريد ادخار الأفكار واستغلالها إبداعيا.. وبسبب هذا مررت بصراع داخلى، فهل أدخر ما يمر بى للأديبة أم أكتبه بسرعة كتحقيقات تهم المجتمع؟ واستمر الصراع داخلى دوما، وفى كل مكان وأنا أخوض معاركى الصحفية لم تتوقف علاقتى بصراع الأبطال، وتكون فى عقلى أكثر من بطل جميعهم كانت لهم قوة حياة خاصة.
■ ماذا عن زوجك، رحمه الله، وتجربة زواجك كصحفية من زميل فى نفس المهنة؟
- لا أعتبر الحكم فى القصة المهنة، لكن الشخصية قبل المهنة، وزوجى كان محبا، وأعطانى بلا حدود، ولم أجد أحدا يحب نجاحى بقدره، وكل خطوة كنت أخطوها كنت أجده محبا لكل نجاح أحققه، خصوصا أن بداياتنا كانت مبكرة جدا منذ الجامعة، حينما كان زميلا لى، وأنا كنت بنت متفوقة محل تقدير ممن حولها، وتزوجنا بعد التخرج فى الجامعة، وعاش معى كل شىء، ولم يكن مجرد زوج، بل كان أبا وصديقا وزوجا، وامتلأت حياتنا بكل أنواع المعاكسات فى المهنة من إيجابيات وسلبيات وضغوط، وما يجب أن تعطيه لهذه المهنة، وما أكثر الأمور التى أجلناها فى حياتنا إلى زمن الراحة، حينما نكبر أو نقول حينما يكبر أبناؤنا، أو عندما نستقر، ولم يحدث هذا أبدا.
■ هل ينعكس ذلك على رؤيتك ومتابعتك لصحيفة «أخبار اليوم» حينما تلتقطينها بين يديك؟
- أشعر أنى أعرفها جيدا، وبالنسبة له لم تكن تقل أهمية عن بيته وأولاده، وربما أعطاها من الوقت أكثر، وكما كانت بالنسبة لأحمد الجندى شيئا مهما فى حياته وشريكا فى بنائها فى مرحلة من أهم مراحلها، وأعرف فيها أجيالا كثيرة رغم أنى لم ألتق بهم، لكنى عرفتهم من زوجى، وما زلت أحرص على الاطلاع عليها بشكل مستمر، كما كان يحرص على أن يبدأ يومه بها، وهى بالنسبة لى عمل يحمل اسمه.
■ ماذا عن رواية «ليلة القبض على فاطمة» وهى من أهم ما عاش فى ذهن المصريين؟
- طلب منى بعد «ليلة القبض على فاطمة» أن أكتب جزءا ثانيا منها، وحينما كتبت على لسانها، وهى تقول عند إدخالها المستشفى وهى تقول «تحدثوا ماتخافوش».. كانت صرخة من داخلى أرى فيها أن هناك زمنا قادما، واللحم فيه سيأكل بعضه، والأخ الذى وضعته فاطمة فى مكانة الابن يحاول قتلها، وحين فشل حكم عليها بالجنون، وطلب منى أن أكتب الجزء الثانى، لكن لم أكتب، لأن الفكرة لا بد أن تولد من داخلى.
وهذه اللحظة التى ولدت فيها الفكرة مرة ثانية من داخلى حدثت فى اليوم الأول من ثورة يناير، كنت أقف أمام دار القضاء العالى، وأذكر الجموع تتجمع وتزحف إلى ميدان التحرير، وجدت أن هذا هو الوقت لاستكمال الجزء الثانى من «ليلة القبض على فاطمة»، ووجدت شبابا يحثوننى عليها.. وجدتها حاضرة ووجدت الفكرة ووجدت الفاطمات يملأن ميادين مصر والمقاومة التى تتحدث عنها الرواية فى شخصية فاطمة وتهزم الدنيا لأجل بلدها، ففاطمة فى المشهد الأول تشعر بالخطر فتقاومه بأن تنزل وتحتمى بالجموع والناس تتغطى بالناس، ووجدت كل هذا يتجدد أمامى، لكن بدأت العجلة تدور والثغور السياسية ويعود صراع الأديبة والصحفية.
