أسعار الخضروات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    وزير النقل يعقد جلسة مباحثات مهمة مع نظيره الإسباني    قطع المياه في عدة مناطق بالجيزة لمدة 8 ساعات اليوم.. اعرف الأماكن    محافظ الجيزة: الانتهاء من مشروعات الخطة الاستثمارية للعام الحالي خلال أيام    «التضامن»: التوسع في برامج الحماية التأمينية والصحية لأسر تكافل وكرامة    الرئاسة الفلسطينية: قرارات العدل الدولية تعبير عن الإجماع الدولي على ضرورة وقف الحرب    رد قاس من نجم الأهلي السابق على هجوم محمد الشناوي ضد الصحافة المصرية    جوميز يجري تعديلًا مفاجئًا على برنامج الزمالك قبل مواجهة الاتحاد السكندري    عاجل.. فليك يستقر على أسماء جهازه المعاون في برشلونة    رد فعل مفاجئ من محمد صلاح بعد الجدل الأخير.. كيف ظهر للجماهير؟    5657 طالبا وطالبة يبدؤون امتحانات شهادة الدبلومات الفنية ببورسعيد.. غدا    تحذيرات مهمة من الأرصاد.. طقس شديد الحرارة في قنا والعظمى 43 درجة    ضبط عامل بتهمة تزوير الشهادات الجامعية في أسيوط    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك فلكيا.. بدأ العد التنازلي    ضبط قضايا اتجار بالعملات الأجنبية بقيمة 11 مليون جنيه في 24 ساعة    بعد ظهورها بالشال الفلسطيني.. من هي بيلا حديد المتصدرة التريند؟    مدحت صالح يتراجع عن قراره ويعلن موعد ومكان عزاء شقيقه «أحمد»    قبل انطلاقه.. القائمة الكاملة لأفلام عيد الأضحى 2024    سبب خوف عائشة بن أحمد من الزواج.. «صدمة عملت لها أزمة مع نفسها»    وصول رسولوف إلى مهرجان كان.. وعرض فيلمه «بذور التنين المقدس» بالمسابقة اليوم    «طب عين شمس» تحتفل باليوم العالمي لرتفاع ضغط الدم بحملات توعية    «صحة مطروح» تنظم قافلة طبية مجانية في منطقتي الظافر وأبو ميلاد بعد غد    لماذا يثير متحور FLiRT ذعر العالم؟.. مفاجأة صادمة اكتشفها العلماء    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    بوليتيكو: معظم دول الاتحاد الأوروبي لن تقدم على المساس بأصول روسيا المجمدة    بري يؤكد تمسك لبنان بالقرار الأممي 1701 وحقه في الدفاع عن أرضه    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    بوليتيكو: واشنطن تدرس القيام بدور بارز في غزة بعد الحرب    مصرع وإصابة 3 أشخاص في الشرقية    مراسل "القاهرة الإخبارية": تجدد الاشتباكات بين الاحتلال والمقاومة برفح الفلسطينية    أوقاف القليوبية تنظم قافلة دعوية كبرى وأخرى للواعظات بالخانكة    رئيس جامعة المنيا يشهد حفل ختام أنشطة كلية التربية الرياضية    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    التموين تستعد لعيد الأضحى بضخ كميات من اللحوم والضأن بتخفيضات 30%    الزمالك راحة من التدريبات اليوم بقرار من جوميز    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    قافلة الواعظات بالقليوبية: ديننا الحنيف قائم على التيسير ورفع الحرج    من صفات المتقين.. المفتي: الشريعة قائمة على الرحمة والسماحة (تفاصيل)    مجلس الشيوخ يناقش أموال الوقف ونقص الأئمة والخطباء ومقيمي الشعائر.. الأحد    أبرزها قانون المنشآت الصحية.. تعرف على ما ناقشه «النواب» خلال أسبوع    "الأونروا": في الضفة الغربية حرب لا يلاحظها أحد    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    "العد التنازلي".. تاريخ عيد الاضحي 2024 في السعودية وموعد يوم عرفة 1445    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    الإسلام الحضاري    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    تعرف على مباريات اليوم في أمم إفريقيا للساق الواحدة بالقاهرة    مران صباحي ل«سلة الأهلي» قبل مواجهة الفتح المغربي في بطولة ال«BAL»    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    "التروسيكل وقع في المخر".. 9 مصابين إثر حادث بالصف    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    «العدل الدولية» تحاصر الاحتلال الإسرائيلي اليوم.. 3 سيناريوهات متوقعة    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    حظك اليوم| برج الحوت 24 مايو.. يوم غني بالتأمل والإبداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحلقة الأولى من: «ناصر وعامر».. الرجل الأول وظله
نشر في التحرير يوم 23 - 07 - 2014


الحلقة الأولى
من كتاب «ناصر وعامر» للكاتب الكبير
عبد الله إمام
العلاقة بين الرئيس ونائبه لم تستمرّ كما بدأت.. فخلف الكواليس كانت أعنف قصص الصراع
لا يمكن فهم طبيعة العلاقة بين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وصديقه، وزير الدفاع الأسبق، عبد الحكيم عامر، إذا نحيت المشاعر جانبا. لو كنت مؤرخا تهتم فقط بالوقائع والأحداث وتحكم عليها من خلال الأوراق فلن نستطيع -بالتأكيد- فهم هذه العلاقة الملتبسة والغامضة.
