فى الولاياتالمتحدةالأمريكية الآن نظرية سياسية جديدة، يطلقون عليها اسم (نظرية أقزام الملابس الداخلية)، (Underpants gnomes)، والطريف أن الاسم جاء بسبب برنامج هزلى يذاع فى التليفزيون هناك، باسم (جنوميز).. (Gnomes) والبرنامج يروى قصة مجموعة من الصغار، حاروا فى أمر اختفاء غامض للملابس الداخلية، وعندما بحثوا الأمر، تبيّن لهم وجود مجموعة من الأقزام الصغيرة، تسرق الملابس الداخلية لسبب ما، وعندما التقوا هؤلاء الأقزام، سألوهم عن هدفهم من سرقة الملابس الداخلية، فأخبرهم الأقزام أنهم سيحققون منها ثروة، وعرضوا عليهم برنامجا من ثلاث خطوات.. الأولى سرقة الملابس الداخلية، والثالثة هى تحقيق الثروة، ولكنهم تركوا الخطوة الثانية خالية، إلا من علامة استفهام كبيرة، لأنهم، وبكل بساطة، يجهلون كيف يصلون إلى الخطوة الثالثة! ومن هنا جاءت النظرية، التى تتحدّث عن أصحاب الهدف العظيم، عندما يحققون الخطوة الأولى، من هدف عظيم، ولكنهم يتخبطون عند اختيار السبيل، الذى يمكن أن يقودهم إلى ذلك الهدف!! والنظرية باختصار تشرح كيف أنه من الممكن أن تكون لديك أهداف عظيمة، وأن تبدأ طريقك بخطوة كبيرة -أيا كانت- وترغب بشدة فى بلوغ أهدافك العظيمة، ولكن ليست لديك أيديولوجية واضحة، ولا خطة مدروسة لبلوغها، فيضيع منك الطريق، وتعجز عن بلوغ أهدافك، على الرغم من حماسك الشديد، وعظمة ما تصبو إليه. وعندما تابعت هذا، عبر شبكة الإنترنت، من خلال الأخبار العالمية، بعد أن نبهنى ابنى إليه، وجدت نفسى، وبلا وعى، أقارن بين تلك النظرية، وما يحدث عندنا على الساحة عقب ثورة يناير، على الرغم من الفارق العظيم بين الأمرين، فربما كان غياب القائد، هو أحد أسباب نجاح الثورة، ولكن أن تظل الثورة بلا قائد، وأن ترفض أن يكون لها قائد، بعد عام كامل من قيامها ونجاحها، فهذا أمر آخر، لأن خصوم الثورة ومحرضى الثورة المضادة يتحركون وفقا لخطة منظمة، وتحت قيادة واحدة، كما هو واضح، فى حين أن النظرية التى لم يثبت خطؤها أبدا، عبر التاريخ كله، هى أن الكيان المنظّم، الذى يتبع قيادة واحدة، ويسير وفقا لأيديولوجية واضحة، وخطة مدروسة، هو الرابح دوما، وإن طال الزمن، وهذه أكبر نقطة ضعف فى الثورة، وأكبر سلاح لدى الثورة المضادة، التى تتبع خطة قديمة ناجحة، تعرف باسم (حبل الخصم) وهى تعتمد على استغلال انفعال الطرف الآخر، لدفعه إلى ارتكاب مجموعة من الأخطاء، تقوده إلى أن يلف الحبل بنفسه حول عنقه، وهو يتصوّر أنه يلفه حول عنق خصمه.. وما زال للحديث بقية.