■ ثم ماذا حدث؟
- تساءلت هل تكفى الكتابة على الورق؟ فأنا فى مرحلة من عمرى آمنت أنها لا تكفى، فحين بدأت الكتابة عن حملات الإبادة ومخططات الصهاينة بمشاركة بعض القوى الداخلية، كتبت «حروب الإبادة.. شهادات جديدة»، وقفت لحظة حائرة بين ما لدى من وثائق أحتفظ بها لأثبته ليصبح عملا أدبيا، أم أسارع لمواجهة هذه الكوارث وأشارك فى حماية الواقع ومواجهته، ودارت العجلة وأخذتنى الثورة، وبعد أن وجدت الجزء الثانى وجدت المعركة تبدأ من جديد، والثورة تسرق، ولا بد للكاتب أن يترك المعترك وينزل إلى الواقع، وكان ما كان بدخولى مستشارة لرئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلى منصور فى مؤسسة الرئاسة، كنت على استعداد أن أكون جنديا يحرس على بوابة من بوابات مصر، وهكذا عشت صراع المبدعة والفاعلة فى الأرض، وولدت بطلة أخرى داخلى فى مبنى الاتحادية، وأنا فى مؤسسة الرئاسة فعلت هذه الفترة شيئا مهما لدىّ، وهى العلاقة مع البشر «المتعب» ومكنتنى أن أكون أكثر التصاقا بالألم الإنسانى.
وأنا وافقت على الاقتراب من مركز صناعة القرار على أمل أن أستطيع إيجاد حلول لهذا الألم الإنسانى وبوابة لتخفيفه، ووجدت أن أبواب الحلول موصدة أمام المصريين، ونحن نجد أن أقدم نداء فى تاريخ المصريين هو «أيها الحاكم أقم العدل»، ولم يضع من المصريين شىء قدر العدل.
■ ماذا عن شهر رمضان؟
- مكوناتى الأساسية الإنسانية العميقة فى محاولة الاقتراب من الخالق تكونت فى رمضان، ولا أنسى كل ما كنت أفعله من طقوس وكلمات جدتى بأن كل طقوس العبادة معلنة عدا الصيام سر بينك وبين ربنا، وهذا الصيام اختبار إلى أى مدى أنت قوية.. وعشت بهذا المعنى تعبيرا عن قوة الصلابة الداخلية، وكل من له قوة داخلية لا تستطيع قوة أن تهزمه، وأتمنى أن تصل هذه الرسالة إلى الأجيال الجديدة، التى أحبها جدا، ولا أحب الوصايا من جيل على جيل، لكن أحترم نقل الخبرات والإيمان بأن الجيل الجديد له أعذاره، ونحن فى حياتنا لم يكن لدينا مثل هذه الشواغل وحجم التحديات والتقنيات الحديثة والمخاطر، ورغم أن حياتنا لم تخل من المخاطر أيضا وعشنا تحت الاحتلال.
كيف أصبحت طقوسك فى شهر رمضان بعد الصبا وليالى السهر؟
- أنا كائن يعيش بين الورق، وفى كل الشهور، ومن بينهم شهر رمضان، خصوصا بعد أن كبر أولادى ومات زوجى لا تجدين فى منزلى سوى أوراق وأقلام وكتب، وحتى أولادى عانوا من هذا، وأنا لا أستطيع أن أرمى ورقة، لأن الورق بالنسبة لى له سحر خاص.
والآن حين كبرت وبدأت أسمع صفير قطار العمر، أتذكر حوارا بينى وبين توفيق الحكيم، وهو يقول لى: «الكاتب لما يكبر مالوش طبعة تانية لكنها موجودة فى الأجيال الأخرى».. وفى هذا العمر الكتابة شريك أصيل لى، ومن المؤكد أن روحانيات هذا الشهر الكريم وعشقى له عمق روحانيات الاقتراب من السماء والأساطير، وما زلت أتذكر جدتى وهى تضع السكاكين على عتبات الأبواب فى أواخر رمضان، وكنت أنظر أخطو بأقدامى الصغيرة خلف جدتى لأعرف معنى هذا، حتى عرفت أنهم يقومون بذلك، لأن السكاكين ستتحرر من الأصفاد بعد رمضان.