علاقة صداقة تحمل كل مقومات الدراما. ابتسامات وكلمات معسولة فى العلن وأمام الكاميرات، وحرب شرسة تدور فى الكواليس.
كان ناصر يحب حكيم. هذه حقيقة دفعت مصر ثمنها غاليا.
ناصر القوى كان يضعف أمام طلبات ورغبات صديقه عبد الحكيم. وحكيم كان يستغل هذا فى السيطرة شيئا فشيئا على مؤسسات مهمة وحساسة فى الخفاء.
من هنا بدأت المعركة الخفية.
هذان رجلان تحولت بينهما الصداقة والمحبة إلى منافسة وسباق على السيطرة.
الرئيس لا يريد شريكا فى القرارات لأنه الرجل الأول ، وهذا حقه.
والرجل الثانى (حكيم) مسك فى يده خيوط مهمة وكثيرة (المؤسسات الأمنية) صورت له أنه بات أقرب إلى لقب الرجل الأول، وهذا طموحه.
هنا وقعت مصر بين الحق والطموح.
فى كتاب الكاتب الصحفى الكبير الراحل عبد الله إمام «ناصر وعامر» تفاصيل ما جرى فى قصة أخطر صداقة فى تاريخ مصر الحديث. علاقة كانت سببا فى أكبر هزيمة عسكرية فى 67 .
علاقة غيرت مجرى الأحداث فى ما بعد هذا التاريخ. فما قبل النكسة بالتأكيد يختلف كليا عما بعدها.
كانت العلاقة درامية وانتهت على طريقة المآسى الإغريقية.
فى هذا الكتاب الذى تعرض «التحرير ويك إند» جزءا منه نعرف كواليس ما جرى بين الصديقين، وكيف تتحول العلاقة من محبة إلى عداء، ومن تكامل إلى منافسة.
إنها السلطة.
مثل المآسى الإغريقية، عاشت وانتهت قصة جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، رئيس مصر والنائب الأول لرئيس مصر.
كان الرئيس ونائبه صديقين، صداقة متينة امتدت نحو 40 عاما، أعدا تنظيم «الضباط الأحرار» معا وخططا للثورة معا وليلة 23 يوليو خرجا فى سيارة واحدة ولم يفترقا.. وعندما نجحت الثورة كانا الرجل الأول والرجل الثانى بين قادتها.
وكان الرجل الثانى وفيا جدا للرجل الأول، والرجل الأول يتحدث بإعجاب عن الرجل الثانى، وبلغ من قوة صداقتهما أن كليهما أطلق على ابنه اسم الآخر، جمال عبد الناصر سمى ابنه عبد الحكيم، وعامر أطلق على ابنه اسم جمال، وزيادة فى توثيق أواصر الصلة تزوج شقيق جمال عبد الناصر الطيار حسين ابنة المشير عامر السيدة آمال.
لكن العلاقة بينهما لم تستمر بالصورة التى بدأت بها أمام الناس، فخلف كواليس القيادة كانت تدور أعنف قصص الصراع.
وكان كل منهما يريد السيطرة على الآخر، عبد الناصر يريد أن يحكم سيطرته على عامر ومؤسسته العسكرية، وعبد الحكيم يريد أن يمتد نفوذه إلى عبد الناصر وجماهيره. وهكذا بدأ الصراع بين الطرفين: عبد الناصر الشعب معه فى جانب، وعبد الحكيم ويرى أن الجيش معه فى جانب آخر.
كان عبد الناصر قد تعرف إلى عبد الحكيم عامر عندما عملا معا فى منقباد فى وسط صعيد مصر، ولما عادا إلى القاهرة.. استأجرا شقة معا، وعاشا معا شابين أعزبين جمعت بينهما الاهتمامات السياسية ثم فرقتهما شؤون العمل عندما نقل عبد الناصر إلى السودان، لكنهما التقيا مرة ثانية عام 1948 عندما درسا وتخرجا معا فى كلية أركان الحرب، وكان عامر أول من جنده عبد الناصر لتنظيم «الضباط الأحرار»، وكان أقرب «الضباط الأحرار» وأحب أعضاء مجلس الثورة إلى نفسه.
