حبر على ورق.. النائبة عايدة نصيف: جودة الجامعات غير متوفرة في الواقع    خبير تربوي يكشف عن 12 خطوة لتوطين تدريس تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها بالمدارس    محافظ أسيوط يعقد اجتماعا مع قيادات التعليم لمتابعة الاستعدادات لامتحانات نهاية العام    تراجع سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري في البنوك اليوم الاثنين    البورصة تربح 33 مليار جنيه في منتصف تعاملات الاثنين    فايد: تكليفات من القيادة السياسية والبنك المركزي لدعم مبادرة حياة كريمة    عضو ب«النواب» يطالب بإنشاء كليات ذكاء اصطناعي في الجامعات الحكومية    إزالة 22 حالة تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالشرقية    «الخارجية» تطالب بحل دائم ل القضية الفلسطينية لوقف دائرة العنف في المنطقة    سفير الكويت بالقاهرة: زيارة مشعل الصباح لمصر تعود بالنفع على البلدين الشقيقين    حارس الدراويش السابق : يجب بيع نجوم الإسماعيلي لتوفير سيولة مادية للنادي    هل يقترب محمد صلاح من الرحيل عن ليفربول؟ أم الريدز متمسك به؟    عامر حسين: الكأس سيقام بنظامه المعتاد.. ولم يتم قبول فكرة "القرعة الموجهة"    تحرير 16 محضرًا تموينيًا لأصحاب المحال التجارية والمخابز المخالفة بكفر الشيخ    أحمد السعدني يصل إلى مسجد السيدة نفيسة لحضور جنازة المخرج عصام الشماع    «القومي لثقافة الطفل» يقيم حفل توزيع جوائز مسابقة رواية اليافعين    تراجع نسبي في شباك التذاكر.. 1.4 مليون جنيه إجمالي إيرادات 5 أفلام في 24 ساعة    التضامن : سينما ل ذوي الإعاقة البصرية بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    «الصحة»: توفير رعاية جيدة وبأسعار معقولة حق أساسي لجميع الأفراد    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    الرئيس السيسي: مصر تحملت مسئوليتها كدولة راعية للسلام في العالم من خلال مشاركتها بعملية حفظ وبناء سلام البوسنة والهرسك    مصرع 42 شخصًا على الأقل في انهيار سد سوزان كيهيكا في كينيا (فيديو)    قبل الحلقة المنتظرة.. ياسمين عبد العزيز وصاحبة السعادة يتصدران التريند    مسابقة المعلمين| التعاقد مع 18886 معلمًا.. المؤهلات والمحافظات وشرط وحيد يجب تجنبه -فيديو    مواصلات ورواتب مجزية .. فرص عمل متاحة ب"الجيزة".. الشروط والمميزات    تحرير 186 مخالفة عدم التزام بقرار الغلق للمحلات لترشيد استهلاك الكهرباء    الجندي المجهول ل عمرو دياب وخطفت قلب مصطفى شعبان.. من هي هدى الناظر ؟    «أزهر الشرقية»: لا شكاوى من امتحانات «النحو والتوحيد» لطلاب النقل الثانوي    استمرار حبس 4 لسرقتهم 14 لفة سلك نحاس من مدرسة في أطفيح    فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا.. «البحوث الإسلامية» يطلق حملة توعية شاملة بمناسبة عيد العمال    «العمل» تنظم فعاليات سلامتك تهمنا بمنشآت الجيزة    الأنبا بشارة يشارك في صلاة ليلة الاثنين من البصخة المقدسة بكنيسة أم الرحمة الإلهية بمنهري    محمد شحاتة: التأهل لنهائي الكونفدرالية فرحة كانت تنتظرها جماهير الزمالك    صعود سيدات وادي دجلة لكرة السلة الدرجة الأولى ل"الدوري الممتاز أ"    عواد: كنت أمر بفترة من التشويش لعدم تحديد مستقبلي.. وأولويتي هي الزمالك    515 دار نشر تشارك في معرض الدوحة الدولى للكتاب 33    عرض صيني لاستضافة السوبر السعودي    1.3 مليار جنيه أرباح اموك بعد الضريبة خلال 9 أشهر    إصابة عامل بطلق ناري في قنا.. وتكثيف