■ فى رمضان الماضى كنتِ فى قصر الرئاسة بالتزامن مع إرهاصات صدور قرار فض اعتصامى رابعة والنهضة.. كيف مر عليك رمضان الماضى؟
- الفترة الانتقالية امتلأت بمحاولات جادة وأمينة ومن شخوص كبيرة لمنع ولملمة الجراح، أو إهدار الدماء، وإنهاء الأمر بأقل قدر من الألم كما حدث فى اجتماع 3 يوليو، وقلت إن أكثر شىء كان يقلق وزير الدفاع كان هو سقوط نقطة دم واحدة، والذين كانوا يمسكون بمقاليد الأمور أشهد أنهم كانوا من أكثر الأمناء، ويعدون الأنفاس لتقليل الخطر ويواجهون المخاطر.
■ ماذا عن أول يوم رمضان؟
- انتمائى إلى الكتابة جعلنى أما لأعداد لا تحصى لشباب من الجنسين شباب وكبار السن يقولون لى «أمى»، وأشعر أن الله أكرمنى بذلك، وليس لدى طقوس ثابتة فى أول أيام رمضان.
ماذا كانت دعواتك فى هذا الشهر؟
- أؤمن أن شهر رمضان هو شهر الدعاء، والعمل يرتبط بالدعاء ولا عمل دون دعاء، وما زال دعائى أن يسلم الله مصر ويثبتها ويقويها ويقوى كل الأمناء عليها ويرد رشد، الذين فقدوا العقول والضمائر، وهم يستبيحون أمن هذا الوطن، وأذكر أن تلك المرحلة كانت كمن يقبض على الجمر.
■ أخبرينا عن أولادك؟
- لدىّ ثلاثة أبناء: هالة وهى أستاذ مساعد فى طب قصر العينى، وعمرو وهو مهندس، ومحمد إعلامى.
■ هل تحرصين على قضاء شهر رمضان بينهم؟
- الكتابة والاهتمام بهموم الناس أخذتنى من كل شىء حتى أولادى أحيانا، بسبب احتياجى إلى التركيز، وأعترف أننى لست نادمة، لأنها لم تترك لى مساحة فراغ، وقد لا تعرفى معنى التقدم فى العمر والوحدة التى تفرض نفسها، فيكون ونس الكلمة ومحبة من قرؤوا لك وونس الاقتراب من الله.
■ كيف كان رمضان فى صباك أيام الاحتلال؟
- كواحدة من أهل القنال الذين يكنون للجيش الوطنى مكانة بلا حدود، وعشت تجربة كيف يكون الوطن مهددا، فقد شهدت مقاومة 56 والقوات البرية والبحرية ومواجهة 3 جيوش، وأتذكر أن المائدة كانت تمتد إلى عناصر المقاومة، ولا توجد أسرة تأكل وحدها، لأن عناصر المقاومة كانت معروفة شعبيا، والبيوت كانت متواصلة، والمقاومة تصنع دائما تواصلا إنسانيا عجيبا، وعشنا رمضان مع حرب 1973، ومحاولات عبور صوانى الكنافة والقطايف بعد معارك النصر، وعشت معاناة قوات الجيش بسبب نقص كميات الطعام ومحاولات أهل القناة لإرسالها لهم بعد انتصارات الأيام الأولى، وأهل المدينة كانوا يريدون أن يكسروا كل الأنظمة، ويذهبوا ويشاركوا المقاتلين الإفطار، وكانت المشاركة الشعبية نادرة.
■ هل ننتظر الجزء الثانى من «ليلة القبض على فاطمة»؟
- أدعو الله أن يعطينى العافية للكتابة، لأن الكتابة ليست مهمة سهلة فما بالك بالإبداع، والواقع ما زال يفرض علينا متابعات، والصراع داخلى ما زال قائما ما بين الأديبة والصحفية، لكن الكتابة تظل دائما المركب الذى أنزل إليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.