وفى ما بعد رشح عامر محمد نجيب لكى يتولى قيادة حركة الجيش ليلة 23 يوليو، وذهبا معا إلى نجيب فى منزله فى الزيتون يوم 19 يوليو ليخبراه بأمر الحركة.
قادا
تنظيم «الضباط الأحرار»
خطَّطا
للثورة معًا وليلة 23 يوليو خرجا فى سيارة واحدة
نجيب وترقية عامر
عندما نجحت حركة الجيش كان جمال عبد الناصر أول مدير لمكتب القائد العام محمد نجيب، ثم تلاه فى هذا المنصب عبد الحكيم عامر، وبعدها رشحه عبد الناصر ليكون قائدا عاما للقوات المسلحة حتى يضمن ولاءها للنظام الجديد، وعندما أعلنت الجمهورية فى 18 يونيو 1953 كان محمد نجيب رئيسا لأول جمهورية، والصاغ عبد الحكيم عامر قائدا لجيش مصر، واستمر قائدا للقوات المسلحة حتى وقعت الهزيمة العسكرية عام 1967، وبعدها لم يقبل إطلاقا أن يترك قيادته للجيش طواعية.
وكان مجلس الثورة قد انتهى فى يونيو 1953 إلى قرارين: إعلان الجمهورية، وتعيين عبد الحكيم عامر قائدا عاما للقوات المسلحة.
وكتب محمد نجيب فى مذكراته: «لقد ثرت ثورة عنيفة معارضا ترقية عبد الحكيم عامر من رتبة الصاغ إلى رتبة اللواء دفعة واحدة، وتعيينه قائدا عاما لجميع القوات المسلحة، مبينا أن ذلك سوف يخلق نقمة عامة فى الجيش، قد تكون صامتة ومطوية فى الصدور، لكنها ستكون قابلة للانفجار فى أى لحظة، وقلت لهم: إنى اعترضت على تعيين الفريق محمد حيدر رغم أقدميته، لأنه كان بعيدا عن صفوف الجيش، وأنا اليوم أعترض على ترقية عبد الحكيم عامر، وتعيينه قائدا عاما للجيش لأنه ليس مؤهلا لذلك.
ولم ييأس المجلس من الوصول إلى غرضه، فتكرر عرض الموضوع فى أكثر من مرة، وفى كل مرة كنت أرفض وأثور وحدى بلا نصير يقف معى، وهددت بالاستقالة فتأجل الموضوع ثلاثة أسابيع.
لم أعترض فقط على ترقية عبد الحكيم عامر أربع رتب دفعة واحدة مما ليس له سابقة فى الجيش المصرى، لكننى اعترضت أيضا على إعلان النظام الجمهورى، لأنه كان يجب أن ينص عليه فى الدستور أولا. وأشهد أنى قبلت تحت ضغط وإلحاح استمر ثلاثة أسابيع بعد أن فكرت كثيرا فى الاستقالة، وأعترف الآن أن هذا كان خطئى الكبير الذى وقعت فيه، فقد شعرت بعد قليل أننى أصبحت فى مركز أقل قوة بعد أن تركت قيادة الجيش، والشخص الوحيد الذى استقال نتيجة لهذا الموقف كان اللواء الجوى حسن محمود قائد القوات الجوية».
نجيب:
ثرت ثورة عنيفة معارضًا ترقية عبد الحكيم عامر من رتبة الصاغ إلى رتبة اللواء دفعة واحدة
ناصر
و
عامر
..الرجل الأول وظله
ناصر يرشح عامر
الحقيقة أن هذا لم يكن رأى اللواء محمد نجيب فى ذلك الوقت، فعندما اعترض عدد من العسكريين على تعيين ضابط برتبة صاغ قائدا للجيش، حاول نجيب إقناعهم بأن عامر من العبقريات العسكرية النادرة «وبأن هناك فى التاريخ أمثلة كثيرة أحدها الإسكندر المقدونى»!
وكان عامر هو الذى رشح محمد نجيب لتولى رئاسة الحركة بعد أن رشح آخرون اللواء فؤاد صادق، وكان ما يرجح كفة اللواء صادق أنه قائد القوات فى فلسطين ويتمتع بسمعة حسنة بين الضباط، لكن محمد نجيب كان شيئا مختلفا، فهو الذى خاض مع «الضباط الأحرار» معركة انتخابات رئاسة نادى الضباط تحديا لمرشح الملك اللواء حسين سرى عامر، وكان الملك قد نقل محمد نجيب مديرا لسلاح الحدود ليحل مكانه حسين سرى عامر، وفاز اللواء نجيب مما جعل الملك يحل مجلس إدارة النادى. ويقول محمد نجيب إنه تعرف إلى عبد الحكيم عامر على أرض فلسطين، عندما كان نجيب يتولى قيادة اللواء العاشر.