أمني لكشف ملابسات الواقعة    ولع في الشقة .. رجل ينتقم من زوجته لسبب مثير بالمقطم    مصرع شخض مجهول الهوية دهسا أسفل عجلات القطار بالمنيا    ضحايا بأعاصير وسط أمريكا وانقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل    مؤسسة أبو العينين الخيرية و«خريجي الأزهر» يكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين.. صور    المشاط: تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري يدعم النمو الشامل والتنمية المستدامة    أسوشيتد برس: وفد إسرائيلي يصل إلى مصر قريبا لإجراء مفاوضات مع حماس    ضربه بالنار.. عاطل ينهي حياة آخر بالإسماعيلية    خلي بالك.. جمال شعبان يحذر أصحاب الأمراض المزمنة من تناول الفسيخ    رئيس الوزراء: 2.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة تدهورت حياتهم نتيجة الحرب    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    رمضان السيد: الأهلي قادر على التتويج بدوري أبطال إفريقيا.. وهؤلاء اللاعبين يستحقوا الإشادة    مطار أثينا الدولي يتوقع استقبال 30 مليون مسافر في عام 2024    أمين لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب    سعر الذهب اليوم الاثنين في مصر يتراجع في بداية التعاملات    سامي مغاوري: جيلنا اتظلم ومكنش عندنا الميديا الحالية    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا انتحرت المناضلة أروى صالح صاحبة كتاب «المبتسرون»؟
نشر في التحرير يوم 07 - 06 - 2014


تختلف حالات الانتحار للمثقفين والكتاب والشعراء بشكل كبير ومتنوع حسب اختلاف الأشخاص وظروفهم ومساراتهم، ولدينا حفنة من أشخاص موهوبين جدا، وحققوا حضورا ثقافيا أو سياسيا أو فكريا ملحوظا، ولكن هذا الحضور لم ينقذهم من رفض العالم وألوانه الزاهية، للانحياز إلى الاختفاء المؤلم والمدّوى، وأشهر المنتحرين على المستوى العالمى الكاتب الأمريكى أرنست هيمنجواى، الذى حصل على جائزة نوبل، وكانت رواياته تجوب العالم بقوة وحيوية كبيرتين، وعلى المستوى العربى عندنا الشاعر اللبنانى خليل حاوى، والذى صوّب إلى رأسه المسدس وأطلق على نفسه الرصاص عندما دخل الإسرائيليون إلى أرض لبنان فى حفلة غزو وهمجية غير مسبوقة عام 1982، ولم تستطع الأنظمة العربية سوى إصدار البيانات الفضفاضة والبرّاقة، ولم يقف فى وجه هذا الغزو سوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية فى الجنوب، وكان هذا الانتحار موقفا من هذا الغزو، دعك من أن موقف الانتحار نفسه موقف عبثى، والإحساس الكامل بعدم جدوى أى شىء، ونحن لا نبحث فى تفسيرات الطب النفسى الذى تحيرّنا كثيرا اختلافات مناهجه من مدرسة إلى أخرى، وعندنا على المستوى المصرى من انتحروا، منهم الشاعر أحمد العاصى، وترك لنا ديوانا فلسفيا رائعا، صدر عام 1926، وقدم له أمير الشعراء أحمد شوقى، ولكن الديوان لم يطبع مرة أخرى، ثم المفكر والفيلسوف إسماعيل أدهم الذى انتحر عام 1940 بعد أن وجد غريقا على شواطئ الإسكندرية، وكان قد سّود مئات الصفحات الفكرية التى تبحث فى التراث العربى القديم والحديث، ولكن التأريخ الأدبى والفكرى آثر أن يختصره فى الجوانب المثيرة، لذلك لم يتوقف مؤرخو الأدب والثقافة والفكر إلا عند مقالاته المعنونة ب«لماذ أنا ملحد؟»