«وكان عبد الحكيم عامر قد عين أركان حرب للوائى، وقد وجدت فيه ضابطا ذكيا دقيقا، وعندما سمعنى أردد هذه الآراء: عدونا ليس اليهود بقدر ما هم الذين يرتكبون خلف ظهورنا الآثام والموبقات»، ذهب إلى صديقه البكباشى جمال عبد الناصر، وقال له -كما أخبرنى فى ما بعد- «لقد عثرت فى اللواء محمد نجيب على كنز عظيم»!
رشح جمال عبد الناصر صديقه عامر لتولى قيادة الجيش، وقال لبعض زملائه أعضاء مجلس الثورة، إنه لا بد أن يتولى أمر الجيش واحد منا، وفى الوقت نفسه يتولى عبد اللطيف البغدادى منصب وزير الحربية، ويقول البغدادى إنه فهم من اختيار عبد الناصر لعامر أن تصبح له السيطرة السياسية على الجيش، معتمدا على قوة الصداقة المتينة والتفاهم القائم بينهما. ويستمر عبد اللطيف البغدادى فى الحديث قائلا: «وعندما أعلن قرار تعيين عبد الحكيم عامر قائدا للجيش تقدم قائد سلاح الطيران اللواء حسن محمود باستقالته من القوات الجوية، ورفض أن يستمر فى منصبه احتراما لرتبة اللواء التى يحملها، ولأن عبد الحكيم عامر الذى كان صاغا ورقى إلى رتبة اللواء دفعة واحدة سيرأسه، وهو لا يرضى لنفسه بهذا الوضع، وظل متمسكا بموقفه رغم محاولتى مع حسن إبراهيم إقناعه بالاستمرار، وكان ذلك بتكليف من المجلس لنا، لكنه أصر على موقفه احتراما للأقدمية العسكرية، وهناك فرق بين منصب القائد العام كمنصب عسكرى وبين منصب وزير الحربية، وهو منصب سياسى ولا يضيره من يشغله، وتبعا لهذا الإصرار قبلت استقالته وعين بدلا منه الطيار محمد صدقى محمود»!
ويقول البغدادى «إنه كان من نتائج تعيين عبد الحكيم عامر قائدا للجيش أن أبعدت بقية أعضاء المجلس عن وحداتهم العسكرية، بحجة أن نترك حرية العمل لعامر حتى لا نتسبب فى سوء تفاهم بيننا لو استمرت علاقتنا بزملائنا الضباط، وتم العمل على إبعاد زملائنا عنا بواسطة ضباط مكتب عبد الحكيم، وكان ذلك يجرى بتهديدهم أو بحجة ابتعادهم عنا حتى لا يضاروا، وفى الوقت نفسه كان ضباط مكتب القائد العام يعملون على تقريب ضباط الجيش من عبد الحكيم عامر بخدمات تقدم إليهم حتى أصبح الأهم لكثير من الضباط التقرب من عامر وجمال عبد الناصر، أو إلى من هم مقربون منهما طمعا فى منصب أفضل أو خدمة تؤدى إليهم، وأصبح الجيش بمرور الزمن أداة قوة فى يد جمال وعبد الحكيم عامر وانعزلنا نحن نهائيا عنه». ويحكى عبد اللطيف البغدادى قصة نشأة العلاقة بين جمال عبد الناصر وعامر قائلا «إنهما كانا صديقين منذ فترة طويلة قبل الثورة، فقد كانا يخدمان معا فى وحدة من وحدات الجيش المصرى فى السودان، وكان جمال قد نقل إليها عام 1939، وظل فيها حتى آخر عام 1946 عندما نقل إلى وحدة قريبة من العلمين غرب الإسكندرية، لكنه سرعان ما نقل إلى السودان ثانية فى صيف 1942 وعاد إلى القاهرة فى منتصف عام 1943 ليلتحق بالكلية الحربية كمدرس فيها».
أشهر مشير عربى
عامر
هو أول شخص غير الملك فاروق يشتهر برتبة المشير التى لم تكن معروفة عربيًّا
فى كل المواقع
كان هناك صراع حاد وعنيف منذ نهاية الخمسينيات بين عبد الناصر وعامر. عندما وصل الصراع إلى ذروته أدرك عبد الناصر أن هناك طرفين للمعادلة كى يستقر نظام الحكم، هما القوات المسلحة والشعب. وأيقن أن القوات المسلحة مدينة بالولاء المطلق إلى المشير عبد الحكيم عامر، الذى منح الضباط امتيازات لا حصر لها، لم يكونوا يطمعون فيها. وفى الوقت نفسه فإن وطنيته وطبيعته السمحة وشهامته وأخلاقياته وتعاملاته وصفاته الشخصية جعلته محبوبا من الجيش.
ولم يكتف عامر بذلك، بل بسط نفوذه إلى الحياة المدنية بواسطة الضباط. فكانوا الوزراء والسفراء والمحافظين ورؤساء المدن والشركات والنوادى. واستخدمهم للإشراف على المؤسسات العامة والجمعيات الاستهلاكية والعديد من الأنشطة. وإلى جانب أن المشير أصبح له بهذا الأسلوب رجال فى كل المواقع، إلا أنه كان يرضى أيضا بعض رجال القوات المسلحة وضباطها الذين كانوا يوقنون أن مستقبلهم مضمون فى الحياة المدنية بعد انتهاء الخدمة العسكرية أو حتى فى أثنائها! وقرر جمال عبد الناصر أن يدخل حلبة هذا الصراع بأن يترك رئاسة الجمهورية ويتفرغ لبناء التنظيم السياسى. وأعلن ذلك فى إحدى خطبه، وأعد له مكتبا فى الدور الحادى عشر فى مبنى الاتحاد الاشتراكى. وقرر أن تكون إقامته الدائمة فى هذا الطابق فزود بغرفة نوم أيضا. فى تلك الفترة رأى عبد الناصر أن لا وسيلة أمامه إلا أن يلجأ إلى الشعب وينظمه. وأعلن ذلك لكنه لم يفعل.
لماذا؟.. علامة استفهام تضاف إلى علامات الاستفهام الكثيرة فى قصة ناصر وعامر.
ناصر
أبعد كل أعضاء التنظيم الأحرار من الجيش بحجة ترك حرية العمل لعامر
الرئيس
أراد أن يحكم سيطرته على عامر ومؤسسته العسكرية.. والمشير سعى لمد نفوذه إلى الرئيس وجماهيره
السوفييت
كانوا يتعمدون صراع الرجلين الأول والثانى فقلدوا الرجلين نفس الأوسمة
وقد منح عبد الحكيم عامر رتبة المشير فى أول يونيو 1958 وأصبح فى الوقت نفسه نائبا لرئيس الجمهورية، وبذلك أصبح أول شخص يشتهر بهذه الرتبة الجديدة، التى لم تكن معروفة من قبل على مستوى العالم العربى كله حتى ولو كان الملك فاروق يحملها.
ورتبة مشير ظهرت كمقابل للرتبة الأجنبية «مارشال»، ودخلت الكلمة قاموس اللغة العربية لتكون أعلى رتبة فى القوات المسلحة ربما خصيصا من أجل عبد الحكيم عامر.. أول مشير عربى شهير.. وكان جمال عبد الناصر قد أصبح رئيسا للجمهورية العربية المتحدة التى ضمت مصر وسوريا. أى أن صعود عبد الناصر كان يؤدى بالتالى إلى صعود عامر.
وأصدر عبد الناصر قرارا بتفويض عامر فى كل اختصاصات رئيس الجمهورية بالنسبة إلى سوريا، وقام عامر لأول مرة فى حياته بجولات فى كل محافظات سوريا التى ألقى خلالها خطابات ملتهبة، وأشاد فيها بالقائد جمال عبد الناصر. لكن ذلك كله كان بعد أن وضع أول لغم فى العلاقة بين الصديقين الحميمين. عندما اتخذ عبد الناصر قرار تأميم قناة السويس دون استشارة عامر، ثم عندما انفجر هذا اللغم عام 1956 خلال الحرب. فقد ظهر خلالها أن عامر بمعلوماته العسكرية وبالمحيطين به وبقادة جيشه أقل من أن يقود حربا كبرى، كما أجمع كل زملائه أعضاء مجلس الثورة.. وربما عبر بعضهم عن ذلك وربما أخذ رأيهم على أنه نوع من الغيرة أو الحسد. وربما بذلت محاولة للتدخل فى القوات المسلحة، لكنها لم تنجح، لأن عامر كان يرفض أن تمتد يد إلى رجاله أو أن يأتى أى إنسان بكلمة سوء أمامه عن معاونيه.
وكانت مشكلة عامر الأولى فى معاونيه الذين زينوا له حياة بعيدة عن طبيعته، وعن روحه وعن العسكرية. وكان الذين حاولوا أن يوقعوا باستمرار بين عامر وناصر يقولون إن عامر يفعل كل شىء ويحمى عبد الناصر، بينما يحتكر عبد الناصر وحده المجد والزعامة والإعلام وحب الناس.
وعندما أراد عبد الناصر التدخل فى شؤون القوات المسلحة، استقال عامر. لكن عبد الناصر استرضاه، وعاد أقوى مما كان. بل صدر بعد أن قدم استقالته بثلاثة أشهر قرار بتعيينه نائبا أول لرئيس الجمهورية.