، بينما إسماعيل أدهم يحتاج إلى اكتشاف مرة أخرى، وهناك فى العصر الحديث الشاعر أحمد عبيدة، الذى انتحر عام 1974، وكان مترجما وشاعرا ومحللا أدبيا، وكان له حضور سياسى ملحوظ، وكان أمن الدولة يطارده دوما، وفى المرة الأخيرة التى قبض عليه فيها انتزعوا منه كل كتاباته وترجماته، ولم يؤدوها إليه رغم مطالبته الملحّة لآثاره، وعندما فشل فى الحصول عليها سكب على نفسه صفيحة كيروسين، وأشعل فى نفسه النار، وضاعت كتاباته إلا قليلا، ولكن جمعية كتاب الغد قد أصدرت كتيبا صغيرا يحتوى على بعض أشعاره، كذلك هناك، الكاتب الروائى، رجاء عليش، الذى كتب روايات تحت عناوين غريبة مثل «لا تكن قبيحا»، و«كلهم أعدائى»، ولم يحقق شهرة واسعة، ولكنه انتحر أيضا لأن المجتمع لا يقبل قبيحا مثله كما كان يعتقد، والمدهش أن باحثة سورية كانت تعد قائمة بالكاتبات المصريات، ووضعته ضمن الكاتبات دون أن تتأكد من هوية الكاتب، وهذا لأن اسمه يحمل هذا الالتباس، ونأتى إلى الراحلة والباحثة والمناضلة أروى صالح وقد فوجئ المجتمع السياسى والثقافى بانتحارها يوم 7 يونيو 1997، بعد أن ألقت بنفسها من الدور العاشر، وكما فجرت من قبل قضية شائكة جدا بصدور كتابها العلامة «المبتسرون»، واحتجاجات واعتراضات ومقالات وتحليلات، حدث ذلك فور سماع خبر انتحارها المحزن والفاجع، ورغم أهمية كتاب «المبتسرون»، الذى راح يعالج المزالق المعقدة التى آلت إليها مصائر جيل السبعينيات الذى واجه السادات وسلطته وجبروته وطغيانه، ولم يأبه هذا الجيل كثيرا بتلويحات السادات بالديمقراطية ذات الأنياب، أى ديمقراطية البطش، وكشف هذا الجيل عن خبرات سياسية مبتكرة فى الدرس والتحليل والنضال السياسى، ولكن أروى راحت لتكشف سلسلة من أشكال العوار، التى علقت بمسيرة هذا الجيل وحركته وطموحه، ثم أخيرا بأفول هذه الطموحات أو توقفها أمام مكاسب فردية صغيرة، وبعد صدور الكتاب، وبعد تصديه للذات السبعينية المتضخمة، والتى عاشت كثيرا على بعض الشعارات، كانت أروى هدفا جديدا للرجم الثقافى والسياسى، واتهمها كثيرون بأنها مريضة نفسيا، وعليها أن تعالج نفسها، وكل هذا لأنها اقتربت من وجه قدس الأقداس، ثم حدّقت كثيرا فى وجه الوحش الكاسر، فما كان من هذا الوحش إلا محاولات التنكيل بها ومحوها، بعدها آثرت أروى الانتماء لقبيلة الكتّاب والمبدعين والفنانين، وتزوجت من شاعر سكندرى جميل، وكتبت بضع دراسات نقدية عن صنع الله إبراهيم، وصدرت بعد رحيلها فى كتاب عنوانه «سرطان الروح»، وكانت قد ترجمت كتابا لافتا عنوانه «نقد الحركة النسوية» للكاتب الإنجليزى تونى كليف، وقدمت له الناقدة فريدة النقاش، وصدر الكتاب عن سلسلة كتاب الأهالى، وما عدا ذلك فلها ترجمات شعرية للشاعر الألمانى ريلكة، وبعض ترجمات أخرى نشرتها فى مجلة «القاهرة» آنذاك، لكن الأهم من ذلك أن أروى صالح كان لها تجربة عميقة فى العمل النضالى، وكانت قد التحقت بحزب العمال الشيوعى المصرى الذى قاد نضالات متعددة فى السبعينيات، ولها مؤلفات سياسية فى غاية الأهمية، وكانت أروى تكتب مقالاتها وإبداعاتها السياسية باسم حركى هو «صفاء إسماعيل»، وقد تمت التعمية أو التجاهل لهذه الكتابات، ليتم اختصارها فى كتابها «المبتسرون»، وبهذه المناسبة هناك كثيرون كتبوا بأسماء حركية، وأنجزوا مؤلفات مرموقة فى عالم النضال السياسى فى السبعينيات، ومن هؤلاء على سبيل المثال المترجم خليل كلفت والناقد والمفكر إبراهيم فتحى والباحث صلاح العمروسى والناقد والسيناريست جلال الجميعى والدكتور حسنين كشك وغيرهم، ودون قراءة كتابات كل هؤلاء وغيرهم وعلى رأسهم أروى صالح -صفاء إسماعيل- لن يكتمل التعرف العميق على المرحلة السياسية، التى مرّت بها مصر فى سبعينيات القرن الماضى.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.