كان بعض الدول يفهم مشكلة الرجل الأول والرجل الثانى، فيوم أهدى الاتحاد السوفييتى أرفع وسام سوفييتى لعبد الناصر أهدى أيضا نفس الوسام إلى المشير عامر.
وكان عامر مصريا مخلصا، انتماؤه لمصر، يصادق ويعادى بناء على مصلحة بلاده، ولم يرتبط بالشرق أو الغرب إلا فى حدود ما يقدم إلى بلاده، وكان فكره واضحا فى لجنة تصفية الإقطاع، ورغم أن جلساتها كانت مغلقة وسرية فإنه كان حاسما وحازما فى تطبيق العدالة وفى وقت الاستغلال ومنعه.
ولقد حاول بعض المقربين منه بعد وفاته أن ينسبوا إليه أنه كان معاديا لما يجرى فى مصر. وكان ضد كثير من التوجهات، وهذه شهادة ضد عامر، وهى ليست صادقة.
لقد كان عامر الرجل الثانى فى النظام.. وبديهى أنه لم يكن معاديا لتوجهات هذا النظام، بل كان مشاركا فى صنعها كما كان مسؤولا عن الدفاع عنها. اعترض فقط اعتراضا تكتيكيا على قضية الديمقراطية الناقصة، لكنه عاد وعمل خمس سنوات فى ظل هذه الديمقراطية الناقصة من وجهة نظره.
ويمكن أن يقال إن عامر الوطنى المخلص سبب له رجاله المشكلات، وهم الذين أحاطوا به. امتد نفوذهم ومارسوا كثيرا من المثالب فى حق ثورة يوليو، وفى حق عبد الناصر وفى حق عامر أيضا، فمن اللافت إلى الانتباه أن كل الذين أدينوا فى ما بعد فى قضايا التعذيب هم من رجال المشير وأعضاء فى قيادة المؤسسة العسكرية.
فقد كان رجال المشير هم قيادة المخابرات الحربية والمخابرات العامة والمباحث الجنائية العسكرية والشرطة العسكرية، ولم توجه هذه الأجهزة جهدها وعملها إلى القوات المسلحة أو إلى واجباتها الأساسية، إنما مارست عملا يختص بالمواطنين المدنيين. فهؤلاء هم الذين تولوا القضايا السياسية الكبرى التى مرت بمصر. وهؤلاء هم الذين تولوا تصفية بقايا الإقطاع، وهم أيضا الذين نزلوا إلى مختلف المواقع المدنية يديرونها أو يحكمون سيطرتهم عليها حتى تدار إدارة عسكرية.
ناصر
و
عامر
..الرجل الأول وظله
ماذا أفعل فى مشيركم؟
القصة الثانية التى يرويها أمين هويدى أيضا تعكس نفس الجوانب من شخصية الرجل الثانى فى مصر، كما تعكس صورة من تعامله مع جمال عبد الناصر. وقعت القصة فى أبريل عام 1966 عقب وفاة الرئيس عبد السلام عارف فى حادثة الطائرة المعروفة.. كان أمين هويدى وزيرا للإرشاد القومى، وفى الصباح الباكر اتصل به الرئيس عبد الناصر، وفى نبرة واضحة التأثر أخبره بأنه سوف يسافر ضمن الوفد الذى سيرأسه المشير عامر لتقديم التعزية فى وفاة عارف.
وقال عبد الناصر إن المشير عامر سوف يمر عليه فى الساعة الحادية عشرة صباحا، وأن عليه أن يمر على عبد الناصر فى العاشرة والنصف للتحدث فى أمر العلاقة مع بغداد فى ضوء الظروف الجديدة. وأيضا فى ضوء أن أمين هويدى أمضى سنوات سفيرا فى بغداد، ويعرف التيارات المختلفة فيها، لذلك يكون أقدر من غيره على رصد احتمالات المستقبل.
وذهب هويدى فى الموعد.. واستمع إلى توجيهات الرئيس، وكان ملخصها أنه لا دخل للقاهرة فى اختيار من يخلف عارف، فتلك مسألة عراقية تخص العراقيين أنفسهم.
ونظر هويدى فى ساعته فوجد أنها قد قاربت على الحادية عشرة موعد حضور المشير. وأراد أن ينصرف حتى يترك للرئيس ونائبه فرصة الاجتماع.. لكن المشير لم يحضر.. وأصبحت الحادية عشرة والنصف ولم يحضر المشير.. الثانية عشرة ولم يحضر المشير وعبد الناصر ينظر فى ساعته، وقد قطب جبينه وبدت الحيرة فى عينيه.ويقول أمين هويدى إنه لما تجاوز التأخير أى تبرير وقف الرئيس قائلا: أعمل إيه فى المشير بتاعكم.. حتى الموعد الذى أحدده أصبح لا يحترم!
1967
لم يقبل عامر أن يترك قيادته للجيش طواعية بعد الهزيمة
المشير.. نصف فنان
يصف محمد حسنين هيكل عبد الحكيم عامر بأنه كان نصف فنان ونصف بوهيمى.. ولطيفا جدا، لكنه -عسكريا- توقف عند رتبة صاغ، أى أنه يستطيع أن يقود كتيبة، لكنه لا يستطيع أن يقود جيشا.
ولقد أصبح عامر ضابطا سياسيا، والضابط السياسى لا يمكن أن يكون مسؤولا عن قيادة جيوش.
وجزء من مأساة 1967 كان راجعا إلى حب ناصر لعبد الحكيم عامر، ذلك أن هذا الحب حال دون أن يقتنع عبد الناصر بدرجة كافية أن عبد الحكيم عامر لا يصلح للقيادة!
والحقيقة أن عبد الحكيم عامر لم يكن قادرا على إدارة القوات المسلحة مع التقدم المذهل فى المعدات، والخطط الحربية، ليس فقط لأنه وقف بمعلوماته عند رتبة عسكرية صغيرة وقت قيام الثورة قفز على أثرها إلى رتبة اللواء مرة واحدة، لكن لأنه لم يكن لديه وقت للقراءة، والاستيعاب، وتتبع الجديد، لم يكن لديه وقت لممارسة مهامه كقائد عام. ففى السنوات الأولى كانت أعباؤه سياسة متنوعة، وبعدها سلك طريقا آخر إلى جانب هذه الأعباء.
ولم تكن شخصية عامر من النوع الملتزم الذى يقدر المسؤولية فقد كان يغلب عليه طابع اللا مبالاة.
ويروى أمين هويدى واقعتين تعكسان الرؤية الصحيحة لشخصية المشير.. الواقعة الأولى التى يقول عنها هويدى إنها تجسم طبيعة المشير وقعت أوائل عام 1965 عندما كان سفيرا لدى بغداد.. وطلب عبد السلام عارف من الرئيس عبد الناصر أن يزور العراق، وكان جمال عبد الناصر يدقق كثيرا فى تحركاته وزياراته للبلاد العربية، حتى إنه لم يزر معظم هذه البلاد، فلم يزر إلا السعودية، والسودان، والجزائر، وليبيا بعد الثورة، والمغرب لحضور مؤتمر القمة، وكذلك سوريا بعد الوحدة وفى أثنائها فقط.
ويوم قامت ثورة العراق وصل الخبر إلى عبد الناصر وهو على ظهر الباخرة عائدا من يوغوسلافيا، وآثر العودة إلى يوغوسلافيا، حيث كانت فى انتظاره طائرة خاصة حملته للقاء خروشوف لإصدار بيان تأييد للثورة. وكان يستعد للعودة على نفس الطريق، إلا أن خروشوف قال له كيف تعود بالبحر، وفيه الأسطول السادس، ونزل رجاله إلى لبنان.. إنك ستكون مثل البطة فى طريق عودته.. وأخطر شاه إيران أن طائرة سوفييتية تحمل زائرا روسيا كبيرا سوف تعبر المجال الجوى الإيرانى.
وبعد إيران طلب عبد الناصر من الطيار السوفييتى أن يهبط بارتفاعه حتى يستطيع من خلال المنظار المكبر أن يرى بغداد التى كان يتوق لرؤيتها.. وعاد عبد الناصر إلى دمشق دون أن يزور بغداد التى كان مشوقا لرؤيتها.
عوامل سياسية متعددة جعلته يعتذر عن عدم الدعوة التى وجهت إليه لزيارة بغداد.. تقرر أن يقوم المشير عامر بهذه الزيارة بدلا منه على رأس وفد، ردا للزيارات المتعددة التى قام بها الرئيس عارف إلى القاهرة.
ومن هنا تبدأ رواية أمين هويدى الذى يقول: نزل عبد الحكيم عامر ضيفا على الحكومة العراقية، التى أحاطت هذه الزيارة بكل مظاهر التكريم والحفاوة، وأقام المشير فى قصر بغداد هو ومرافقوه.
وفى صباح اليوم التالى للزيارة اتصل بى تليفونيا مبكرا فى منزلى عضو السفارة الذى خصصته للإقامة مع الوفد فى قصر بغداد، وطلب منى الحضور فورا إلى القصر، ورفض الزميل أن يزيد حرفا واحدا على ذلك.
وحينما وصلت إلى هناك كان أحد ضباط القصر فى انتظارى على الباب ومعه عضو السفارة، وسلمنى مظروفا ذكر أن به أوراقا وجدوها متناثرة بالأمس على سرير المشير فى أثناء وجوده فى القصر الجمهورى، ورأوا من الأمانة أن يعيدوها داخل مظروف مغلق.
وفتحت المظروف وكدت أصعق.. كان بداخله عدة تقارير اصطحبها معه من القاهرة، ليقرأها وهو فى بغداد، تمس العلاقة بين عارف وعبد الناصر، وتتحدث عن عبد السلام عارف حديثا لا يرضاه.
كانت التقارير سرية للغاية، ومع ذلك تركت هكذا دون اهتمام ليطلع عليها من يشاء.
وكان من المؤكد أن الرئيس عارف اطلع عليها، وقد يكون المختصون -وهذا مؤكد- قد احتفظوا بصورة منها، وأعادوا إلينا الأصل.
وذهبت إلى المشير أقص عليه ما حدث.. لم ينزعج الرجل بل قابل الموضوع بمنتهى السخرية والاستهزاء.
ولم يكن فى يدى أكثر من أن أعنف المسؤول عن جمع أوراق المشير.
ولما ذهبنا إلى الاجتماع مع الرئيس عارف كان الرجل بادى التأثر، وأخذ فى حديثه يرد على ما أثير فى التقارير، ما يؤكد اطلاعه عليها، وأخذ يحذر بين وقت وآخر ممن يحاولون الوقيعة بين القاهرة وبغداد.
ولم تكن هذه هى نهاية المفاجآت فى تلك الزيارة، ففى مساء نفس اليوم أقمت حفل استقبال كبيرا بمبنى السفارة المصرية بمناسبة زيارة المشير، وحضره أكثر من ألف مدعو من رجالات العراق ورجال السلك الدبلوماسى العربى والأجنبى، ودعوت الرئيس عارف للحضور، فوعد بذلك تكريما لزيارة المشير، وعندما وصل ركب الرئيس عارف إلى دار السفارة.. دعوت المشير لنخرج معا لاستقباله، فرفض، مصرا على استقباله فى إحدى القاعات الداخلية فى الدار.
وخرجنا نحن لاستقبال الرئيس عارف الذى دخل معنا ليحيى المشير عامر، حيث شاء أن يبقى كما هو.
وبعد فترة من الوقت دعوت الجميع للخروج لتحية الضيوف فى حديقة السفارة، إلا أننى فوجئت، إذ رفض المشير أن يخرج للناس الذين حضروا لتكريمه. وهنا ألح عليه المشير عارف فى أن يخرجا معا لتحية المدعوين، إلا أنه اعتذر عن ذلك.. ولم يجد الرئيس عارف بدا من أن يخرج وحده للضيوف ونحن معه، وظل المشير داخل المنزل، ما أثار استياء عميقا لدى المدعوين العراقيين الذين حضروا خصيصا لتحية مندوب عبد الناصر.
هذه القصة التى يرويها أمين هويدى -كتاب «أضواء النكسة»- التى عرضنا موجزا سريعا لها تعكس جوانب متعددة من شخصية المشير عامر. لا مبالاة.. عدم الاكتراث.. إهمال الناس.. البعد عن الدبلوماسية.. الإهمال.. وغيرها من الصفات التى ما كان يجب أن تكون فى القائد العسكرى.. أو حتى السياسى.
ناصر
أدرك أن القوات المسلحة مدينة بالولاء المطلق للمشير لمنحه الضباط امتيازات لا حصر لها
المشير
كان رجاله قادة المخابرات الحربية والعامة والمباحث الجنائية العسكرية والشرطة العسكرية
بعيدا عن الانضباط
فى تحقيقات القضايا التى قدمت إلى المحكمة الخاصة عقب النكسة اتضح أن معظم الأوراق كانت تعرض على المشير عامر، ليوقعها فى منزل السيدة برلنتى عبد الحميد، وأن الأوراق كانت تظل فى منزله إلى اليوم التالى، لكن لم يثبت أن لذلك أى علاقة بالنكسة العسكرية.
ويقول عبد المنعم أبو زيد، كبير حرس المشير، والمقرب إليه، إن الأوراق كانت توجد متناثرة فى حديقة الفيلا التى يسكنها المشير مع برلنتى.. وإن أكثر من واقعة حدثت وغضب فيها المشير نتيجة معرفته أن الأوراق وجدت فى حديقة الفيلا.. ويرجع أبو زيد ذلك ليس لإهمال المشير، لكن لتعمد من السيدة برلنتى لتسوء العلاقات بينه وبين عبد المنعم أبو زيد، ولو أنها كانت تتظاهر بأنه ربما كان السبب فى ذلك أولاد البواب إسحق!
كل هذه الحكايات تعكس صورا من تصرفات المشير فى حياته الخاصة.. إنه لم يكن عسكريا منضبطا.
والانضباط هو صفة الرجل العسكرى العادى، فضلا عن أن يكون قائدا عاما للقوات المسلحة.
1956
كشفت الحرب عجز المشير عن قيادة حرب كبرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.